لمّ تـعدّ كلمّة أناّ بخيرّ تـكفيّ جواباّ لأسّئلة الوافدّين تـّعزية لجدّه الراحلّ ، فهوّ بخيّر حينّ يبتسمّ .. حينّ يّتحدثّ و حينّ يّضحك لكنهّ ليسّ كذلكّ على الإطلاقّ
ليسّ بخيرّ عندّما يتـذّكر جـدّه فّهمسّ لنفسهّ يـاّ أيتهاّ الذّكرة أرجوكّ أقّصيه منّ حياتيّ لأكونّ بخيرّ ، و الدموعّ تّشق طريقهاّ فوقفّ متمايلاّ بّإرهاقّ ليسيرّ
خطّواتّ لاّ يعلم أين تّأخذّه لكنه يرجّوا أن تبعدّه عنّ كل هـّذه الأعينّ المرّاقبة المتـّلهفة لّسقوطّه
إتجـّه إلىّ غـّرفته فيّ جناحّه الخاصّ و جـّلس واضعاّ رأسهّ بينّ ذّراعيه كانّ صمتّ يّعم المكانّ خاليّ منّ أيّ لمحةّ نورّ و المـطرّ يهطلّ خارجاّ بّقوة ، الطّبيعة
بّعلياهاّ أشّفقت لحالهّ بينماّ الإنسانّ بّبساطتّه تنكرّ لهّ .. مدّ يدّه لتحطّ على قّلبه هلّ خيلّ له أمّ أنهّ توقفّ لفترةّ عنّ النـّبض ؟ ربمّا لأنهّ لمّ يعدّ هناكّ سّببّ
يّعيشّ لأجلّه أجلّ لمّ يّعد هناكّ شيءّ فأنفجر بالبكاءّ ليسقطّ علىّ ركبّتيه بينماّ رأسهّ موجّه للأعلىّ، بّصوت عاليّ
لقدّ فقدّ والدّته بـعدّ سنّ الخامسةّ أيضّأ عمته الـوحيدّة التيّ اهتمتّ به و ربتهّ كماّ لوّ كّأنه إبن لهّا فيّ حادثّ مأساويّ ، والدّه لمّ يّره قطّ و كـذلكّ إليزابيثّ
لاّ لربماّ لمّ يكسبهاّ قطّ إلىّ جانبه الآنّ جدّه ماّ الذيّ فعله ليفقدّ جميعّ أحبائه هكذّا ؟ تمنىّ لوّ أنه فعلّ الأمرّ بّشكلّ مختلفّ ، لوّ أنه كّان فقطّ مختلفّا ..
فجـّأة فـتحّ بابّ الغـّرفة ليظهرّ من خلفّه نايتّ ، كانّ يقفّ بسكونّ شّاحب الوجّه قميصّ خفيفّ أسودّ و سّروالاّ بنفسّ اللونّ خّصلات شعرهّ تغطيّ عينيهّ
الداكنتينّ بينماّ جّبينه يصبب عـّرقّا إذّ لاّبد أنّ الحمىّ قدّ أصّابته هكذاّ هوّ دوماّ لماّ يكونّ العبء ثّقيل المحملّ على قّلبه ، إتجـّه ناّحية ابن خالّه بّخطّواتّ
خافتةّ لاّ يكادّ أنّ يكونّ صوتاّ لهاّ ثمّ ركعّ علىّ رجلّه الأيمنّ بينماّ الأخّر أسندّ ذراعه عليهّ .. لمّ يكّن يعلمّ ماّ الحلّ الأمثلّ فيّ مثلّ هـذّه المواقفّ لكنهّ
حاولّ بذّل جهدّه فّمد يدّه لّيضعها علىّ كّتفه كاّيل قّائلاّ بنغمةّ صوتهّ المبحوحةّ
ـ كـايلّ يكفيّ دّموعّا ..
نـظرّ إليهّ كـّايلّ بّقليلّ من الغّيرة و الأسىّ كيفّ لاّ و قدّ حضّي بالكلّ إلىّ جانبهّ حتىّ لوّ لمّ يدّرك نايتّ ذلكّ فّالكلّ واقعّ فيّ حبّه لقدّ أخذّ منه زوجـّته الوحيدّة
التيّ أعطاّهاّ قّلبه كيفّ لّن يّكون قّادرا علىّ كرههّ و هوّ ينزعّ كلّ شيءّ يحبّه منّه ؟ أبعدّ بّصره عنهّ بّهدوء و قـّال بنبرةّ لاّ يزالّ البكاءّ واضحاّ فيهاّ
ـ أخبرنيّ نايتّ .. منّ أقنعّ الـراحلّين بّأنّ قّلوبناّ منّ ضمنّ أمتـّعتهمّ، منّ ؟
صمتّ نايتّ لوهلّة منّ الزمنّ مـّدركاّ وقـعّ كلماتّ كايلّ الّحزينةّ الأليمةّ ثمّ أصدّر آهة عـميّقة لكيّ يجلسّ بجاّنبه يّنظر الإثنينّ إلىّ تـلكّ النافذّة التيّ تساقطتّ
عليهاّ حباتّ المـطرّ ، إنـّه يّتألمّ أيضاّ لفقدّان جـّدهمّ فبّرحيله ضّاع السندّ الوحيدّ لهماّ ، الـّوحيدّ الذيّ أحبهماّ لأنهماّ هماّ ليسّ لشيءّ آخرّ لاّ لثروتهماّ و لاّ
لوسّامة مظهرهماّ بلّ لكونهماّ أنفسهمّا فقطّ ، مـدّ كايلّ كلتاّ ذراّعيه فيّ جّهتين مختلفينّ مستلقياّ بينماّ دموعهّ لاّ زالتّ تّشق طّريقهاّ عبرّ خـدّه فنـظرّ إليهّ
نايتّ ثمّ تـّحدثّ بنـغمةّ خاّفتة هامسةّ
ـ أنتـظرّ عـّودتّه و أنـّا أعـّلم بّأنه كالأمسّ إنّ رحلّ لنّ يأتيّ..
لأولّ مرةّ منذّ مدّة طّويلة تـّحدث نايتّ عنّ ما يجّول في قّلبه دونّ تـّرددّ فابتسم كايلّ بّلطفّ متـذّكرا أياّم طفّولتهماّ ، لقدّ كانّ نادراّ ماّ يّجلسان معـّا فّهماّ كالنـّار
و الجـليدّ لاّ أحدّ يّحتملّ قّرب الآخرّ لكنّ كانتّ هـناكّ مرةّ واحـدةّ فقطّ كلاهماّ كاناّ يبلغـّان الثّامنة من الـعمرّ فيّ غـّرفة نايتّ يّراقبانّ هطولّ الثـلجّ ..
تـّحدثّ كايلّ بّهدوء
ـ أتـذّكر تـّلك الـمرةّ لما جلسناّ معـّا ؟
أومـّأ نايتّ بالإيجابّ ليّرسم علىّ شفـتيه ابتّسامةّ خفيفةّ لاّ تكـّاد تّظهرّ للعيانّ ، إنهاّ مرةّ واحدّة فقطّ لماّ تـّوفيتّ والدّة نايتّ أرادّ كايلّ أنّ يخففّ عليهّ لكنّ
سّرعان ماّ محاولتهّ لتخفيفّ عنه بّاءت بالفّشلّ فّتشاجرّ الاثنينّ مسببينّ فوضىّ فيّ القّصرّ مماّ جّعل الجـدّ يّعاقبّ كلاهماّ ، تـّحدثّ نايتّ بنبرةّ هـّادئة
ـ أجلّ .. أذّكر أنّ وجـّهي لسببّ ماّ قدّ استفزكّ،
ضـّحك كايلّ وسطّ دموعهّ فّهو يتـذّكر تماماّ ذلكّ لقدّ أخبرّ نايتّ حينهاّ أنّ وجـّهه لاّ ينالّ استحسانهّ ربماّ لأنهّ لمّ ينجّح فيّ جـّعله يبتسمّ فّلجأ لّطريقةّ الشجارّ
و منّ الأفضلّ فيّ ذلكّ عاداه هوّ ؟ لماّ رأىّ نايتّ أنّ مـزاجّ كايلّ قدّ تحسنّ قليلاّ تنهدّ بّراحةّ ثمّ استلقىّ بجاّنبه لمّ يختلفّ شيءّ منذّ ذلكّ الزمنّ
، سوىّ السنينّ فقطّ ..
نـظرّ كايّل نـّاحية نايتّ بّهدوء رغمّ أنهّ لمّ يفعلّ شيئاّ له إلاّ أنهّ لاّ يستطيعّ سوىّ كرههّ ، هـكذاّ هوّ الأمرّ حتىّ لوّ لمّ يّرغب فيّ ذلكّ .. لأنهّ حصلّ علىّ قلبّ
إليزابيّث بينماّ هوّ لاّ ، فيّ حينّ أغلقّ نايتّ عينيهّ الداكنتينّ بّرغبةّ فيّ الحصولّ علىّ القليلّ من الـرّاحة فّتواجدّ معّ كلّ أولائكّ المعـّزين جّعله يّفقدّ شهيتهّ
فيّ كلّ شيءّ حتىّ الـعملّ ، لماّ تذّكر كايلّ أنهّ لمّ يرى ماريّ طـّوال اليومّ ألاّ يفترضّ بهاّ القّدوم ؟ فهوّ والدّها فيّ القانونّ و حتىّ لوّ انفصلت عن نايتّ ستأتيّ
، هيّ ليستّ من ذلكّ النوعّ الذيّ يتجاهلّ مثلّ هـذّه الأحداّث ، لوّ أنّ ماريّ هناّ لربماّ تّراجعتّ إليزابيثّ قليلاّ بالّرغم من أن هـذاّ غيرّ واردّ الـحدوثّ لكنّ ودّ
فعلاّ لوّ أنهاّ كانتّ هناّ لربماّ اختلفتّ الأحداثّ ، تـحدثّ كايلّ بنبرةّ هـادئّة
ـ نايتّ ، لماذاّ أنفصلتّ عن ماريّ ؟ هلّ وقعت فيّ غـّرام فّتاة أخرىّ أعلمّ أن هـذاّ غيرّ معقولّ لكّن هل فعلّا ؟
كايلّ يـّعلم جيداّ أنّ نايتّ لاّ يجيبّ أبداّ علىّ أسئلةّ شخصّية تـّخصه هوّ لذّلك كانّ طرحّ هـذاّ السّؤالّ أوّ عـدّمه لنّ يّشكل فرقاّ غـيرّ أنهّ يّريد فّعلا أنّ يعلم لماّ
حتىّ الآن مّاري لمّ تظهر ؟ بالّرغم من أنّ نايتّ فيّ أوجّ حاجتهّ إليهاّ خصوصاّ بهذّه الفترةّ العّصيبة إلاّ أنهاّ لمّ تأتيّ ، أصدرّ نايتّ آهة عـّميقة لقدّ كانت هـذّه
الكلماتّ بالذاّت من أثارّت غيضّ الجدّ بيترّ مماّ جعله يصابّ بنوبة قـّلبية تّمنى حينهاّ لوّ أنهّ أحسنّ اختيارّ كلماته لربماّ لماّ حدثّ كل هـذاّ فّأجابّ كايلّ
بّنغمة مبحوحّة
ـ لاّ .. أنـّا لمّ أنفصلّ عنّ ماريّ بلّ.. ليسّ بعدّ على أيّ حالّ
صـّدم لتّلقيهّ هـذاّ الخـّبر ماّذا بّعد كلّ الذيّ حدثّ نايتّ لم ينفصلّ عنّ ماري ؟ إذّن ماّ السبب الذي دّفعه لقول ذلكّ ؟ بينماّ استـدارّ نايت للجـّهة الأخرىّ معـطياّ
كايلّ ظّهره فيّ حينّ فكرّ كايلّ مجدداّ أيّعقل أنّ ماريّ غـّاضبة من تصّرف إليزابيثّ في تلكّ المـّرة ربماّ لهـذا قررت مغـّادرة القصرّ حينماّ اعترضّ نايت عنّ
ذلكّ لكن هـذّا غيرّ معقولّ أيضاّ فلاّ أحدّ يرفضّ تلبيّة طلبّ لنايتّ .. لاّ أحدّ يجرؤ علىّ قول لاّ له فّكيف لّماري أنّ تتشاجرّ معه ؟ أيضاّ و أليستّ تحبه ؟ لاّ هي
لنّ تتركه على ّالإطلاقّ، سّأله كايلّ بّفضول بعدّ أن تعبّ من تفكيرّ الغيرّ مجديّ
ـ لماذاّ ؟ لقدّ صّرحت ماريّ بّشكلّ واضحّ ليّ أنهاّ تحبكّ ليسّ مجردّ مرّة بلّ أكثرّ إذّن لماذا ّقد تتخلى عنكّ ؟
كتمّ نايتّ ابتسامةّ صغيرةّ كادّت أنّ تعلق بينّ شّفتيه أجلّ هـذّه هيّ ماريّ لن تتوانى عنّ إخبارّ الجميع بمدّى حبهاّ الخياليّ لهّ الكلّ يعلمّ بّذلكّ ، استـدارّ ناحيةّ
كايلّ الذيّ ينتظرّ إجاّبته بكلّ جديّة كيفّ توارت الأحداثّ لكيّ يّصبح هذاّ موضوع نقاشهما ؟ لقدّ أراد أنّ يخفف عنه قليلاّ لكن أنظرّ إلىّ حيث همّا الآن ؟
أجـابه نايت بنبرةّ جافة محاولاّ أنّ لاّ يدّخلا فيّ الحديثّ حول هـذاّ الموضوع أكثّر
ـ حسناّ .. هـذاّ لاّ يعنيكّ بكلّ تأكيدّ
رمقّه كايلّ بّغيضّ شديدّ ثمّ تنهد بّكل أسىّ لقدّ كان يعلمّ منذّ البداّية أنّ نايتّ لنّ يخبره شيئاّ لكن المحاولةّ أفضلّ منّ لاّ شيءّ علىّ الأقل ، إنهّ فعلاّ يريدّ
أنّ يعلمّ ما إنّ كان نايتّ فعلا يحب إليزابيثّ عنّ طريقّ استجوابهّ عن ماريّ إنّ كان ربماّ يحبّ ماريّ فهذاّ سيجّعل زوجـّته تستسلمّ قدّ يستعيدّها هوّ ،
فجـّأةّ تّقدمتّ منهما سوزيّ مسّرعة لقدّ كانتّ فعلاّ نادّمة لأنهاّ ستفسدّ هـذاّ الجو الساكنّ بينهماّ و نادرّ الحدوثّ لكنهاّ مضطرةّ ، تـّحدثّت بنبرة متّلعثمة
و شديدّة التوترّ
ـ سيدّ نايتّ .. هنـاكّ رجلّ ماّ فيّ غـّرفة المعّيشة يّريد أنّ يّراك، أيضـّا سيديّ أناّ فّعلا لاّ أريدّ قولّ هذاّ لكنّ..
اعتـدلّ نايتّ فيّ جلّسته قدّ عـّلتّ ملامحـّه صّفات البرودّ منّ جديدّ لقدّ أمرّ سوزيّ حالياّ بّمراقبةّ جميعّ غـّرف القصرّ و الحـّرص علىّ عـّدم حـّدوث أيّ
خللّ يكفيهمّ مصائبا الآنّ و هيّ تتّحدثّ بنبرتهاّ المـّرتجفة الخاّئفة يّجـّعله يدّرك تماماّ مّدى خـطّورة الأمرّ ، حـّرك خصّلات شعرهّ مبعثراّ إياهمّ فّي كلّ اتجاه
ثمّ قـّال بّنبرةّ بـّاردة
ـ مّن يكون ؟
تّوترّت و لمّ تّستطعّ النـطقّ كماّ لوّ كّأنهاّ قدّ فقدتّ جّميع الكلماتّ هيّ تـّعلم جيداّ أنّ نايتّ ليسّ بحاجةّ لأخبار سّيئة فيّ هـذّه المـدّة الزّمنية لكنّها لاّ تّستطيعّ
كتمّ خبر كـّهذاّ لنفسهّا ، خصوصاّ و أنّ القـّادم شخصّ لاّ يقدرّ أحدّ علىّ إخفاء مجيئهّ ردتّ بنبرةّ متـّوترة خـّائفة
ـ إنهّ ديميتريّ بشحمه و لحـّمه سيدّي
وّ كّأن مصّائبه ليسّت كّافية حتىّ يّأتيّ ذلكّ السّافلّ فّوقفّ نايتّ بهدوءّ قدّ تـّغيرت ملامحـّه كلياّ فلمّ يعدّ نفسّ الشخصّ الذيّ ابتسمّ منذّ قليلّ لقدّ كانّ يـعلمّ
أن ديميتريّ لنّ يفوتّ فرصةّ مثّاليةّ لّسخرية منهّ كـّهذّه لكنّ أنّ يأتيّ إلىّ القصّر لاّبد أنّ جرّأته قدّ تـعدتّ كلّ الحـّدودّ ، فـّوقفّ مغـّادراّ الغـّرفة بسّرعة
بينماّ نـظرّ كايلّ إلىّ سوزي المرتـّبكة كانتّ تريدّ اللحاقّ بسيدّها لكنهاّ تعّلم أنهّ لنّ يدّعهاّ فّلمّ تعلمّ ماّ التصرّف المناسبّ اللحاقّ به أمّ البقاّء هنّا ساكنةّ
بلاّ حركة ؟ حينهاّ تذّكرت غـّرفة المجّهزة بكّاميرات المراقّبة و ركضتّ بدورهاّ إلى هناكّ ، سوفّ تـّراقبّ كلّ شيءّ و إنّ تـجرّأ ديميتري علىّ لمسّ شعرةّ
واحدّة من رأسّ سيدّها فّسترسلّ جميـعّ الحـّرسّ التابعينّ لفرانسوّا لهّ و لنّ تباليّ إنّ كانتّ قدّ خالفت أمرّ نايتّ
فيّ غـّرفة المعـّيشة كانّ ديميتريّ يجلسّ بّراحةّ شديدّة ممسكاّ بينّ يدّه اليمنىّ كّأساّ مليئاّ بالنـّبيذ الأحمرّ يتّمايلّ علىّ أنغامّ حركاتّ ديميتري العـّابثة ،
ارتـّشفّ القليلّ منّه بتلذذّ إنهّ يدركّ أنّ نايتّ لنّ يتأخرّ أبدّا فيّ المجـّيءّ خصوصاّ إنّ كانّ الضيفّ هوّ و فـّعلا لمّ يطلّ انتظاره فّهاهوّ قدّ أشرفّ نايتّ علىّ
الحـّضورّ بّهالتهّ البّاردة الخطّرة ، وقفّ علىّ مبّعدة منهّ ينـظرّ إليهّ بّدون ردّة فعلّ تـذّكر ، فابتسمّ ديميتريّ بّتهكمّ قـّائلاّ و هوّ يفردّ ذرّاعيه فيّ كلاّ الجانبينّ
ـ أهلاّ .. مرحباّ بسيدّ النبيلّ نايتّ لبيرّ ، ألاّ تملكّ لباقّة ؟ ألنّ تسلمّ عليّ ؟ ألنّ تصافحنيّ ؟ ياّ إلهيّ لقدّ خابّ أمليّ بكّ و أناّ الذيّ ظننتّ أنكّ سترتميّ
فيّ حضنيّ خصوصّا و أنهّ اللقاءّ الأولّ بينناّ بعدّ طولّ غيابّ
عـّمت فترةّ صمّت مليّئة بّجوّ مشحونّ حينما تـّقدم نايتّ منّ ديميتريّ بخطّواته الكسّولة الثّابتةّ ، مـّد يدّه نحوّه بّهدوءّ شديدّ فّكادّ ديميتريّ أنّ يمسكّها لولاّ أنّ
نايتّ سحبّ يدّه فيّ آخرّ لحـظّة راسماّ على شفتيهّ ابتسـّامة مكلفةّ متـّعجرفة ،
ـ أخـّاف أنّ لاّ أتمالكّ شوقيّ الشديدّ لكّ فّأجّرؤ علىّ فعلّ شيءّ أكبرّ منّ مصافحتكّ
نـظرّ إليهّ ديميتريّ بّسخريةّ و أعـّاد يدّه ليّضعها فيّ جيبّه ، الآنّ بّعد مرورّ كلّ هـذّه السنواتّ لاّ يزالّ كماّ كانّ تماماّ كلياّ بّعـّزة النفسّ كذلكّ عينيهّ ، تـّلك
العـّينينّ ذاتّ برودّ لاّ مثيلّ لهّ اللذاّن أثاراّ إعـّجاب مـاكاروف كمّ يتمنىّ لوّ أنه يقتلعهماّ من مكانهماّ ردّ عليهّ ديميتري بنبرةّ ساخرةّ مصطنعةّ الخجلّ
ـ أهّ لاّ تـكنّ وقحّا معيّ عـّزيزيّ فّاناّ بالكادّ أتمالكّ أعصابيّ الآنّ ..
حالماّ أنهىّ ديميتريّ جـّملته شحبّ وجّه نايتّ منّ الاحتقارّ ثمّ ابتـعدّ عنهّ واقفاّ أمامّ الـبابّ و مشيراّ له بّإبهامه علىّ المخرجّ إذّ أنه لاّ ينويّ أنّ يطيلّ
الحديثّ معهّ على الإطلاقّ يكفيّه رؤيةّ وجّهه ، فيّ حينّ اتسعتّ ابتسامةّ ديميتريّ لماّ لمحّ حالةّ نايتّ فقدّ كانّ مريضاّ نوعاّ ماّ و جّبينه يصبب عـرقاّ بينماّ
بشّرته شاحبّة بالكاملّ ، أجـّل إنهّ يتـألمّ من الدّاخلّ لفقداّن جدّه يا ليته كانّ يملكّ آلة تصويرّ فّهذّه اللحظّة لا تّقدرّ بثمنّ ، تـّحدّث ديميتريّ بّسعادة
ـ يـّا رجلّ مّظهرك فيّ غـّاية الـّروعة .. أتمنىّ أنّ يكونّ نيكولاسّ قادّرا علىّ رؤيتكّ الآن لاّبد أنهّ كان ليستمتعّ كثيراّ ، ابنـه يّنال جـّزاءه
صمتّ نايتّ لوهلةّ من الزمنّ ثمّ تنهدّ هازا رأسهّ يميناّ و شّمالاّ ثمّ أخرجّ مسدساّ صّغيرّا منّ جيبّ سترتهّ و صوّبه ناّحيةّ ديميتريّ الذيّ ينظرّ إليهّ بنوعّ
من الاستغرابّ بينماّ تـّحدثّ نايتّ بنبرةّ مبحوحةّ باردّة هادّئة لاّ تتناسبّ أبداّ معّ كلماتهّ شديدّة التهديدّ
ـ أخرجّ مّؤخرتكّ السمينةّ أيهاّ السـافلّ من غـّرفة معـيشتيّ قبلّ أنّ أفجرّ دماغكّ ،
رفـعّ ديميتريّ يدّيه بّنوع من الاستسلامّ ليسيرّ بخـطّوات بطيّئة نـّاحية المـّخرجّ لمّ يكنّ يبدوا على نايتّ أبداّ المزاحّ ، هوّ يّعلم جيداّ أنّ طريقة نايت
في الانتقام ليستّ باللجوءّ إلىّ العنّف أوّ القتلّ بلّ بّسلب الخصمّ أعزّ ممتلكاتهّ أيضاّ جّعله يّذلّ نفسهّ أمامّ الكلّ لكنّ هذا لاّ يعنيّ أبداّ أنه لنّ يستخدّم
أبداّ ذلكّ المسدسّ فقدّ يطّلق رصّاصة لقدمهّ أوّ لّصدره ربماّ لجّعله يّصمت ، تّوقفّ أمامّ نايتّ الذيّ أخفضّ مسدّسه بّهدوءّ لّيعيدّه إلىّ مكانهّ حينهاّ تبادلّ
الاثنينّ أشدّ و أقسىّ النـظراتّ حقداّ ليهمسّ ديميتريّ لهّ بنبرةّ حـّاقدةّ مليّئة بّنشوة الانتصارّ
ـ منّ الجميلّ جـداّ رؤيتكّ تفقدّ أحبائكّ .. واحداّ تلوّ الآخرّ، واحدّا تلوّ الآخرّ إنهّ بمثابةّ نعيمّ إليّ
وضـعّ ديميتريّ يدّه علىّ خدّ نايتّ الشّاحب ثمّ ضربّ عليهّ بخفةّ لكيّ يتقدّم منهّ أكثرّ هامساّ شيءّ ماّ فيّ أذنهّ حينهاّ شدّ نايت الإحكام على قبضتهّ
كابحاّ رغّبته فيّ لكمهّ ، بـّعد ذلكّ ربتّ ديميتريّ بخفةّ علىّ كتفهّ لّكي يتحدثّ نايتّ بنبرةّ باّردة
ـ شـّعور رائـّع أليسّ كذلكّ ؟ الانتقامّ من الشخصّ الذيّ كان سببا فيّ معاناتكّ ؟ أنـّا أعلمّ كيّف كانّ ذلكّ الشـعور حينهاّ لقدّ كانّ أضّعافاّ ، رؤيتكّ و
أنتّ تـذّرفّ دموعكّ كّطفلة صّغيرةّ بالفـعلّ كانّ بمثّابة نعيمّ
نـظرّ إليهّ ديميتريّ بحقدّ شديدّ يّعلم تماماّ كيفّ يستفزّ أعـّصاب الغـّير لاّ عـّجب أنّ حتىّ والدّه البيولوجي قدّ تّخلى عنّه فمنّ يّقبلّ أنّ ينسبّ وحشاّ
مثلّ هـذّا إلىّ عـّائلته ؟ ابتسـّم بّهدوء و أجـابه
ـ واحدّة بّواحدّة ، أحسنتّ القولّ نايتّ .. الآنّ أراكّ لاحقاّ
غـّادر الـغّرفة مسّرعاّ أجلّ لقدّ أحسنّ القولّ مستفزا إيّاه بهـذّه الطرّيقة عنّ نبشّ ماضّيه أبغضّ شيءّ بالنسبةّ لهّ لكنّ لنّ يدوم انتصاّره طّويلاّ
، لنّ يدوم صمودّه أكثرّ .. سوفّ يجّعله يّفقد جميعّ منّ يحبّ ، سوفّ يسلبّ له كلّ شخصّ أحبّه سيّعيد لّه ذّكرياتّ الماضيّ عندّما كانّ وحيداّ
، سّيفعل بكلّ تـّأكيدّ فقطّ إنتـظرّ و سترىّ
أنت تقرأ
لا يجب قول لا لفخامتك
عاطفيةchanez الكاتبة رواّيتي يـّغلبّ عليهـّا الطـّابع الـرومانّسي الإجتمـّاعي ، يتخـّللهـّا الـقّليل من الكـّوميدّيـا و بّضعة بـهاراتّ من الـواّقع أحـّم أعـّلم أننّي سيـئة في تـّرك الأنطـّباع الـجيـدّ لـكّن .. أحـمّ سـأكونّ ممتـّنة للـحّصول على بـّعض ال...