p16

33 3 13
                                    

.
.
.
"أفَتَضنُ أنِکْ أجّبًرُ وٌأطْغَﮯ مًنِ شَيْطَآنِ عَآشِقْ .... أفُأقُسِمً لَکْ بًشُرفُ قُبًيَلَةّ آلَنَآبً لَأقتٌلَنِهّآ قَبْلَ أنْ تَخطُوَ خُطْوٌةّ لِتَحْريرهّآ .... وٌأرفُعٌ رآيَةّ آلَعٌشُقُ آلَأبًدٍيَةّ .... لَأخِطِ بًدٍمًهّآ مًلَحًمًةّ عٌشُقُيَ عٌلَﮯ صّخِوٌر آلَحًمًيَمً فُيَ يَوٌمً آلَحًسِآبً .... "

«رسِآلَةّ عٌآشُقُ»
.
.
.
.
.
.
.
      إبتلعت الغصة التي تكون في حلقي.... وشددت قبضتي على فلة كبدي التي تتشبث بي بيأس.... حاولت التماسك قدر الإمكان إلا أن كل هاذا تداعى عندما نطق بصوته الأشبه بشحذ المعدن "لَأّ أحًدٍ يِّؤذيِّ بًنِيِّ جّـلَدٍتٌـنِأّ وٌيِّنِجّـوٌ ..... مًصّـيِّرکْ أّلَمًوٌتٌـ وٌمًنِ يِّقُربًکْ دَمًأّ .... سِـيِّنِﺰلَ عٌلَيِّکْ سَخَطِ عٌشُـيِّرتٌـ أّلَنِأّبً ...."

.
.
.
.
.
.
.

    هنا فقط أدركت أنني لست ندا لعشرية كاملة من الجان.... مددت يدي أسفل السرير وإلتقطت قارورة من ماء البحر المالح.... نثرتها حول صاحب الشعر المموج بشكل دائرة ونهرته بحدة"لاتخرج من هنا وإلا ستقتل... "

    أومئ لي بخوف لأحمل ما تبقى في القارورة وأركض متجها للطابق الأرضي إلا أنني شعرت بيد خشنة تنتشلني من ساقي لأرتطم بالحائط....

    تحركت يداي بسرعة لأحاوط نفسي بدائرة  ضيقة من ماء البحر.... لأسمع زمجرة غاضبة يليها صداع حاد إخترق رأسي بشدة....

   أمسكت بسلسال الصليب المتدلي في عنقي بقوة وأغمضت عيناي.... بدأت بتحصين نفسي بالتلاوة....

    إنطلقت صرخة أخرى أشد من الأولى جعلت أذناي تفيضان دما.... إلا أنني لم أتوقف بل زدت من صوت آياتي لتحل كوقع الطبول في سينفونية الوداع هذه....

   إختلط صوت آياتي بصراخ ذلك الكيان... وكلما صرخ... كلما زاد الصداع..... إلا أنني توقفت بل تجمدت مكاني... عندما سمعتها...

" دُورُوكْ حبيبي   توقف __"  كانت هي.... كانت بلقيس... كان صوتها..... كانت هيئتها....

   نهضت من مكاني وسرت نحوها بعينين دامعتين... ولم أدرك وقتها أنني تخطيت دائرة الملح أو ربما أدركت ولم أهتم.... أردت ضمها أردت لمسها...

   ها أنا ذا يفصلني عنها إنشات... تقلصت المسافة بيننا.... نطقت بصوت باكي وعينين تحترقان شوقا "بلقيس..."

   تردد صدى إسمها كالهمس في الغرفة.... إتسعت إبتسامتها لتصبح أعرض فأعرض..... تحول ذلك النمش الخفيف لجرخ غائر على مستوى وجهها..... عيناها اللتان كانتا نقيتين هاهما الآن محجران فارغان.... تحول وجهها القمري لوجه نازم أشبه بالشمع الذائب..... سال القيح من كل ركن منه...

  نطقت بصوت مبحوح خشن"إنه خطأك.... أنت من دمرتني..... أنت من جعلني أبدوا هكذا... "

   مددت يدي لألمسها وأنا أهز رأسي نفيا إلا أنني توقفت.... فعلا كان خطئي.... أنا سبب موتها... أنا سبب معاناتها.... لقد تحققت النبؤة ودفعت بلقيس روحها ثمنا لذنبي....

   أمسكت رأسي بكلتا يداي وضغطت بقوة أحاول كتم الأفكار التي تخترق مجال إبصاري.... أغمضت عيناي وتكورت على نفسي أضم ساقاي لصدري....

    إغتصبت ذكريات تلك الليلة واقعي.... وعالمي.....تدافعت الوقائع لتغير موضع نظري...
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
« آلَخِآمًسِ مًنِ کْآنِوٌنِ آلَثًآنِيَ »

     ليلة ماطرة وشوارع خالية.... صوت قرع عجلات سيارة .... على نتوئات تلك الطريق المعبدة....

   أسندت رأسي على ضهر المقعد لأحصل على قسط من الراحة فمن يدري كم ستراودني الكوابيس بعد هذه الليلة....

     إندفع جسدي للأمام بسبب غرق إحدى عجلات العربة في بركة موحلة.... فتحت الباب المعدني وجثوت قرب السائق أستفسر الوضع لينطق بهَمٍ "آسف يا قداستك.... لقد كسرت العجلة هل تود الإنتظار__"

   قاطعته بنفاذ صبر "إسمع أنا لن أنتظر أكثر من ذلك يكفيني أنني إنتظرت شهرا كاملا حتى توافق الكنيسة على أن أباشر عملي في طرد هذه الروح...."  

   لم أنتظر ردا وحملت حقيبتي الجلدية وأسدلت قلنسوتي مخفيا خصلات شعري الفحمي لتظهر خصلات لحيتي الخفيفة.... سرت بخطوات متسارعة وأنا عازم على إنهاء الكابوس الذي يؤرقني.....

   بعد قرابة النصف ساعة من السير..... وصلت لمدخل منزل طيني متداع بعيد عن باقي البيوت المحيطة به.....   

      مددت يدي لأطرق الباب إلا أنني وجدته مفتوحا..... بل وجدت القفل المعدني محطما..... تكونت عقدة بين حاجباي ودلفت بخطوات حذرة وأنا أمسك سلسال الصليب بقوة.....

   بدئت بتحصين نفسي بآياتي المقدسة وعزمت على صد تلك الروح وإن تأخر رفاقي..... خطوت أول خطواتي في ذلك المنزل الذي لايعتبر غريبا علي فقد سبق وأن زرته قبلا....

   في مثل هذا اليوم الممطر.... وفي مثل هذا الوقت..... هنا حيث ترجتني تلك الطفلة أن أخلصها من ذلك الكيان المتجبر بها..... هنا حيث غزت القشعريرة أضلاعي.... هنا حيث نطق بصوته الخشن الأقرب لشحذ المعدن....

   هنا حيث تحداني وبقيت عاجزا عن ردعه....

  تناولت شمعة كانت معلقة عند المدخل ومن كم الشمع الذائب على الأرضية فقد أشعلت منذ زمن قصير.... وضعتها أمامي ومشيت مهتديا بنورها....

   قادتني قدماي لغرفة سبق وأن زرتها ما إن أبعدت دلفة الباب حتى أوقعت الشمعة من يدي لتنطفئ فورا بعد ملامستها لبركة الدماء الموجودة هناك...

    وقبل أن يخمد ذلك الفتيل منحت لحظات لترسم أبشع صورة في مخيلتي... طفلة ذات السابع عشر عاما بمحجرين خاليين و رقبة ملوية محشور بها سكين مطبخ حاد.... فم مشقوق من الأذن اليمنى لليسرى ببراعة.....

    صدر مفتوح يظهر أعضائها الداخلية..... وقطعة كبد مقضومة ملقات بإهمال في إحدى أركان القاعة.... أمعاء متسربة.... ودم نازف.....

   كل هذا وذلك الكيان الشيطاني يقف فوقها وإبتسامة صفراء تحتل محياه...
هنا فقط إخترق تهديده ذهني.... هنا فقط تذكرت كلماته فتصنمت مكان  "أفَتَضنُ أنِکْ أجّبًرُ وٌأطْغَﮯ مًنِ شَيْطَآنِ عَآشِقْ .... أفُأقُسِمً لَکْ بًشُرفُ قُبًيَلَةّ آلَنَآبً لَأقتٌلَنِهّآ قَبْلَ أنْ تَخطُوَ خُطْوٌةّ لِتَحْريرهّآ .... وٌأرفُعٌ رآيَةّ آلَعٌشُقُ آلَأبًدٍيَةّ .... لَأخِطِ بًدٍمًهّآ مًلَحًمًةّ عٌشُقُيَ عٌلَﮯ صّخِوٌر آلَحًمًيَمً فُيَ يَوٌمً آلَحًسِآبً .... "

«رسِآلَةّ عٌآشُقُ»
.
.
.
.
.
.
.
.
.

~لَعٌنِةّ آلَغُآجّ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن