كلّ يـومه مرّ و هو بالبر , يمّ الحلال , الصّـقر و العاملين قضى وقته بالتفكير , بمحاوله الاختلاء بالنّفس لان كل اللي يحتاجه كان " هيّ " و لا كان لهم نصيب بالوقت ولا الظروف بالوقت الراهن , راح به عقله بجـنون فعل عبدالمحسن و الحكي اللي صار بينهم ينتظر ايّ طرف يشدّه بعد آخر حدث ودّه ينهي هذا كله , ودّه ينقّـط نهايه سُطور أخذت من حياته كثير و سلبت عنّـه حقّه بهالحياه يسمع صـوت الليل , صوت السكون من حـوله يناظر السّـماء , الخيام و شبك الابل تجـول عيونه على كُل جُزء من حولـه و جهّه تضمّ موضِع بالخيام يعقد حاجـبيه لانه يشـوف الجسد بمدى نظـره ناحيّـة الخط يمشي و لا يدري من هو الا انّه شدّه بطريقه غريبـه ينادي طارق : طارق ! طـاارق ! ,
وصـل له طارق يركضّ يمدّ العصا بالارض يسند طـوله يسمع سؤاله : من هذا ؟ وش يبـي ؟ ,
ناظره طـارق لثواني يميّـزه مباشره : هذا له كم يوم هنا , يروّح و يرجع و لا ندري من هو و لا وش يبي لكن عذبي قال لا تردّون ضيف و لا محتاج ,
هزّ همام راسه بزيـن يلتفت له يناظره : طيب عطيته شيء ؟ عطه شيء يآكله و يشربه ,
هزّ طـارق راسه بزين فقط و التفت عنه همام يآخط خطواته للبعيد , للخيام اختار دُخـوله بهالوقت لانّ الليل حلّ ، النّـجوم ضوّت و السـكون عمّ ترواده افـكار , تراوده افكـار و رغبات مواصل خلّـه يجلس بقُـرب الصّقر اللي نـفخ صدره من شاف جلوسه قُـربه يحترسّ و يتفحّص يبتسم منه : هانت ي جرّاح هانت , ما بقى شيء و يجيك بوخلّي على خير ,
فـرد جناحيّـه يرفّها بمكانه يشـوفه همّام و يريّـح ظهره للخلف ، يترك خـلفه مركى و يلقي ظهره به فقط ما يمرّ بباله غيرها , ما تُمحى صورتها و لا يتخيّـل له خيال سواها يفتح جـوال تبان حيرته بعيـونه يناظر اسمها ما بين ودّه و ظرف سماحها هو ما يدري وش يسوي للحين , ما يدري هي كلمت امها او لا و وش صار معها لانّ آخر رسايلها له هيّ صوتها تسأل عنه , تطمّن و تفقد شعور داخلها ما يسمعه منها كون نبرتها متغيّـره و هدوءها يعكسّ صخب جـوفها بصوره شفّـافه مفهومه له , ماكان له رغبة بانه يقلق راحتها اكثر و لا يغيّـر حالها للأسأ هو اكتفى بانّـه يشغّل اصـواتها يستمع لها , تبثّ لجـوفه راحه مستحيله , هدوء مُسـتحيل تقيّده بها هيّ فقط تمسّـكه بكل حواسه , جـوارحه و جنون افكاره كأنها تدري به لذلك تتعمّد هالرسايل , تتعمّد الصـوت عن الكتابه دايمًا بكلّ رسايلها تآخذه الثواني , الدقايق و الساعات يبقـى ليله ساكن تعيّـي جفـون عينه عن منامه يرتخي جـواله على صدره المرتخي , تُرفع ذراعه خلـف راسه تسنده بالمركى يناظر ابريق الشايّ يساره بكلّ مره يجدّده يشربه الا الاخيره هو ما اخذّ منها شيء الا كاسـه ممتلئة مو مشروبه ينتهي ساكن المكان و مسامعه يلتفت لمصدر الصّوت تسكن ملامحه : عـزّ ! ,
تـرك ملبـوس اقدامه بفارق التّـراب عن المفرش يناظره و كان يدري انه موجود بهالمكان يحسّ بشناعـه شعور داخله و قلق فظيع : السلام عليكم ,
عدّل همـام حلوسه يرتكز بمكانه يوسّـع انظاره تتساءل ملامحه و يردّ السلام : و عليكم السلام و الرّحمه , تدّل ؟ ,
هزّ عز راسـه بايه يتقدم له يقرب منـه يجاوره بالجـلوس يناظره : دريت انك هنا و مسكت خطّ مير ما دلّيت الا يوم سألت زول بالمحطه الاخيره عن خيام عذبي و دلّني ,
عقد همام حاجبـيه باستغراب يشتبـه ذكراه يسمعه يجاوب تساءُلات جيّـته له و بالفعل جاوبـه عزّ يرتبك خارجه : شايل همّ خلَف ي رجال , مب قادر انام و لا اقرّ بمكان ما ودّي ينضر بسبّتي لاني انا اللي قلت له الحق عبدالمحسن ,
اتنـهدّ همام فقط يعدّل جـلوسه يروح به التفكير ما يحبّ يساير ظنونه بهالامور مسك بالابريق يرفـعه يصبّ كاسه و كاس آخر يمدّه لعـزّ ما تخرح منه الكلمه , يردّ الف حرف و حرف بجـوفه يكتفي بقلقه لنفسه ..
_
قـصر الأيهم ؛
ضجّ القـصر كله بخروج صُـهيب من المستشفى بحضور كلّ آل فارس داخلـه استقـبلوا حضوره و حمّدوا له بالسلامه كلّ ساعات الصباح كانت جلستهم وحده , كلامهم واحد و اجتماعهم مُؤنس للكلّ لان غيابهم عن بعض لايام كثيره كانت كفيله بانها تخلق شعور متجدّد من السعاده للايام هذه الين الظّـهر استمرّت جلستهم و انهتها صيته من وصلّ اتصال لصُـهيب اتّصال بان نايف و عمّـه سعد يبي يزوروه و يحمّدون له هي اخذت صُـهيب تصعد به للاعلى لأجل يتجهّز قفّـلت الباب بعد دُخـوله و جوفها ممتلي منه لانّ للحين اسم " عذبي " ما ذُكر على لسانه , لان للحين ما سأل و لا تدري هو وش يفكر فيه اكتـفت بنبرتها تسأله : ايّت ثوب تبي ؟ كبك و لا بدون ؟ ,
جلس بطرف السـرير يميّز نبرتها الناقده يهدّئ جسده من تعب صعوده و حركته : اللي ودّك فيه انتِ ,
اتوجّـهت للدولاب تطلّع منه مثل ماهي تبـي و رجعت تتوجّـه له تناظره تمدّد الثوب على السرير على نظره و عقد حاجبيه : انتِ تحبين اللي بالكبك ! ,
ماكان لها تعبـير بملامحها هي قرّبـت منه تواجهه بالحكي و النظرات : فارقه معك انا وش احب ؟ فارق احد معك انت ؟ ,
اتنـهدّ يفهم كل شيء يعيـد ماضيه بالصّمت و بوحها اللي يودّه رُغم انّه يدري موضوع الزعل , رُغم انه يدري الكلام الملفوظ مو عادي هو نطق بحدّه : قولي لي , قولي لي وش داخلك تكلّمي زين معي ,
رفـعت حاجبها تكمّل بالفعل تبوح ما بداخلها : انا و انت ندري وش بداخلي من كلام بس انا انتظر تبريرك و الكلام اللي يهوّن علي اللي يصير ,
رفـع نظره لها كونها واقفه امامه ينفضّ لسانـه قول الغضّب : عذبي ! تنتظرين مني تبرير لعذبي ! يعني هو ماجاء و شاف ابوه تبيني انا اسأل عنه ! ,
سـكنت ملامحها ذهول تسمعه يتكلّم بكامل قواه العقليه يصدمها , فعلًا يصدمها : طيب هذا وش ؟ هذا وش صهيب هذا وش مو انت سببه ! مو انت اخترت تسكت ! مو انت اخترت تخبّي عن الكل هالشيء الحين تعصّب لانه ماجاك ! ,
هزّ صـهيب راسه بايه فقط يجنّنها ما تستوعب سكوتها للحين , ما تستوعب كلامه يكمّـل عليها صدمتها : كلّهم جوّ , كلّهم جوّ اخواني عيالهم و بناتهم , دهّام و بنتي اريام الا هوّ ! الا هوّ يعني انا خبّيت عنه هو بس ! سكت ما قلت له حرف هو بس ! ,
ارتـخت ملامحها تسمع كمّ الحكي بجوفـه يطلع , تسمعه يقول " بنتـي " لبنتهم لكنه اسم " عذبي " حافّ ماكانت على لسانه من اسبوعين : بنتك اريام ! يعني هو مو ولدك ! مو ولدك صهيب هو عدوّك صح تشيل على قلبك عليه هالكثر و تنتظره يجيك عشان يشوف الصّد منك صح ؟ ,
هزّ راسـه بإيـه يرفع يدّه لمكان جرحه بألم : ايه , دامني ابوه هو اللي يبرّ فيني و يحتاج رضاي , ابوه اللي بالمستشفى مو احد غريب و ابوه اللي انزرع به كبدٍ جديد المفروض ينسى كلّ شيء و يجيني ,
ضـحكت بذهول تجاهد سكوتها عن الموضوع , تجاهد نفسها فعليًا هيّ كل داخلها يُنهشّ بنار تضـرّم : صهيب ! صهيب على اساس انت قلت له ! على اساس قلت لنا ! ترا لو مو ربي وجّهني حتى انا و انا زوجتك ماكان دريت ! مالك حق تقول هالكلام و لا لك حقّ تزعل انت سبب اللي انت فيه الحين ! انت سبب التّصرفات هذه من عذبي و انت اللي تصدّه بكل مره ! ,
ماكان منـه الرّد هو احتدّت ملامحه يردّ حروفه يسمعها تكمّل للنهايه : اذا تبي ولدك يبرّك انت برّه اوّل شيء , لكل شيء مقابل رغم انّ عذبي برّك و برّك كثير بس انت ما شفته و اخترت تغمّض عيونك عنه بكل مره تحب اذكّرك وش صار قبل و الحين ينعاد ؟ ,
كفّ نـظره عنها للفراغ امامه ما يقوى مواجهة نفسه و لا الكلام اللي رح ينقال الحين : صـيته ! ,
كمّـلت من زعل جوفها على كلّ شيء , كمّلت من حرقة دمها على عذبي : انت حتى من صغره ما برّيته ما تبي تبرّه و هو كبير و تقول انه قاطعك ؟ تقول انه راح يشوف حياته بعيد ! لاا لا هو رجع و اختارك و اختار برّك ,
كرّر اسمـها من جديد ينبّـه حروفها , ينبّه باقي كلامها اللي ما بالت به و لا اهتّمت له تكمّل : انت ي صهيب جالس تعيد زمانك على ولدك , جالس تنفرّه منك على حساب نفسه مو على حسابك انت ! ,
كرّر اسمـها للمره الاخيره يواجها بعيـونه المتحجرّه ينعاد عليه ماضي ما يحبّـه , ينعاد عليه شعورّ ايام استـنزفت منه كثير : صـيته ! ,
رُدّت حـروفها من شافت عيـونه تقرأ بها كلّ شعور و كلّ ما يمرّ بباله و على قلبه من جرحٍ تسمع صوت الباب من خلفها يُطرق تنهي قراءتها , تنهي ألم ضميرها لانها اتسبّبـت بانهاء غفوة جـروحه و التفتت تفتح الباب تشوف ابتهال امامها و تسألها : عادي اكلّم صُـهيب ؟ ,
سـكنت ملامحه صيته تخمّن السبب , تخمّن الحديث اللي ودّها فيه و يجول ببالها من ايام يتوتّـر داخلها لوهله هيّ حسّت بجديّة الامر لو تمّ اشهاره تلتفت لصُـهيب اللي ميّل جسده يناظرها : تعالي ي ام عبدالعزيز تعالي ..
_
اوّل دخـوله من البوابـه الضّخمه اجتاح صدره ضيقٍ ضيّق ضلوعه على نَفَسه يكتمـه , يختنق من كمّ الشعور داخله و لا يقدر يردّ نفسه عن الدّخول لان جيّـته ماهي الا رغبة بإسكات اصوات عقله القلوقه و حنين جـوفه من ايّـام للجميع , يتشفّق لشوفتهم , حكيهم , كلامهم و اضحاكهم بدايةً من ابوه , اعمامه , اخوانه و الجميع بلااستثناء كان عقله يحواره بكمّ الاحتمالات اللي تمرّ بباله وش بيصير بأوّل دخوله ؟ وش بيقول بأوّل نظره له من ابوه ؟ وش الغياب اللي رح يبرّره للجميع بهالظرف ؟ ما يدري عن شيء للحين هو ترك الجواب للحظه ذاتها لاجل يجوابهم بارتجال ما يكون جاهز يبيّن معرفته السابقه ، وقّـف سيارته امام القصر يناظره من السياره فقط ما ينزل يآخذ ثواني طويـله بالنّظر , يآخذ دقايق طويـله بتردّد يحيّـر رغبته يفتح جواله يعيد الاتّصال بذات الشّخص يبي يتطّمن لان بآخـر وُجود له بالشقه هو اتّصل عليها و لا كان منها الرّد , طرق بابها و لا كان منها الرّد تقلق دمّـه بوريده عليها لكنه يطمّن نفسه بإنـها " نايمه " لانّ كل ليله , فجره و ضحاه كان معها بالاتّصال و كثير الحكي سرق منهم وقت طويـل ماكان مُستشعر طوله , قفّـل الاتصال يتنهدّ يمسح ملامحـه بكفوفه يسمع طرق الشّـباك و يرفع نظره مباشره يبتسم لانّها تبتسم له بشـوق تأشر له يفتح الشباك بطلبها امّـا هو ؟ فهو متشفّـق على حضن شوق لذلك فتح بابـه كلّه يضمّـها له : ام النور ! , شلونك ؟ ,
ابتـسمت تضحكّ داخلها , تضحك بقلبها تفرح بوجـوده و لانّ بُعده طال هالمره و كثير هي همست : انا شلوني ! , انت شلونك وين الناس ؟ وحشتنا ! ,
قبّـل راسها من ابتعدت عنه تناظره تلفظ : توّه بابا صهيب طلع فوق يلبس عشان الضيوف اللي بيجون , كلّهم داخل تعال يلا ,
عقـد حاجبيه باستغراب ما يعجبـه الوضع بحضور غـريب هو رفع راسه يهزّه : تعالي ادخلي السياره , بأحاكيك قبل ندخل ,د
سـكنت ملامحها ترتخي تتعجّـب من طلبه : فيه شيء بسم الله ؟ ,
هزّ راسـه بنفي فقط ما يبيّن شيء و لا يوضّح ايّ شعور بخصوص الموضوع : اركبي ,
التـفتت من مكانه للمقعد المجاور به تركب ما تقول الكلمه تنتظره , تنتظره فقط و بالفعل نـطق يآخذ نفس عميق : وين تدرّبين انتِ ؟ ,
ماردّت هيّ طرى ببالها الموضوع تتأكّد مليون بالميّه منه و شتّتت نظرها عنه : هذا السؤال من باب الفضول و لا دريت عن شيء ؟ ,
ناظرتـه من جديد تسمع صـمته و تشوف نظراته لها تستبعد الاجابه الاولى : وصّـلك الكلام ؟,
اتنـهدّ عذبي يهزّ راسـه بايه لان بالفعل سهم كلّمه , اعتذر و طالبه باعتذار لها و لا كان منه الحرف لانّ كل رغبته الحين انّ هي تتكلم , مسـحت وجّها بكفوفها تهزّ راسها بايه : عذبي انت تدري بي , تدري انّي دخلت التخصص و انا ادري اني باقابل ناس ازعل عليهم و احزن و انا ما سوّيت شيء ! ما سوّيت شيء لامه بس شفتها وحده و كانت تشكي من الم الابره عشان كذا حزنت عليها و حاولت افرّحها بو بشيء بسيط بس هو انفعل و عصّب ,
صامت بلاتعبير هو كان يستمع لها تكمّل له : يعني م ادري وش اقول بس مو من حقّه يعصب على ايّ موظّف او متدرب بالطاقم الطبّي حتى لو اهتم هذا طبيعي , ما يبونا يعني نتعاطف معهم و لا نقدّم له شيء كلّ شيء بمقابل يبونه يكون و لا لازم اكون ناويه شرّ اذا قرّبت من مريضه و حاولت اسعدها ! مو منطق هذا ! يدوّر مشاكل ! ,
رفـع حاجبه يسمعها توصف صاحبه , يسمع حدّة النبره بحكيها تكمل له : يعني وش سويت انا وش سويت ! كل اللي سويته جبت لها ورد و حاولت اساعدها بانها ما تتألم ليه يكبّر الشغله ,
ناظرتـه من جديد تسأله توجّـه سؤالها له : انت ايش تقول ؟ ايش رأيك انا غلطانه و لا هو ؟ ,
هزَ راسـه بنفي يقتنع بكلامها لكنه يصمت لانه يدري بهذا كلّه , يدري بحكي سهم عنها و لها , عقدت حاجبيها بغضب : هو وش قالك ؟ وش وصّلك ؟ ,
هزّ راسه بنـفي من جديد يمدّد صـدره يبتسم بخفّه : ماقال شيء غير اللي قلتيه انتِ , ماقال الا اعتذرلي منها ,
رفـعت حاجبيها بذهول منه و من انّه وصّـل الاعتذار من عذبي لها : اعتذر لي لاني اختك و من آل فارس و لا اعتذرلي كممرضه غلط عليها ؟ ,
رفـع حاجبه يتساءل : تفرق معك كثير ؟ ,
هزّت راسـها بايه تناظره : ايه تفرق , اذا عشاني اختك فهو اعتذر عشانك انت اما اذا اعتذر عشاني ممرضه و غلط عليها فهو عرف غلطه و انّه ما يكررها مع احد غيري ,
استغرب , حرفيًا استغرب من تحليلها و كلامها لازال داخله يتساءل : وشوله ما كنتِ تبين تقولين له اسمك طيّب ؟ يقول انه سألك اكثر من مره و لا قلتي له من وش كنتِي تخافين ! ,
رفـعت حاجبيها بذهول تأشرّ على نفسها : انا اخاف ! اخاف منه و هذا شغلي و بالمستشفى مو بمكان ثاني ليه ؟ انا بس كنت ما أبيه يعرف اني نور آل فارس عشان رح يعرفنا و انا ما ودي بس مو خايفه ,
باقي نقص بكلامها , باقي تساؤلات داخله ودّه يسألها ودّه ينهي هالسوء من الفهم و اللقاء الغريب لكن قُطع حديثهم بمجرّد خروج شاهر من الباب يقابله بالصـريخ : حيّه حيّـه الغايب عنا ! حيّـه عذبي ! ,
ابتـسم عذبي يطفّي سيارته ينزل و تنزل هيّ معه تمشـي تشوفهم امامها , تشوف محاولة شاهر بتقبيل راس عذبي الا انّ عذبي استوقفه يقبّـله هو قبل يبتسم : شلونك حبيبي , شلونك طمّنا عساك بخير انت و امك و ابوك ,
هزّ شاهر راسـه بايه يتوجّه للباب : ايه والله بخير الحمدلله كلّهم داخل بالمجلس ينتظرون عمي صهيب ينزل ,
مسـح عذبي على شعر شاهر يبتسم لانّه طال , لانّه لازال بكلّ مره يطول بعد كلّ غياب من عذبي : وين ودّك توصل ي شاهر وين ؟ بطولي ؟ ,
ضـحك شاهر يهزّ راسه بايه : اذكر من صغري كنت اشوف الفرق بين ابوي و عمي صهيب و اقول يا رب ما اكون مثل ابوي , يا رب جينات ابوي ما توصل لي و اكون مآخذ من عمي و الحمدلله ما بقى شيء و اصير بطولك ,
ضـحك عذبي يناظر نور اللي وقفت بقُـربهم و حوّفها عذبي مباشره بذراعه يضمّها لصدره , نطق شاهر بذهول : احسّ ما عجبني الوضع , شلون هي تقابلك قبلي بعد هالغياب و بعدين وينك انتِ ساعة لاجل تجيبين عباتك ! ,
هزّت راسـها بايه تعنّد و ترمـقه : ايه ! ما يخصّك مو طلبتها منك و لا جبتها ! ,
ضحك شاهر يقلّد نبرتها : شاهر تكفى ! شاهر خلاص بس امسك لي الباب عشان لما اوصل تفتحه لي ,
ابتـسم عذبي يسمعها تردّ عليه مباشره : بعد ! بعد ما تبي تنتظرني و تفتح لي الباب ! ,
التـفتوا كلّهم للسياره اللي وقـفت خلف سياره عذبي يناظر بنور اللي رفعت الطرحه عن كتفها لراسها تتحجّـب و لانهم يعرفون من هو و يشـوفون نزوله نطق عذبي : ادخلي انتِ ,
هزّت راسـها بزين تدخل دون لا تناظر عكسّ سـهم اللي اتشّكلت بعيـونه الهيأه اللي يدريبها هو ميّـزها مباشره من دخـولها حاول يتمثّـل باللاشعور , باللامبالاه ما يعطي الاهتمام قُدره على فضح شعوره بملامحه اتقدّم من عذبي اللي وقف على اوّل درجة من درجات القصر يفتح ذراعيـه يضمّه له , يضمّه بشدّه يتهامسون السلام , السؤال يسمع سؤاله عم امه : شلونها ؟ طمّني عنها طلعت ؟ ,
هزّ سهم راسـه بايه يضمّه بالمثَل , يهمس له بالمثل يجاوبه : طلعت طلعت الحمدلله , بالبيت هي الحين و عمّي شفته انت ؟ ,
هزّ عذبي راسـه بنفي يبتعد عنه يربّـت على كتفه : باقي , ما شفته الحين داخل له انت روّح للمجلس مع شاهر و انا لاحقكم مع ابوي ,
هزّ سهم راسـه بايه يناظر شاهر المذهول من كلّ الهمسات اللي كانت بينهم و حاول انه يسمعها لكنها بلا ايّ فايده يبتسم فقط يصافح سـهم و يآخذ معه يدلّه للمجلس ..
_
دخـلت نور تنزّل طرحتها عن شعرها , تنزّل العبايه كامله تتركها باحدى كراسي المطبخ تشدّ انظار اُنس لها مباشره تقرّب منها تسألها لانها تشـوف حالها , تشوف احمرار ملامحها و الغضب بعيـونها : ام النور ! عسى ما شرّ لا يكون الحرارة سوّت فيك كذا ! ,
ناظرتها نور نظره وحيده تهزّ راسـها بنفي : اكيد لا ! متعوده ع الحراره بس مو متعوده على قلة الادب ,
سـكنت ملامح أُنس من حالها الغريب تسمعها تكمّـل بسؤال : تذكرين اللي قلت لك عنه امس ! سهم خويّ عذبي اللي دايم يجي و الحين بعد جاء ,
هزّت راسها بإيه و كمّلت نور : الغبي قال لعذبي عن اللي صار امس و يقول ايش ! يقول اعتذر منها ,
ابتـسمت أُنس تجلس جنبها تجاورها الجلوس : حلو الحمدلله طلع فيه خير , اعتذر شيء افضل من لا شيء ,
رفـعت نور حاجبيها تلتفت لها توسّع عيونها بذهول : بعد ايش ! بعد ما فشّلني قدام الخلق كلهم و يقول لعذبي كمان ! بدال ما يكحلها عماها الحين عذبي سألني ليه كنتِ تخبّين اسمك عنه ,
رفـعت أُنس كتوفها تعطيه الحقّ برأيها : طيب شيء طبيعي يسألك ! حتى انا سألتك يعني لو جيتي للحق انتِ ليه كنتِ تخبّينه ؟ دام الشيء اللي سويتيه مو غلط ليه ؟ ,
سـكنت ملامح نور تسأل نفسها , تسأل نفسها لان بالفعل هي ما تدري و لا تدري وش السّبب او هي وش كانت تفكّر فيه حتى جوابها لعذبي ماكان منطقي كفايه لاجل ما يستغرب اكثر ,
دخـلت اريام ترفع شعرها عن كتفـها تلمّه : بنات ! وصلوا الضيوف ترا وين ماما ما نزلت للحين ؟ ,
هزّت أُنس راسها بنفي و وقـفت اريام بمكانها بعد تفكير طويل هي اتنهدّت تضيق : ي الله ! كلّهم جو الا عذبي حتى خالي كسّار بيمسك خطّ بعد العشاء الا عذبي للحين ما جاء ,
هزّت نور راسـها بنفي تبتسم اجبارًا عنها لانّها تحبّ طاقة اريام الخارجيه بالتعبير هذه : ي حبيبتي انتِ شايله همه ؟ تراه برا موجود الحين داخل وصل من اوّل ,
سـكنت ملامح اريام و بالمثَل أُنس تلتفت لها بجسدها تسمع اريام تسألها قبلها : صادقه ي نور صح ؟ ,
هزّت نور راسها بايه تبتسم ترتبكمن تشكيك نظراتهم لها : ايه والله صادقه شوفيه برا ,
التفتت نور لأُنس تعقد حاجبيها باستغراب : هي اخوها و وحشها و انتِ ليه مستغربه ,
وعّـت عقلها تجلس لان كان ببالها انّ همام معه , لانّ كان ببالها انّ همام مو وحده بالبر تقلق كلّها من جديد تناظر اريام اللي خـرجت عنهم تمشي ناحيّـه باب الدخـول تشوفه مردود , تشوف أقّـل فتحة تخلّل اشعه الشمس منها هي قربت من الباب تفتحـه ما تكتمل ابتـسامتها من قابلت جسد عذبي فقط , جسده دون نظره و دون عقله هو كان ما بين و بين , هو كان بين " البين " يجاهد دخـوله رُغم الباب المفتوح ، يجاهد ضيق جـوفه بالاعظم من الم و تحمّـل لاجل ما تنهدّ آخر بقايا حيله , ما رفع عيونه و لا وعّـى واقعه الا اسمه اللي نُطق من ثغرها " عذبي " تبتسم لانّها تشـوفه , لانها اشتاقت و مرّت ايام دونه هي اقتربت منـه تدخل بحضنه : وحشتنا ! وينك مختفي كل هالايام ! ,
رفـع يده يمسح على ظهرها , شعرها و يقبّـل راسها ما يدري وش جوابه , ما يدري وش شعوره الا انه ما يبي يعطيها اقلّ مما تستحق من ردّة فعل لاجل يشبّع شعور الشوق داخلها , رفـعت راسها تناظره : الضيوف وصلوا من الباب الثاني شاهر قال توّه دخّلهم كنت تدري ؟ ,
هزّ راسـه بنفي يناظرها فقط تكمّـل : عشان كذا يعني ما رحت من الباب الثاني ؟ طيب ليه ما دخلت حرارة عليك هنا تعال ,
ارتـخى كلّ جسده لرغبتها , ليدّها اللي ممسكه فيه تجرّه يـدخل يسمعها : بابا فوق مع ماما , تطلع لهم ؟ ,
هزّ راسـه بنفي يثبت بمكانه لانّ كان رفضه واضح لها و لنفسه , لانّ نظـراته تجوّلـت بالبيت كله من يمينه ليساره هو فضّ به حنين بصدره للبيت , لاهله , لابوه , لامه , لاخوانه و اصـوات " الاهل " تستقـر نظراته بالمزهريّـه الارضيه الكبيره يحاول النّفس يحاول يتناسى كسـرته من ابوه بكلّ مره , يحاول يتناسى حجم الشّـعور المُهلك داخله يناظرها يشوف نظراتها له يـرفع كفّه لخدّها يتعنّى التركيز بها , يتعنّى حُب الاهتمام بها اللي تنتظره منه : شلون دهّام معك ؟ بخير انتِ و هو ؟ ,
ابتـسمت بخفيف تخجل , تروادها كلّ الافكار بخجل يشعّ بملامحها تهزّ راسها بإيه : شوي و يجي هنا ,
رفـع عذبي نظره للخلف , لجيّـة صيته و ابتهال اللي قرّبـت منهم تبتسم : عذبي ! الحمدلله على السلامه اهلًا ! ,
اتوجّـه لها مباشره يقبّل راسها , يسلّم عليها و يسألها عن حالها : شلونك ؟ اخبارك عمّتي ! ,
ابتـسمت فقط تجاوبـه ما توضّـح آثار الحوار المُخاض قبل دقايق : بخير حبيبي بخير انت كيف حالك ؟ بشّرني كيف امورك ؟ ,
هزّ راسـه بايه فقط يقبّل راس صيـته اللي اختارت الخلف , اختارت بُعد المسافه عنه هالمره لكنه اختار قُـربها يذهل ملامحها من سألها عن حالها يكسر الحاجز اللي اعتادته , ينهي الصّمت الطويل منه : بخير انتِ ؟ ,
هزّت راسها بإيه ترتبك من شعور اجتاحها بـ " اللّطف " جيّش بها كمّ من المشاعر تسمع سؤاله الثاني مباشره : وينه ابوي ؟ بأدخل اسلّم عليه قبل الناس وينه ؟ ,
أخـذت صيته نفس عميق للحين تعاني من صُهيب , تخاف على عذبي من انّه يكسر ظهره رُغم اللي سواه : ابوك راح للضيوف توّه , ما كنت ادري انك موجود و جيت و لا كان ما خليته يروح ,
اكـتمت ثواني صمت عذبي يفكّـر , ما يناظرهم و لا يرفع نظره لاحد منهم يخفي كلّ ماهو داخله , يخفي كلّ شعوره و يستبعد كمّ الافكار رُغم معرفته انّ صهيب حتى لو درى بجيّـته هو بيدخل قبل لايشوفه : ما من خـلاف ,
التـفت يبي يخرج , يبي يروح من الخارج لكن وقّـفته صيته تحسّ بغرابة الشّـعور بهالموقف : عذبي ابوي ! ,
الـتفت لها دون نظره , التفت بجسده ما يعطيها ظهره يكفّي نفسه عن السوء لها يسمعها : وين رايح ؟ تعال ادخل للمجلس من هنا ,
توقّـفت لحظته يستوعب نـفسه , يستوعب فـكره و الادراك اللي صابه بانّ البيت كان بيته , بانّ مكان من الباب اللي داخل القصر مو خارجه مثل الضّيف و هو كان خارج لاجل يدخل للمجلس مثل الضيف من الباب الخارجي المنفصل , عضّت صيته شفّـتها تفهم شعوره توصلها الفكره , يوصل لها شعوره بهاللحظه و كيف غرّب صهيب ولده لهالدرجه بانه يحسّ نفسه " غـريب " عن البيت , عن اهله و عن مكانـه لذلك قرّبـت منه مباشره تمسح بكفّـها على ظهره تبي نظرته لها , تبي تشوف عُريّ الشعور به لأجل ما تسكت عن شيء لان فعلًا الموضوع ماصار عادي و لا يُستسهل به : من هنا تدخل انت مو من برا , مو غريب انت ي عذبي مو غريب هذا بيتك تعال ..
_
بصـدر المجلس كان مقرّه , كان وسـطه و المصدر المُلفت يشدّ كل الانظار , كلّ الحكي و السؤال عنه كان هو اصل الحكي , الاصوات و بداية الحوارات بين اطـراف كثيره لكن باله مازال بحكي ابتهال , باله مازال مع زواج أُنس اللي وصل له حرق كلّ دمه , شبّ بضلوعه يحترق على بنت أخته و على الموضوع من اصله ما يدخل عقله هو كان جلوسه شكلي اما عقله ! فهوّ مو مستريح ابدًا يفكّـر بمواضيع كثيره , بماضي أليم , ذكرى موجعه , عذبي البعيد , اهله و الحين وصل له خبر أُنس يناظر يميـنه نايف , يساره سعد و امام اخوانه , عيالهم و كثيـر الحضور ببيض الثياب امامه يجلسون بين جار و صديق , بين معارف و جموع هو كان يناظرهم دون تركيز الا من فُـتح باب المجلس الداخلي هو ارتكزن انظاره بالباب لان اللي يعرفه انّه ما به احد باقي ناقص حوله , لان ما به احد من الاهب باقي داخل لاجل ينفتح هالباب تثـبت ملامحه لعذبي اللي نطق بالسّـلام بعالي نبرته يوقف الجميع لاجله , توقف الصفّـوف و ترتفع الاصوات يرحبّون به , يسألون عنه لكنه تركها كلّـها يتقدم مباشره لابـوه اللي ما رفع نظره له للحين يتركـه بحيرّة جوفـه و عيونه يختار القُرب , يختار البّـر و التعبير من انحنى له يقبّـل راسه , ثم انحنى يجثي على ركبته يقبّل يده : الحمدلله على سلامتك ابوي , خطّـاك الشر ,
كانت نيّـته نظرة ابوه له , كان اهتمامه ما يشوف الصّد حتى لو كان على حساب نفسه و انهزام نـفَسه لآخر الثواني ما يسمع الرّد , ما يسمع التجاوب من صهيب هو اضطرّ يوقـف لان الاصوات توصل له , لان الأسئله كثره هو مدّ يدّه يصافح نايف , سعد , ينتقل لاعمامه شريـان , اصيل يقبّـل راسه و يسأله : عمّي بو عبدالعزيز ما جاء ؟ ,
هزّ اصيل راسـه بنفي و اجتاح صدره قلق مو عادي على كلّ شيء يصير حاليًا , على كلّ ضغط هو كمّـل صفه بالسلام يبي يجلس لولا نداء نايف له و تقدّمـه له يمسك بسدّن يصافحه و يدّه الثانيه على كتفه : والله ما تجلس هنا , والله ما تجلس الا هناك بصدر المجلس مكانك ,
يأشر على المكان اللي بيمين صهيب و ناظره عذبي بذهـول من حركته , من تقديره و فهمه له لكنه ينقد على نفسه لانّ اوّل ظنونه ماكانت مثل فعله الحين ماكانت من حقّ طيبه الحين و لان نايف فهم انّ عذبي بـُه جُزء مفقود داخله و ثُقب أظلم بينه و بين صـهيب هو اتساهل حتّى بموضوع زراعة الكبد لذلك هزّ عذبي راسه بزين يضربّ كتفـه يهمس له : ما تقصّر , ما تقصّر بوثنيّـان ,
جلس نايف بالمقابل يجاور سهم ينادي ثنيّـان له و كاد يمشي له لولا سعد اللي شدّه من يده يردّه لمكانه و ابتسم نايف يبيّن رضاه مباشره على عين الكلّ مشـى عذبي يآخذ مكانه بقُـرب صُهيب , يتمثّـل بألف قُدرّه تحمّل امامهم ما يجابـه الصدّه اللي يرغبها و لا العزله اللي يودّها , ما يجابه ايّ شعور يبعده عن ابوه , عن اللي حـوله هو التفت بوجـهه لابوه يناظره فقط , يناظره دون كلمه كانت عيونه تحكي شوقه و راحـه صدره تبان من تنهيـده جوفه يخرج كلّ توتر الايام يسمع نطق صُـهيب المهموس له : تختار شغلك عن هلَك ؟ تبدّه عن امك و خواتك و كلّ الوجـود ؟ ,
سـكنت ملامح عذبي ترتخـي يسمعه يسأله , يسمعه يوجّه له أسئله اجابتها بذاتها لان حتى جواب عذبي الحين من هزّ راسـه بنفي يصمت فقط , ما يقدر الجواب و لا ودّه فيـه يسمع ابوه يكمّـل : تشبّ النار و تغيب ؟ ,
ما فهمه , للحين مافهم سؤاله المفاجـئ و لا هو عن وش يتكلم ينتظره للنهايه يناظره بعد ماكان صادّ بنظره عنه : وش استفدت ؟ خربت الدنيا و هدّيت اشخاص من بعدك عشان وش ؟ لاجل مين انت هدّيت كلّ الاشخاص ! ,
ما يحبّ الحكي , ما يحبّ الخفى بالسؤال هو يبي وضوح امّا يهدّه من اصله او يتحمّـله فوق طاقته ينطق : كلّمني , كلّمني قلّي بوش استفدت انا ؟ قلّي من هدّيت و لاجل منو قلّي لا تسألني ,
ثـبوت مو عادي , نظراته مو عاديّـه هي تدينه فعلًا تدينه كمُذنب وسط هالمشاكل يجاوبه : سحبت همام للريّاض و قرّ بها , هدّيت وراك صاحب عمري ! هدّيت بنته و الحين لاجل من ؟ لاجل من انت تركض و تسعى لاجل من هذا كلّه ! لاجل حفيدة سلمان ؟ مستعجل تبيها تموت بها ما يهمّك الباقي ! ما يهمّك الا انت و هي ! ,
قُبض صدره يسمع الادانه , يسمع الملام و بدايـة الحكي يوصل لوين , لايّ نُفطة بالضبط بدأ من عندها هذا كلّه و لوين وصلوا هو الحين يهزّ راسـه بنفي مباشره : كلّ شيء صوب , كلّ شيء صوب حفيدة سلمان بصوب و الدّنيا كلها بصوب , كلّ اللي يصير حاليًا ما يمدّ لها بصلة ! ,
شدّ صهيب على سبـحته يناظره بحدّه يتمالك علوّ نبرته , يتمالك انفعاله يحدّ كلّ شيء به : شلون هي بصوب و الدنيا بصوب ! شلون هي بصوب و الدنيا بصوب انا ويني ؟ امك وينها ؟ اختك اخوانك كلهم و القريب وينه ؟ كلّهم ينحرقون كلّهم يموتون ما تمانع ! ايه والله ما تمانع دنيتك كلّها يمّ حفيدة سلمان و قُربها اللي مافاد احد الا ضرّه ! ,
ما يستوعب الكلام , ما يستوعب التفكير و لا حدّة المنظر بهاللحظه تحديدًا هو رفـع كفّه يمسح على ملامحه , ينضغط , فعلًا ينضغط تطنّ اذنه تدور به الدّنـيا يناظر ابوه من جديد : هذا كله بسبّة زواج أُنس و همام ؟ ,
ما ردّ صـهيب هو ناظره فقط يوصل للسؤال اللي يبيه , يوصل للحرقة اللي ما حرقـت مجرى شرايينه يسمعه يكمّل : الزواج انا م دريت عنه الا بعدها بوقت ,
صـمت صُـهيب يصدّ بانظاره عن عذبي هو اخذ لنظره لجموع الناس مقابله بالجلوس يسمعه يكمّل : حفيدة سلمان حقّي من هالدنيا , و اللي صار الله كاتبه مب حنا مختارينه و لا حنا داريين عنه كانكم متضررين فهيّ متضرره ,
ناظره صُـهيب من جديد يوجّه سؤاله , يوجّـه اعلى افكاره له ؛ لا كان هيّ بصوب و الدّنيا هذه اللي ضامن بها باقي هلَك من بتختار ؟ ,
صُمّـتت اصوات عقله ما يستوعب سؤاله , ما يستوعب الخيارين و لا له ايّ حرف يودّ الردّ , كمّل صـهيب : انت بدّيت نفسك على كلّ الوجود , حتى على هلَك اللي هم اقرب الناس لك لأجلهـ,
قاطعه عذبي مباشره يهزّ راسـه بنفي يرفض , ينفي بكلّ حروفـه هو وصلت به للنهايه من باقي حروف ابوه اللي يهذري : ما به جواب يحدّني على خيار و لاهو بإنت اللي تحدّني ,
احتدّت نـظرات صُـهيب له ينعاد له نفسه من جديد بنظرات عذبي له , بغضبه و تمالكه لكلّ ذرات جنونه يكمّـل ؛ انا م احط هالخيارات بنفسي و لا احدّ نفسي باني اختار ما بينكم و بين حقّي بهالحياه ,كانك ناقد عليّ هالشيء ما بيغيّر شيء , هيّ حرمي و مرَتي ما يحدّني خيار عنها ,
مدّد صـهيب سبحته باصابعه يميّـل جُزء بسيط من جسده لعذبي ينطقّ بحده : مب انت اللي جايب همام لاجلها ؟ مب انت اللي فاتح القضيه لاجلها ؟ من انت اللي قلت به محامي يمسك القضيه ! هالشيّء كله من دخّـان انت شابّ نارها ي عذبي انت شبّيـتها و هجيت لها منحاش من هالدّخان ,
طنينه ما يخفّ الا يزيد , ما يزول عنه ايّ شعور يضيّق به ما يرحم جـوفه و لا يوصّل له نَفَس مريح هو نطق بحدّه : همّام خويّي ! همام خويّي , القضيه ما تتقفّل دام الجاني عايش حياته ما تتقفّل المفروض و انك قفّلتها قبل واحد و عشرين سنه هذا خطأ ! ,
سـكنت ملامح صُـهيب لان عذبي يغلّطه لاوّل مره يغلطّه بصريح الكلمه ، يكمّل عذبي : ايه غلطان لانّ الحق له آخر كلمه , عمّي له حريّـته و ليا برّرت لك موقفه انا مانيب رجّال يحفظ و يصون , دام هالشيء بسبّتي و بنظرك انت هذا كلّه بسبّتي و انا اللي شبّيـت نارها ايه انا شابّها , انا اللي شابّها لاجل حفيدة سلمان و ان عوّد بي اازمان لنفس النقطة و الليلة بارجع اعيد و اشبّـها محدٍ يمنعني عنها ! ,
أخـذ صهيب نفس عميق يآخذ اجابته , يآخذ اسباب تزيد حاله عليه : الله لا يحوج دنيتك لك و انت بعيد عنها هالكثر و لا يضعفني عن حقّ هلَي اللي برقبتي ، الحين اطلع انت و لا عيني تشوفك , ما تعتّب هالباب و لا القصر بكبره مابي عيني تشوفك حولنا ,
ناظر ابوه تسكن ملامحه , تسـكن كلّ اعضاءه ماعاد له الا شدّ بصدره مكان جرحه و طنين لازَم وضعه : ما باعتبره خيَـار و لا باعتبره كلام لان الخيارات منك انت ماهيب حقّ لا للحياة و لا لأهلَك ,
نطـق صهيب يهز راسه بنفي : انت اخترت حقّك على حقّ دنيتك ,
رفـع عذبي حاجبه ما يبقى به حرفّ يردّه عن جـوفه من كمّ الضغط اللي يحسه , من كثرة الحروف المسموعه : افهمها باللي ودّك و بأفسّـرها بكلامك , دامني اخترت حقّي و انت بعد اخترت الدكتوره من مبطي ,
ناظره صـهيب تسكن ملامحه و كمّـل عذبي يثقّل على كلّ حرف يخرج منه بالهمسّ الموجـب : انت اخترت الدكتوره و بدّيتها على امي و عنّي و عن الكل و بكلامك انت عن دنيتك ,
هزّ صـهيب راسه بنفي يأشرّ عليه : انت وخّرت عن الكل , انت وخّرت عن الكل نسيت اللي عليك و انا ما وخّرت ! ,
قرّب منـه عذبي بذات الحدّه , بذات الهمس و النظرات وصل لاقصاه من شعور صمته , من انه بكلّ مره يردّ الف حرف بجوفه لاجل لا يزيد الحال سوء : انت اللي وخّرتي ! انت اللي وخّرتي و غرّبتني عن دنياي , انت اللي نسّيـتني وين انا و وش اكون و من انا بهالبيت و بين الناس ما دريت عنك شيء , ما قلت لي عن شيء و تمنّ عليّ على حق بالحياه و حقّ بالارض , ما تركت لي ارض اقرّ بها من يومي بحايل و بالقصيم و الحين بالريّاض كلّ ما قرّيت بارض منّيت عليّ ,
رُفـعت يدّ صهيب , رُفعت يدّه من فاضّ به تمالكه ما يحسّ بنفسه الا باليد اللي ردّتـه عن آخر فعله يمنع الفعل , يمنع الانظار و حدّة الباقي من الحوار هو سكنت ملامحه يستوعب نفسه و بالمثَل عذبي اللي وقـف مباشره يخرج من المجلس يشـوفه نايف , يشوفه سعد اللي شدّ على ذراع صهيب ينطق بـ : هدّ هدّ بو عذبي هدّ ماهوب كذا التفاهم ماهوب كذا هدّ ! ,
سـكن جسده فقط امّا صدره و عقله و كلّ ما بجـوفه ما قرّ يناظر سعد اللي حوقـل ثم وجّه له سؤال وحيد لان كلّ الحروف وصلت له , لا كلّ الحكي كان كافي لاجل يفهم الثغره : وش تبي منه انت ؟ وش تبي منه يا بوعذبي ليه تبيه يطلّق زوجته ؟ ,
صدّ بانظاره فقط ما يجاوب و لا ينهشّ عقله بهالسؤال لان ما ودّه بالطلاق , لان اصل الموضوع مخالف و لانه بالفعل ما يدري وش كانت نيّـته بكلّ مره يطري موضوعها و يربط كلّ شيء بها , ما يدري هو ليه قال كذا و لوين وصّل الموضوع بأسئلته لخروج عذبي عن صمته بهالطريقه قبال الكلّ لكنه يدري انّه ناقد , يدرّي ان قلبه مليان على ولده بطريقه مُخيفه ما يبرّر لها فعل الا انّ اللي يصير مو لصالح ايّ شخص ..
_
خرج يحسّ الدنيا تدور به , يحسّ الشـمس تحرقه , تحرق جلده و جـوفه ما ترحمه لا هيّ و لا حرقته من ابوه بكمّ الحكي اللي صار و خروج الحروف اللي كان يردّها , كان يتناساها كموقف و حقيقه مو خفيّـه لا عنه و لا عن ايّ شخص ما كانت رغبته الحكي , ماكانت رغبته الحدّه و لا انه يردّ عليه لكنه جبره , ضغط عليه تركه يستوعـب معاناة السكوت , معاناة الساعه ، المسافه و ريـاح الزمّان العتيّـه من غرّبـته عن بيته , بنت ناسـه و بالارضّ اللي يعود لها بحاجته هو غرّبـه عن الشمال , عن الجـنوب و عن نجد العذيّـه ما هقى بيوم انّ معاناته بتتصوّر بهالشـكل امام ابوه , ما هقى انّ ابيات جـوفه توضح له و لا يراعيها من اخذ منه حلو الايام و عطاها الردّيـه كلّ ما حوله يدور , كلّ وعيّ الصور يختفي و نظـراته للمدى سراب زائل الى ان اتمسّـك به الجسد من يميـنه يضمّه لصدره بخـوف يوعّيه باسمه : عذبي ! عذبي ! عذبي بك شيء ! عذبي ! ,
رفـع عذبي يدّه لعيـونه يضغط عليها , ينزّلـها لجرحه و شدّ صدره المشقوق يرفع نظره لدهّـام العاقد حاجبيه يسأله من جديد : بك شيء ؟ تعبان انت عذبي شكلك تـ..,
حاول يعتدل , جاهد وقـوفه بكلّ طاقته هو اتمسّك فقط بكتف دهام يوازن جسده بالارض يحاول يقرّ , يحاول يصمد امام اللي يحسّه و يعانيه يهزّ راسـه بنفي : ما بي شيء , مابـي شيء دهام انت توّك جاي ؟ ,
هزّ دهام راسـه بايه يجاوبه يدري انّ الاجابه مو صحّ , يدري انّ الحروف اللي خرجت منه الايام ماهي الا ابعاد قلق : ايه توني جاي , و انت وين خارج مب قلنا بنتكلم اليوم ؟ ,
ما ناظره عذبي هو كفّ نظـره بلاشعور ماعاد به حيل , ماعاد له طاقـه نزّل يده عن كتف دهام يحاول النّفس من ضيق جـوفه يشوف الخطوات امامه و يسمع السؤال : عذبي ! بك شيء و انا ابوك ؟ ,
رفـع عذبي نظره له لجُزء من الثانيه لانه يدري به , لان البراء يدري بعمليّـته و يدري انّ حيله باقي مو مضبوط , بانّ جسده باقي بضعف هو هزّ راسـه بنفي : ابوي درى عن زواج همام ,
رفـع يديـنه يغطّي عيونه عن الشّمس , عن الدّوار اللي يحسّـه هو ارضـه من تحته تتحرّك مو ساكنه يسمع نقاشات البراء و دهام لكنه ما يقوى يرفع نظره , ما يقوى يحسّ باليد اللي على كتفه من شخص خلفه و التفت فقط ما يناظره بالمثَل يسمعه فقط ؛ ودّي اسوي عشاء لعمّي ي عذبي , كلّمت اخويّـاي يشوفون لي استراحه ,
ابتـسم دهام له : ماله داعي ي حبيبي , موجوده المزرعه حقتنا الكل يدلّها ,
ابتـسم نايف و اتنهدّ البـراء يهزّ راسه بنفي : خلّوها علي , الذبيحه و العشاء عليّ انا ادبّـرها باكر ,
ناظره دهّـام باستغراب يدري انّ إقدامه مو من لا شيء و لا من العدم لكنه يجهل فكرته , كمّل البراء : ادخلوا يلا , بنلحقكم الحين ,
التـفت دهام يآخذ خطواته مع نايف للداخل و اقترب البراء من عذبي اللي ما سمع بوضوح , ما شاف الوضوح بكلّ وقـوفه الحين هو كان طنين باذنه و غياب كلّ تركيز عنه لذلك مسكه البراء من كـتوفه يثبّـت وقوفه المتمايل : عذبي ! وين مروّح انت ؟ و اذا ابوك درى ؟ و اذا درى يعني اصلا انا ناوي اشهر الزواج باكر ,
ما ردّ , ما كان له امكانيّـه حتى ينطق يحسّ بتثبيت البراء له , كمّل البراء بهدوء يحوقل من حاله يدرك انّه تعبان , يدرك انّ حاله مو صحيح يكمّل : ادخل ادخل معي الحين , منت برايح مكان ريّح نفسك لا تضغط عليها ..
_
خـيام عذبي ؛
انهـى صلاة العصر يعدّل جـلوسه , يآخذ نفس عميق يناظر عزّ اللي كان إمامهم كان له تلاوة مُريبه توصل لقلبه بصورة خاشعه , كانت نبرتـه بكلمات الله المحفوظه يتعمّق بها بلاشعور منه , أُذهل منه و لا اتوقّع بانه يُعجب به هالكثر يشوف عزّ اللي التفت له يناظره بجلوسه يسمع سؤاله المباشر : حافظ القرآن كامل انت ؟ ,
لان قراءته كانت اجزاء من السّـور الطويله و وُضّح هالشيء هو هزّ راسه بإيه يبتسم : امي حفّظتني هو قبل ادخل للمدرسه لان ابوي كان رافض يعترف بـي , هيّ حفّظتني هو بالبيت ,
وقـف همّام يساعد طارق بالسجّـاد , يطويـه بالكامل و وقف معهم عزّ يطوي اللي صلّى بها هو ينطق بهدوء : تغدّيت ؟ ودّك بغداء اجيب لنا ؟ ,
هزّ همام راسـه بنفي يعدّل وقوفه ينفض يدينـه عن التراب يناظر طارق : البارح طارق صلّح كبسه , باقي منها ؟ ,
هزّ طارق راسه بايه يضحك : ابشر الحين شوي و تجي لحدّكم ريّـحوا انتم ,
رفـع همام جواله من صدر صوت الاشعار يقرأه " وينك ؟ " من ذات الشخص اللي ما فارق قلبه و لا فارق عقله ليلة كاملة كانت احلام بها , ليلة كامله كانت احلام معها و اماني يجاوبـها بـ " انتظرك تفضين من اليوم " يناظر بعدها عزّ اللي نطق ؛ ابي اصلّح قهوّه , خذني معك طارق ,
هزّ طارق راسه بزين يدلّـه و يوجّـهه للمكان بينما همّام قرأ رسالتها الاخيره " فضيت " و سرعان ما اخذ خطواته لاحدى الخيام , يترك ما على اقدامه بالخارج يدخل يعدّل المـركى و يجلس فوقـها يتّصل و لا كمّـل الرنين اكثر من ثانيتين لان الردّ منها كان مباشر يرفـع الجوال لأذنـه يسمـع أوّل كلماتها : همام ! كيف حالك وينك انت بخير ؟ ,
ابتـسم مباشره لانّ سؤالها دايم له , دايم يخصّـه لاجل تطمّن عليه بكلّ مره تآكل قلبه بنبرتها و مباشرتها عن ما بجوفها : بخير بخير همّام , بالخيام موجود ,
ارتـخت تزفر أنفاس قلقها و خوفـها من ارتياح نبرته الواصله لها تنزّل الجـوال تفتح الكاميرا و تطلبه بالمَثَل : افتح الكام و شوفني ,
عقد حاجبـيه لثواني من طلبها هو نزّل الجـوال يشوفها قبل لا تشـوفه , يرتاح قبل راحتها يفتح الكام يواجـهها مثل ما تواجه يبتسم لاجل يطمّنها اكثر تطـول ثواني الصّـمت , تطول جـولات العيون و راحة الصّـدر ينهي صمته : كلّمتي امك ؟ ,
أخـذت نفس عميق تمدّد جوفها و ضلوعها الضّيقه تناظره تدري انّ سؤاله ماهو الا من انعدام صبر به , بها و بحالهم الموقوف تشتّت نظرها عنه : كلّمتها , بس ما اخذت منها كلمه واضحه و لا صار شيء للحين عشان عمّي سوّى عمليه فالكل مشغول معه ، انت ما كلّمت بابا صح ؟ ,
هزّ راسـه بنفي يرفع يدّه لشفّـته , شنبـه يسند نفسه يناظرها للحين ما يكفّ نظـره يلمح وُضوح شعورها تكمّـل : بابا بخير الحمدلله , جاء بالمجلس هنا و عذبي جاء بعد قالوا لي عشان كذا خفت عليك و جلست على اعصابي من الظهر للحين كنت احسبه معك ,
هزّ راسـه ينهي كلامها , ينهي كلّ شيء الا موضوعهم يكمّـله من شافها تغيّره لاجله هو ما يبيها تغيّره , ما يبيها تفكّر بضيقه هو كلّ فكره " هيّ " و درب مواصـلها : انتِ وش قرارك ؟ حدّدي موقفك من الحين ,
سـكنت ملامحها بعدم فـهم ما تدري وش يقصد و لا تدري الاجابه اللي هو يبيها وش تكون : ما فهمت ,
عدّل جلسته ينزّل يده عن وجـهه يحاكيها بالوضوح اللي لاوّل مره يختاره بهالشّكل : يعني لو رفض المحامي , او رفضت امّك رفض تام وش بيكون موقفك انتِ ؟ انفصال ! ,
ما استوعبت , ما دخـل عقلها سؤاله و لا آخر كلمه منـه هيّ كُلّها وقّفـت لحظتها تسمعه يكمّل : انا صامل ما يردّني شيء لكن اخاف عليك من موقفك , ما ودّي باليوم اللي اكلّم به عمّي القى الرّفض منك انتِ ,
هزّت راسـها بنفي مباشره ترفضّ الفكره , ترفض الحكي و كلّ الاحتمالات اللي يقولها ممكن تصير : لا ! لا مستحيل ما ارفضك انا ! ,
هزّ راسـه بإيه يأكّد كلامها , يأكّد ثقـته بها و معرفته: ادري , ادري انتِ ما ترفضين بس اهلك يرفضون و انا ما ودّي تضطرين تختارين بيننا بيوم ,
صُمّـت لسانها لوهله هيّ احـتارت تبان الحيرّه بها , تبان بعيـونها ما يرضى قلبها و لا يرضى عقلها لكنها ما تسكت , ما تسكّـت نفسها اكثر توضّح وُجهتها : ممكن يآخذون وقت و يطوّلون على ما يقتنعون بس مستحيل انا ارضى بالانفصال , ما ابيه و لا ابي اسمع الكلمه ابدًا حنّا نبي وقت , نبي وقت بس تزين الامور و الفوضى هذه تنتهي ,
هزّ راسـه بنفي : الامور ما ندري متى تزين و لا ندري متى تنتهي الفوضى هذه بنسلّم حياتنا لها ؟ بنسلّم حياتنا للوقت ؟ الامور ما بتزين و كلّ ما زانت تقبع من جهه و الوقت يمشي , الوقت يمشي ي أُنس و حنا ما نحس عليه يروح الزمان و يروح الوقت و يروحون الناس الا انا و انت بننتظر الناس ترضى علينا ؟ ,
يحزن قـلبها , يحزن كلّـه على كلامه و على طريقته بالحكّي ما تدري وش تقول , ما تدري هو ليه يضغطها بالسؤال بهالصوره يعجّـزها عن الخيار و الاختيار يوضح زعلها بنبرتها تسأله : همام ليه تكلّمني كذا ؟ ,
شتّت نظـره عنها لجُزء من الثانيه لانّ نظراتها له مو عاديّه , لان نبرتها العاتبـه ما تمرّ عليه دون لا تهبّ بصـدره ضجيج شعورها : البُعد يتعبني و انا اعتدته , ما يعجبني هالوضع و لا تعجبني هالمسافه اللي بينا و لا احب ان الكلّ يتحكم بنا و بمصيرنا ,
هزّت راسـها بنفي ترفـع كتوفها بعدم معرفه , بضياع هي ماعادت تدري الكلام لوين بيوصل : طيّب انا ايش اسوي ! ايش اسوّي همام ترا هم اهلي ما اقدر اتعدّاهم ! ,
هزّ راسـه بإيه يكمّل عنها ينهي ضياعها , ينهي كلّ استبعاداتها لافكاره و هو يدري انها تفهمه , يدري بانّها تبعد فكرته عن بالها و لا ودّها تفكّـر فيها لذلك نطقها بصريح العباره : أُنس لا تتعدينهم , لا تتعدينهم اذا ما ودّك و انا ما ودّي بعد انك تتعدينهم بس انا م اقدر على هالمسافه اللي بينا و هالقُرب منك , امّا تحكمنا مسافه تبعدني عنك او قُرب ما يحكمه احد من حولنا اما هالوضع اللي اشوفك به و اكلّمك و لا اقدر اقرّبك و لا اجلس به معك على راحتي انا م يجوز لي و لا اقدره , ما اقوى عليك ,
رمشت ما تدري وش تقول , ما تدري هيّ بايّ حرف تبدأ و لا بأيّ زعل تعبّـر عنه اولًا من كلامه معها تسمعه يكمّل : البارح اتلهّـفت على صوتك , اتلهّفت عليك بس ما قدرت و اليوم كلّنا ندوّر الفضاوه لاجل نتكلم بالخفى ! ليه ؟ ليه حنا غلطانين ؟ طيّب وشوله هذا كله ؟ ,
عضّـت شفّتها يفيض بها احساسها العاجزّ ما اتوقّعت بيوم انّ هالضعف يتمكّن منها هالقد و لا الظّـروف تحكم حياتها باللي هيّ ودها و لانّ تعبيرها بالزّعل ما يحبّه , ما يهون عليه هو قفّل الكاميرا يرفع الجـوال لمسامعه : اشوفك ! بس ما اقدر اقرّبـك لاجل اهلك و اهلي , ما ودّي هالقُرب يكون مستمر دام اللي بيني و بينك واقف على كلمتهم انا ما ودّي بالامل الكذوب ,
ما ردّت هـيّ صمتها كان سائد على كلّ حرف ترغبه , على كلّ كلمه بجـوفها طغى صمتها بصوره ما تطيقها بنفسها لانها حاولت مرّه , اثنين و ثلاثه و اربعه انها تتكلم لكنها ما قدرت كأنّ المانع اكبر منها هالمره و لانّها سـمعت صوت آخر معه ينطقّ بـ " جهزت القهوّه , عدّل عدّل المركى " هي ابتـلعت غصّتها تسمعه يهمس لها بكلمه وحيده فقـط : انتبهيلك , الله يحفظك ,
قفّـل الجوال ينزّله للارض و هو كلّ ما فيه يُجنّ , كلّ ما فيه ماعاد له طاقه سـكون ودّه يتحرك , ودّه يفرّغ جـنونه و يفضّي جـوفه من كمّ الثقل اللي داخله لانه زعّلها , لانّه لمح زعلها و حُزن الملامح بـها هو الحين ينقد على نفسه و يشتم كلّ الاسباب , يشتم الضعف , العجز و الصّمت لانهم أخـذوا الكثير منهم يرفع نظره لعزّ اللي لفظ بـ : عدّل المركى و اجلس زين ي همام خلّنا نتقهوى قبل طارق يجيب الغداء ,
اتنهـدّ همام يسايره و يتمالك اشدّ الجنون داخله بانفعال ما يودّه و لا ودّه بانه يتفرّغ بالبرّ لانه ما يضمن نفسه , قام و سحب المركى يعدّلها بيـنهم و رجع يجلس من جديد يناظر عزّ اللي مدّ له فنجاله يبتسم : اليوم افضل ان شاء الله , هادئ من بدايته عسى هالهدوء يديم ,
ما ردّ هو و يجزم انّ سماعه للاصوات مو مفهوم لان كلّ فكره معها , لانّ كلّ عقله معها و نقد قلبه عليه يتحدّاه و يضرب روحـه بصوره اليمه هو اخذ الفنجال يتركه على الارضّ , ينزّل سبحته و يطلّع بـكته من جيبه يتركهم كلّهم مع الجوال بالارض الا انّ ضيـقه ما انحمى , الا انّ جلوسه ما ريّـحه و لا قرّه بها يوقف من جديد يسمع سؤال عزّ المستغرب : وين رايح ؟ تونا صابين الفنجال كمّلـه ,
زفـر همّام يبعد انفاس ضيقه يلتفت يعدّل المركى , المفرشّ و يتعمّد الضّغط عليه باقدامه لانّ جلوسه ما كان مريح من البدايه و الحين يتحسّس اسفل المفرش بشيء بارز عن الارضّ , انحنى بلحظه واحده هو شدّ المفرش يرفعه يُصدم من المنظر , يُصدم كلّـه يرتعش لُبّ قلبه من المنظر يتنافضّ جسده مثل ما انتفضّ صـدره ما يحسّ بشيء , ما يحسّ بنفسه هو ارتبـك فعليًا يناظر الجثّه المدفونه اسفل مفرش الخـيام و بالمثَـل عزّ اللي وقف من مكانه تسكن ملامحه ما يستوعبون اللحظه و لا المنظر و لا نفسهم حتّى لان الجثه يميّـزونها , يعرفونها زين هم ما كان للحظتهم حقّ الاستيعاب ..
_
قـصر الايهم ، المجلس :
قضـت ساعاتهم بوضـع أقلّ من عادي كلّ شخص منهم يخفي كثير , كلّ شخص منهم يكبت كثير و يتحلّى بصـمت ينتظرون خروج الضّـيف البعيد و الموجّب القريب , جلوسهم متباعد و نظـراتهم معدومه لانّ الحال ماصار صافي و لا مابينهم تمّ بوضـوح من البدايه كلٍ بصدره همّ , كلٍ بجـوفه حروف و عقله اصوات ما تصمت , صهيب محفوف بالأسئله و الاشخاص , البراء مجاور عذبي و الباقي حولهم جلوس و وُقـوف يتغيّـرون , يعبرون امامهم و يتجدّدون وُجوه ولا يريّـحهم هالشيء , ما يبعد تساءل البراء عن عذبي من قرّب منه يهمس له بهدوء : بخير انت متأكّد ؟ ,
هزّ عذبي راسـه بايه فقط ما ينطق الكلمه و لا تخرج منه , ما يرفع النّـظر و لا يريّح جفـونه من تعبها يسمع السؤال , يشوف زين و يتمالك جـسده بقوّة اعصاب مستحيله داخله يشـوف وقوف دهّـام من البعيد و اقترابه منهم يجلس يجاور البراء من الجهه الثانيّـه و لانّ دهـام لمح قطعه الشاش بالبراء هو رفـع يده يتحسّسـها : مابعد اتشافت ؟ ,
رفـع البراء يدّه ليد دهام ينزّلها عنه يعدّل طاقـيته من اسفل الشّماع : وش عليك انت ؟ خلّك من هذا كله وش صار معك ع الادله ؟ ,،
اتنهـدّ دهام يعدّل جلـوسه يلتفت بجسده لهم يحكي بذات الخفوت معهم : واضحه كلّها الاسماء كلهم مطلوبين , الصور فيها جُرم و البصمات ع الاسلحه بعد بس شيء يخصّ مشاعل ؟ مو موجود للحين ,
رفع البراء حاجبه بنكران من الوضع : و الزّفت اللي اسمه صالح ما نطق بشيء ؟ ,
هزّ دهام راسـه بنفي يكمّل : ما قال , ما ودّه ينطق الا لا مسكنا عبدالمحسن واضح انّه خايف من احد بس منو ؟ ما بعد دريت ,
عقد عذبي حاجبـيه يناظره و يتساءل عن آخر كلام كان بينهم البارح : و البصمه المجهوله ؟ قلت لي عنها البارح ,
هزّ دهام راسـه بايه يآخذ نفس عميق : ايه , هي البصمه اللي حيّـرتنا لانها مو مسجله بالنظام , امّا مواطن م اعترف فيه او مقيم مخالف ,
رفـع عذبي اصابعه يغطّي عيـونه بتعـب يحاول التّحمل , الصّـمود امام كلّ كلمات النهايه اللي سُطّـرت تنهي صبره هو ينتظر النُقطه اللي تنهيه او تنهي هالحال ,
وقـف سعد يمسك بيدّ ثنيّـان يبتسم يستأذنهم لانه آخر الموجودين خارج اطار هالاهل هو و زوج بنته و حفيده : استأذنكم انا ي جماعه الخير , توصّون على شيء ؟ ,
وقـف نايف يبتسم يقبّـل راس صُهيب و اتوجّـه لسعد يجاوره الوقوف يسمعون الرّد من الرّجال ينطـق سعد بالنّـهايه متوجّه للباب : الحمدلله على السلامه ي بو عذبي , آخر الاوجاع ان شاء الله ,
هزّ صـهيب راسه بايه يرسل ردّه بالصّمت يـشوف خروجهم من المجلس يختار صمته حتّى بعد خروجهم , يناظرهم فقط امامه ما تنقال الكلمه بينهم و لا تورد المبادره من احد لانّ عذبي مكفّي نظره عن الكل و بالاخصّ ابوه كون نـظراته ما يتخذّها الا تحدّي , الا عقوق و قلّة اصل ، البراء اللي يناظر شريان و اصيل اللي يتهامسون بالحكي على يمينه بالمجلس , دهّام الجالس و شاهر و عبدالعزيز اللي خرجوا من المجلس بلحظه سريعه و اتنهـدّ ما ينطق بكلمه من ارتكزت عيونه مع صُـهيب ,
اهتزّ جـواله بجيبه و طلّعه مباشره لانه ينتظر الشّخص و يتوقّـعه و بالفعل جت على عينه نثل ما يودّ و مثل ما الحاجه تتطلّب هو كان يبي يوقف لكن البراء وقّـفه يمسك بيدّه يرده : وين رايح ؟ ,
نزّل جـواله يغطّي الاسم فقط يهزّه و هو بيده : قدام الباب بأكلّم و راجع ,
هزّ البراء راسه بزين يناظره يوصّـيه لانه يدري به : تكلّم و ترجع , لا تطلع من القصر ي عذبي ! ,
وقـف هو فقط ما يردّ , ما يعبّـر اكتفى بوقـوفه و ابتعاده عنهم يخرج و هو محطّ انظار للجميع الى ان قفّـل الباب خلفه هو ردّ على اتّـصاله يرفع جواله لاذنه يسمعها , فقط يسمعها و رغبته صوتها و طاقـته هيّ ذاتها من نطقت باسمه تنهي تماسـك صدره به , تنهي تماسك عقله بالوعي تنهّـد صدره يوصـل لمسامعها كلّ شيء , يوصل لمسامعها التّعب , الهلاك و كلّ شعور هي تحسّـه به لذلك كمّـلت تعدّل جسدها بالسرير تمسح وجهها بكفّـها كونها للتّو فتحت عيونها : عذبي وينك انت ؟ رحت لابوك ؟ ,
حنى راسـه يناظر ارضه , يناظر نفسه و جـسده و مقرّه المهزوز يهزّ راسـه بايه يكمّل اجابته المسموعه لها : رحت ,
اتنـهدّت ترجع شعرها للخلف تدري بكمّ الضيق داخله و تخمّن الاسباب لكنها ما تنطق به تسمع سؤاله كون صوتـها واضح عليه الحال : توّك صحيتي ؟ ،
ما تفتح الموضوع معه و لا تذكّـره هي تبي تبعده عن ضـيق جوفه بايّ طريقـه ؛ ايه , توي صحيت و شفت اتّصالاتك ما حسّيت بالوقت و لا جوالي لاني نسيت اني حطيته ع الصامت قبل انام ,
ماكان منه الصّـوت , ماكان منـه النّفس او حسّ بشعوره معها بالاتّصال هو اخذ ثواني طويـله يشكّكها بوُجوده معها تنزّل الجوال تتأكد منه ترتخي ملامحها : عذبي ! ,
رفـع يدّه يفتح اولى ازارير ثـوبه يجوّف صدره بهواء ما يزفـره لانه مكتوم , مختنق من شعوره و ثقل جسده يجاوبها ما يبي يبّين ما يبي يوضّح لها : معك عذبي ,
عضّـت شفتها من كبحت داخلها كمّ انفعالات تجاهد صمتها عن الموضوع و تجاهد حروف أسئلتها الكثيره : عذبي اتّصلت علي كثير انت , انت بخير و همام بخير كان ودّك شيء ؟ ,
هزّ راسـه بنفي يتذكّر سابق نواياه : كنت ابي اجيب غداء لي و لك و نتغدّى سوا , اكلتي شيء الحين ؟ ,
ابعـدت اللحاف عن جسدها توقـف تضيق لانها ما صحت , لانها ما حسّت من الاساس على نفسها او على ايّ شيء حولها كانت رغبته بسيطه بوقت عصيب مثل الحين لكنها ما لبّـتها و يسألها الحين يآكل قلبها : ما بآكل , بأنتظرك عذبي نآكل سوا متى ما جيت نآكل مالي نفس الحين اصلًا بآخذ شاور بس و انتظرك ,
مسـح وجّـهه بكفّـه يمسح رقـبته , عنقه يحسّ باوداجه , باعصاب جبيـنه و شدّ صدره عليه ما ودّه بشيء , ما ودّه بشيء الا هيّ , الا قُربها و كفـوفها : تحت به أكل , نفس الرقم اللي عطيتـ..,
قاطعته مباشره تبيّـن انها تبيه , انها تبيه يجيها و يوصل لها باسرع وقت هيّ تبيه يبعد عن القصر , عن التّعب تبيه يرتاح : عذبي لا , بانتظرك تجيني ,
لانها تدري انّه بيعجّل لا درى انها بانتظاره هيّ نطقت كذا , هي قاطعته تطلبه لها بنيّـه غير عن عادتها , بنيّـه لاجله هو مو لاجلها لاوّل مره كانت رغبتها بوُجوده لاجل تآخذه بحضنها مو لاجل يآخذها هو و بالفعل اثبـت تفكيرها يهزّ راسه بايه مباشره : ما اطوّل , ساعة زمان و اكون يمّك ,
ريّـحت صدرها تزفر انفاس قلقها و اعصابها المشدودّه على حاله تتشفّق عيونها شوفـه : تمام , انتظرك ,
انهى الاتّـصال يدخّل جواله بجيـبه يناظر المدى امامه , تجـول نظراته ما بين القديم و الجديد , يناظر النّخـل , الشّـجر و الورود يـشوف مظلّات مواقف السيـارات يلمح قديم سيارته , يلمح آخر حطّه له لهالسياره لازالت بمكانها نفسه اللي تركه بها يتذكّـر نفسه , يتذكّـر ابوه و المفاتيح اللي اتنازل عنها لاجل يدري صُهيب انّ همه مو مال , انّ همه مو صيت , انّ همه مو تكبّـر انّما همّه هو حُبّ صُهيب له و لين قلبه معه ودّه تطول الدقايق , ودّه تطول لآخر نهايات الغروب لأجل يبعـد يآخذ دربـه لمحبوبـه يبقى عندها يتناسى كلّ ماهو حوله يعدّي يومه , يعدّي ثقل شعوره لكنه مُجبر الرّجوع , مُجبر الدّخـول و بالفعل التفت يدخل للمجلس من جديد يسمع صمتهم بعد علوّ اصواتهم بالحوارات يآخذ نظره لصُـهيب اللي يناظره بالمثَل , اتقدّم يرجع مكانه يجاور البراء بالجلوس و يرفع نظره لعمّـانه و لطرح السؤال من شريان له : كيف شغلك عذبي ابوي ؟ عساه ماشي معك ما شفنا لك ڤيديو و لا صوره كالعاده وينهم ؟ ,
اختار صمته يجبره الحال و الظّرف مثل كلّ فعل و كلمه له اليوم هو اُجبر صمته الحين يآخذ من حقّه كثير و ناظره البراء يدرك حاله و يستوعب موقـفه ينطق يمسح على ظهره : مانام الرّجال خلّوه يرتاح على طول من المطار لهنا جاء يلحق ابوه و الضّيوف ,
شتّت صُـهيب انظاره يتشتّت نور فعله يسود ظلام قناعته بانّ كلّ شيء مو مهم , بانّ كل حرف يدافع عن ولده مو مهم لان بعيونه هو تارك كلّ شيء خلفه و لانّ صيته ما جابت طاريه , لانّ اريام شكت وحدة ايامها دونهم , لان عيونه ما شافته هو للحين صدره ممتلي عليه بصوره رافضه ايّ كلمه تنفي الادانه اللي بعقله عليه يسمع صمت ولده , ما يسمع صـوته للحين هو مختار صمته على كلّ كلمه تُقال له , كلّ سؤال يوُجّه له ماكان له ردّ , رفـع دهام جواله من سمع رنينه يعدّل جـلوسه ينزّل اقدامه على الارض و يجاوب يسمع الحكي يوصل له : السلام عليكم طال عمرك , المعذره على الازعاج لكن وصلنا بلاغ عن سياره خلَف اللي ندوّر عليها , حابّب تجي معنا او نروح حنّا ؟ ،
وقـف دهام يبان قلقه بعيون الجميع يردّ عليهم : بأجي معكم , جهزّوا سياراتكم و ارسلي الموقع نتقابل به , لا تشغّلون الونّان ,
قفّـل اتصاله يسمع اول الاسئله من قـبَل البراء اللي عاقد حاجبيه بقلق : وش فيه ؟ خير ان شاء الله ,
اتنهـدّ دهام يناظر عذبي لانّ يدري ان الكلام اللي بيقوله ما يرح يترك قلب عذبي يقرّ بمكانه من قلقه : يقولون وصلهم بلاغ عن سياره خلَف , بأروح معهم الحين ,
سكنت ملامح عذبي يبي يوقـف , يبي يروح معه و نطق بالكلمه الا انّ البـراء مسكه من يدّه يناظر دهام اللي كمّل : بس مو اكيد وجوده , البلاغ عن السياره بس ,
ناظر البـراء عذبي يتمالك صمته كـونه يدري بتعبه , يدري بكمّ الجُهد اللي يفوق طاقته و يحاوله هو مسكه ما يتركه يروح : خلاص قال مب اكيد , لا صار شيء بيكلمنا اكيد و بنروح ,
التفت دهام على أسئله ابوه , عمه اصيل و صمت صهيب الحادّ بالنظرات لكنه هزّ راسه بنفي يعجّـل خطواته للخارج : عمي و عذبي يقولون لكم انا لازم اروّح الحق العمليه ,
ناظروا كلّـهم البراء بنتظرون منه حروف الجـواب و بالفعل نطق يآخذ نفس عميق من وسط ضيق جـوفه : خلَف مختفي صار له يومين و اكثر , كان يلاحق ابن ***** عبدالمحسن و عقبها اختفى ,
تمتم شـريان بالحوقله يناظر عذبي اللي ركـد صدره يختفي حسّه ما يحسّون بوجوده و ما يشوفون شعوره هو كان جسد فقط , كان نظر و لاشعور مُبهم يسمعون سؤال اصيل : طيّب وش صاير الحين ؟ وش آخر الاخبار ؟ ,
رنّ جـوال عذبي يرفعه من جـيبه ما يسمع السؤال و لا باقي الاصوات هو فكره كلّ مع اسم المتّصل " طارق " يعقد حاجبيه كـونه يدري بوُجود همام معه و لانّ الاتصالات من طارق ما تجي الا للضروره القصوى هو ردّ مباشره يرفع الجـوال لاذنه يسمع سُرعة الصوت , يحسّ بالتوتر و اصـوات مخالطة يميّـز كثرة الاشخاص منها , يميّر وُجود الشرطه : الشرطه بالخيام و الحال ما يطمّن , لازم تجي بسرعه لقيـنا..., قطع الكلام و انتهى يسمع آخر الكلمات من شخص مُختلف " ما قلنا ممنوع الاتصال ؟ هاتـ.." و وقـف مباشره يترنّـح يمسكه البراء اللي وقف يلمح شحوب وجـهه , قلقه و تمسّك عذبي به هالمره ما يقدر يكابر من شدّتـه على نفسه يناظر البراء : لازم اروح للخيام عقـد البراء حاجبيه ما يفهم و لا يستوعب طلبه المُفاجئ الا انّه يحسّ بكلّ شعور اتوصّـل له من عيون عذبي و رغبته و وقف يسأله بهمس : بك شيء ؟ عذبي وش صار من كلّمك توّ ؟ ,
شدّ عليه عذبي ما يقوى الوقـوف الطّويل و لا حروف اكثر هو عدّل وقـوفه يخرج فقط من المجلس يستغربون منه , يتعجّبـون من همسهم و لحاق البراء به بكلّ خطوه وقّفـه : عذبي ! ,
ناظره عذبي يوقـف , يتقبّل استجابته و ينطق بجـواب وحيد فهمه هو ما عرفه : الشرطه بالخيام , به شيء لازم اروح ..
_
عند دهّام ؛
هو دلّ الطـريق بمُجرّد ما شاف الموقع بجـواله لانّه ذات البيت المهجور اللي دخله قبل ايام , يقلق , يتساءل و تقتله الاحتمالات ما يدري هو كيف اتجاوز السرعه و لا الاشارات هو لقى نفسه بالطرّيـق و خلفه سيارات يلحقون يه يوصّيهم بكل لحظه انهم ما يفتحون الونّان , يوصّـيهم بكلَ لحظه انهم يتجهزّون زين لانه ما يدري وش بيقابلهم و لا وش بيواجهون باوّل اقترابه هو خفّف سُـرعته يفتح شباكه يلوّح بيده يأشر لهم انهم يخفّفون بالمثَل سُرعتهم يشـوف السياره , يميّـزها و يتعجّب من السكون على غروب الشّمس هو ما يحسّ الا بالسّـكون و لا يسمع ايّ صوت الا تغريد العصافير و وقّـف سيارته ينزل منها يناظر خلفه نزول الفـريق و تقدّمهم منه يمدّ له ستره لكنه رفض مباشره يمدّ يده يمسك بالسلاح : مالها داعي الستره , حتّى السلاح لا تطلع منكم طلقه ما ظنّتي به احد بالبيت بس احتياطًا خلّكم جاهزين ,
اتقدّم يمسـك بسلاحه يوجّـهه امامه يآخذ كلّ جهاته بطريقه احترافيّـه تدرّبـها هو رفع يده يوجّه كل شخصين لجهه لاجل يحاوطون اطراف البيت و اختار معه واحد يدخلون من اخدّ هو جهة اليمين تارك الباب اللي بمُجرّد ما رُفس هو فُـتح يتساقط منه قطع خشب تتناثر بالارضّ يدخل هو و يدخلون بعده يناظرون حولهم , يآخذون كلّ الغرف و دخـل اوّلهم دهام لذات المكان اللي كان به يفتح الباب تسـكن ملامحه من القفى اللي يلمحه على كُرسي مربوط بحبـال يُصدم يناظر الرجال خلفه يقرأ به ذات الشّـعور الغريب يناظر خلفه الباقيين ينطقون له بإنّ المكان - خالي - لكنه زاح جسـده يبيّن لهم الجسد و اتقدّم خطوه يوقّـفه الرجال من خلفه : حنّا نروح , خلّك انت هنا طال عمرك نتطمّن و تعال انت بعدهنا كذا التعليمات ،
سـكن جسده لوهله بتفكير يآخذ نظره للجالس على الكرسي يشـوف الكشّافات اللي صارت على الجهه نفسها من مشوا يتفحصّـون المكان امامه يوجّـهون الكشاف للجسد الساكن على الكرسي و ما ان قرّب دهّـام استوقفه من جديد احد الرّجال : اصبر طال عمرك , نبي نتأكّد من خلوّ المكان من الالغام ,
اتجـاهله دهّام يمشي للجسد رُغم انّ الكلمات المانعه لا زالت تصدر منهم " طال عمرك ! " ، " لازم نتأكد هذه تعليمات السلامه " , " اذا سمح امرك " لكنه كان بعجلّـه مستحيله من وقف امام الجسد يلمح راسه المحني للاسـفل بثقل و ارتخاء و انحنى هو بالمثَل ينزّل راسه لأجل يشوف وجهه , لأجل يعرفه الا انّ الظّـلام كان عادم عنه وضوح الرؤيه هو التفت لاحد الرّجال يمدّ يده : عطني الكشّاف ,
مُدّ له الكشاف و ناظره لثواني يعلّي اضاءته و يوجّـهه لوجه الجسد المجهول تسكن ملامحه لانه ميّزه , عرفه و سرعان ما ترك سلاحه يمدّ يده ناحيـه عنقه يتحسّس نبضه يبي يتأكَد , يبي يتطمّن و بالفعل ارتاح صدره مباشره يعدّل وقـوفه يمدّ السلاح لهم و يرجع للجسـد يرفع راسه يطبطب على خدّه , جبيـنه و عنقه يناديه باسمه : خلَف ! خلَف تسمعني خَلَف تسمعني ! ,
تركه دهّـام بأقل فعل يضرّه يلتفت للرجـال يمدّ يده يمسك بالسّلاح , يمسك بالكشّاف و يمدّه لهم : خذوه بسرعه ع الطوارئ , نبضه ضعيف الحين خذوه ,
هزّ الرجـال راسه بإيجاب يوجّه الاوامر و يطلب المساعدات يزيح دهّام جسده عنهم يوقـف ابعد من مكانه بمترين يوجَه الكشاف لهم و يترك السلاح على احدى الطاولات يطلّع جـواله يتصّل على البراء , عذبي , همام ما يلقى استجابه هو اتنهدّ يلقى رنين من اللاسكي اللي تاركه بجيبه و رفعه مباشره يردّ على التساؤل باجابته : عملّـيات **** السياره موجوده و صاحبها موجود عالاغلب صحته كويسه بس جسمه تعبان و فاقد الوعي ..
_
بالسّـياره كانوا يآخذون طـريقهم للخيام ما كان تفكيرهم ييعد عن الخيام و لا يطرى ببالهم غيرها لانّ اللي سمعه عذبي ماكان عادي , لان نبرة الخوف بطارق دبّـت رُعب بصدر عذبي تقلّـق كل طره داخله ما يقرّ جـسده حتى بالسياره هو يعدّل جلوسه كل ثانيه , يرفـع يدّه و يشدّ على جرحه , اعصابه لاجل يبقى بـه قُدرة تحمّل يلتفت لسياره الشُرطه اللي اخذت مسار معاكس يناظر البراء اللي يهدّي نفسي : مابه خلاف , مابه خلاف ي عذبي يمكن شيء عادي لا تشيل همّ ! ,
يدري البراء انّ كلماته ما بتفيد عذبي لكنه مصرّ يقولها لاجل يهدّي نفسه عالاقل , لاجل يقنع نفسه انّ كل اللي يحسّونه الحين خوف مُبالغ ماله معنى و لا كان له اهميّـه لكنه لمح السياره الاخرى , سياره الاسعاف اللي مرّت من يساره يسمع عذبي يتمتم بـ " لا إله إلا الله , لا إله إلا الله " يضيعون بأسوأ الافكار , الاحتمالات و السيناريوهات من انّ ونّان الاسعاف ماكان يصدر صوت هم احتمالين فقط امّا حاله غير حرجه امّا وفاه و هذا اللي يخافون يمدّ يده البـراء لعذبي يرجّع ظهره للخلف : رجّع ظهرك عذبي , رجّعه ريّـحه لا تضغط على جرحك توّه ما التألم لا تضغط عليه ! ,
رفـع عذبي يدّه يتمسّك بيدّ البـراء و يده الثانيـه رفُعت بلاشعور هو مسح على عنقه ، لحيته و وجـه بالكامل ما يدري هو قلبه بيطلع من مكانه ماعاد به صبر , ما عاد به قوّة تحمل ينتظر وُصـوله , ينتظر وقـوف البراء اللي صار بغضون دقايق تسكن ملامحهم من كمّ السيارات حولهم , كمّ الاشخاص الغريبه بكلّ مكان و بكلّ جُزء هو عيونه تدوّر شخص واحد , شخص واحد فقط ينزل من سيـارته يلمح الشرايط الصفراء , اامحلّلين حول احدى الخيام هم مرتكزّ وُجـودهم يتكتّلون بصور عشوائيه امامهم تتقدّم خـطوته ما تحمله , ما يحمله الصّـبر و لا الخوف هو اتقدّم يمنعه احد الرّجال : وين داخل ! ممنوع ,
رجـف صدره , رجف ما يمثّـل هو حتّى انبحّ صـوته قبل لا ينطق يبي يردّه , يبي ينفضّ جسده عنه و يدخل يتجاهل كلّ شيء : خيامي هذه ! خـيامي هذه وخّــر انت ! ,
قرّب منـه البراء يردّه , يمسك به يردّ خطواته للخلف يبعده عنه ينطق بعقدة حاجبيه : وش صاير ؟ وش صاير بسم الله , هذه خيامه خيام عذبي آل فارس ,
التفت الرّجـال يزيح عن الخيمه عُقدها يفتّّـحها كلها يزيح عنهم ستار الجريمه يوضّـح المحلّلين اللي نفضوا الخيمه كلّها من الداخل , نفضّوا المفرش و ولّـعوا كشّافات مغطّيـن وجوههم , مغطّين اقدامهم و الايادي مو واضحه ، بأياديهم اكياس ادلّـه تسكن ملامحهم , يُصدمون ما يدرون وش الواقع و وش الخيال المفروض على عقولهم بهالرؤيه يسأله البـراء مباشره : علّمنا طيّب وش صاير ؟ ,
أشرّ على احد الرجال خلفهم و نطـق بالفعل يجاوبهم يجبرهم على الالتفات له : خيام من هذه ؟ ,
لَفَـظ عذبي يجاوبه ما يريّـحه هالسكوت , ما يريّـحه هالوضع و لا الاجابات الطويله اللي تقلق داخله اكثر : خيامي , وش صاير جاوب انت ,
اتنـهدّ يوقف قبالهم بالضّـبط يرفع حاجبه : تمّ رصد جثّـة بالخيمه هذه , تحت المفرش و اللي بلّغ عنها شخص اسمه عزّ آل نايف ,
عقد البراء حاجبيه يسأله مباشره ما يقرّ داخله و لا يسكن ؛ مين الجثّـه ؟ معروفه ! ,
هزّ راسـه بإيه : اخذنا صور لها و شالوها اخذوها للطّبيب الشرّعي يحلّل طريقة الموت و يحدّد لنا وقت الوفاة,
يناظر جواله اللي رنّ هو للحين ما اخذ اجابته , ما اخذ الكلمه اللي رح تهجّـد خلاياه و دمّ شريايينه : من هو ؟ من هو المذبوح من هي الجثه علّـمنا ؟ وينه همام وينه طارق و وينه عزّ وينهم كلهم ! ,
اتمسّك به البراء من حسّ ان جسده يثقل , انّ اقدامه تلتوي بلاشعور منه و اراده هو طولـه ماعاد يثبت يسمعون الجواب منه : الجثّـه مو معروفه للحين اخذنا البصمات و رح ننتظر التّطابق يوصل لنا ما يآخذ كثير , لكن اللي تسأل عنهم روّحوا للمركز يعطون افادتهم لانّهم يقولون انهم يعرفونه و بما انّهم موجودين بالخيام فهم مضطرين يقدّمونها ,
بانت الراحـه بملامحهم , بانت الرّاحـه لكنهم يبونها اكيده و يبونها اكثر من سأل البراء من جديد : يعني هم بخير و طيّبين ؟ ,
عقـد حاجبيه يتساءل : هم اربع اشخاص ! ,
هزّ عذبي راسـه بايه يعدّهم بباله , يعدّهم ما ينسى شخص طارق , ولده , عزّ و همام كلّهم كانوا بباله يسمع السؤال الموجّه له : تقول لي انت صاحب هالخيام ؟ ,
هزّ عذبي راسه بإيه يجاوبه يآخذ نفس , يحاول الهدوء و السّـكون من داخله لكنه للحين ما يهدأ , للحين بباله كثير : شلون نعرف الجثّه لمن ؟ ,
نزّل البراء نظره لجـواله اللي رُسلت له رساله من دهام يقرأ " خلَف بخير , لقيناه " , و أخـذ نفس عميق يجاوبه الرجّـال ؛ بالمركز توصل التحاليل لمساعد النائب , تقدرون تستفسرون من هناك و بنفس الوقت لازم تقدّمون افادتك انت بعد دام الخيام لك ,
قرّب البراء من عذبي يطمّـنه لانه يدري سبب خوف جوفه للحين ينطق له بخفوت" خلَف بخير لقاه دهّام " يريّـح باله , يريّـح رجفة صدره يهزّ راسـه يزين فقط يلتفت يبتعد عن سنـد البراء له يبعد يديـنه , يبعد عنه يآخذ خطـواته للسياره يسمع البراء من خلفه : عذبي ! عذبي وين رايح اركدّ شوي ي حبيبي انت تعبان ! باقي تعبان ريّـح لا تضغط نفسك هم بخير ! بخير كلّهم الحمدلله ,
فـتح عذبي بابه يلتفت للبراء اللي وقف خلفه ينتظر ردّه , ينتظر سكونه و راحته لكنه ما لقى من الا الرّفض من هز راسه بنفي : ما بأريّح ! ما بأركد الا من ينتهي هذا كلّه ! عمي ما تشوف ! ما تشوف كيف انلعب بنا كلّنا ! جثّـة يوصّلونها لخيامي وش يقصدون بها ! يهدّدون ! انا لها وينهم ؟ وينهم هم الحين ! ,
اتنهـدّ البراء زُعزع صدره كلّـه من اللي صار , من اللي يصير و الاحداث اللي م اتصوّروها تصير بهم الحين هم كلّهم وسطه , كمّل عذبي يخـوض داخله شعور غريب , شعور ما يميّـزه و لا يحدّد غايته الا انه يقولها داخلها و بحروف ثغره : كانهم يبوني ! موجود انا موجود لو يهدّ حيلي هالموضوع انا لها , ودّهم يساووني بهم ؟ ودّهم يشوفون فعلي و فعل يميني انا اساويهم بالارض و اسفلها ,
رنّ جـوال البراء من جديد و ركب عذبي السـياره يمسح ملامحه , يمسح على عنقـه و صدره هو يحترق , يلتهب داخله و جـوف صدره من شبّيـب نار الالم ، الاهل و الفكر يتحسّـف على كلّ وقت فوّتـه بالعقل , على كلّ فُـرصة و فعل مجنون ما خرج منه يشـوف ركوب البراء يساره و ردّه بالجـوال : ايـه دهّام ..
_
خرج همّام آخرهم من الغـرفه بعد ما وقّع افاده اقواله يتـنهدّ , يمسح بكفـوفه على ملامحه من بشاعه المنظر اللي شهده , من صمته و لحظته اللي ماكانت متوقّـعه او متخيّله انها تصير لهم بهالشّكل المُفجع هم للحين قلبهم مرتاع , صدرهم ما يسكنّ و لحظتهم ما أخذت حقّ الاستيعاب الا ان تساؤلهم عن الجاي كثير و انّ ودهم يعرفون اكثر من مشى همّـام لعز و طارق و مصطفى يضيق صدره يستصعب النّـفس وده ينطق , ودّه بالحروف تنهي الصّمت اللي بينهم لكنه يعجزّ و يستثقل لسانه من الاصل ما يعرف الحرف و لا يعرف النّـطق رفع نظره لدهّـام اللي عبر من جانبهم ينطق بـ " عزّ و همام تعالوا معي " يناظر همّام عز يبادله النظر بالمثَـل و وقام يمشي خلف دهّـام , التفت همّـام يمشي خلفهم يشوفه يوقـف امام احدى المكاتب يأشر لهم بالدّخـول لمكتبه و على مظره هم دخلوا , مسح شـنبه يمدّ يدّه : عطني الملف اللي وصل من الطب الشرعي ,
مُدّ له الملف و اخذه دون كلـمه يلحق خطوات عزّ و همام قبل يُقفل الباب هو فتحه من جديد يدخل يقفّـله خلفه يرفع نظره لهم و لجلوسهم المقابل لبعض يآخذ خطواته يتوسّـطهم بكرسي مكتبه اللي سحـبه و ترك الملف على الطاوله : توني طالع من عند النائب العام , تدرون وش يقول ؟ ,
رفـع عزّ نظره له بفضول و نزّل همام راسه يحنيه يغطّي جبـينه بكفّـه من فاقت طاقته هالمرّه يسمع دهام يكمّل : قال كلّهم ما يطلعون لكن كلّمت واحد و كلّمه و فهمناه الوضع , قرأت كلامكم كلّه بس انتم شلون ما حسّيـتوا على اللي صار ! هذا دفن جثّـه مو بس قتلها و بالخيام يمّكم شلون لا طارق و لا انتم حسّيـتوا ! ,
طالـت ثواني الصّـمت , طال سكوتهم على عين دهّام اللي يتوقّع كم الفجعه اللي صابت قلوبهم لذلك يصبر عليهم ، طُرق الباب يدخل منه البراء ينطق بـ " السلام عليكم " خلفه عذبي يقفّـل الباب و يتجاورون على كنبه وحده يسمع البراء ردّهم و يتساءل مباشره : وش صار ؟ ،
مسـك دهّام بالملف يسمع سؤال عذبي بعد البراء : جثّة من ؟ من المذبوح ؟ ,
رفـع دهام نظره لهم يرفع كتوفه يأشرّ على الملف : الحين بأشـوف ,
ناظر عزّ همام اللي يناظره بذهول من اللي سمعه و من الأسئله هو نطق يعقد حاجبيه : ما تعرفونه ؟ ,
ارتكـزت الانظار عليه بصوره اربكـته و بصوره تركته يجوّب نظراته بينهم يقرأ كلّ شعور بهم واضح و اتنهدّ يفهم انهم ما يدرون لذلك لفَظ يجاوب أسئلتهم : عبدالمحسن ,
سـكنت ملامح عذبي يرتخي جـسده يمسح على ملامحه يتمتم بـ " لا حول و لا قوّة الا بالله , لا حول و لا قوّة الا بالله إنا لله و انا اليه راجعون " يناظر البـراء اللي عُمّ صمته حتى على اصوات عقله يلتفت لدهّـام اللي فتح الملف يتأكّد , فتحه يقرأ الاسم من جديد تلين ملامحه بلاشعور هو ما اتوقّـع الاسم و ترك الملف يناظرهم امامه يجمّـع كفوفه : مب صاحيين , مب صاحيين ذول ! ,
حنى عزّ نظره ليدّه , لمرفقه بالكامل يـشوف آثار الحرق , تجاعيد الحرق ما ينسى اليوم و لا ينسى الالم هم سوّوا به كذا , هم احرقوه و احـرقوا ضلوعه و الحين واحد منهم قُتل من قـبَلهم يستغرب ؟ لا , هو ناظر البراء اللي نطـق بـ : اعوذ بالله منهم , اعوذ بالله منهم وش نيّـتهم ذول ؟ وش كانت نيّتهم يوم يذبحون واحد من جماعتهم و يدفنونه بخيام عذبي ,
رفـع دهّام حاجبه يتعوّذ منهم داخله ينـطق بالاحتمال الاكيد بباله : نيّـتهم يورّطون واحد بجريمه مثل ما ورّطوا محمد , امّا عذبي او همّـام لان الخيام لعذبي و همام كان موجود فيها هم يدرون اكيد بس لحسن الحظّ ان عذبي كان معنا و قبلها مسافر و همّام كان معه عزّ يشهدون له ,
عقد عذبي حاجبـيه يعدّل جلوسه , يعدّل و يردّ البراء له ظهره للخلف يوسّـع عيونه يحذّره على نفسه : و خلَف ؟ ,
أخـذ دهام نفس عميق يوقـف من مكانه : خلَف الله يسّلمك بالمستشفى , منعوا عنه الاكل و الشّرب يومين لاجل يفقد وعيه و طاقته و لا يتورّط و يكون الجرم عليه ما اذّوه هم ما يبونه , يبونك انت و همام ,
رنّ جـوال عذبي و رفـعه يناظر الاسم , يناظر المُنتظر من ساعات يضعفّ قلبه , يشتم يومه , حاله و الوضع اللي هو فيه لانه ابعده عنها و لا كلمته بكلّ مره ما تصير معها يناظره البراء , يقرا الاسم بجواله يـوقف مباشره ينطق لهمّام : همّام وصّـل عذبي لبيته , خلّه يرتاح ,
رفـع عذبي نظره للبراء يهزّ راسه بنفي : بأجلس معكم , وين ما تروحون و وين ما يجدّ جديد وياكم انا ,
اتنهـدّ البراء يبيّـن ضيقه يناظر دهّام اللي سحب الملف و وقف قُـربه : ما من جديد اليوم , حنّا خلّنا نستوعب اللي صار و القديم و يصير جديد ارتاح انت اليوم و ريّح من سفرك ,
ناظره عذبي دون كلـمه هو وقف بعد وُقـوف الجميع و بعد ما قرّب منه همام كونه يدري بحاله : يلا بوخـلّي ريّح , مشينا ,
مـشى عذبي دون كلمه هو رفـع نزّل جـواله يدخلّه جيبه يخرج يقفّل الباب خلفه و اوّل خطـوات همام سحبه البراء من ثوبه يهمس له بقلق : تراه تعبان ! تعبان ي همام حسّيت به حرارة بكن ما ودّي اوسوس ممكن من الشمس و الحراره , بس انتبه له و انتبهلك معه ,
هزّ همام راسـه بزين يخرج يلحقه , التفت البراء يناظر عزّ اللي قام كان يبي يخرج لولا كلمته اللي وقّـفت اقدام خطوته : انتظر انت عزّ , انتظر شوي نحتاجك شوي ,
قرّب مـنه دهام يناظر البراء و ابتسم لانّ صادفته نفس الفكره , صادفته نفس الخُطّة و الضروري انه يصير : تعجبني ي عمّي , تعجبني يلا مشـينا ..
_
صـعد بعده بالمصعد يترقّـب كل حركاته , يتفحّص تعبه ودّه يقـرّب منه يتطمّن لكن رفض عذبي لحاله واضح اشدّ الوضوح من انّه بكلّ مره تترنّح خطوته هو يتمسّك بالجدار , بكل مره يفقد توازنه هو يمدّ يده يصدّ همام عنه و الحين بالمصعد اوّل دخـوله هو سند ظهره مباشره ينتظر الوُصول , ينتظر شـوفها و كلمته لها تتم ما يبي اكثر منها , ما يبي اكثر من وُجودها معه و وُجوده معها ما يحسّ باقدامه , ما يحسّ بحـواسه , رؤيه غير واضحه , اصوات غير مفهومه و محاولة صـمود قائمه للحين على نفسه بالالم , بالتّـعب و الشدّه يُفتح باب المصـعد و يخرج منه يمرّ من ابواب عديده , يمرّ و ينسى وُجوده بجهّـه مخالفه لمكانه ما وقّـفه الا همام اللي نطق له باستغراب : بوخلّي وين رايح ؟ ,
التفت له عذبي بلا ايّ كلمه , بلا ايّ نظره هو يسمعه فقط و لا يدري جوابه من اخذ نظره لدرب اقدامه و رجع يناظر همام اللي اشّر له : من هنا حنّا مب من هناك ,
لان لونـه اختفى , لان نظراته معدومه و افعاله معدوده يطول سـكونه بصوره مُرعبه قرّب منه همام يمسك به : تعالي , تعال معي آخذك انا ,
سحب يدّه منه , سحبّ ذراعه بالكامل منه يمشي فقط ما يقول الكلمه ما يدري ايّ باب , ما يدري وين محطّة وقـوفه المفروضه الا من سبق خطواته همام يوقّـفه يحط مفتاحه على الباب ما يفتحه ينطق بـ : افتحه و ادخل انا شويّـات و جاي ,
عقد عذبي حاجبـيه لازال داخله يقلق , لازال يتخوّف من كثير اشياء و لا ينسى اللي صار اليوم يخاف عليه هو مسك ذراعه يردّه او يحاول بالاصح : وين رايح ؟ ,
اخذ همّـام نفس عميق يمسك بجيـبه : شوي و اجيكم , خلّك لا تطلع من عندنا ,
ارتـمت يدّه مباشره عن همام اللي اخذ خطـوتين يبتعد عنه يناظره من البعيد من دخـل لاجل يتطمّن عليه هو وقـف بعد ما اتخوّف عليه من نسيانه للجهه , للغرفه هو خاف عليه من انه ما يدخل الا انّـه دخـل يجاهد نفسه لاجلها , يجاهد حياته يتمسّك بها و بطـيفٍ يمرّ امامه بغيابها ما يسمع حسّـها , ما يسمع حسّ هو فقط يشوف الهدوء امامه و السّـكون ترك المفتاح على الطاوله يمـشي فقط يمشي كان يبي يدخـل الغرفه الا انّ جسده تصادم معها يشهّـق قلبها و عيونها خـوف تناظره تميّـز و رفعت يدها لصدرها تتنهدّ تبتسم : خوّفتني ! توك جـيت ؟ ,
يـشوفها هيّ فقط , يـشوف بياض روبها و بلّل شعرها , بلل ملامحها و عيـونها الوسيعه ، نديّ اهدابها و ابتسامتها تجبره على ثـبوت جديد و جهاد اكثر يشدّ على نفسه اكثر ترتبك منه , ترتبك من نظـراته المُتعبه , شعره المبعثر , ثوبـه اللي ازراره مفتوحه و اكمامه المشمرّه ، وقـوفه ثابت ما يتحرّك من مكانه , ما يسمح لها تخرج و لا تدخل لذلك رفـعت يدينها المبلله للحيـته تبتسم : شكلك و انت مبهذل حلو ! بس ابي البس ادخل انت انا البس و اجيك ,
ماكان منـه تعبير , ثباته مُخيـف لكنها ما تتحسّس شيء من بروده كفّـها المبلل تبتسم فقط له تطول ثواني نظره بها , تـطول ثواني وقوفه الى ان اخذّ كـفّها يشدّ عليه هي ارتعش قلبها منه عليه , ارتعشّ تدري ان يومه ماكان سهل قُرب ابوه ترجفّ مشاعرها , يرجف قلبها و كفّـها وسط كفّه تناظره برجـاء لاجل ما تبكي , لاجل حاله ما يبكّيـها هي تبيه يرتاح ما يبي آخذ همّها معه اكثر : عذبي ! ادخل شوي و اجيك بس البس ما اتأخر عليك اصلًا انا ابيك اكثر منك ,
كان شادّ على يدّها , ما يتركها يتعّـبها , يعذّب داخلها ما يسمح لها بتفكير صحيح و لا بشعور الا و فاضّ بها لكنها مُجبره , مُجبره و لا تبقى على حالها هذا الحين ما تدري وش ممكن يصير و لا تدري متى يجي همّـام و يدخل للشقه لذلك رفعت هيّ فكّـكت شدّ اصابعه عنها تتجبّـر ابتسامه ثغرها بعدها : الحين اجيك عذبي , الحين اجيك ,
لان جـوفها ماعاد سكَن , لان اطرافها ما وقّـفت رجفه هي شدّت على روب استحمامها تمشي عنه تتركه بوُقـوفه , تتركه بتعب جـوفه , لهيب صدره و شبّيـب ضلوعه هو ماعاد به طاقه يروح به تفكيره لابوه..
•
قراءه ممتعه 🤍
أنت تقرأ
تواضعي ي مغترة الأهداب ⚔️
Romansaالبِـــداية ؛ أجيَــالٌ بَـعد أجيَــالُ , قِــصة تتـرك لـها أثَــر , أثَــر يتحمـله الطّـفل البــريء , عـداوات تجـتَمع علــى شَـخصٍ بَــريء , حِــقد و جَــزع ظَــالم يُــفسد بَــراءّة و سُكُــون جسّد , جَــسد يَبـحَثُ عَــن عِــلاجه , وَ عِــلاجه هو...