البارت87

122 8 0
                                    

كشف الأقنـعة

منذّ الـبداية لم يكن الأمرّ متعلقا بالمـالّ و لا النفوذّ بقدر ما كانّ له عـلاقة بالكبرياءّ و الانتقـامّ ، تـلكّ الأفكارّ التي غـرزت فيّ عـقله طـوالّ
حياتهّ نبـذّ الجميعّ له و وفـاة والدتهّ أسبابّ عـدةّ و لا تحصى تجعله لا يتغاضى أبداّ لا ينظر للخلفّ و لا يّعيد قـرارّه مرتينّ يـعلم أن ما يـفعله
خاطئّ و أن هـذّه ليست الحياة التيّ يريدهاّ لكنّ أسـبابه خطاياهمّ التيّ ملأتّ دنياهّ تـجعله يستمرّ للأمامّ غيرّ مباليا بسعادته ..
نـظرتّ إلى نفسهاّ فيّ المرآة شـعرّ بنيّ طويلّ مموجّ ذوّ خصلاتّ ذهبيةّ فيّ نهايتهّ ترتديّ ثّوبا أزرق داكنّ حريريّ انسدل على جسدهاّ بكل عفوانية
بشرتهاّ البيضاءّ و شفتيهاّ الورديتينّ إلىّ جانبّ ابتسامتهاّ الـرقيقةّ ، عينيهاّ الواسعتينّ اللتانّ إزداد بريقهماّ بدتّ كشخصّ مختلفّ للغايةّ قدّ اندمجت
أخيراّ مع أجواء القصر كيف لا و هي تعتبر سيدة من أسيادهّ ، مدتّ أناملها لتلمسّ تلكّ القلادة التي قدمها لها نايت سابقاّ قبلّ حفلة فلادميرّ ثم
ابتسمتّ بخفةّ متناسية تلكّ الذكرياتّ التي تلتّ أمسيتهاّ
عـبرتّ الـرواقّ بخطواتّ هادئةّ ثـمّ الـدرجّ لتجدّ نفسهاّ بعدّ ذلكّ أمامّ بـاب المؤدي إلى القـاعة الـرئيسيةّ و الذيّ كان مفتوحاّ على وسعهّ تنهدتّ و
أخذتّ نفساّ عميقاّ ربماّ لا يجدرّ بهاّ الذهابّ أو الـخروجّ من غرفتهاّ حتىّ فّحالتها الصحيةّ فيّ تدهور ملحوظّ و ربماّ لن تكون قادرةّ للوقوفّ كثيراّ أو
الابتسـامّ لكنهاّ لن تعرفّ قدرتهاّ ما دامتّ لم تحاول بعدّ ..
استـدارتّ للخلفّ عنـدماّ انتقل إلى مسامعهاّ نـداءّ أليكساندرّ لهاّ كيّ تجدّه يقفّ علىّ بـعدّ داخلّ القاعةّ مرتدياّ ملابس رسميةّ فابتسمتّ لاّ إرادياّ و هيّ
تتجهّ نحوهّ قدّ نستّ توترهاّ لمّ تدركّ جميع تلكّ الأعين التيّ اتجهتّ نحوها فورّ دخولهاّ ، قـالت بنبرةّ سعيدةّ لم تستطعّ إخفائهاّ
ـ أليكس لقدّ أتيت ظننتكّ لا تحبّ الأماكن المكتظة ؟
بـنظرةّ متفحصةّ شـاملةّ ألقاهاّ أليكساندر علىّ الأشخاصّ الذينّ حولهمّ معـظمهم قدّ التفت لكيّ يستطيعوا لمحّ ماريّ بشكلّ أفضلّ قدّ تعالتّ الهمساتّ
عليهاّ لتأخذّ كطبقّ مقبلاتّ قبلّ وصولّ الوجبة الرئيسيةّ ، أمسكّ أليكس يد ماريّ و هو يرمقّ أيّ شخصّ تتجه أنظاره نحو ماريّ بحدةّ أليستّ همساتهمّ
عـاليةّ قليلاّ ؟ هزتهّ من كتفه بّخفة و هي تتحدث بّقلق بعدّ أن أدركتّ حجم خطورةّ ظهور أليكس للعيانّ
ـ أليس هذاّ خطيرا ؟ أليكس ربماّ يجدر بكّ العودةّ ..
أومأ أليكساندر بالنفيّ لاّ أحد هنا يعلم هـويته الحقيقيةّ حتىّ ماري بنفسهاّ لا تعلمّ ، اكتفى برسم ابتسامةّ خفيفة على شفتيهّ و جـذبّ كأسّ عصيرّ إلى
فمه قـائلاّ بخفة
ـ لاّ على الإطلاقّ ، لا أشك بأن ديميتري سيحظر حفـلة مثل هذهّ لذلكّ لا داعي للقلق ..
أصدرتّ ماري آهة تدلّ على استيعابهاّ الأمرّ هيّ لا تعرفّ ديميتري جيداّ لكن إن كان أليكس من يقول ذلكّ فلاّ مجالّ للقلقّ أو الـشكّ أخفضت رأسهاّ
تلعبّ بواسطة أناملها على حافةّ كأس العصيرّ الذيّ أخذتّه من الطـاولةّ التي بجانبهاّ ثمّ تنهدتّ بّثقل هذّه الأجواءّ تجعلها تشعر بالتوترّ دوما جالت
بعينيها بينّ المدعوينّ فلمحتّ من بـعدّ إليزابيثّ تقفّ معّ مجموعّة من الأشخاص و هي تـنظر ناحيتهاّ بّسخرية ، ترتدي ثوباّ أحمر اللون قصيرّ يصل
إلىّ ما بعد ركبتيهاّ و رفعت شعرهاّ الأسود على شكلّ ذيلّ حصان كانّ مواكبة للموضة بطريقتهاّ الخاصةّ تلفت الانتباه نحوهاّ كعادتهاّ أوقعتّ نصفّ
الشبابّ بّغـرامهاّ ، على عكسّ ماريّ فهي تحملّ الجمالّ الجريء الصاخبّ ..
رمقتهاّ ماري بحدةّ بعد ذلك أشاحتّ وجهها بعيداّ و هي تـتعمقّ أكثرّ فيّ القـاعة بجانبّ أليكساندرّ قدّ كان يتحدثّ حـولّ لعبة جديدةّ أثارت اهتمامه حيث
قد رأى زميلا له يحملها عندماّ أتتّ سوزي مـسرعةّ ناحيتهاّ حال وصولهاّ قالت بنبرةّ متوترةّ
ـ سيدتيّ ، لقدّ غيرت السيدة إليزابيثّ جميعّ الحراسّ القـدامى و استعانت بحراسّ جددّ قاموا بمنعّ الآنسة فلورا و الآنسة غلوري من الدخولّ إلى القصرّ
لم يستجيبوا لأوامري أيضاّ هلّ أقوم بإرسالّ حرسنا لتأديبهم سيدتي ؟ ما هي أوامركّ ؟
رمشتّ ماريّ بعدم استيعابّ إذ أن كلماتّ سوزي كانتّ سريعةّ للغـايةّ مليئة بالتوترّ و لأولّ مرةّ يتم فيه الاستعانةّ برأيهاّ لاّ بل بأوامرهاّ قطبتّ حاجبيهاّ
مفكـرةّ ثمّ رفعتّ ثـوبهاّ و هي تسيرّ للأمامّ خلفهاّ سوزي و أليكساندرّ اللذانّ تبعاهاّ دونّ اعتراضّ غـيرّ مدركةّ لحجمّ البلبلةّ التيّ تنجمّ عن كلّ تصرفّ
تفعلهّ ، بـعدّ فترةّ كانتّ تـقفّ خارجاّ تماماّ عـندّ البـوابة الـرئيسيةّ قدّ لا زالّ المدعون يأتونّ ، نـظرتّ من حولها إلىّ الحراسّ أجلّ كلّ هذه الأوجه كانتّ
جديدّة عليهمّ جميعاّ يبدوا أن غـاية إليزابيثّ ليست مجرد ّحفلة تـكريمية و إنماّ أكثرّ من ذلكّ بكثيرّ
دون أن تضطر للبحثّ عنّهما انتقل إلى مسامعهاّ صوتّ فلوراّ الحادّ الغـاضبّ فاستدارتّ مسرعة إلىّ أين كان ذلكّ الصوتّ لتجد أختهاّ الكبرى تـرفع
كميّ قميصهاّ القطنيّ و هي توشكّ على دخول فيّ شجارّ معّ الحارسّ غيرّ آبهة بحجمهّ أو طـوله فيّ حين كانتّ كليرّ تسحبهاّ بعيداّ قدّ اكتسى وجهها
حمرة طفيفةّ قد شعرت بالإحراجّ لتسببها كل هذه المشاكل ، تأوهتّ ماريّ بألم من تصرفات فلوراّ الجامحةّ بينماّ تنهدت سوزيّ بّأسى لما كانت تشعر
بالقلق في البداية ؟ إن فلورا قادرة على الإطاحة بعشرّ رجالّ دون تدخل أحدّ ..
تـقدمتّ منهم ماريّ بهدوء ثمّ وقفتّ أمامّ أولائكّ الحراسّ رفعت خصلات شعرهاّ بعيدا عنّ وجههاّ و هي تتحدثّ بنبرةّ هـادئةّ بـاردةّ
ـ ماّ الذيّ تفـعلونه لضيوفي ؟
تـوقفّ الحارسّ عنّ محاولةّ فيّ طردّ فلوراّ و نـظرّ الكلّ إلىّ ماريّ بينماّ ابتسمتّ فلورا بانتصارّ في حين قطبّ الآخر حاجبيه بعدمّ استيعابّ ملابسهاّ و
ملامحهاّ تدل على أنها من الطبقةّ الـراقيةّ أيضاّ تواجدّ سوزيّ خلفهاّ التي كانتّ ترتدي ملابسها الرسميةّ للعملّ المكونة منّ تنوره وّ سترةّ سوداءّ اللونّ ،
تحدثّ حارسّ آخر غيرّ الذيّ كان يمسكّ بفلوراّ قائلا بلهجة حادةّ
ـ و من تـكوني أنتّ لتتدخليّ ؟
نـظرتّ إليه سوزيّ بحدةّ قدّ آثارت لهجته الساخرةّ الغيرّ لبقة غضبهاّ فـأخرجتّ هاتفها من جيبهاّ لكيّ تضغط على زرّ ماّ قدّ بدتّ أعصابها بالغليانّ ما الذي
تحاول إليزابيثّ فعله ؟ متى تسنى لهاّ الوقت فيّ تغيير الخدم ؟ و ما غايتها من إقامة هذه الحفلة فيّ هذا الوقت من السنة ؟ رمقتهّ ماريّ بهدوءّ قبل
أن تبتسمّ بـرقة و هي تشير على نفسهاّ قائلةّ
ـ إنني آسفة لكونيّ وقحـةّ ، كيفّ لي أن أنسى التعريفّ عن نفسيّ يـال سخفيّ أرجوّ المعذرة .. أدعى ماري لبير زوجة نايت
اتسعت أعينهم بصدمةّ أقالتّ تواّ زوجـة نايت ؟ ذلكّ الشيطان بنفسهّ لكن كيفّ يعقلّ هذاّ ؟ إنهاّ تبدوا مختلفة للغـاية عنّ الإشاعات التي تدور حولهاّ
بدتّ رقـيقة بسيطةّ وّ هادئةّ إن أصح ّالقـولّ بريئةّ ربماّ ، هماّ لا ينسبان بعضهما على الإطلاقّ لاّ هذاّ مستحيلّ قد تكون مجردّ كذبة قالتهاّ من أجلّ
إدخال صديقتيهاّ للحفلةّ ، أكملتّ ماري كلامها بإبتسامة
ـ أنـا لا أريد أن أسببّ المشاكل لذا من فـضلكم هلاّ تـركتموهما يّمران ؟ إنهماّ ضيوف ليّ
نـظرّ الحـراسّ إلى بعضهمّ البعض بترددّ أتقول الصدقّ أم هي كاذبة ؟ حتىّ لو كانت كلماتها حقيقةّ فإن إليزابيثّ أخبرتهمّ أن ينصتواّ لأوامرها هيّ و
وحدهاّ فقطّ لذلكّ حتى لو كانتّ هذه المرأة فعلا زوجة نايتّ ليست عليهاّ سلطة تخولّ لهم الإنصات لأوامرهاّ فتقدم أحدهمّ للأمامّ قائلاّ بهدوء
ـ أرجوا المعذرة سيدتيّ لكنّ نحن لا نستطيع أن ندع أحدا يمر دون دعوة هـذه الأوامر واضحةّ للغاية لا مجال لخرقهاّ ..
أصدرتّ ماري آهة تدل على استيائهاّ و نـظرتّ إلىّ فـلوراّ التي التزمت الصمتّ كذلكّ كليرّ لاّ سلطةّ لها علىّ هؤلاءّ الحرسّ إن هذاّ واضحّ عنـدما
تقدمت سوزي للأمامّ و هي تتحدث بنبرة حادةّ إذ لم تحتملّ معاملتهمّ لسيدتها
ـ أنتّ تحدث بإحترام فيّ حضور من هم أعلى منكّ أيهاّ الوغدّ ، السيدة ماري بّنفسها تقفّ أمامكّ تطلبّ منكّ بّلطف أن تدع ضيوفها يمرون بينماّ أنت و
بلاّ أيّ لباقة ترفضّ طلبها ؟ أتـريد الموت يا هذا ؟
لم تكن تريد أن تسبب أي مشاكل خلال هذه الأمسية من أجل تجنب أعين الصحافة التي تلتهم سيدتها لكن لن تقدر علىّ الصبر أكثرّ هذا تمرد و
إليزابيثّ تخطط لشيءّ ما عدم علمها به يثير قلقها أيضاّ حتى لو حاولت ماري إخفاء الأمر فتدهور صحتها واضحّ لهاّ يجدر بها حمايتهاّ و هذا من
أولوياتها القصوىّ ، قبلّ أن تقوم سوزي بـحركة أخرى مدت ماري ذراعها لي تمسكّ بمعصمها قـائلة بابتسامةّ
ـ أعـلم أن طلباتي لا تـسر عليكمّ لكن دعونا لا نفسد الحفلة من فـضلكم ، دعوهما يمران فأنا لا أريد فعلا أن ألجأ لأسلوب آخر ..
لمّ تتغير ملامحهم قد بدى عليهم التصميم الشديدّ عل تنفيذ أوامر إليزابيث حرفيا فتنهدت ماري بأسى و هي تـعود بأنظارها إلى سوزيّ ، إنها لا تريد
التسببّ بأيّ شيء يلفت أنظار الصحافة إليهم يكفيهم مصائب لكن أمرّ كونهم يتجاهلونهاّ فعلا يحبطها هي لا تتوقع معاملة الملوك إنها من العامة
في النهاية غير أنها تريد فقط السلطة التي تخولها حماية من تريد قبـل أن تقدم على أي شيء وضعّت يد على كتفهاّ لكي تستدير إلى الخلف قد رأت
كايل يقف مرتديا بذلته الـرسميةّ ، قـال بنبرة مستغربة
ـ ما الذي يحدث هنا ماري ؟
خصلات شعرّه البنية مرفـوعةّ للأعلى بعناية عينيهّ اللتانّ تحدقان فيّ الحراسّ بحدةّ ابتسـامتهّ المرحةّ ، نـظرتّ إليه ماريّ بّفـرحة صحيحّ أن كايلّ
يعتبرها عدوة الآن لكنه الوحيد من يستطيع أن يحل سوء الفهم هـذاّ لذّا و لا إرادياّ أمسكتّ بذراعه قـائلة بابتسامة
ـ كـايل سأكون ممتنة لو أن الحراسّ تـركوا فـلورا و كلير يدخلون للحفلة ..
قطبّ كايل حاجبيه بـاستنكار ثـمّ نـظر إلى فلورا التي تمسكهاّ كلير كي لا تتدخلّ بينما سوزي تقف مستعدةّ لشجارّ غـير مبالية بأجواء الحفلة و أخيـرا
إلى أليكساندر الذيّ ينـظر من حوله مراقباّ المدعوين قد بدى عليهّ الإنزعاجّ نـقلّ عينيه لماريّ المبتسمة بـخفة بعدّ ذلكّ قـال بنبرةّ بـاردةّ موجها
كلامه للحراسّ
ـ لقد سمعتموهاّ ..
انحنى الرجال بـتهذيب مغـادريّن الموقعّ فزفرت فـلورا بغيض و هي تتـجه نـاحية ماريّ خلفهاّ كليرّ ، مرت من جانبه سوزي قد رمقتهّ بحدة إذ بدى
واضحاّ أنهاّ لا توافق على تصرفاته أبداّ ثم سـارت للأمامّ و هي تنحني بإحترام
ـ آنساتي أرجوا منكنّ أن ترافقنني سوف أعدكم للحـفلةّ ،
زفـرتّ فـلورا بـغضبّ ما بال الجميعّ كلما أرادت أن تتفوه بشيءّ سبقها أحدهم للكلامّ ، هي لا تريد الدخول إلى هذه الحفلة أو الحـضور على الإطلاق
إذ أن هذه الأجواء لا تناسبها كلّ ما تـريده هو حديثّ بسيطّ مع أختهاّ فقطّ قبلّ أن تعترضّ سحبتهاّ كلير خلفها و هما يرافقان سوزي بينما فضل أليكساندر
البقاء إلى جانب ماري التي ابتسمت بـخفةّ قـائلة بامتنان
ـ شكرا لك كايل ..
نـظرهاّ إليها لوهلة من الزمن ثم فتح شفتيه لكي يقول شيئاّ ما قد بدى متردداّ للغـاية إذ أنه سرعان ما غير رأيه لكي يبادرها البسمةّ ثمّ بخطواتّ سريعةّ
استدار مغـادرّا بسرعة إلى أحد الـرجال الواقفين على بعد منهم قد كانوا ينتظرونهّ حينهاّ تـنهدت ماري بإرهاقّ ما الأمر مع هذه الحفلة ؟ منذ لحظة
دخولها قد عانت المشاكلّ يبدوا أن هـذهّ الحفلة لن تمر مرور الكـرامّ ، مدت يدها لكي تمسكّ يد أليكساندر قـائلة بهدوء
ـ لنـذهب ..
بـعدّ فتـرة كانتّ تـقف مجدداّ في القـاعة الـرئيسية بينّ المدعوين بدى عليهاّ الملل و الإرهاقّ الشديدّ كم تـريد أن تستلقي في سريرهاّ أن لا تستيقظ أبداّ
تنهدتّ بـقلة حيلة و نـظرتّ من حولها ، إليزابيث تتحدثّ مع مجموعةّ من الأشخاصّ من لباسهم الرسمي يبدوا أنهم يابانيون الأصلّ أما كايل فيقف
على مبعدة عنها يتبادل أطراف الحديث مع العديد من رجالّ الأعمالّ ،
يبدوا كمؤتمر لرجال الأعمال أكثر من كونه حفلة تكريم هـذاّ ما فكرت به ماري و هي ترى كل تلك الموافقات و كل تـلك المبادرات التي تحدثّ حاليا
قـبلّ أن تلمح من بـعد قـدوم فـلورا كانت على خلاف نفسها القديمة تـرتدي فستانا أسودّ رفعتّ خصلات شعرها الأصهب الطويل على شكلّ وردة بسيطة
مرتدية الكعب العالي بجانبها كانتّ كلير تسير بهدوء بفستانهاّ الوردي المنفوشّ القصيرّ إذ قد اعتادت منذ صغرها على مثل هذه المناسباتّ ، رفعتّ
ماري يدهاّ بخفة لكي تـلوح لهما و هي تبتسمّ بلطفّ عندما اتتّ فلورا مسرعة نحوهاّ أمسكتها من ذراعهاّ قالتّ بنبرةّ حادة
ـ و أخيـراّ تـباّ .. ماري أريد الـ
قبـلّ أن تكمل كلماتهاّ قـاطعتهاّ كلير بـضربةّ خفيفة على ذراعها جعلتها تستدير ناحيتها بكل غضبّ قبلّ أن تلاحظّ إيماءاتها تـّخبرها أن تّؤجل حديثهاّ
لموعد آخرّ ثم أشـارت على ماري التيّ تنتظر من فلورا إنهاء حديثهاّ باهتمام قد إزداد شحوبّ وجههاّ رمقهاّ أليكساندر بـتوترّ كذلكّ فعلت سوزيّ عندماّ
قـالت ماري بّهدوء و هي تنـظرّ إلى سـاعة يدهاّ
ـ لقد تأخر نايت .. على كل حال ما الذي كنت ّتـريدين قـوله فلورا ؟ هل هناك شيءّ ما ؟
نـظرتّ إليهاّ فـلوراّ دون كلمةّ ثم أومأت نفياّ و هي تستأذن مبتعدةّ حينها تنهدتّ كليرّ بأسىّ ما الذيّ يحدث لها ؟ ماري تتصرف كما كانت تفعل دوماّ
بإبتسامة وّ لطـفّ يغدق نبرة صوتهاّ الـرقيقةّ ليسّ هناك شيءّ غريبّ فيهاّ فما الذي تراه فلورا قد تغير ؟ إنها فقطّ تـبدوا أكثرّ جمالا أكثرّ أنوثـة و أكـثرّ
رقياّ بدت من الـطبقة الـراقية هذا ما تنتمي إليه ، أيعقل اندماج ماري بهذا المجتمع يثير قلق فلورا ؟ لكن لما ؟ قطعهاّ سؤال ماري الـقلق نوعاّ ما
عن حبلّ أفكارهاّ
ـ ما الأمر كلير ؟ هل حدث شيء ما لفلورا ؟
ضحكتّ كليرّ بتوتر و هي تـنفيّ الأمرّ بكلتا يديهاّ لو قالت ما يجول بخلدّ فلورا لسوف تقتلها الأخيرة دون تـرددّ يستحسن أن تدع حـل المشـكلةّ بأكملهاّ
للفتاتين ففي النهاية هي ستبقى دخيلة لذلكّ فضلت عدم قـول شيء عن قلق فلورا لتغيرّ الموضوعّ قائلة بّابتسامة
ـ آه لقد جلبتّ لك ملاحظاتّ تخصّ محاضرات السابقة التي تغيبت عنهاّ و يبدوا أن توقيتيّ غير مناسب أبدا ، أنا أسفة ماري لم أكن أعلم أنه توجد حفلة
الـيوم و إلا لما أتيتّ
ـ لا على الإطلاق أنا من يجدر بها الإعتذار لقدّ أتعبتك معيّ .. شـكرا لك كلير
أنهت جملتها بابتسامة بسيطـةّ قد توردت وجنتيها إذ أنها ظلت تطلب من كلير المساعدةّ في كل شيء يتعـلق بالبحوث و الـدروس مما جعلها تشعرّ بالحرج
قليلاّ في حين ضحكت الأخرى بمرح هي تـضرب ماري بخفة شديدة على ذراعها قـائلة بنبرة مازحة
ـ ما دام قد تسنى لي الـحضور لحفلة مثل هذه فأنا أسامحكّ.. أعذريني الآن سـوف أذهب للبحث عن زوجي الـمستقبلي
نـظرتّ إليها ماري بعدم استيعاب و هي تـرى كلير تنصرف مسرعة بكل توترّ لماذا تشعر بأنهما تفاديانها ؟ هلّ حـدث شيء ما لا تعلم به ؟ قطبت حاجبيها
بإستياء قبل أن تلاحظ تـلك الأعين التي تتجه إليهاّ فابتسمت بخفـة لتلك النساء اللواتي يتهامسن حولهاّ إذ معظمهن يشرن نحوها هامسين هل تلك زوجة
نايت لبير ؟ يقال أنها من الطبقة العامة هـذا لا يصدق ، أليست تشبه سيدة سكارليت في تصرفاتها ؟ فاتجهت إليهن ماري بهدوءّ حالما اقتربت منهنّ
انحنت بـخفة بسمة رقيقة تعلوا شفتيها الورديتين قالتّ
ـ مـرحبا .. كيـف حالكن ؟
رمقتها النساء بصدمة قبل أن يستدرن مسرعات كي يغادرن فرمشت ماري لمرات عـدة أين أخطأت ؟ هل كانت طريقة إلقائها التحية أم أن ابتسامتها
كانتّ غير لائقة ؟ ربمـا طريقة سيرها نفخت خديها بإنزعاج كيف تستطيع أن تكسب المدعوين لجانبها هي أيضا بينما الجميع يتحاشى الحديث معها ؟
لما ذلك ؟ تنهدت و عـادت تسأل نفسها بنبرة خافتة قـلقة
ـ لقد تأخر نايت كثيرا ..
بـعد إنهائها لجملتهاّ فـتح باب القـاعة على وسعـه رفعت أنظارها ناحية القـادم قد ابتسمت لا إرادياّ على ذكـره ، عنّ بـعد كان نايت يسيرّ بـبرود رفقـة
حراسه بجانبه الأيسر ويليام أما فرانسوا فأمامه قد كان نايت يرتدي بـذلته الـسوداء الـرسمية تاركاّ ياقة عنقه مفـتوحةّ خصلات شعره الأسودّ انسدلت
بعشوائية على جبهته أما عينيه قد ازداد لونهما عمقّا و حـدةّ طـريقته فيّ الـسير ابتسامته الساخرة التي علت شفتيهّ أو حـديثه المنخفض الموجهّ
لويليام كـلّ شيء به جعـلّ كل من بالقاعة يلتفت نحوهّ قد ازدادت الهمسات حدةّ ، من أعلى رأسه إلى أسفل قدميه بـرودّ كـبرياءّ نبيلّ و نـظرة ارستقراطية
تزيده جاذبية وّ وسامة ..
حـال وصولهّ لداخل القـاعةّ بقي الحـراسّ خـارجاّ و قد انتشـروا بشكل غـريبّ أثار استغرابّ الكلّ بينما تـقدم فـرانسواّ مبتعداّ عـنه كـذلكّ فـعل ويليام رغما
عنه إذ لا يبدوا موافقا على ما يحدث لكنهّ فـعلّ ذلك على كلّ حـالّ في حين استمرّ نايت تـقدمه للأمامّ ، نـظرتّ إليه ماري باستفهام ألم يقل فرانسوا أنهم
في انتظار وفود ؟ أين هم الآن ؟ اتجـهتّ إليه بـهدوء رافعة فستانهاّ كي تسرعّ فيّ خطواتها دون أن تضطر لتعثرّ و دون أن يضطر لقول شيء عـلمتّ
ماري من فورها أنه غـاضب أجل غاضب بشدةّ حالما وصلت إليه تكلمت بابتسامة خفيفة تعلو شفتيها بينما نبرتها كانت قلقة للغاية
ـ نايت لقد تأخرت كثيراّ هل حدث شيء ماّ ؟
نـظر إليها نايتّ لوهلة بعينينّ حادتين داكنتين ثمّ إنحنى بخفةّ محتضنا إياهاّ فارتجف جسد ماري بأكمله لكنها حاولت السيطرة على دقات قلبها المضطربةّ و
هي تضمهّ أيضا بابتسامة قبلّ أن يتركهاّ همس فيّ أذنها بنبرةّ بـاردةّ
ـ افتحي عينيك جيدا ..
رمشتّ عدة مرات غير مستوعبة ما قاله لهاّ في حين ألقى نايت نظرة سريعة على كايل إذ بدت ملامح الصدمة واضحـة عليهّ يبدوا أن تواجده هنا قد فاجأه
مما يعني أن إليزابيث لم تعطه كل المعلومات عن الحفلةّ و ربما تواجده هنا هو مجرد تغطيةّ فيّ حين ابتسمتّ تـلك ببرود و رفعت يدهاّ ملقية التحيةّ عليه
ليس هناك مجال للخطأ إليزابيث تخطط لشيء ماّ أكبر مما يبدوا عليهّ ، في حينّ قطبت ماري حاجبيها و ألقت بدورها نظرة سريعة إلى حيثما كان نايت
يرفع يده ملقياّ التحيةّ بعدّ ذلك اتجه بخطواتّ كسولة إليهاّ ..
فيّ الجـهة الأخرى تماماّ للقاعة حيثما كانت إليزابيث تقف وسط مجموعة ما تتجاذب أطراف الحديث عندماّ وصل نايت رمقها بنـظرةّ حادة خـطيرة
جعلتها ترتبكّ لوهلة من الزمن لكنها سرعان ما تجاهلت ذلك و هي تـأخذ بذراعه قـائلة بنبرةّ مـرحة
ـ لقد تأخرت عـزيزي فقد بدأنا الحديث من دونكّ
سحب ذراعه بـبرود من بين أناملها ثم تـقدم للأمام نحو مجمـوعة الوافدة التي كان من المفترض أن تصل قبل ساعتين و الذي تم استقبالهم من
طرف حراس إليزابيث قبل وصوله لأنه رفض المجيء لحفلتها ، لم يكن ليعلم أي أحد منهم ما الذي حدث تماما فاكتفى نايت بإلتزام الصمت حول
هذا الأمر تنهد ثم ابتسم بهدوء و هو يصافحهم قـائلا بنبرة هـادئة مبحوحة
ـ أهلا بكم في لندن ..
تبادل مختلف الحديث معهمّ و هو يرمق إليزابيث بحدة التي كانت تقف بجانبه مبتسمةّ إنها تعلم جيدا الآن أنه يخطط للقيام بمشروع مع هؤلاء من
أجل كسب أموال لصالح الشـركة و الذي سيساهم من نسبة ارتفاع ترشيحه هو للمنصب لكنها لا تفعل شيئاّ هل هذا غباء منها أم مجرد غض نـظر
أو ربما لها غـاية أخرى من هذا ؟ لم يعد يفهم تصرفاتها أبدا في الآونة الأخيرة ، عـاد يتحدث مع أحدهم قد قرر تجاهل تصرفاتها الغـامضة لحين آخر ،
مر أحد الخـدم ثمّ قدم لهم عصائر مختلفة تلاءم أذواقهم جميعاّ بعد ذلك غـادر بانحناءة خفيفة
فيّ الجانب الأخر كانت فـلورا تقف تأكل بضعة مقبلات دون أي تعبير على وجهها لما تقدم منها ويليام مبتسما وضع ذراعه حـول كتفهاّ لكي تلتفت نحوه
بسرعة قد فاجأها تصرفه في حين قال هو بضحكة
ـ فـلورا تبدين جميلة لم أكد أن أتعرف عليك
احمرت وجنتيها خجلا من إطرائه فألقت كلمة شكرّ بنبرة هامسة و هي تعود لصحنهاّ بينما جلس ويليام على أحد الكراسي المنتشرة قد بدى عليه القلق
مراقبا تصرفات نايت الهادئة ، قال بأسى
ـ ذلك الرجل لا أفهم إلى متى سوف يبقى هكذا ؟ أنظري إليه فلورا لو أنني أستطيع ضربه فقط
جالت فلورا بعينيها إلى حين كان ينظر ويليام ثم قطبت حاجبيها بغير رضى إذ أن إليزابيث تبدوا غير مبالية بضيوفها فكل ما تفعله هو الاقتراب أكثر
و أكثر من نايت تاركة زوجها جانباّ بينما و بالرغم من أن نايت يتجاهلها إلا أنه لم يبعدها عنه إنها تشعر بالمرض فقط من مراقبتهما ، تحدثت بّحدة
ـ ما الذي يظن نفسه فاعلا ؟ و تلك الحرباء لماذا تلتصق به هكذا ؟ ماذا عن زوجها ؟ ويليام أمسك الصحن سوف ألقنه درسا و أعود ..
أمسكها ويليام من الخلف و سحبها نحوهّ بإنزعاجّ ثم أشار على الكرسي الذي بجانبه لكي تجلس فلورا بمضض دون رغبة مراقبة نايت عن بعدّ
لما يتصرف هكذا ؟ ألا يدرك أن أفعاله هذه تعكس سلبا على ماري ؟ تنهدت بأسى لما ليس بيدها فعل شيء سوى المراقبة ؟ لما لم تعد تستطيع
الحديث مع ماري كما كانت تفعل سابقا ؟ لما صار كل شيء صعبا ؟ زمت حاجبيها بأسى عندما قال ويليام بهدوء
ـ لست أفهم ما الذي يريد فعله بعد الآن و أنا صديقه الأقرب إليه ، لما لا يتوقف عن لعبة الانتقام هذه و يكتفي بما لديه ؟ أقسم لو أنني ..
أومأت فلورا بصمت موافقة لا أحد يفهم ما يجول بعقل نايت بعد الآن ربما سيكون من الصعب عليهم دعمه أيضاّ قد يكون مؤلما ، نـظرت فلورا ناحية
ويليام بأسى لما لا يكتفي أحد بما لديه ؟ أشاحت وجهها بعيدا ثم قـالت بنبرة مبحوحة
ـ يؤلمني أن أرى ماري تحاول جاهدة كسب حبه لكنه لا يوليها أي اهتمام .. لا أعتقد أنه يستحق حبها صـراحة ويليام و لا أريده أن يفعل ، ربما من الأفضل
لها لو أنها وقعت في حب شخص آخر أفضل ربما مثـلك أنت
اتسعت عينيه بصدمة بينما اكتفت فلورا برسم ابتسامة باهتة على شفتيها لن تبالي إن لم تكن هي من تفوز به ما دامت أختها تستطيع أن تتحر من قيود
حب نايت حتى لو كان على حساب سعادتهاّ بينما قطب ويليام حاجبيه لفترة ثم تنهد بقلة حيلة قائلا بهدوء
ـ لا أعتقد أنني الأفضل لها .. كمـا أنني معـجب بشخص آخر فلن استطيع مساعدتها حتى لو أردت
أصدرت فلورا آهة متوترة و قررتّ تحاشي بقية الحديث ، أقال أنه معجب بشخص آخر ؟ من يكون إذن ؟ هل هي فتاة ما من عمله ؟ أو ربما ممثلة ما ؟
عـاد ويليام يتحدث بإبتسامةّ
ـ هذه الحفلة مملة نوعا ما أليس كذلك ؟
أومأت بالإيجاب ثمّ نـقلت أنظارها إلى كلير التي تقف على مـقربة من فـرانسوا تمسك بذراعه تبدوا عليها السـعادةّ و هي تـطلب منه شيئا بينما تشير إلى
بقعة ما في حين الأخير يرفض التحرك من مكانه بضجرّ يطردها بإنزعاج خفيف غير أنها لم تبدوا مبالية فعلا برفضه ، كتمت فلورا ضحكتهاّ الآن تدرك
سبب زيارات كلير المتكررة للقصر بـعدّ ذلك جالت بأنظارها حول القـاعة يبدوا أيضا أن ماري لم تعد حتى الآن لا أحد يعلم ما الذي قاله نايت تماما لها
غير أنه بدى كطلب ما لكي تغادر ماري محاولة تلبية أوامره ربماّ ، تنهدت بإرهاق ثم أسندت رأسها على كتف ويليام قـائلة بضجر
ـ تـبا أريد النوم ..

لا يجب قول لا لفخامتك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن