دعّوة لّلموتّ غّزى أركانّ حفّلة فلادمير ، هذاّ كان العّنوان الرئيسيّ فيّ كلّ قّناة صّباح اليّوم المواليّ و مقّالة مسّلية
وردّ فيهاّ أخّبار عنّ جميّع الضّيوف و أحّوالهم الرديئة ، بينماّ و بدّاخل ذلكّ المستشفى قد نقّل إليه أغّلبية المصّابين
أصّبح مشّهورا فكاّنت جميّع الصّحافيينّ يّقفون خلفّ أبوابه بّإنتظارّ خروجّ أحدّ المشّاهيرّ ،
فيّ أحدّ الغّرف العّديدةّ عنـدّما قّررتّ أخيّرا أنّ تّفتحّ عينيهاّ الواسعتينّ و هـذّه المرةّ قدّ عكسّتاّ مدىّ الفّراغّ الذيّ تشعرّ
به نـظرّت حّولهاّ، غّرفة بيّضاءّ خـّاليةّ منّ أيّ شيء سوّى رائحّة المعقماّت و صّوت دّقاتّ قّلبهاّ احتلّ ذلك الجّهاز ليعلن
استمرارها بالعيش فّحاولت تحريكّ قّدميها للمغادرة لكنهاّ لم تّشعر بهماّ قطّ ، كأنهماّ لمّ يّعودا جّزءا منّ جسدّها فاعتدلت
فّي جلستهاّ مستندةّ على الوسادةّ التيّ خلفها و رمقتّ قدّميها بّريبة شديدةّ تّخللهاّ خوفّ من المجهول ،
لتّعيد المحّاولة بّعزم فّاختل توازنهّا بعدماّ ركزتّ كلّ جهدها علىّ يدها اليمنىّ لتسقطّ أرضّا علىّ وجّهها تماماّ ، رمشتّ مراراّ
غيرّ قادرة على استيعابّ لماّ قدميها لا تستجيبان لأوامرهاّ ؟ لماّ هيّ هناّ ؟ و ما الذيّ قدّ حدثّ ؟
أغّلقت عينيهاّ محـّاولة التـذّكر ، لقدّ كانتّ فيّ حفّلة تنـكّرية بّرفقة عّائلة لبيّر ثمّ .. ثمّ دّعاهاّ شّابّ ماّ لرقصّ و وافقّت لكنّ لما ؟
نـّايت .. أجلّ نايتّ و إليزابيثّ ، كايّل إنفجاّر و الحريقّ اللهبّ الذيّ رفضّ أنّ يّخمدّ أخيرّا تلكّ المرأة التيّ ضحتّ بّحياتهاّ من أجّل
حّمايتهاّ ، عندّما أوشكتّ الأثريةّ علىّ الوقوعّ عليهاّ سارعتّ بّالركضّ ناحيتهاّ غيرّ آبهة بّإنقاذّ نفسهاّ
عندّها رأتّ نفسهاّ مستلقيةّ على الأرضّ فيّ تلكّ القّاعة و الكلّ يركض من حولهاّ بينما كانّ ذلكّ البابّ الفولاذيّ يّعيقها من التقدّم
و هوّ يؤجج نيراناّ لاسعة على قدميها ، صّرخاتّ كايلّ مطاّلبا إياهاّ بّعدم الاستسّلام و محاّولاته العديدةّ لإنقاذّها ، ثمّ مغادّرته لجلّب
المسّاعدة حينهاّ اقّترب اللهبّ منهّا أكثّر، شهقتّ بّخوف و أخـذتّ تّصرخّ بّرعب و هي تحـّاول الوّقوف مبتعدّة عنّ النيرانّ لكنهاّ
لا تنفكّ الاقترابّ منهاّ أكثّر و أكثّر ، صاحتّ بهستيرية و هيّ تزحفّ
ـ لاّ ، لاّ لا تقّتربيّ .. أبتعدي عنيّ ، لاّ
علىّ صوتّ صّرخاتها المستغيثةّ فتحّ بابّ غّرفتها بّقوة ليّظهر منّ خلفهّ حراسّ عدةّ يترأسهمّ فرانسواّ الذيّ اتسعتّ عينيه بّصدمة
فّتدارك نفّسه و ركضّ إليهاّ لّيحاول رّفعها معيداّ إياها إلىّ مكانهاّ لكنّ بدى كماّ لو كأنها لم تكن واعية لما يحدثّ من حولهاّ ، بلّ
بدى كماّ لو كأنهاّ ليست ماريّ نفسهاّ المبتسمةّ البّشوشة فأخذتّ تّصرخ و تصّرخ و لمّ تتوقفّ بلّ دفّعتّ فرانسواّ و عادّت تسقطّ علىّ
الأرضّ فّتقدمّت منهاّ ممرضّة بّعدّ أنّ ضغطّ فرانسواّ على زرّ مستدّعيا إياهاّ و برفقتها سوزيّ ،
كادّ أنّ يمسكّها مجدداّ لكنهاّ صّرختّ بّنبرة مّذعورة لتختبئ فيّ زاوية التيّ ما بينّ السريرّ و دولابّ واضّعة يدّيها علىّ أذنيهاّ و تستمرّ
بالأنينّ دونّ أنّ تدعّ لأحدّهم فّرصة بلمسهاّ أوّ حتىّ التحدثّ معهاّ ،
حـّاول الثّلاثة أنّ يعيدّوها إلّى السّريرّ أو أنّ يستعملواّ حقّنة على الأقّل لكنّ بقوة غّير طّبيعية اكتسبتها كانت تستمّر فيّ دّفعهم بعيداّ
و هي تصّيحّ أنّ النيرانّ في كّل مكانّ ، نـظرّ فرانسواّ إلّى الممرضة التيّ بدّت مرتبكةّ و لمّ تّعلم ما الذيّ قدّ تفعله لّيساعدّ فيّ تثّبيت
ماريّ فّعادّ فرانسواّ يّرفعها بّقوة و ثّبتها علىّ السّريرّ صّارخاّ بحدةّ
ـ سوزيّ أمسكّي ذّراعيهاّ بسرعةّ
نفذتّ سوزيّ مطّلبه بالّرغم منّ الخوفّ الذيّ أصّابهاّ فحّقنتهاّ الممرّضة بّإبرة مخدّرة لتتّوقفّ تدريجّيا عنّ المقاومّة ، شعرهاّ البنيّ
حولّ وسادّتها و بّشرتها الشاحبّة من سوء التغذّية بينماّ هناكّ دموعّ جاّفة علّى وجنتيهاّ ، فتحتّ عينيهاّ الزجاّجيتين بإرهاق شديدّ
لتّعود إلىّ ماريّ القدّيمة فّنظرتّ من حولهاّ باّحثة عنّ شيء ماّ و همستّ لفرانسوا بّنبرة متعبةّ
ـ أنقذّه فرانسوا ، إنه يريدّ الانتقام منه
ثمّ غفتّ ، تنهدّ فرانسواّ بّأسى و كادّ أنّ يغادّر الغّرفة عندّما لمحّ كـّايلّ يقفّ أمامه و يبدواّ مصدوماّ منّ ردّة فعلّ ماريّ الجنونيةّ ،
قـّال فرانسواّ بحدةّ
ـ سيديّ أرجوّا المعذّرة لكّن هلا غـّادرتّ ؟ فالآنسة مارّي بحاجّة إلّى الراحّة ،
أومأ كايل بالإيجاب و استدار عائدا أدراجه ، لقدّ قّال الطّبيبّ أنّ هناكّ صدّمة أصّابتها قبّلّ أن تفقدّ الوعيّ فما كانت هذه الصدّمة لتجّعلها
شخصّا آخر ؟ كما لو كأنها ّ ليست ماريّ تلكّ الفتاة اللطّيفة المطيّعة ، ما الذيّ حدثّ لها خّلالّ اندّلاع الحّريقّ ؟ أكانّت النيرانّ سببّا
أمّ هناك شيءّ آخر يدّفعهاّ لّرغبةّ فيّ الاستمرارّ بهذّه الغيبوبة ؟ فـزفرّ بكلّ استنكاّر و عـّاد ينظرّ من حوله عندما لمح من طرفّ عينيه
وجودّ نايت قد كان الأخير مستندا على الجدارّ و ذّراعيه بجاّنبه بينماّ يبدوا وجّهه شاحباّ بّشدة ، لابدّ أنه رأى ردةّ فعل ماريّ تواّ لقدّ كانتّ
فتاة لاّ أحدّ يعرفهاّ خاّئفة و متعبة لا تثق بأحدّ ، نـظرّ إليه بّبرود ثمّ تحدثّ بنبرة سّاخرة
ـ ماذاّ ؟ ألن تذّهب لرؤية إليزابيثّ ؟ أو لستّ تحبّها ؟ أمّ يّعقل أن منـظرّ ماريّ صنعّ بّقلبك الفولاذيّ عقدةّ من الذّنب ؟ لا أصدقّ هذاّ
حدقّ نايتّ به بّنظراتّ ناّرية حاّرقة ، فّحتى فيّ أصّعب المواقفّ لاّ يزال كايلّ يسردّ دّعاباته فيّ الأرجاءّ و لوّ أنّ روحه الفكّاهية منعدمةّ ،
تجّاهله بكلّ برود متجّها إلىّ الغـّرفة حينماّ تحدثّ كايلّ مجدداّ بّحرقّة و ألم
ـ بالرغمّ من أنكّ لم تّظهر يوماّ حبّك لهاّ إلاّ أنك كنتّ أول منّ تبحث عنه و هيّ فيّ أشدّ لحّظاتهاّ خطّورة ، و لوّ أنكّ لا تستحقّ ذلك
سّار بخطّوات هادئّة مرّهقة فيّ الردّهة تّاركا خلفّه نايت و الصدمة تّغزوا وجّهه ، لوهلة من الزمنّ تذّكر اعتّراف ماري ، كانتّ نبّرتها
تشبّه نبرة كايلّ توا لقدّ كانتّ متألمة و حزينةّ لدّرجة لاّ تصدقّ فكيفّ جعّل منها كاذّبة ؟ كيفّ لم يّؤمن بّقولها الحقيقة حينها ؟ هلّ أعمىّ الانتقام
بصيّرته إلى هذه الدّرجة ؟ ألمّ يّعد يّفرق بينّ المخادّع و الصادقّ بعد الآن ؟ تخللتّ أنامله خصّلات شعره الأسودّ الحريريّ بّكل عّصبية، ما الذيّ يحدث له ؟
أليسّ هدفّه واضحاّ و نصبّ عينيه ؟ لا يجبّ عليه أن يّشغل عّقله بّأمور تافهة مثلّ هذهّ ففي النهـّاية ماري لن تبقى إلى جانبه للأبدّ و هذّه
مجردّ مسرحية يّقومان بّتمثيلها، لاّ يهمّ إن كانت تحبه أو تكرهه ماّ دامتّ تنفذّ دورها على أكملّ وجه ، أيضاّ لديّه أشياءّ أكثرّ أهمية تسترعيّ
انتباههّ كمنّ هذاّ الصحافيّ الذيّ يّعرف بّأمر الـ 500 ملّيون دّولار و كيفّ له الجرأة لكيّ يهدده أمامّ الملأ ؟ لا يعقلّ أن يكون مجردّ رجلّ
ماّ فلابدّ أن تكونّ لديه أذرّع خفية تّحركه و إلاّ لما تّجرأ على الوقوف أمامه ،
أغّلق فرانسواّ بّاب الغـّرفة و كـّاد أنّ يكمل سّيره لولا منـّاداة نايتّ لهّ فّإتجه ناحيتهّ و الاحتّرام باديّ علىّ وجههّ إلّا أن هناكّ القليلّ
من الشّفقة نطقّت بها عينيهّ ، تحدثّ نايت بنبرة بّاردة
ـ لمّ تسنحّ لي الفرصّة بّأن أسّألك، هلّ أمسكتّ بذلك الرجلّ ؟
ارتبكّ فرانسوا لأول مرّة و انحنىّ بكل لبّاقة و أسّف شديدّ ، شاعّرا بّالإحراجّ لفشّله فيّ مهمته فأجـّابه بّكلّ احراج
ـ أناّ أسفّ سيديّ أفلت منّ قّبضتنا بعدّ أن تمتّ مهاجمتناّ من عّصابة ماّ ، لكننيّ تمكنتّ من معرفةّ هويته سيديّ ،
إنهّ وريث شركة جونسون
احتدتّ ملامحّ نايتّ بّكل عصبيةّ و شحبّت بشّرته بشدةّ كأن قّلبه قدّ توقف عن النبضّ ، بينماّ ظهرتّ نـظّراته الحاقدّة المنتقمةّ ليزدادّ
لون عّينيه دكنة و غموضاّ ، همسّ من بين صريرّ أسنانه
ـ لاّ تخبرنيّ أنّ لديمتري عّلاقة بالأمر ،
تّردد فرانسواّ ثمّ أومأ بكلّ أسفّ ليشتمّ نايتّ بّصوتّ عاليّ و قدّ فقدّ أعّصابه ، ديميتري يّعلم بأمرّ الـ 500 ملّيون دّولارّ ؟ كيفّ ذلك ؟
إنّ تسرب الأمرّ لصّحافة فسوفّ يخسرّ ترشحه الذيّ عملّ طوالّ خمس سنينّ الماضية لنيّله ، أيّعقل أن فكرّة حفّلة التنكريةّ فقطّ لتهديده ؟
لكنّ كيفّ له أنّ يصلّ إلى قصرّ فلادمير و هو نكرة ؟
عـّاد يّشتم بّحدة بّلكنة غّريبة ذاتّ لغّة ماّ فّشعر فرانسوّا بالدّهشة ، بهذّه اللحـظّة نايت يبدواّ مختلفاّ بشدةّ كأن الوحشّ النائمّ بدّاخله قدّ
استيقظ ، فّاستدارّ نايت و سددّ قبّضة قويةّ ناحية الجداّر شّاتماّ ، همسّ فرانسوا له بّتوتر
ـ سيدي هلّ أفهم من تصّرفك أنّ الصحافيّ ما كانّ إلاّ مجردّ تلهية ، إذّن ما كان السببّ الحقيقّي خلفّ إضرام النار في الحفلة ؟
كانتّ نـظّرات ناّيت حاّرقة نـّارية تكادّ تلتهمّ كل شيءّ حولهاّ بينماّ شفتيه تنطقّان بّشتائمّ عدةّ لا تتوقفّ منذّ لحظةّ سماّعه إسمّ شركة
جونسون ، أليسّ الأمرّ واضحاّ ؟ ديميتري يّريد إعادة اللعبة و هـذه المرةّ بّقوانين جديدة تّخوله قّتل أيّ شخصّ يّقف بطريّقه ، و لا يهم
كيف ما دام الأمرّ يّساعده للوصول إلى غايته ، محـو نايت من هذا العالمّ
أنت تقرأ
لا يجب قول لا لفخامتك
Romancechanez الكاتبة رواّيتي يـّغلبّ عليهـّا الطـّابع الـرومانّسي الإجتمـّاعي ، يتخـّللهـّا الـقّليل من الكـّوميدّيـا و بّضعة بـهاراتّ من الـواّقع أحـّم أعـّلم أننّي سيـئة في تـّرك الأنطـّباع الـجيـدّ لـكّن .. أحـمّ سـأكونّ ممتـّنة للـحّصول على بـّعض ال...