نـظر إلى يده التي أمسكتهـا كلير بإحكـام قبل أن يجول بعينيه في المكـانّ بأسره كانا في حـديقة عـامةّ مشـهورة بذهاب الأزواج إليها تنهد بـقلة حيلةّ
مقطبا حاجبيه لم يكن يـعلم أنها ستسحبـه هناّ هذا الموقع يبدوا هـادئا مقارنة بما اعتقدها سوف تـذهب إليه كمدينة الملاهي مثـلاّ لكنها لم تفعل بل اكتفت
فقط بإمساكـهّ و التـحدث عن شتى الأمورّ مبتسمة بسعادةّ أشـارتّ فجـأة إلى سيـارة المثلجات و اتجهـتّ راكضـةّ نحوها تـطلب منه الانتظارّ
حـالما تـركتّه جلس على العـشبّ ينـظر من حوله لم يسبق له أن كان في مكان حيوي مثـلّ هذا فكل وجهاته تتمثـل في الاجتمـاعاتّ أو تلك الحـفلاتّ الراقيـةّ
المملة بنظره و بنـظر سيده ، ربـع قدميه بحركة عفويةّ ثـمّ أبـعد خصلات شعره عنّ وجهه رافعا إياها للأعلىّ قد ظهرت عينيه الزرقاوتين باهتتينّ جداّ ،
مـرتديا بـذلته الـرسميةّ الـسوداءّ تـركّ معـطفه على الأرضّ كذلك هاتفه و حـاسوبه ،
عـاد ينـظرّ إلى ذراعه هذه المـرةّ مقطبا حاجبيه بـعدمّ رضا منذ أن أصابه جونسون في كتـفه و قدمـهّ فقد الكـثير من الـوزنّ أو بالأحرى ضعفت عضلاته
لم يستعد صحتـه كليا بعدّ إذ أنه لم يعد يتمرن كثيـراّ لعدم توفر الوقتّ إلا أنه وزنه بالرقم من ذلك بقي مثـالياّ ، فجـأة انتقـل إلى مسامعه صوت كلير المرحّ
و هي تقـدم له مثلجاتّ
ـ تـفضل فرانسوا ..
تـمتم بـشكره و هو يـأخذها من بين يدهاّ إنه لا يحبذ الأشياء الحلوةّ لكن سيجربهاّ فقطّ ، تـناول الملعقةّ الأولى دون أن يقـولّ شيئا بينما جـلست كلير بجانبهّ
مبتسـمة عـادت تتحدثّ حول مشـاريعّ التي يتوجب عليها القـيامّ بهاّ ، أسرتهـاّ و كل شيءّ بقي هو ملتزما الصمت طوال هذه الفتـرةّ مستمعا إليهاّ يومئ في
بعض الأحيـان و يركز عينيه عليها بإهتـمام بالغّ هذه عـادتهّ فـلطالما كان مستمعاّ جيداّ ، تحدثت كلير بـنبرة ضـاحكةّ
ـ مـاذا عنك فـرانسوا هل لديك شيء تـريد قوله ؟ التحدث عنه ربما ؟
هـز رأسه نفيا و هوّ يمسك بـملعقته نـظر إليها بوجه شاحبّ لا يريد تـناول المزيدّ لكن مادامت أنها جلبت له ذلكّ فليس من اللائق الـرفضّ تنهد بقلةّ حيلة
و استدار لينظرّ إلى الزوجين اللذان يجلسان أمامهما قبل أن تتـحدث كليرّ فجـأة و هي تدفعه بخفة من كتفه
ـ هيـاّ .. ألا يمكنك الاسترخاء قليلا ؟
رمقـها بنـظراتّ باردةّ فتلعثمت كليرّ و هي تسرع في الاعتذار منـه لما عـاد يراقب النـاسّ من حوله بـلا مبالاة واضحة أخفضت رأسها للأسفـلّ عـابسة
تـعلم جيدا أنها في معظم الأحيان تلح في الطلبّ حتى تحصل على ما تريدّ لكن هذا ليس ما تـريده لا بل حتى ليس أقرب لما ترغب به ، كل ما تمنـته هو موعد
لطيف مع فـرانسواّ يتناولا المثلجاتّ و يتحدثا حول مواضيع عديدةّ دون التطرق إلى العـمل فهل ما تطلبه مستحيـل ؟ فتـحت شفتيها بتردد
ـ فـرانسوا أعـلم أن أول انطباع عني كان سيئا جدا أدرك هذاّ فـأنا لم أكن بالـشخص الجيد لكنّ إن أعطيتني فـرصةّ ثـانيةّ فـسوف أعمل على أن أصححّ
خطئي ،
لم تـرى تـجاوباّ منه بل اكتفى فقطّ بالنظر نحوهاّ دون أي إيماءة أو إشـارةّ فإزداد تـوترهاّ خوفهاّ و ذعرهاّ أميالاّ خـائفةّ من أن تـرفضّ هذا أكبرّ كابوس
لأي إمـرأةّ فأخفضتّ رأسهاّ لوهلة من الزمنّ قبلّ أن ترفعه مجددا لما هـذا صعبّ جدا ؟ أخذت نفسا عميقاّ ثم تـحدثتّ بنبرةّ صريحّة صادقةّ
ـ لما أصـيبت من قبل جونسون لا أعـلم لما لكن لم أردّ لك الموت حينهـا كـأن شيئا انتزع مني كمـا لو كأن قـلبيّ قطـع لأشلاء عـديدةّ أطلق عليّ غـبية
أو بلهاءّ لكن منذ أن وقعت عيناي عـليكّ و أنا واقـعةّ من أخمص قدمايّ إلى أعـلى رأسيّ فـيّ حبـ ..
قـاطعها لمّ وقفّ بكل هدوء ساحباّ معـطفه نـظرتّ إليه بدهشةّ ألن يدعها تكمل اعترافها على الأقل ؟ أهي لا تستحقّ حتى وقته ؟ كتمـتّ دموعها رافضةّ أن
تظهر بمظهر الفتـاةّ المثيرةّ لشفقةّ و هي تدير رأسها بـعيداّ لكن بالرغمّ من إرادتها فقدّ بدأت البكاءّ دونّ أي صوت لما تـحدثّ فـرانسوا بـنبرةّ هادئةّ جداّ
ـ أنـا لست بالـرجل اللطيف الذي تظنينه كمـا أنني لستّ بالـرجل المناسبّ لك ..
استـدارّ لينظر نحوها ثمّ استند على ركبته لكيّ يمسكّ بـوجنتيها بينّ يديه كان مبتسماّ و كم كانتّ ابتسامتـهّ لطيـفةّ ذاتّ عـاطفةّ وّ رقة لم يسبقّ لها أن رأتهاّ
لم يكن حبـاّ هذا ما رأته كليرّ فيه لقد اعتقدتّ أنه لم يحببهاّ و طوال هذه المدةّ كان يكرههاّ فضحكّ بخفةّ لأول مرةّ ثمّ تـحدثّ بنبرةّ مـرحةّ
ـ أنـا ممتنّ لك كلير .. بسببكّ استعدتّ رغبتي فيّ العيشّ مجدداّ لأنك أول شخص بكى من أجليّ لأنك أولّ من حزن لرحيليّ فـأنا ممتنّ لكنّ لا أستطيعّ أن
أمنحكّ السعادة التيّ تـرغبين فيهاّ ،
اتسعت عينيهاّ بصـدمةّ قبلّ أن تزم شفتيها محاولة أن لا تبكيّ يقـولّ أنه بسببهاّ استعاد رغـبته في العيشّ أنها أول من بكى لأجلّه و أول من حـزن لرحيله
فـلماذا يدفعها بعيداّ عنه ؟ هزت رأسهاّ نفياّ و هي تبكيّ بصوتّ عاليّ حينها رقتّ ملامحـهّ أكثرّ تـنهدّ قبل أن يتحدث مجدداّ بنبرةّ هادئةّ
ـ لتنسيّ ما حدث في بـاريس اعتـبريه مجردّ حلم فقطّ .. أنسي ما حدثّ كلير جدي شخصاّ أفضل بعيداّ عن كل هذّه الـحروبّ عيشيّ ، هلا فـعلت هذا من أجلي ؟
الآن عـلمتّ السببّ خـلفّ مجيئه لم يكنّ لأنه أرغم نفـسهّ لم يكنّ لأنه مجرد أمر من قبل نايتّ بلّ لإنهاء كل شيءّ لإنهاء مشاعرهاّ هي نحـوهّ ، يطلبّ منها
أن تنسىّ كل ما جرى ؟ كيفّ ذلك و هي من رأته يعاني أمـامها ؟ كان على مشـارفّ الموتّ يعانيّ كل ليلةّ من كوابيسّ تـطارده ألام جسدهّ و خـذلانه لسيده
يحـاولّ بجهد أن يشفى لا لأجل نفسه بل لوعد قـطعه على نايتّ ، يـضحي بحياتهّ مخلصّ لمهنته سيـده لا بل صديقـه إنه أكثرّ من مجرد سكرتير بسيطّ إنه
الـرجل الذي تـحبه هيّ لا أحد أفضل منه بين عينيهاّ و لن تـجد أحداّ فـكيفّ يطلب منها نسيان أول حب لها ؟ فقدتّ القـدرةّ على الكلامّ فتنهد فـرانسواّ بـقلةّ
حيلةّ و هو يجلسّ بجانبهاّ نـظرّ لسمـاءّ قبل أن يتحدث بنبرةّ شاردةّ
ـ نحـن رجـال غايتنا الانتقـامّ كلّ ما نسعى خلفـه هوّ الانتقامّ فقطّ ، أتحدث بمسدسيّ و أجادل بقبضتيّ لست أبالي بعدد الأرواح التي قتلتها ما دامتّ مجرد
عـثرةّ في طريقيّ .. بالرغم من هـذاّ أريد أن أقول لكّ أن ..
تـوقفّ عن الحديثّ عند هذهّ الكلمـةّ بالذاتّ قدّ أعـاد أنظاره نحوهاّ كانتّ تـحدق به بـكلّ دهشـةّ عـاجزةّ عن التعـبيرّ رجال غـايتهمّ الانتقـامّ هوّ و نايت تعـلمّ
هـذا مسبقا تـدركّ ما يفعلهّ هي لا تطلبّ منه أن يتوقف عن ذلكّ كل مـا تـريدّه هو البقـاء بجانبه الحصـولّ على ابتسـامتهّ فـكتمتّ أنفاسهاّ حينهاّ وقف مجدداّ
مد يده نحوهاّ قد عـادتّ ملامحه لما كانتّ عليه لكي يتحدثّ بنبرةّ هادئةّ
ـ هلا أعطيتني يدكّ آنسة كلير ؟
لم تـرد أن تمسكّ يده بلّ أنها وقفتّ لوحدها تـاركةّ يده الممدودةّ فـسحبهاّ للخلفّ حينما اقتربتّ منه كلير فجـأةّ على أطرافّ قدميها أمسكتّ بـوجههّ ثمّ قـبلته
على شفتيـهّ اتسعت عينيهّ بصـدمةّ أتجاهلت كل ما قـاله تـواّ ؟ كـأن كل الكلامّ الذيّ قاله ذهب أدراجّ الـرياحّ ، بـعدّ ذلك تـركته ابتعدتّ عنه عدةّ خطواتّ ثمّ
تـحدثت بنبرةّ قـويةّ و هي تشير عليهّ
ـ أنـا كلير سأجعـلكّ تـقع في حبـي لذا انتـظر و سترى ..
ضرب جبيـنه بـخفةّ متنهـداّ بقلةّ حيلةّ ألن ينفع أي شيء معهاّ ؟ فتحّ فمه لكي يتحدثّ فـعادتّ تـقترب منه نـظر إليهاّ بـإستغراب كاد أن يتحدثّ فوقفتّ على
طـرفّ قدميها بـنظرةّ تصميمّ واضحـةّ حينهاّ وضع يده على شفتيهاّ قـائلاّ بإنزعاجّ و إحراج في آن واحدّ
ـ حسنـا فهمتّ توقفيّ .. دعينـاّ نعود الآن
ابتسـمت بـخفةّ و هي تـحيطّ ذراعه بذراعهاّ متشابكينّ قطب حاجبيه منـزعجا أي إنهاء للأمور ؟ كأنها لم تسمع شيئاّ مما قـاله لكنّ ألقى نـظرّة خفيفة عليهاّ
ثم ابتسمّ بهدوء كاتما ضحكتـه هـذا الاعترافّ جعله يتـذكرّ ماري لسببّ ما كم بدت شبيهةّ بها فيّ هذّه اللحـظةّ لا عـجب في أنهما صديقتينّ ،
عـادتّ كلير تتحدثّ مجدداّ عنّ محاضراتهاّ بكلّ مرحّ قد عـلت وجنتيها حمرةّ طفيفةّ لن تـكذب على نفسها و تـقول أن كلمـاته هذّه لم تـؤثر عليهاّ لأنها فـعلتّ
تـدركّ الآن أن المسافةّ لقلبه طويلةّ و ليسّت سهلّة ، حينـماّ توقف فجـأة فـرانسوا عنّ السيرّ نـظر بطـرفّ عينه لأحد الاتجـاهاتّ قد تـغـيرت ملامحهّ بأكملهـا
استغـربت ما حدث له و كـادت أن تستدير لولا أنه أحكم القـبضّ على ذراعهاّ تـحدث بنبرةّ هادئة
ـ لا تلتفتيّ .. لنغـادر فقطّ
أومـأت كلير بالإيجاب مستغربةّ ما يحدث ثم اتجه كلاهما إلى سيارتها وضعتّ المفتاحّ مكانه مستعدةّ لتشغيلّ المحركّ حالما أغلقّ فرانسواّ البابّ خلفهاّ نظرت
إليه بدهشةّ فتحدثّ بهدوء و هو يلقي نظرةّ أخيرة عليهاّ
ـ سـأشتري عـلبة سجائر انتظري لحـظةّ ..
تلعثمت لكنها لم تجادله بل اكتفت فقطّ بانتظاره تماما كما طلب منها بينما اتجـه فرانسواّ بخطوات بطيّئة إلى إحدى المحلاتّ كانتّ المسافة بعيدةّ مقارنةّ
بموقعهماّ حـالما اقتـربّ كفايةّ استدارّ بسرعةّ لكيّ يمسكّ ذراع رجلّ ما لفها خلفّ ظهره بحركةّ سريعةّ جداّ جعلتّه يتـأوه ألماّ بينماّ نظر إليه فرانسواّ ببرود ،
تـحدثّ بنبرةّ باردةّ
ـ من أرسلك ؟ و مـا غـايتك ؟
لم يجبـه الرجلّ بل التـزمّ الصمتّ و هو يحاول تخليصّ نفسه بكلّ قوة حينهاّ ازدادت شدةّ قبضةّ فرانسواّ على ذراعـه لكيّ يتأوه بـألم قد كاد أن يكسرهاّ
بدون مبالاةّ فـتحدث فرانسواّ مجددا بنبرةّ هادئةّ
ـ لماذا تتبعنـا ؟
تـوتر الرجلّ أكثر فرمقه فرانسواّ بإستغـراب إذ بدى له عديم الخبـرةّ إن صح القولّ فـهو لم يخفيّ نفسه جيداّ كمـاّ أن مكان مراقبته لهما كان بارزاّ و لاّ يجيد
حماية نفسه أيضاّ هل هوّ جديدّ في هذا العمل ؟ أم أنه مجرد أحمق ؟ قطب فرانسوا حاجبيه حينما أجابه الرجل بتوتر
ـ أرجوك لا تـفعل ، أنا فقط أنفذ أوامره ..
كـاد فـرانسوا أن يسـأله عن هوية هـذا الغـامض بالرغم من أنه هويته كانت واضحـةّ له منذ البدايةّ إلا أن التـأكد واجب عليه قبل أن يقدم على فعل أي شيء
حينمـا لمح كلير قادمة نحوهما قد كانت تركــض مسرعة بدت قـلقة للغايةّ فـشتت انتباه فرانسوا لوهلةّ مما جعل قبضته تضعف قليلاّ فاستغل الرجل الفرصةّ
لكي يفـلت منـهّ راكضـا فقطبّ حاجبيه بإستنـكارّ ، لما انتقل إلى مسامعه صوت كلير القلقة
ـ فـرانسوا لماذا تـأخرت ؟ و لما كنت ممسكا بـذلكّ الرجل ؟ هل حدث شيء ما ؟
تنهـد بقلةّ حيلة أكان عليها القدومّ الآن ؟ فـهز رأسه نفيا على أسـألتها و هوّ يجعلها تستديرّ دافعا إياهّ بـخفة من ظهرها إلى الأمـامّ بينما استمرت أسـألتها
دون تـوقفّ لكي يضطر فرانسواّ لإجابتها بنبرةّ ضجرةّ
ـ كلـير اخرسي و دعينـا نغـادر فـأنا متعب ..
زمت شفتيها باستياء و نـظرتّ للخلفّ حيثما كان يقف فرانسوا و ذلك الرجلّ سابقا ثمّ عـادت تـشغل المحركّ في حين جـلسّ فرانسوا بجانبها رفـع هاتفه
بـهدوء بدأ العـمل لكي يزداد استياء كليرّ هـذّه المرةّ التـزمت الصمـتّ فعلا طـوالّ رحلتهما نحو قـصرّ لبيير ..
أنت تقرأ
لا يجب قول لا لفخامتك
Romancechanez الكاتبة رواّيتي يـّغلبّ عليهـّا الطـّابع الـرومانّسي الإجتمـّاعي ، يتخـّللهـّا الـقّليل من الكـّوميدّيـا و بّضعة بـهاراتّ من الـواّقع أحـّم أعـّلم أننّي سيـئة في تـّرك الأنطـّباع الـجيـدّ لـكّن .. أحـمّ سـأكونّ ممتـّنة للـحّصول على بـّعض ال...