شـآبتر الثّالث عشّر
هـّجران الـروح لمـّولاها
كـّان يومّا ممطـّرا من أيـّام أكـّتوبر الجميـّلة ، فزّينت الأرّصفة بحّبات من ثـّلج نقـّية ببيـّاضهـّا و بجـّانبهّ ورّيقات ذّبلتّ لتنمـّوا
بمكـّانهـّا ورودّ أجمـّل و أشدّ عبقا ،تّقفّ فـّلور الابنة الكبـّرى أمـّام منـّزل السيدّ رويّ و تـّرن الجـّرس منذّ ثـّواني قّليلة حتى
تفتحه كلير غلوري التي ما إن رأتّ فلور أمامهّا حتى كّشرت بّغضّب و كـّادت أن تـّغلق البـّاب لولاّ يدّ الأخيرة التي منعتهـّا ،
قـّالت بلهجة محذرة و بـّاردة
ـ هلّ عمي روي موجود ؟
قطّبت كلير و رفّضت أن تخبرها بـأي شيء ، فقدّم سيدّ روي من الخّلف لينظر ناحية فلور باستغراب ؟
ألّيس جوناثان الآن يّرفضّ أنّ يكلمه ؟ مـّا سبب وجودّ ابنته هنا إذّن ؟ و لمّ تطّل فلور من تساؤلاته بلّ قـّالت بتهذيب
ـ عمي روي لقدّ أرسّل والدّي فيّ طّلبكّ لرؤيته وجها لوجهّ،
ـ مـاذا ؟ إذّن لمـّا لم يّرسل بذّلك عـبّر الهـّاتف ؟
ـ لا أعلمّ لمـّا لا تـسـأله بنفسكّ حين تّصل ؟
فكـّر معـّمقا فيّ السبّب الذّي قدّ يجـّعل السيدّ جوناثان يتـّحدث معه مـجددا ؟ فـّجون ذوّ كبـّرياء عـّالي و إنّ أراد سوف
يّرمي بّصداقتهم المتينـّة أدّراج الـّرياحّ من أجلّ كـّرامته و لنّ يكون السببّ جيـدّا لكنهّ دّخل لكيّ يـّحضّر أشيـّاءه وسطّ نـظرّات كلير
المعـتّرضة ، قـّالت بـحدة تـّكلم فّيها فـّلور اللامبّالية
ـ لمـاذاّ لا تتـّركوننّا و شـأننـّا ؟ أنتـمّ كّكلابّ بالـّرغم منّ أنّ أصّحابها يّطردونها إلا أنها تـّعود بذلّ لتـّلعب بأذّيالهم من
حـّولهم
رفـّعت فلورا نـظرّها إلى كلير ببّرود و قدّ بدا أنها تـّمسك أعّصابها كيّ لا تتـّهور لكنّ فيّ النهاية لم تسّتطعّ أن تـّبقى محافظة على
هدوءها لتمدّ يدّها ناحية رّقبة كلير و تـّدفعها إلى الجـدّار الذّي خلّفها بكل قـّوة ، اقتربت منها بغضبّ و النيّران مسـّعرة تـّجول بـّكل
قّطرة في دمّها لتـّتحدثّ بنبرة مخيّفة
ـ جرّبيّ أن تـّقولي هـذاّ مجدداّ لأريكّ ما الذي يّمكن للكـّلاب أن تـّفعل إنّ أرادت أن تـّنقلب على أّصحابها
ثمّ دّفعتها لتـّسقطّ أرضّا بإحتـّقار و كره حيّن أتى العـمّ روي مسّرعا و لمّ يلحـظ تـّلك المعـّركة التي حـدّثت تـّوا منّ أفكـّاره العـّميقة
اتجـّاه صـّديقه ، تـّبعته فـّلور ببـّرود و هي تـّرمق كليرّ بّسخرية شديدّة ، كـأنهّا تـّقول أينّ قّوتك التيكنتّ تتّسلحين بها ؟/
قـّصر آل لبيّر ، الذّي شيدّه الـزمن جمـّالا تلفه الورودّ من جميـّع الأنحـّاء و تعـّلوه أشجـّار ذّات نسيّم عليـلّ ، فّي أحدّى غـّرفه الكثيـّرة بالطـّابع الثـّانيّ
، كـّانت ذّات ديكور يـّختلف عن القّصًر اختلافـّا تامـّا و جـّو ، فالرياح عاتية تهب مزمجرة فتلطم نوافذّها فـّاتحة إياها و أبوابهـّا مغلقة إيـاها مصـّدرة
صوتاً مخفياً ترتعد له الفرائص ، بدء المطر ينهمر بغزارة ؛ و الأنواء تنطّفئ و تعـّود للانـّارة كمـّا لو كـأنها لـّعبة الغمضة ، برد قارص يزلزل الإقدام
ذّلك الـّجناحّ ذو الجـدّران الـسّوداء الـداّكنة و الفـّارغ الموحّش ، ذات السقف الخشبي الرائع والمرسوم باليد والذي يعطي بعدا أعمق ورقي محددا مقياس
هذه الغرفة وكذلك إحتوائها أنتيكات فرنسية وقطع أثاث مطبوعة بنقوش حيوانية و سـّرير واسـّع صّنع بواسطة خشب الماهوغني يشد الانتباه ،
السجاد التابستري جميـّل ينمي عن ذّوق رفيـّع ، مستلقـّيا على الـسّرير و فيّ حـّضنه حـّاسوبه المحـّمول بينمـّا يده التيّ زّينها بّساعة كبيـّرة من
المـّاركة المشهورة رولكّس تخـطّوا على لوحة التـّحكم بـّكل سهولة ، قطّب ثمّ تنهدّ و هو يـّفركّ رقّبته من التعبّ ، فجـأةّ فتحّ بابّ الجنـّاح
ليدّخل جـدّه فقـال نايت ببرود
ـ ما الأمر ؟
تقدّم الجدّ بيتر منه ثمّ جلّس على الـّسريرّ بجـّانب نايتّ اللامـّبالي و قال مباشرة محدُّثـا إيـاهّ و نبرة الصـّرامة تعـّلو كلاماته
ـ ماهي خـطّتكّ هذه المرة نـاّيت ؟ ما الذّي تريدّه بحق السماء ؟
احتدّت نـظراتهّ الموجهة نحو جدهّ بشـكّل مخيّف و ارتفـّع حـّاجباه دّلالة على النكـّران بينمـّا تـّقوسّت شفتيه بـّعبوس ، ليكمل بيتر حديثه
ـ أريدّ أن أعلمّ ما إنّ كنت استعملت تلك الفتاة كتمويه لكّي لا تـّلبي لي طّلبي ؟
تنهدّ نايت بغّيض عندّما علمّ الموضوعّ و أكمـّل الكـّتابة مجيـّبا جده
ـ و لماذا انت حانّق هكذا ؟ ألست أنت من تـريدّ زواجي بـأي طّريقة كـّانت ؟ لقدّ أخبرتني و بّكل وضوحّ سـّابقـّا و أنا أقّتبس منكّ
' أريدّ منكّ أن تتـّزوجّ مهما كـاّنت الفتاة أريدّك أن تـّعيشّ حيـّاتكّ '
هـزّ الجدّ بيتر رأسه بـّعدم رضي ثمّ أشـار على نايتّ بحنقّ و هو يقـّول يـائسـا
ـ لكن لا أراكّ متغـّيرا، عندما أردّت منك الـزواجّ ذّلك بـّقصدّ أن تتـغير و تصبّح إنسـّانا أن تشـّعر أكّثر و تحّب و تـّثق بالنـّاس
لا أن تبقى منغـّلقا على نفسكّ
لمّ يتحدّث نايتّ فـرمقه جده بـّاستنكـّار ثمّ وضـّع يدّه على كتفه و قـّال بتسـاؤل
ـ الا تـّحبهـا ؟ مـاري ؟
ابتسمّ بسخرية شديدّة ، يحّبها ؟ فتاة مثـّلها ؟ بلهـّاء و غـّبية ؟ حمقـاء لدّرجة الجـّنون ؟ تّصّف نفسها بالمتـّرصدة
و تعيشّ في عـّالم الأحلام ؟ تـّبحث عن فـّارسّ أحلامهـّا و تـّغّضب عندّ تـّقبيلها ؟ أي إمرأة هذه ؟ أجـّابه
ـ أجـّل ، أنـّا غـّارقّ فيّ حبّها تمـّاما و أريدّ الـزواجّ منهـّا
ـ أنـّا أنتـظّر إذّن ، و متى قدّ حددّت موعدّ الزفـّاف إذن ؟
ـ قـّريبـّا جداّ ، أقّرب مما تتصـّوره
صمتّ الجـدّ على مضضّ ، لا يـدّري لما لكـّن دائمـّا إذا كان موضوع الحـديّث نايتّ فإنهّ يّحّاول فّهم المـّعنى خلف كل كلمة يّتفوه بها
إلا أنّ محاولاته دائما ما تبوء بالفّشل بينما قـّال نايت ببّرود غير مهتم لشّرود بيتر
ـ لديّ رحـّلة عـملّ بـعدّ سـّاعة لذا أستـأذنكّ
وقف الجدّ بهدوء و خـّرج ، لقدّ طرده بـّطريقة مبّاشرة متى .. متى سيذوب هذا الجليدّ ؟ هز رأسه بـّأسى و هو
يهمس لنفسه
ـ أخـّاف أن يستمر للأبدّ
أنت تقرأ
لا يجب قول لا لفخامتك
Romancechanez الكاتبة رواّيتي يـّغلبّ عليهـّا الطـّابع الـرومانّسي الإجتمـّاعي ، يتخـّللهـّا الـقّليل من الكـّوميدّيـا و بّضعة بـهاراتّ من الـواّقع أحـّم أعـّلم أننّي سيـئة في تـّرك الأنطـّباع الـجيـدّ لـكّن .. أحـمّ سـأكونّ ممتـّنة للـحّصول على بـّعض ال...