p2

57 6 28
                                    

  صوت صرير خفيف معبر عن إنفتاح قفل الزنزانة ، جثة ضخمة شعر مصفف للخلف ، طغت عليه خصلات من الشيب ، قميص زيتوني وبنطال من نفس اللون ، تفوح منه رائحة التبغ ، لست أبالغ إذا ما قلت أنها سبقته ، هالة شبه معدومة توحي أنه جندي عادي  أو حارس زنزانة كأعلى تقدير ، 
 
تقدم خطوتان للأمام وأمسك برصغي بين قبضته

   "أتركني__"نبست بين أسناني معبرت عن حقدي ، إلا أنه حشر يده في جيب بنطاله متبوعة بإخراجه ، "أصفاد ؟ " نطقت والدهشة تعتري ملامحي إذن قرروا بالفعل سيتم نقلنا لا محلالة ،

قيد يدي و كذلك قدمي ،  "تقدمي ليس لدينا اليوم بطوله ! "

تحركت دون إعتراض ليس خوفا ، فأنا إصتأصلت مشاعر الخوف من جذورها ، وإنما بدافع الفضول ، فأنا أريد معرفة ما ستؤول له الأمور ،

واصلنا المشي حتى وصلنا لقاعة ضخمة ، تحتوي مركبات نقل بكافة الأصناف ، طائرات حربية ومدرعات ... ،

لاحظت أن القاعة قربت على الإمتلاء ، أطفال شيوخ ، رجال ونساء ، كلهم من نفس قريتي،
يعاملوننا كالحيوانات ، يصتصغروننا ،

" أوغاد " نبس ذلك الأشقر صاحب العيون الحادة ، بيجامة قطنية وقميص فحمي ، شعر مبعثر وأنف نازف ، زرقة خفيفة بجانب شفته اليمنى ، دليل على تعرضه للكمة من قبل أحد الحراس ، شعر مبعثر ،

ذلك الشقي" أرون__! " صرخة مكبوتة غادرت حلقي ، مايزال حيا ،

" أجوان___ ؟ " نبرته تعبر عن الدهشة التي تعتري تقاسيم وجهه ، هو حتى لم يحاول إخفائها ، أتفهم شعوره ففي النهاية مصيرنا معروف ، سيتم نحرنا كما تنحر الخرفان ، وهذا قطعا مسألة وقت ،

تركه الجنديان ليصقط على ركبتيه من كثر التعب ، قطرات العرق التي تتصبب على مستوى جبينه ، صوت أنفاسه المتقطعة ، لا يدل سوى على الجهد الذي بذله في سبيل مقاومة
الأوغاد،

لينطق بصوت شبه مسلوب "أمسكوك أيضا ؟ ماذا عن الخالة رين ؟" كان كلامه موجها لي ، أحسست أن لساني إنعقد على ذكر سيرة أمي ، وهو لاحظ هذا ، فرمقني بنظرة متفهمة ، إلا أن الحقد يتربع فيها ،

لطالما كان هاكذا أرون الصبي المشاغب ، في طفولته وحتى في شبابه ، عصبي كتوم ، إلا أنه أفضل صديق ، أو لنقل صديقي الوحيد في تلك القرية الموحشة ،

" هيا إصعدو للشاحنات واحدا تقوى الآخر لا نريد تضييع الوقت ___" قطع حبل أفكاري ،صوت ذلك الكونت الفاسد ،

"هه_صرت أراه أكثر من رؤية إنعكاسي على المرآة ___"  ، نبست بسخرية معبرة عن إحتقاري له

"إنها سخرية القدر أجوان__ القدر الذي لم يترك فرصة إلا وحطمنا فيها __" ،  قالها صاحب الشعر الأشقر والإنكسار بادي على ملامحه ، ملامحه التي كانت دوما تدعوا للتحرر ، وكأن روحه سلبت من جسده ، صراحة أنا لا ألومه فبعد بضع دقائق ، ستسلب أرواحنا جميعا ،

~لَعٌنِةّ آلَغُآجّ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن