كاّنتّ فلورّ جاّلسة كعّادتهاّ تّشّاهد التلفازّ ممسكةّ بينّ يدّيها بكوبّ حليبّ سّاخن لعلهّا تشعرّ بالدفّء قليلاّ إذّ أنّ التدفّئة المرّكزيةّ للمنزلّ
لاّ تعملّ ، غّيرت ّالقّناة بّضجرّ لكنّها شهقتّ بّصدّمة لماّ رأتّ الأخبار التيّ احتلت الشّاشة بّأكملها نايتّ لبيرّ متهمّ بّتسميمّ بيترّ لبيرّ جدّه
منّ أجلّ الإستيلاءّ على الشّركة بلّ حتىّ أنهّ توجدّ صّور له و هوّ متهمّ فيّ قضيةّ أخرىّ تتعلقّ بّرجلّ ماّ مدعوّ بنيكولاسّ ماكاروّف ،
أليستّ سّلالة ماكاروفّ ذاتّ جذورّ روسيةّ تمدّ للقّياصرة ؟ و أليسّ نيكولاسّ ذلّك الرجلّ الذيّ عرفّ عنهّ بّالدهاّء و الخبثّ ؟ هلّ هذاّ
الرجلّ هوّ والدّ نايت الحقّيقي ؟ إنهّ أمرّ من الصّعب تصدّيقه ،
لذلّك وقفّت مسّرعة و ارتدت معطّفها البنيّ ثمّ وضعّت قبعتهاّ علىّ خصّلات شعرهاّ الأصهبّ ، رفـعتّ هاتفهاّ و كادتّ أن تتصّل بّويليامّ لكنهاّ
قررتّ أنّ تتجاّهله حاّلياّ فّيجبّ عليهاّ معرفةّ الوضعّ أولاّ ، فـتحتّ البّاب بقّوة لكيّ تّتجّه إلىّ القصرّ لماّ رأتّ نايتّ يقفّ أمامّ البّاب رافعّا
يدّه مستعداّ لطرقّ كانّ يبدواّ عليه الإرهاقّ الشديدّ إذّ أنهّ ليسّ واعياّ تماماّ لماّ حولّه ، نـظرّ إلى فلور بعينينّ داّكنتينّ متعبتينّ فتحدثّت
بّنبرةّ مرعوبةّ
ـ بالحديثّ عن الشّيطان، ماّ الذيّ تفعله هناّ ؟
جاّل بعينيهّ فيّ الأرجاءّ دونّ غّاية ثمّ دفّعها جاّنباّ ليدّخل إلى الشّقة ، إتجـّه لّغرفة المعيشّة و جلسّ علىّ الأريكةّ غـيرّ القناةّ الإخباريةّ فقدّ
سئّم فعلا من تّداولّ الجميعّ لصورهّ كّأنهّ افتتاح لمعرضّ ماّ ، تقدّمت منه فلوراّ بّقليلّ من الشكّ و قـّالت بنبرةّ مصدومّة
ـ نايتّ ماّ الذيّ أصّابكّ ؟
حكّ جبّينه بقّلة حيّلة إذّ يبدواّ أنهاّ لن تلتزمّ الصمتّ فّهيّ مصرةّ و بهذّه اللحظةّ تماماّ بدتّ شبيهةّ جداّ بّصديقه ويّليام الذيّ مهماّ طلبّ منهّ
إغلاقّ فمه إلا أنهّ لاّ يّسئم أبداّ من سّؤاله عنّ أحوالهّ ، لذلّك تحدثّ بنبرةّ متململةّ
ـ لقدّ أتيتّ لمناّقشةّ بعدّ الأموّر معكّ، هلّ ليّ بّالشايّ أمّ أنكّ لا تحسنينّ الضّيافة ؟
حدّقت بهّ بكلّ حدةّ ثمّ سّرعان ماّ تنهدتّ باستسلام لتتجّه إلىّ المطبّخ ، بعّد لحّظاتّ كانّ الإثنينّ يجّلسانّ أمامّ بعضهماّ البّعضّ و بالّرغم منّ
أنهماّ يتبادّلان الكّره إلاّ أنّهماّ يتصّرفان بّطريقة لّبقة نوعاّ ماّ ، اخترقتّ فلورا سكونّ بّصوتها الحـّاد ذوّ نبرةّ عصبية
ـ حسناّ ، ماّهي الأمورّ المشتركةّ بينناّ لكيّ نناّقشها ؟ أيضّا هلاّ أخبرتنيّ عنّ صحةّ تلكّ الأحداّث ؟
رمقّها نايتّ بنظرةّ بـّاردة تّحذّرها منّ تخطيّ لهجتهاّ للحدودّ بينماّ تجاّهلته فلوراّ بكلّ كبّرياءّ ، أخرجّ نايتّ من يجبّ سترتهّ ورقّة ماّ ثمّ رماهاّ
علىّ المـائدة الزجاّجية لكيّ ترفعهاّ فلوراّ فّوراّ ، كاّنتّ تلكّ الورقةّ ماّهي إلاّ تقّرير مصّغر عنّ حّالة ماريّ الصّحية و التيّ وصّلته قبلّ يومينّ
، قطبّت فلوراّ حاجبّيها بّعدم استيعابّ ثمّ نظرتّ إليهّ و قّالت بنبرةّ مرتبكةّ
ـ مّا هذاّ ؟
لمّ يجبّ على سّؤالهاّ إذّ أنّ محتوّى التقريرّ واضحّ جداّ فّهوّ يصّف حاّلة ماريّ المتدهورة و التيّ لمّ تتطّور طّوال هذاّ الشهرّ إذّ أنهّ بالّرغم
منّ أنّ برنامجّ عـّلاج الطبيبّ هنريّ مطّور جداّ يّنتهيّ خلاّل ستةّ أشهرّ بالّعمل المّكثف لكنهّ لمّ يجدّ حّلا لمشكلةّ ماريّ ، لذلّك تحدثّ نايتّ ببّرود
ـ حاّليا أنـّا لاّ أستطيعّ تفقدّ حاّلة ماريّ الاتصال بهاّ أو إرسّال رسّالة نصّية لهذاّ أريدّ منكّ أنّ تطمّئني عليهاّ ، و تشجّيعها إنّ تطلبّ الأمرّ سوّف
أقومّ بّإرسّالك لباريسّ .. فقطّ ساعدّيها علىّ الشّفاء
صمتتّ فلوراّ بّدهشة ، لاّ تّعلم لماّ لكنّ نايتّ يبدواّ متغيراّ حرّصه الشديّد على ماريّ يجّعلها تعتقدّ أنّ أختهاّ بالفعلّ قدّ نجّحت فيّ استمالة قّلبه و
كّسبه ، إنهّ يهتمّ بهاّ أفضلّ منهاّ و هيّ عاّئلتها الوحيدةّ كاّنت تّشعر بالاستياء على نفسهاّ أكثرّ من استغرابها لطلبّ نايتّ و إزدادّ إرتباكّها لماّ دّفع
بّتذّكرة إلىّ فرنسّا ناحيّتها ، تحدثّت بنبرةّ متوترةّ
ـ لقدّ تغيّرت كثّيرا، أعنيّ هلّ صّرت تحبّ ماريّ ؟ أنـاّ لن أسمحّ لكّ بـ
قـّاطعهاّ بلهجةّ حـّادة غيرّ قـّابلةّ لنقاشّ بينماّ يكسوّ ملامحّه الجّمود و البـّرود جعلّ فّلورا تّندمّ كثيراّ على تهورهاّ و علىّ أسّئلتهاّ التيّ لنّ تكونّ أبداّ
منـّاسبة، أجـّابهاّ بّبحة
ـ لاّ تكونّي حمقاّء ، عدمّ قّدرة ماّري على السيرّ الآنّ هيّ مسّؤوليتيّ بالكاملّ و تّقع علىّ عـّاتقيّ ثمّ لاّ يتعلقّ كلّ شيءّ فيّ العـّالم بّكونهّ إماّ حبّا أوّ
كرّها هناكّ أيضاّ الشّفقة و منهاّ الرّحمة أيضاّ كماّ يوجدّ الندمّ ، كفيّ عنّ كونكّ مراّهقة
نـظرتّ إليهّ غيرّ مصدّقة أهوّ يّوبخهاّ الآنّ أمّ يسخرّ منهاّ ؟ ماّ الذيّ قّالته لكيّ يثّور هكذاّ ؟ هلّ بالّفعل فرّضية حبّه لماريّ ليستّ قاّبلة لّتحقيقّ ؟ تنهدتّ
بأسى هاّزة رأسهاّ يميناّ و شّمالاّ فلوّ عّرفت ماريّ بأنهّ يصّنفهاّ كالمحتاّجين لّما استمرتّ فيّ العيشّ دّقيقة واّحدةّ بهذاّ العـّالم ، قـّالتّ بنبرةّ مستاّءة
ـ كّأنكّ تّعرفّ هذّه المشّاعر لتخبرنيّ عنهاّ فّأنتّ متجردّ منّ كلّ الأحاّسيسّ كّأنكّ آلةّ همهاّ هوّ الانتقامّ و العملّ لذّلك لاّ تأتيّ و تّوبخنيّ لأنكّ الأحمقّ
الوحيدّ بينناّ،
ابتسمّ نايتّ بّسخريةّ لاّ يدريّ ماّ الأمرّ معّ هذّه الفتاةّ أليستّ تّريدّ أن تبعدّ ماريّ عنه ؟ إذّن فلماذاّ هيّ غّاضبة عندّما أخبّرهاّ بأنهّ لاّ يحّبها ؟ ألا ّيجّعل
هذاّ أمرّ أخذّ ماريّ منه سّهلا عليهاّ ؟ إنهاّ متّقلبة المزاجّ و يصّح القّول أنهاّ لاّ تعرفّ ماذاّ تّريدّ فعلاّ ، هزّ كتفيهّ بعدمّ إهتمامّ ليتحدثّ بنبرةّ جادّة
ـ أنّا لمّ أتّي هناّ لأناقشّ أموراّ تّافهةّ ،
زمتّ شّفتيهاّ بّعبوسّ واضحّ و أعـّادت التـّذكرة إليهّ داّفعة نحوهّ علىّ المـّائدةّ ليلتقطّها بخفّة ، هذاّ يعنيّ رفضّها السّفر لفرنساّ لقدّ كانّ ذلكّ متوقّعا ،
أجـّابته فلوراّ بّغيض
ـ إنهاّ أختيّ و أناّ أعلمّ تماماّ كيفّ أعتنيّ بهاّ لذلكّ لاّ تّأتي هناّ كيّ تعضنيّ من فّضلكّ ذلكّ يّقللّ من كبّريائيّ و إنّ انتهيت من الكلاّم يمكنكّ المغّادرة
وقفّ بّهدوء ثمّ غـّادرّ بخطّواتّ كسّولة لتتنهدّ بّعدها فلوراّ بّكل تعبّ فمجردّ الحديث معهّ يّسلبهاّ طاّقتهاّ بأكملهاّ ، كيفّ استطاعتّ ماريّ البقّاء معهّ
طوالّ هذه الفترّة دونّ أن تفقدّ أعّصابهاّ ؟ لاّ بلّ حتىّ أنهّا تحبّه حباّ جّما ، عـّادتّ تتنهدّ بّألمّ إذّ أنهاّ لم تتصلّ بهّا منذّ أنّ تزوجتّ فّهل فّعلا يحقّ لهاّ
القّلق عليهاّ ؟ هلّ سوفّ تسامحهاّ ماريّ إن إتصلتّ ؟ اتجّهت إلىّ تلكّ الشّرفة الصّغيرة و وضّعت يدّيها علىّ حاّفتهاّ مّراقبةّ السماءّ الملّبدة بالّغيومّ
، أسفلّ ذلكّ المبنى كانّ نايتّ يسيرّ بّبطّء لماّ توقفّ فجأّة أمسكّ بّرأسهّ ثمّ أسندّ جسدّه علىّ الجدّار الذيّ خلفهّ لوهلةّ من الزمنّ بينماّ كانتّ فلوراّ تّنظّر
إليهّ بّقليلّ من الصدّمة ، سّرعانّ ماّ عّاد نايتّ متماسكاّ مكّملاّ طّريقهّ كأنّ شّيئّا لمّ يحدثّ له .. ضغطتّ فلوراّ بّألمّ على قّبضتهاّ ، لماذاّ الكلّ يعانيّ ؟ نايتّ
ويليامّ ماريّ و آرثرّ الكلّ لديّه مشّكلة تّؤرقّ كاهلهّ ، همستّ لنفسهاّ قّائلة
ـ والدّي أظنّ أنّ الشيءّ المشّترك الوحيدّ بينناّ كّأفرادّ عّائلة هوّ جلّبنا لتعاسّة أينماّ كانتّ ، آهـّ لقدّ بتّ أنكرّ وجودّ السّعادة بهذّه الدّنياّ
أنت تقرأ
لا يجب قول لا لفخامتك
Romancechanez الكاتبة رواّيتي يـّغلبّ عليهـّا الطـّابع الـرومانّسي الإجتمـّاعي ، يتخـّللهـّا الـقّليل من الكـّوميدّيـا و بّضعة بـهاراتّ من الـواّقع أحـّم أعـّلم أننّي سيـئة في تـّرك الأنطـّباع الـجيـدّ لـكّن .. أحـمّ سـأكونّ ممتـّنة للـحّصول على بـّعض ال...