صوت صرير خفيف معبر عن إنفتاح قفل الزنزانة ، جثة ضخمة شعر مصفف للخلف ، طغت عليه خصلات من الشيب ، قميص زيتوني وبنطال من نفس اللون ، تفوح منه رائحة التبغ ، لست أبالغ إذا ما قلت أنها سبقته ، هالة شبه معدومة توحي أنه جندي عادي أو حارس زنزانة كأعلى تقدير ،
تقدم خطوتان للأمام وأمسك برصغي بين قبضته"أتركني__"نبست بين أسناني معبرت عن حقدي ، إلا أنه حشر يده في جيب بنطاله متبوعة بإخراجه ، "أصفاد ؟ " نطقت والدهشة تعتري ملامحي إذن قرروا بالفعل سيتم نقلنا لا محلالة ،
قيد يدي و كذلك قدمي ، "تقدمي ليس لدينا اليوم بطوله ! "
تحركت دون إعتراض ليس خوفا ، فأنا إصتأصلت مشاعر الخوف من جذورها ، وإنما بدافع الفضول ، فأنا أريد معرفة ما ستؤول له الأمور ،
واصلنا المشي حتى وصلنا لقاعة ضخمة ، تحتوي مركبات نقل بكافة الأصناف ، طائرات حربية ومدرعات ... ،
لاحظت أن القاعة قربت على الإمتلاء ، أطفال شيوخ ، رجال ونساء ، كلهم من نفس قريتي،
يعاملوننا كالحيوانات ، يصتصغروننا ،" أوغاد " نبس ذلك الأشقر صاحب العيون الحادة ، بيجامة قطنية وقميص فحمي ، شعر مبعثر وأنف نازف ، زرقة خفيفة بجانب شفته اليمنى ، دليل على تعرضه للكمة من قبل أحد الحراس ، شعر مبعثر ،
ذلك الشقي" أرون__! " صرخة مكبوتة غادرت حلقي ، مايزال حيا ،
" أجوان___ ؟ " نبرته تعبر عن الدهشة التي تعتري تقاسيم وجهه ، هو حتى لم يحاول إخفائها ، أتفهم شعوره ففي النهاية مصيرنا معروف ، سيتم نحرنا كما تنحر الخرفان ، وهذا قطعا مسألة وقت ،
تركه الجنديان ليصقط على ركبتيه من كثر التعب ، قطرات العرق التي تتصبب على مستوى جبينه ، صوت أنفاسه المتقطعة ، لا يدل سوى على الجهد الذي بذله في سبيل مقاومة
الأوغاد،لينطق بصوت شبه مسلوب "أمسكوك أيضا ؟ ماذا عن الخالة رين ؟" كان كلامه موجها لي ، أحسست أن لساني إنعقد على ذكر سيرة أمي ، وهو لاحظ هذا ، فرمقني بنظرة متفهمة ، إلا أن الحقد يتربع فيها ،
لطالما كان هاكذا أرون الصبي المشاغب ، في طفولته وحتى في شبابه ، عصبي كتوم ، إلا أنه أفضل صديق ، أو لنقل صديقي الوحيد في تلك القرية الموحشة ،
" هيا إصعدو للشاحنات واحدا تقوى الآخر لا نريد تضييع الوقت ___" قطع حبل أفكاري ،صوت ذلك الكونت الفاسد ،
"هه_صرت أراه أكثر من رؤية إنعكاسي على المرآة ___" ، نبست بسخرية معبرة عن إحتقاري له
"إنها سخرية القدر أجوان__ القدر الذي لم يترك فرصة إلا وحطمنا فيها __" ، قالها صاحب الشعر الأشقر والإنكسار بادي على ملامحه ، ملامحه التي كانت دوما تدعوا للتحرر ، وكأن روحه سلبت من جسده ، صراحة أنا لا ألومه فبعد بضع دقائق ، ستسلب أرواحنا جميعا ،
أنت تقرأ
~لَعٌنِةّ آلَغُآجّ~
Fantasyتسأل نفسها ماذنب ذاك الذي ولد منبوذا لما كتب عليها الفناء ليعيش الغير....لما عليها الإطفاء ليشتعل الغير ... لما عليها الإحتراق ليبصر الغير.... فمابال الدنيا تطعنها كلما حاولت النهوض .... فمابال تلك الروح تتآكل ... فمابال الحياة وهي تسلب أغلى ماتم...