ـ لـّعبة الـّجنود ـ
هّواجسّ تّراودهّ حالّما تسدلّ هاتينّ العينينّ جفّونهماّ كّوابيسّ تّلاحقّه مّحاولة حبّسه بّداّخلهاّ فيّ عـّالم يّغزوه الظّلام تّعمه الوحدةّ
يّتجرعّ فيهّ كـّأس الخذّلان و المّرارة فلمّ يزرّه النومّ كذلك الأحلاّم ، طالّما هذّه الأفكاّر تستمرّ مّتشبثة بّذهنه لنّ يستطيعّ التّمرد
عليهاّ فظّهرت تلكّ الهالاتّ السّوداءّ تّحتّ عينيهّ لتزدادّ بّشرته شّحوباّ كانّ المرضّ قدّ آتاه رافضاّ تّركه ، حمىّ و حبّات عرقّّ أعلىّ
جّبينه فّأخذّ يهذيّ دونّ أنّ يكونّ قـّادرا علىّ أخذّ قسطّ من الراحّة ، أبّعد ذلكّ الغطاّء عنه بعدّ أن شّعر بالحّرارة تنصبّ كاللهب بّعروقه
فوقفّ و بخطّواتّ مرّهقة غيرّ مدّروسة وضّع جسدّه وسطّ تلكّ الميّاه البّاردة و بالّرغم منّ أنّ برودّتها لسعتّ جسدّه دونّ رحمةّ إلاّ
أنّ نيّرانه رفضّت أنّ تنطفئ
سارّ جسدّه ينتفضّ من شدّة البّرودة طالّبا الشّفقة لكنه استمر غيرّ مبّاليا بارتفاع حرارته أو ملاّبسه التيّ تبللتّ بالكاملّ ، بّعد مرورّ
نصفّ سّاعة شّعر بالتحسنّ قّليلاّ فمدّ يدّه ليلتقطّ المنشّفة و يّضعها حّول رأسهّ إذّ أنّ ذلكّ الصّداعّ يّرهقهّ كثيراّ فخطّى علىّ الأرضيّة البّاردة
عندّما إنهالتّ لعّقله ذّكرى ليستّ ببعيدّة ،
تنهّد متسّائلاّ إنّ علمتّ ماريّ بّتلكّ الأخبارّ التيّ نشّرت عنهّ فّهل ستأتيّ مسّرعة لّتغدواّ بجّانبه أمّ ترحلّ كماّ فعلّ الغيرّ معه ؟ استلقى علىّ
الأريكةّ بّإرهاقّ ثم أمسكّ بّآلة التحكمّ عنّ بعدّ و ضّغط علىّ زرّ لكيّ ينارّ شّاشة التلّفاز ، كانّ على قناةّ الأخبّار و الذيّ احتلت صورّته كلّ
ركنّ فيّها رفّع لّصوتّ فّإنتقلّ إلّى مسّامعه كلّماتّ المذيّع
ـ .. فّي قضّية آخرّى كانّ متهماّ فيّها بالقتلّ لكنّ الأدلّة لم تكنّ كاّفية لإداّنته ، حيثّ اتهم سيدّ نايتّ لبيرّ بقّتله لّرجلّ الأعمالّ الروسيّ المشّهور
نيّكولاسّ ماّكاروف و الآنّ هوّ متهمّ بمحاولةّ قتلهّ لبيتر آلّ لبيّر ، فهلّ يّستطيعّ المجرمّ دوماّ الهروبّ منّ خطاّياه دونّ عّقوبة ؟ يجبّ عـ
عـّينين حادّتين تتقدّان شّرّا و كرّها كيفّ لاّ و قدّ تمّ ذّكر إسمهّ جاّنب إلىّ جانبّ معّ نيكولاسّ ماكاروف ، كادّ أنّ يطفّأ التلفازّ عندّما ظّهرت
صّورة لّذلكّ الرجلّ الذيّ دمرّ حيّاته بّأسّرها ، رماّه دونّ مبّالاةّ بّكونه إبنهّ بّإبتسامةّ شديدةّ الجـّاذبية ملّيئة بالخبثّ و دّهاء يّفوق قدرّة البشّر
، تّأوهّ نايتّ بألمّ عندّما إشتدّ صّداعه همسّ بّنبرةّ غـّاضبة نـّارية
ـ سّحقاّ ، سحقّا ..
نـظرّ إلىّ يدّيه بالّرغم منّ أنهّ حرّ إلاّ أنهّ يّشعرّ بّأغلالّ تقيدّه تمنعّه منّ الحركةّ ، بلّ منّ الكلامّ أيضّا كّأنهّ سجّين فيّ قّصره الخاصّ ، مكبلّ و
كلّ الأعينّ تـّراقبه منتـظرّة زلّة آخرّى لهّ كيّ تّقودّه إلىّ حبلّ المشنقة ، تخللتّ أناملهّ خصّلات شعرهّ الأسودّ بّقلة صبرّ لاّ يستطيعّ تحملّ هذاّ
الوضّع بعدّ الآنّ يجبّ عليه التحركّ فّهوّ لاّ يطيّق أنّ يّعيد لديميتريّ ديّنه
عـّبر الـّرواقّ فيّ ظرفّ ثّوانّي بخـطّواتّ سّريعة فّضغط علّى زرّ المصّعد ، إنتظرّ قّليلاّ لكنهّ قررّ فيّ النهايةّ إكمالّ طرّيقه سّيرا علىّ الأقدّام
ألقى بنظرّيه فيّ كلّ خطّوة يّقدم عليهاّ لقدّ كانّ جوّ القصرّ غّريباّ سّاكناّ و مّخيفّا ، كيّف استطاعّ ديميتريّ جّعل أغلبيةّ الخدمّ يّصبحون فيّ كفه
؟ نـظّراتهمّ الفضوليةّ تّراقبهمّ ، شّفاههمّ تستمرّ بّالحركةّ و ألسنتهمّ تّتناولهّ كّمقّبلاتّ لذّيذةّ طّوال الأمسيةّ ، وقفّ فجأةّ و رمقّ بّطرفّ عينهّ
أحدّ الخدّم الذيّ تّجرأّ بنعتهّ بالقاتلّ ، تّقدم نـّاحيته ثمّ أمسكّه منّ يّاقته و جذّبه للأعلىّ كيّ يرتطّم جسدّه علىّ الجدارّ الذيّ خلفه بينماّ كانّ
الخادّم مصدّوما إذّ لم يكن ليتخيلّ أبداّ أنّ نايت فيّ يوم ماّ سيفقدّ أعصّابه ، حينّ اقتربّ منه نايت بّسرعة و همسّ فيّ أذنه بنبرةّ خبيثةّ
ـ ألاّ تّعلم أنّ القاتلّ قاّدر علىّ فعلّ كلّ شيءّ ؟ كّإبـادة عـّائلتكّ أمامّ عينيكّ مّثلا ؟
ثمّ إبتعدّ و هو يّضربّ كتفهّ بينماّ على شّفتيه ابتسّامةّ بّاردةّ ، غـّمز لهّ لّيرحلّ مّسرعاّ فّسقطّ الخادّم على ركبّتيه مرتجفّا ، لاّ يعلمّ لماّ لكنّ بدّت
كلّماتّ نايتّ جاّدة جّدا أهـذاّ يعنيّ أنه فّعلا سيبيدّ عّائلته ؟ إنهّ قادرّ على كلّ شيءّ أفلمّ يّقتل سّابقاّ الرجلّ الذيّ شهدتّ البّشرية بأكملهاّ دّهاءه
نيكولاسّ ماكاروف ؟ والدّه البيولوجيّ ؟ قـّال خادّم آخرّ بجاّنبه و الغيضّ يلفّه
ـ لاّ تدّعه يّؤثرّ عليكّ فلقدّ آمن لناّ السيدّ ديميتريّ الحّماية بأكملهاّ و لقدّ أخبرناّ سّابقّا عنهّ لن يّكون قّادر علىّ تحريكّ يديّه أمامّ نـظّريه فّلماذاّ
أنتّ قلقّ هكذاّ ؟ إنهّ رجلّ مثّلنا أيضّا ..
بلعّ الخادمّ الأولّ رّيقه بّتوترّ ثمّ وقفّ على قدّميه ، لاّ إنهّ ليسّ مثلهمّ علىّ الإطلاقّ فّذلك الرجلّ أقلّ ماّ يّقال عنهّ وحشّ بّهيئة إنسّان ، أقّالوا
أنّ نيكولاسّ والدّه البّيولوجيّ ؟ هـذاّ أمرّ لاّ يصدقّ .. كانّ يّراقب خطّوات نايتّ الهادئّة لمّ تكن تنمّ أبداّ على قّلقه أوّ خوفه بّل كان هادئاّ لدرجةّ
مخيفة ، تنهدّ محاولاّ إستعادّة قوتهّ ليتحدثّ بنبرةّ مرتبكةّ
ـ يبدواّ مخيفاّ، أحقاّ قتـّل قيصرّ روسيّا نيكولاسّ ؟
هزّ صدّيقه كتفيهّ دلالة علىّ عدمّ المعرفةّ فّشّائعات حولّ نايتّ كثيّرة و معّظمهاّ ليستّ صحيحة أبداّ لذلّك مّعرفة ماّ إنّ كانّ نايتّ فعلاّ قدّ قتلّ
والدّه أمرّ صّعب للغايةّ ، تحدثّ بهدوءّ
ـ إنهّ لغزّ لاّ يعّرف حلّه أحدّ فلا تتعبّ نفسكّ بنبشّ حولّه لأنكّ لنّ تجدّ شيئّا ،
مدّ يدّه مستعداّ لّفتح البـّوابة عنـّدما إنتقل إلى مسّامعه نـداّء كاّيل المستمرّ له ، كاّن بعيداّ بعض الشيءّ مماّ جعله ينتظرّ لوهلة من الزمنّ قبلّ
أنّ يصلّ كـّايل إليهّ فّرمقه نايتّ ببّرود بالّرغم منّ أن ظّروفهمّ مّؤلمة إلاّ أنه لا يستطيعّ التخلي عنّ حذّره منهّ لماّ تحدثّ كايل بنبرةّ قّلقة
مقّاطعا حبّل أفكاّره
ـ نايتّ ألنّ تذّهب لزّيارة جديّ ؟
مـّلامح نايتّ الهـّادئة لاّ تدّل أبداّ على أنهّ ذاّهب لزيّارة جدّهم إذّ و حتىّ بّهدوئه كاّنت هناكّ تلكّ النظرّة العـّدائية الإستقراطّية و التيّ تنبأ بّرغبتهّ
الشّديدةّ فيّ كسرّ رّقبة منّ كان السببّ ، هـزّ كتّفيه دلالّة على عدم الإهتمامّ قاّئلا و هو يّشيح رأسهّ بعيداّ
ـ أناّ المشتبهّ الوحيدّ فيّ قضّية تسميمّ جدّنا أتّظن أنّ زيّارتي لّه ستعتبرّ مجّرد زّيارة أمّ محاّولة ثانية لّقّتله ؟
أخفضّ كاّيل بّصره للأسّفل إذّ أنه يعلمّ تماماّ ماّ الذيّ يّقصده نايتّ فخلالّ إستجوابهماّ كانتّ الشّرطة عداّئية جّدا نحوّ نايت و قدّ كانتّ رغبتهماّ فيّ
سجّنه كّما لو كأنهماّ قدّ تأكدّا منّ أنه بالفعلّ هو المجرمّ ، لكنّه يعلمّ جيداّ أنّ نايتّ بالرغمّ من صّفاته الأنانيةّ السيّئة إلاّ أنه غيرّ قابلّ على القتلّ
فكيّف له أنّ يأخذّ حياة الشخصّ الوحيدّ الذيّ وقفّ بجاّنبه عندّما تبرأ منه الكل ؟ فتحّ فمه ليتحدّث لولاّ أنه لمحّ إبتسامةّ نايتّ المستهزئة مماّ
جّعله يّشعر بالصدمةّ ، بينماّ رفع نايتّ يدّه مودعاّ إيّاه ثمّ غـّادر بكلّ بّساطة ..
أنت تقرأ
لا يجب قول لا لفخامتك
Romancechanez الكاتبة رواّيتي يـّغلبّ عليهـّا الطـّابع الـرومانّسي الإجتمـّاعي ، يتخـّللهـّا الـقّليل من الكـّوميدّيـا و بّضعة بـهاراتّ من الـواّقع أحـّم أعـّلم أننّي سيـئة في تـّرك الأنطـّباع الـجيـدّ لـكّن .. أحـمّ سـأكونّ ممتـّنة للـحّصول على بـّعض ال...