البارت37

141 13 0
                                    

سّقـوطّ الأقّنعة

ظلّماتّ دّهاليّز لندّن و أحيّائهاّ الفّقيرة لاّ يّقارنّ أبداّ بّذلك الظّلام و تلكّ الوحدةّ التيّ تكمنّ خلفّ القـّلوب فبرّغم منّ شّروق الشّمس
و انعدام الضّباب بهذاّ اليومّ إلاّ أنهّ بّمثّابة بدّاية لّطّريق الموتّ البطيّء لّكايلّ ، فسقطّ الملفّ من بيّد أنامله المرتجفّة و تّلاها دّموعّ
الحسر و الندم لمّ يدّري متىّ بدأتّ دموعهّ بالانهمار و لمّ يـّعلم منّ أيّ نقطّة تحطّم قّلبه لأشّلاء أمنّ سمّاعه لاعتـّرافها المحقونّ بشّتى
أنواع العواطفّ لّشخص غّيره أوّ من تلكّ الّقبلة العميقّة التيّ و قبّل أنّ تّلمس شّفتين كّانتّ طّريقاّ لّفتح قلب نايتّ البّارد و طريقّا لّكسرّ حبّه
المجنون ،
رأى نايت يّتقدم مّسرعا بّغيرّ ملامحّ البّرودة التيّ دوماّ ماّ كانت قناعّا يرتديه على وجّهه و بدّون تنكرّ أوّ قّناع آخر كاّن قّلقّا و شاحبّا حيّنما
تهاوتّ إليزابيّث و قدّ خانتهاّ قدّميها لّيمسكّها مانعّا إياهاّ من الارتطام بّالأرضّ فّهمسّ بّشيءّ ماّ بالقّرب من أذّنها بّقّلق ، حينهاّ أدركّ كاّيل
شّيئاّ لمّ يكنّ يّعلمه طـّوال هذّه السنينّ ، أنهّ مجردّ دّخيلّ بينّ هاذّين العـّاشقين .
قدّ كـّانت ماريّ قـّادمة تّضع يدّها على قّلبها و هي تلّهث منّ التعبّ بّعد الـعدوّ السريعّ الذيّ جّعلتها سوزي تقومّ به لكيّ يهربّا من بينّ براثن
رئيسة الخـدمّات حينّ لمحتّ كايّل واقفّا أمامّ باّب غـّرفة مكتّب جدّه بّملامحّ غـّريبة بينماّ هناكّ دمعة شّقت طّريقها على خدّه فّاقتربت منه
مسرعة لتهمسّ بنبرةّ قلّقة مشدوهةّ
ـ كـّايل ، ما الذيّ يحدثّ ؟
أخفضّ رأسهّ و لمّ تعد قدميه قادرتان على حملّ هذاّ العبء الثقيّل ، لقدّ رأى بّعينيه هاتينّ زوجـته و حبيبتهّ ، منّ ملكتّ قّلبه فيّ يوماّ ماّ
تحـطّمه إلى أشّلاء و تدوسّ عليهّ بعدّ أن أنتهتّ من استعمالهّ فكيّف لها أن تقّبل نايتّ و لا أحدّ غيرّ نايت خصمهّ اللدودّ ؟ لقدّ سمعّ بأذنيه
هاتينّ اعتـرافها الصادقّ ، ما العمـّل ؟ كمّا لو كأن العـّالم بأكمله قدّ انهار من حوله ،
وضعتّ ماريّ يدّها علىّ كتّفه فّسّارعّ بمسحّ دموعهّ لكنهّا لمّ تكفّ عنّ النزولّ و لمّ تّكف أناملهّ عن الاستمرّار فيّ مسحّها لذّلك تقدّمت
ماريّ و حّاولت النظرّ من خلالّ فتحةّ البّاب ، وجدتّ إليزابيثّ تستندّ على ظّهر نايت محتّضنة إياهّ من الخـّلف فّاتسعتّ عينيهاّ بّصدّمة عندّما
استداّر نايتّ ناحيّة إليزابيثّ ممسكاّ بوجّنتيها بكلّ خفةّ ثمّ انحنّى كيّ يهمسّ بشيءّ ماّ ،
عمّ صمتّ و لمّ يستطعّ أحدّ عنّ يقطـّعه لكنّ بّهدوء مفـاجّأ مدتّ ماريّ يدّها لتلتقطّ ملّف الذيّ أسقطّه كاّيل و تـّرفعه ، نـظرّت إليه بّكل ما تحّمله
معّانيّ الشجونّ و الألمّ ثمّ ابتسمتّ لهّ و منّ أجله داّفعة إياهّ لّصمودّ قـاّلت بضحكّة
ـ يّا إلهيّ ، المكانّ مظلمّ هناكّ بالكادّ أستطيّع أنّ ألمحّ شيئّا و أظنّ أنّ الجدّ ليسّ هناّ لذلكّ دّعنا نؤجلّ الحديثّ بشأن الرحـّلة إلىّ وقتّ آخر
ثمّ تأبطّـتّ ذراعه بّمرح و سحبّته مبعدّة إياهّ عن تلكّ الغّرفة المـظّلمة كماّ وصّفتهاّ ثمّ أخذتّ تتحدثّ في مواضيعّ عدّة لاّ علاقة لهاّ ببعضهاّ
البعضّ بينماّ كان هو يومأ بّالإيجاّب دون دّراية لماّ تتفوهّ بهّ حينماّ خرجتّ إليزابيثّ و خلفّها نايتّ مرتدّيا بذّلته الرسميةّ السوداّء ، استداّرت
ماريّ ناحيّتهما و قدّ لاحـظتّ نظراّت نايتّ البـّاردة و الغـّامضة فّابتسمّت بكلّ مرحّ بينماّ كانّ كايّل غيّر قادرّ على الحركةّ محاولاّ بّشدة أنّ يكتمّ
أعّصابه الثّائرة و النّـارية فيّ حينّ أنّ ماريّ تستمرّ بتمسكّ به قـّالت بّضحكةّ
ـ عـزيزيّ ، نحنّ أيضّا بّصدد رؤية سيدّ بيترّ بشـأنّ ..
اقتـّربّ نايتّ منها و ركـزّ النـظرّ إليهاّ فّلطاّلما كّانت عّينيها تعكسّان مدّى صدقّ قولهاّ أو هـذاّ ماّ يّعتقدّه لكّنها بهذه اللحظةّ قدّ اختفى لمعّانهماّ
فجأة كماّ لو كأن ذلكّ الزجاجّ الذيّ لطالماّ عكسّ مشاعرها قدّ كسّر ليصبّح داكناّ عميقاّ و غامضّا فجأةّ فّابتسمّ بّبرود و ردّ
ـ إنهّ غيّر موجودّ،
أصّدرت آهة تدّل على إدّراكهاّ ثمّ هزتّ كتّفيها نفّيا و هي تنظرّ بّخفية إلّى إليزابيثّ المبتسمةّ بكلّ جّرأة و رقّة بينماّ قدّ أختفى قّليل منّ بريقّ
أحمرّ شّفاههاّ ، لمّ تكنّ ماريّ يوماّ لتلاحظّ ماّ يحدثّ من حولهاّ لكنّ نـظرّات إليزابيثّ المنتصّرة و حديثّ نايتّ اللبقّ المفاجئّ أمرّ لاّ يمكنّ
على إمرأة عّاشقة أنّ تّغفله فّضحكتّ مجدداّ ببحـّة قّبلّ أن يّجرؤ على وّصفها بالسّافلة الحّقيرة التيّ قدّ وضّعت قيمةّ نقديةّ لكرامتهاّ أليسّ
من الأحسنّ التفاتّ بجاّنبه ؟ فقّالت بّمرحّ
ـ حسناّ لا بأسّ ، إنهّ ليسّ بذلكّ الموضوّع المهمّ على أيّة حاّل يمكنناّ تأجّيله ..
أمسكّت بذّراع كايل لسحبّه لكنّه لمّ يتحركّ قدّ أنملةّ ، فّرمقّته بّقلقّ و رعـّب لكنهّ وضعّ يدّه حولّ كّتفيها بحركةّ صبيانيةّ مستدّيرا ناحيـّة نايتّ
متحدثّا بّلهجةّ غّريبة
ـ آشششّ ماريّ أنتّ لا تّردينّ كشّف سّرنا ،
ابتسمتّ له بّملامحّ لطّيفة رقيقّة فّنـظرّ إليهاّ كايلّ بعينين باهتتين قدّ غاّدرهماّ بريقّ الأملّ فيهمّا ، كّانت تّعلم تماماّ ما السرّ الذيّ يختبأ خلفّ
هاتينّ العينينّ لقدّ كان قّلباّ محطماّ أحبّ إمرأة لمّ تكنّ لتستحقّ كلّ ذلّك العشقّ الذيّ يّكنه لهاّ ، إنهاّ إمرأة خـّائنة رفضّ قّلبه أن يدّعها و شأنهاّ
حّاولت ماريّ أن تّتحدثّ لكيّ لاّ تّجعل ضّعفه يّلمح منّ قّبلهمّ لكنهّ و بكلّ هدوء لفّ ذّراعيه حولّ خصّر إليزابيثّ و قّبلها بّخفة علىّ شفتيهاّ
ليهمسّ بّنبرة متّلاعبة
ـ لقدّ اشتقتّ لرؤيتكّ عزيزتيّ ،
لمّ تستجبّ إليزابيثّ لتّرحيبه فّقد كانّ ذّهنها شّاردا و هي تراقبّ نـظرّات نايتّ البّاردة نحوهماّ ، فّابتعدتّ عن كايلّ بّقليل من الانزعاج و سّارعتّ
بخطّوات متباعدةّ ناّحية جناحهاّ فّحركّ كايلّ خصلات شعره البني بّعشوائية و سـألّ نايت بكلّ بّراءة
ـ أتعلمّ ماّ بها ؟
رمقّه نايتّ بّحدةّ و تجّاهله كعّادته ليّغادر هوّ الآخرّ فيّ حين كاّن وجّهه شّاحباّ بشدةّ ، غيرّ قّادر على استيعابّ ما فعلته إليزابيثّ تواّ ، بّعد إختفاء
الإثنينّ تنهدّ كايلّ بّأسى شديدّ و جلسّ مستنداّ على الجداّر الذيّ خلفه واضعاّ رأسه بينّ ذّراعيه ، زفرّ لوهلة محاّولا إدّخال بعضّ الهواءّ المنعشّ
إلّى رئتيه أوّ ربماّ إلىّ قلبه إن استطاعّ لكنه لم ينجحّ في ذلكّ لتّجلسّ ماريّ أمامهّ مستندّة على ركبتيهاّ ، ابتسمتّ له بكلّ لطفّ و حنانّ ثم قّالت بّرقة
ـ كايّل ، هلّ أنتّ بخيرّ ؟
لاّ هو ليسّ بخيرّ بكلّ تأكيدّ، يحاّول جاّهدا كتمّ دموعهّ قّهره و عّجزه، لقدّ كافحّ منّ أجلهاّ يّحاول فّعل المستحيلّ فقطّ لرضاّها لذاّ لا يحقّ لها
تركّه هكذاّ، ليسّ بعدّ أنّ وجدّها بعدّ أن أحبّها قلبهّ بّصدق ، زفّر بّقوة متماسكاّ ثمّ نـظرّ إلىّ ماريّ ، كانتّ تّرمقه بنظراتّ حزينةّ أليمةّ لكنهاّ
فيّ نفسّ الوقت ذاتّ رقّة و حنانّ علىّ حاله ، أمسكّ بمعصمها فجأة لتّضع هي يدّها على كتّفه مبتسمةّ ليتحدثّ بكلّ برود
ـ ماريّ يستحسنّ أن تبتعديّ عنيّ الآن فّأنت لا تّدركين ماّ أنا قادرّ على فعلهّ للانتقام، إذّ أنه يصّح لناّ الجلوسّ على نفسّ الجّهة
أخفضتّ رأسهاّ لثانيةّ محاّولة التماسكّ أنّ تصنعّ منّ خلفّ هذّه الدموعّّ حاجّزا قّوياّ يمنع تسربّ الألمّ لهاّ ، يكفيّ حّزنا و يكفيّ قّتالاّ بهذاّ
الحبّ الغيرّ متبادلّ فّلم يكنّ هناكّ أبداّ مقعدّ لهّا منّذ البداّية إنهاّ تذّكر تّماماّ أول لقاءّ لهماّ لقدّ اعتبرتهّ أفّضل ذّكرى قدّ نالتهاّ لكنهاّ لمّ تكنّ
كذلّك ، لقدّ كانّ نايتّ يحاولّ جاهداّ تلكّ الليلةّ أنّ يّعيدّ الجليدّ لّيملئ قّلبه بعدّ أن حطمتهّ إليزابيثّ و أرادّ أن يّثبت لهاّ أنهّا قدّ أصبحتّ من
الماضيّ فّوجدّ ماريّ أمامه ،
رفّعت عينيهاّ بتلكّ اللحـّظة و برزتّ مدىّ القّوة التيّ تحملهاّ ، بالّرغم منّ أنهاّ بالكاد تستطيعّ الدّفاعّ عن حبهاّ غيرّ وضعّت يدّها على كتّفه
لتضّغطّ عليهاّ بّخفة فعمتّ ملامحّ الصدّمة كايل ، ابتسمّت لهّ بّهدوء و أجّابته
ـ نحنّ لن نكونّ أبداّ فيّ جهـّة واحدّة كايلّ فأناّ فيّ النهايةّ لست سوىّ ظلاّ يسايرّ الظلامّ أينماّ كانّ، لكنّ سأساندّك بمعركتكّ هذّه
لوهلةّ من الزمنّ عّمت ملامحّه الحزنّ العميقّ غيرّ أنه سّرعان ماّ طرّدها ليّظهر ابتسامتهّ السّاخرة المتلاّعبة ذات النبرةّ القّوية ، قّال بكلّ برودّ
ـ حقاّ ؟ لأنّ لناّ مصالحاّ متّضاربة على ماّ أعتقدّ ؟ لكنّ لو أنّك تّعلمين خلفّ ماّ رأيته أبواباّ لماّ كنتّ لتساندّيني ، أنهاّ معركّة خاسرةّ مادّمت
إليزابيثّ خصمكّ
رمشتّ عدةّ مـراتّ بصدّمة ، مصالحاّ متضاربّة ؟ هيّ لست تحاول دّفعه لّكسبّ قلب إليزابيثّ من أجلّ أن تنالّ هي حبّ نايتّ لكنهاّ تريدّ له
الكفاحّ من أجلّ حبّه ، أنّ لا يستسلمّ منّ أولّ محاولةّ ، لكنّ ما الذيّ يّقصده بّخلفّ ما رأته أبواباّ ؟ أهذاّ يعنيّ وجودّ المزيدّ منّ الأسرار ؟
فّهمستّ بّنبرة ضّائعة
ـ ما الذيّ تّقصده كايّل ؟
حينهاّ ضحكّ بقوةّ ، فّوضعّ يدّه على كتفهاّ بّسخرية شديدّة ليّقترب و يّحضنهاّ بخفةّ بينماّ ماريّ ليست مستوعبةّ لمّا يحدثّ من حولها على
الإطّلاقّ ، تحدثّ ببرود
ـ دّعيني أحزرّ ، أنتّ لا تّعلمين عنّ نايت شيئّا ؟ بالطبّع و إلاّ لماّ بقيت بجانبهّ حتىّ الآن ، الشيءّ المثيرّ لضحكّ هو أننيّ أشفقّ عليكّ أكثرّ
مما أشفقّ علىّ نفسيّ بهاته اللحظة
ثمّ وقفّ و أشارّ بيدّه حّركةّ الانتصار ثمّ الهزيمة ليّغادرّ متمتماّ بكّلماتّ أغنيةّ ماّ ، بينماّ بقيتّ ماريّ لوهلة فيّ مكانهاّ ما الأمر معّ هذّه العّائلة ؟
لماّ كلّ شيءّ معقدّ من حولهمّ ؟ فّأخذتّ تسيرّ بّشرودّ عندّما تذّكرت إليزابيثّ و هي تحتضّن نايتّ من الخلفّ هامسةّ له ، انتـظرّت منهّ أنّ يبررّ
وجودّه بّرفقتها لكنّه زفّر بكلّ قّلة صّبر لّيتقدمّها مغّادرا، فأغّلقت عينيهاّ بّقّليل من اليأسّ ما الذيّ توقعتهّ منه ؟ أّن يّعلل سّبب وجودّه معّ إليزابيثّ
لوحدّهما ؟ أمّ يتأسّف لهّا عنّ كلّماته القّاسية ناحّيتها ؟ إنّ هذاّ ليسّ من شيّم نايتّ و بحلّول هذّه المدّة يجّب عليها أن تدّرك ذلكّ فنايتّ التيّ تحبـّه
لا وجودّ لهّ ، و مهماّ حاولتّ هيّ لن تستطيّع أن تغّرز بذّور حبّها فيّ قّلبه ، لقدّ فّشلت و لمّ يعدّ يوجدّ مكان لهاّ بعدّ الآن فهـذاّ القصّر فابتسمتّ بّقهر
و جمعـّت قّبضتهاّ لتتجـّه إلىّ غـّرفة المعّيشة عّابرة السّلالمّ و ذّهنهاّ شّاردّ ، عندّما تّعّثرت بّثوبهاّ فّبحركّة مفّاجأةّ هوتّ علىّ الأرضّ لّتسقطّ لكّنها
و بّسرعة مدتّ يدّها لتمسكّ بّسور الّسلالمّ الحّلزونيّ ليرتطّم رأسهاّ بكلّ قوة علىّ الدرجّ ، تأوهتّ بألمّ غيّر أنهاّ نجّحت فيّ التماسكّ بأخر اللحـظةّ ،
كاّن هـذاّ بمّثابة النجاّة من كاّن هـذاّ بمّثابة النجاّة من الموتّ حينماّ وجّهت عينيهاّ إلّى الأسّفل مقّاومة رّغبتها الحاّرقة فيّ ذّرف الدّموع فّهمست
بّنبرة متألمةّ كاّتمة شهقاتّ بكاّئها
ـ لاّ بأسّ الحـوادثّ تحصّل
فأغّلقت جفنيهاّ بّقوة محاولّة أنّ تكتّم هذّه الدموعّ إلاّ أنهاّ أبتّ إلاّ و النزوّل فّشقت طّريقهاّ بّهدوء على وجنتيهاّ الوردّيتينّ، لمّ يكّن ألمّ جسّمهاّ
يّؤلمهاّ بقدّر ما كاّن قّلبها قدّ تحطّم إلى أجّزاء فيّ ظرفّ ثّانية ، فّشّهقت مّرة آخرى و نـزعتّ يدّيها عنّ وجههاّ لتبدّأ بالبكاءّ و بصوتّ عاليّ تئنّ
له القّلوبّ ،
كلّها أكاذّيب ألقاهاّ عليهّ نايتّ كتعويذّة تّوغلتّ هيّ فيهاّ فّصدقتهاّ بكلّ ركنّ منهاّ ، إلاّ أنّ هذّه التعويذّة تّبقى مجردّ أكذوبةّ فّهل منّ منقذّ ؟
يّقيها هذاّ العذاّب ؟
جّمعت ركبّتيها إلىّ صدّرها و أسندتّ رأسها عليهماّ لتكتمّ صوتّ بكائهاّ لكنهاّ فشلتّ ككّل شيءّ حاولتّ فعله فيّ حياتهاّ، فتحتّ عينيهاّ بّضّعف
و صوّرة واحدةّ احتلتّهماّ قدّ غزتّ كياّنها بأكمله لقدّ كانّ صادقّا نحوهاّ ، قّلقاّ عليهاّ علىّ إليزابيثّ .. سّارع إلىّ إمساكها و التشبثّ بهاّ خوفّا عليهاّ،
فيّ النهايةّ لقدّ شّاركت فيّ حربّ كانتّ تّعلم منذّ البداّية أنهاّ خاسّرة
وضّعت يدّ علىّ كتفهاّ بّهدوء فّسّارعت بّمسحّ دموعهاّ رافّضة أنّ يّرى أيّ أحدّ حالتها المزريةّ هذّه و استداّرت لترسمّ على شفتيهاّ ابتسّامة لطّيفة
رقيّقة فّتحدثتّ بّبحةّ ذاّت رنةّ واضحةّ خلفّ صوتهاّ الحزينّ وأشّارت علىّ جبّهتهاّ بكلّ مرحّ
ـ لقدّ سّقطت علىّ السّلالم سوزيّ
لكّن ابتسامتهاّ المرحّة اختفتّ أدراجّ الرياحّ حاّلما رأتّ نايتّ يّقف أمامهاّ و علىّ ملامحّه نظّراته الباّردة الداّئمةّ ، زفّر بكلّ ضجرّ ثمّ جلسّ بجاّنبهاّ
علىّ السّلالمّ محاّولا أنّ يّخفف منّ ضغطّ ربطّة عنقهّ عليهّ بعدّ أنّ ارتدى بذّلته السوداّء الرسمّية ، فّتح شّفتيه لّيتكلمّ لكّنه أغّلقهّما مجدداّ بّغيضّ ،
فّأبعدتّ ماريّ وجّهها عنه و هي تّضعه علىّ ركبّتيهاّ ، قـّالت بنبرةّ خافتةّ
ـ ماذاّ تّريدّ ؟
رمّى بّعلبة صّغيرة رمـّادية مستطيّلة الشّكلّ فرمقّته مارّي بدّهشة لكنهاّ فتحّتها لتجدّ قنـّاعاّ علىّ شكـّل فـّراشة أسودّ بّخطوطّ ورديّة يّوضع حول
عينيهاّ كالوشمّ إذّ أنهّ يلصّق و لاّ يّربطّ فّنظرتّ إليه بإستغّراب ، إنهاّ المرة الأولى التيّ ترى شّيئا كهذاّ فّتحدثّ نايتّ بلهجته البّاردة المبحوحّة
ـ ضّعيه فّنحن سنّحضر حفّلة تنكريّة
زمتّ شفتيهاّ بّتعاسّة و حاولتّ أنّ ترتدّيه لكنهاّ لمّ تجدّ وضعه خصوصّا و أنهاّ المرّة الأولى التيّ تحضّر فيهاّ حفّلة تّنكرية لذّلك تقدّم نايتّ منهاّ
متنهداّ بكلّ كرهّ ، رفّعه و لامستّ أنامله الطّويلة وجّنتيها بينماّ هو يّثبته بكلّ خفةّ حولّ عينيهاّ ، لذّلك ابتسمتّ بّكل لطفّ لتّركيزه الشديدّ على
إتقانّه عندّ انتهاّئه اقّترب منهاّ أكثرّ و وضعّ قّلادّة ذاّت أسّلوب راقيّ ناعمّ حولّ رقبتهاّ ثمّ همسّ بّنبرة باّردة هادّئة
ـ أنـّا لّنّ أعيدّ الخطأ مرتّين ماريّ ، لذلكّ بكاءّك لاّ جدوى منه
رمقّته بكلّ دّهشة لتلامسّ يدّيه وجّنتيهاّ ، كاّن ينـظرّ إليهاّ بّعينينّ داّكنتينّ زرقاوتينّ شديدّتا الظلمةّ كّجو لندّن مليئتين بالغّموض كأنه يطمئّنها
بطّريقة غيّر مبّاشرة ، ما الذيّ يعنيه بالخطّأ و ما الذيّ يقصدّه بمرتينّ ؟ فّتلعثمتّ محاولةّ إيجادّ الكلماتّ المناسبةّ فيّ هذّه اللحظةّ عندّما انهالّ
إلىّ مسّامعهاّ صوتّ إليزابيثّ السّاخر و المستهزئّ كعادّتها
ـ هلّ نفذتّ جميعّ الغرف لتّقبلهاّ أعلّى السّلالم نايت ؟
وصّلا كّلا منّ إليزابيثّ المتأبطّة بذّراع كاّيل الهادئّ على غّير عـّادته بينماّ الجدّ بيترّ خلفهماّ حاّملا معـطفّه و يقف بّفّخر تظهرّ عليهّ صّفاته
الإستقراطية ، نـظرّت ماريّ إلىّ إليزابيث و قدّ كانت أنيقة كعادتهاّ بّفستانهاّ البنفسجيّ الضيٌّق و قناعّهاّ الممسكةّ به ، ابتسمّ نايتّ بكلّ جاذّبية
و أجاّبها بنبرةّ متلاعبةّ
ـ هلّ أصّبت بالغّيرة إليزابيثّ ؟
احمرت وجنتي إليزابيث إحراجّا و تلّعثمت محاولة الاجاّبة لكنهّ تجاّهلها و هوّ يّساعد ماريّ على الوقوفّ فيّ حين رمّقها كايّل بّكل برودّ كمّ
يغتاظ من تصّرفاتهّما هذّه،عندّما تّحدثّ بيترّ بحدةّ مغّيرا دفّة الحديّث بّنبرةّ محذّرة
ـ يّا شّبابّ أناّ أحذّركم من الآن عنّ الأفعال الطاّئشة ، لاّ تحرجونيّ أمامّ دعوةّ صديقيّ أتفهمونّ ؟ كايّل لاّ أريدّ تلاّعبا بّالألفاظّ و نايتّ حاّول
أن تكونّ مهذبّا و لو أننيّ أعلمّ أنّ هذاّ لا يجريّ بدّمك ، أيضّا إليزابيثّ تجّنبيّ الصّور العديدّة التيّ لا فائدّة منهاّ و ماريّ حـاولّي أن تنسجميّ
مع الّبقية و لو أننيّ أعلمّ أيضّا أنكّ حالة ميئوس منها
كتمّ فرانسواّ ضحكتّه و هو يتبعّ السيدّ لبيرّ على ملامحّ الأربّعة المصدّومة ، إذّ أن بيترّ يّعتبرهمّ مصدرّ إحراجّ فّزمّ كاّيل شّفتيه بكلّ غيضّ
و تـّبعه بّرفقة إليزابيثّ التيّ لا تّقل عّنه غيضّا ، بينمّا هزّ نايتّ كتفيه غيرّ مهتمّ لرأيه و أخذّ يحاول تّخفيفّ ضغطّ ربطّة عنقه مجددّا و هو يّسير
بخطواتّ كسّولة خّلفهمّ ، فيّ حينّ رمشّت ماريّ مراراّ و تكراراّ قبّل أن تستوعبّ عددّ الصدّمات التيّ تّلقتهاّ اليومّ فّصّاحت بّنبرة مستّاءة مشككّة
و هي تّسير بّجانبّ نايتّ
ـ أناّ لست حالةّ ميئوس منهّا، أليسّ كذلكّ ؟ أعنيّ يّمكننيّ التّصرفّ كالأميّرات إنّ أردتّ ذلكّ أليس كذلك ؟
رمقّها نايتّ بّعينينّ حادّتين داّكنتينّ ملّيئتينّ بّسخرية واضحّة فّشهقتّ بكلّ صدّمة ، هذاّ يعنيّ أنهاّ ليسّ كفأ لتّكون فّرد من عّائلة لبيرّ ، فّشعرتّ
بالتعّاسة إذّ أنهاّ لمّ تستطعّ الفوزّ بحبّ زوجّها و لاّ حتىّ والدّها ثمّ إلىّ جانبّ ذلكّ تّصنف كشّخص بلاّ فائدةّ و قّبل والدّها فيّ القانونّ و ما الأكثّر
إذّلالّا ؟ عّاد نايتّ ينظرّ إليهاّ ليجدّ الدموعّ تتّرقرقّ فيّ عينيهاّ مستعدّة لنزول فّتنهدّ بضجرّ إذّ أنهاّ و خلاّل هذّه الأيّام تبدواّ أكثرّ ضعفاّ من المعتادّ
،حينّ خرجّ الحرسّ بّرفقة عائلة لبيرّ إلى تلكّ السّيارة السوداّء الطّويلة فّعادت تّرمشّ بّدهشةّ إذّ أن الحفّلة ليسّت فيّ القصّر ، إذّ لم تكنّ فيّ القصّر
فلماّ كل تلكّ التجّهيزاتّ و الحّلويات ؟ تحدثّت بّتعجبّ
ـ ألن تّقام الحفّلة فّي القصرّ ؟
ابتسمّ نايتّ بكلّ سخريّة و ربّت علىّ شعرهاّ المتموجّ قّليلاّ ، ثمّ تحدثّ بنبرةّ متهكمّة ذاتّ لهجةّ شديدّة السخريةّ
ـ أنظريّ إلى الجاّنب الإيجابيّ ، أنتّ عديّمة الفاّئدة بّل و بّلهاء أيضّا
تجاّهلت تّعليقه و سّارتّ إلىّ تلكّ السيارة السوداّء المّضللة الطّويلة التيّ بانتظارها عندماّ لمحتّ الخدمّ و هو يّسرعون بأخذّ كمّيات الحلوى
العديدّة مرّفقة بّهدّاياّ إلىّ شاحنة كبيّرة و قدّ صّعد على متنهاّ بعضّ من الخدمّ فابتسمّت بّبلاهةّ مشّيرة على الحـلوى ، أهذّه هيّ هديّته إلّى صدّيقه ؟
أليسّ هذاّ تبذيّرا ؟ فهزتّ رأسها نفّيا بأسىّ و صـعدتّ علّى متن السيارّة أخيّرا ،
كـّان هناكّ مقـّاعد عدّة ذّات لّون بنيّ يميّل للاصفرار ، الجدّ يجلسّ بكلّ برودّ بجاّنبه فرانسواّ الذيّ يّشرح لهّ كيفّية ترتيبّ الحرّس و مواقّعهمّ بينماّ
علاماتّ غيرّ رضى واضحة عليهّ فيّ حينّ أنّ كلاّ من كاّيل و إليـزابيثّ معّا أمـّا نايتّ فكعادتّه بينّ ملفّاته ، توترّت لكنّ عندّ رؤيتهاّ لكّلا منّ سوزيّ
معّ رئيسة الخدّم بجّانبّ بعضهما يّناقشونّ كيفيةّ وضّع الحّلوى و الهداّيا معّ طّريقة تقدّيمهاّ لذّلك تقدمتّ ناحّيتهماّ شّاعرة بالارتياح و كادتّ أن تجلّس
لولاّ أن نايتّ أمسكّ بمعّصمهاّ ثمّ جذّبها لتجلسّ بجّانبه ، نـظرتّ إليهّ مسّتغربة تصّرفاته اليومّ ألمّ يكن يتجاّهل وجودّها طوال هذا الشهرّ ؟ فما الذيّ
غيرّ رأيه ؟ زمتّ شفتيهاّ بّغيضّ بعدماّ أدركتّ السّبب خلفّ تّصرفاتهّ ، القّلادةّ و القّناعّ أو حتىّ سحبّها نحوهّ ليسّ سوىّ تمثّيلا لإثّارة غيّرة إليزابيثّ
جّعلها تصّدق أنهّ غير مهتمّ بهاّ ، فّثارتّ أعّصابهاّ التيّ حاولتّ جاهدةّ الحفّاظ عليهّا إذّ أن لا شيءّ يّجعلّ المرأة تغضّب أكثّر من شعورهاّ بالغيّرة
و الاحتقار حـّاولت تشغيلّ نفسها عبّر النظرّ منّ خلال النـّافذة لكنهاّ عادتّ ترمقّه بّغيضّ ، يتصرف كما لو كأن شيئا لم يكن بعدّ أن قام هو بطّردها و قول
أنّ رؤيتها فقطّ تصيبه بّالغثيان هاهو يجّبرها على الجلوس بجانبهّ ، مهما حاولت أن تفهمه فّهّي لن تفعلّ

لا يجب قول لا لفخامتك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن