البارت105

128 7 0
                                    

تـلك الليـلةّ حينمـا لونت لنـدن بـغطاءّ أبيض صـافي لا مثيل له في نقـاءهّ يـزداد تلألئه لمعانا في كل فترة ذلك الغـطاء المعروف باسم الثـلجّ لا شيء
يضـاهيه جمالا قد تـراكمت حبـاته فيّ تلك الشرفة مرسلا نسـمةّ ريـاح بـاردةّ إليها فزاد إحكام قبضتها على الغـطاءّ مقطـبّة حاجبيها خـلاّل نومهـا بانزعاج
حينمـا استيقـظت فجأة معـتدلة فيّ جلوسها قدّ إزداد شـحوب وجهها وضـعّت يدها على فمها قبلّ أن تـركضّ بخـطواتّ سـريـعةّ نحوّ الـحمامّ أخـذتّ تـكح
بـقوةّ غـير قـادرة على التوقف حينمـا فتحت عينيها لكي تـرىّ بـصدمةّ تـلكّ الـدماءّ فـنظرتّ بـدهشةّ إلى المـرآة قدّ رأتّ انعكاس وجهها كـذلكّ خيطّ الدماءّ
المتسللّ من بين شفتيهاّ لم تستطـعّ إدراك مـا رأتهّ لولهة الأولىّ قد بدا الأمرّ لها كـمجرد كـابوسّ آخر تعـجزّ عن الاستيقاظ عنـهّ لكنّها تـدرك جيـداّ أن هـذاّ
هو الـواقـعّ الذيّ عليها مواجـهتهّ ،
لأحكمتّ الإمساكّ بـفستانها قبلّ أن تستديرّ مسـرعةّ تـبحثّ عن منشـفةّ قـامتّ بمسحّ تـلكّ الدماءّ من عـلىّ وجهها ثمّ فتحتّ الحـنفيةّ لكيّ تغـسلّ تـلكّ المياه
كلّ قـطرةّ من دمّ قدّ بدتّ شـاحبةّ جدا أمسكت بـصـدرهاّ مكانّ قلبها تـماماّ بدتّ كما لو كـأنها تـحاولّ أن تبثّ الصبرّ إليه بـعدماّ عجزتّ عن الارتـجافّ لكنها
لم تستطعّ إذّ أن الهـدوءّ إليهاّ الآن بدا بـعيدّ المنـالّ ..
حينماّ و فجـأةّ قامتّ بصفّع وجهها بــعدّ ذلك اعتـدلتّ فيّ وقفتـهاّ ثمّ حركتّ أناملهاّ لتحـاول رسم ابتسامة على شفتيـهاّ تنـحنحت محـاولةّ أن تـنزعّ طعمّ الدماءّ
من ريقهاّ و استـدارت مغـادرةّ فتحتّ بابّ الحـمامّ لكيّ تـقع أنـظارّها علىّ الـغرفةّ نـظرتّ نـحوّ تـلكّ الأريـكةّ هنـاكّ عنـدماّ و بكعبهاّ العاليّ داستّ على طـرفّ
فستانهاّ الأزرقّ النيليّ لكيّ تـقعّ علىّ نايتّ النـائمّ كـانتّ حـفلةّ زفافّ إليزابيثّ و كايلّ حينها ، ضحكـتّ ببحةّ و هيّ تـقتربّ من تلكّ الأريكـةّ ممررة أطراف
أناملها عليهاّ منّ كان يعلمّ أنها كانتّ ستقعّ فيّ حبـه و من أول نـظرةّ أيضاّ لكنّ يبدواّ أن الحبّ الأول لاّ يدومّ أو بالأحرى حبها الغـيرّ متبادلّ
اتجـهتّ إلى الـشرفةّ عندماّ أسرتهاّ كميةّ الثـلوجّ المتساقطـةّ قدّ شكلتّ غـطاءاّ أبيضاّ صافيّ مدتّ يدها نـحوه أرادتّ فـعلاّ أن تنقـذّ نايت ، استـسلمتّ لدموعهاّ
و هيّ تـبكيّ بصوتّ خافتّ أرادتّ أن تنقـذّه منّ شبحّ الانتقـامّ و تـجعله يرىّ كم أن الكل يستحقّ فـرصةّ أخرىّ و أرادتّ له أكثرّ من أيّ شيءّ آخر أن يذوقّ
طـعمّ السـعادةّ لم تبـاليّ مع منّ أوّ أينّ مـا دامّ سعيـداّ لكنها لم تـفعل أي شيءّ فـاستندتّ على ركبتيهاّ أرادتّ أن تمـدّ يدها إليه هوّ و تـمسكها لكنهاّ لم تـنجّح
لأنها ليستّ قـوية كفايةّ لتخترقّ ذلكّ الجليدّ ، فـصارتّ هـذّه الإرادةّ مجرد أمنـيةّ لم تتحققّ قـط
تـماماّ كـروايةّ والدتهـاّ سيليا و والدها جوناثانّ هـاهي الدنيـاّ تعـيدّ سرد أحداثهـا بـّأشخاصّ آخـرين لكنّ كميـةّ الألمّ نفسهاّ و جـرعةّ الـقدرّ نفـسهاّ أيضاّ لقدّ
لاقتّ نفسّ مصيـرّ والدتهاّ فلمّ يحببهاّ نايتّ قطّ و هي لم تستطعّ أن تسـاعدهّ و هاهيّ أيـضاّ تتخذّ نفسّ ما فـعلته والدتهاّ سابقاّ كقـرارّ لها ،
ـ مـاري تـعاليّ آلي مـاري ..
أغـلقتّ عينيهاّ ثمّ عـادتّ تـقف على قدميها استـدارت للخلف قد أدركت الآن أنها تمـزج بين الـخيالّ و الواقـعّ فلا يـعقلّ أن ينتقل إلى مسامعها صـوته ،
صـوت جوناثان المنـاديّ لها مكـرراّ اسمها كمـا لو كأنه سيمفونية يستمتعّ بـقولها مـرارا وضـعّت يدها على خـدها قد جفتّ دموعها قـائلةّ بنبرةّ خفيفةّ
ـ أنـا قـادمة أبي فقد انتهـت رحلتي..
حينمـّا قـالت كلماتهاّ تـلكّ فتحّ باب الـغرفةّ لكيّ يظهر من خلفّه نايت كانّ يحرك ذراعه بنوعّ من الإرهاقّ و يحملّ كـوبّ قـهوةّ ساخـنةّ بيده الأخرىّ وضـعهّ
على طرفّ مائدةّ انتـقلّ إلى مسامعهاّ صوتّ خـطوات تـقترب بكل بطءّ من جـناحهما عندما فتح بـاب الغـرفة بكل هدوءّ لم يكن أحدا سـواه هو مرتديـاّ ملابس
بـارحة من قميصّ أزرق داكن و سروال جينز معّ بـوت أسود خصلات شعرهّ مـرفوعةّ للأعلى بنوعّ من اللا مبالاةّ ثمّ نـزعّ قمـيصهّ بـعدّ ذلك اتـجهّ إلىّ الحمامّ
حـاملاّ منشـفةّ نـظرتّ نحوه ماري بإستـغرابّ و وجـهتّ عينيها بعدها نحو السـاعةّ قد كانت تـشير إلى الـرابـعة صـباحا تمتمتّ بشيءّ ما و هي تقـطب حاجبيهاّ
قد نست محور أفـكارها تـلكّ كما لو كأنها لم تـراودها قطّ حيث أنها استاءت منّ إهـمال نايت لـصحتـه
فتحت عينيها فـجأة على وسعهما مبتسـمةّ بخبـثّ ثمّ اتجـهت ببطءّ و خفـةّ كيّ تـستند على الجـدارّ الذيّ بجـانبّ غـرفةّ الحمامّ قدّ كانّ صوتّ المياه ينسابّ
لأذنيها كتمتّ ضحكتـها بمكر عنـدماّ تـوقف صوت المياه حالماّ رأتّ دوران المقبضّ كيّ يفتح البـابّ تدريجيا قفـزتّ أمـامه لكن و لما رأته صـاحتّ بقـوةّ
و هي تـغلقّ عينيها بينمـا حرك نايت خصلاتّ شعره الأسود بخفـة
كان يـرتدي منشـفةّ وسطّ خصـره و قطرات مياه قد بـللت شعرهّ كـذلكّ جسده حالما وقعت عينيه الداكنتين عليهاّ قطب حاجبيـه أليسّ كان من المفترض
أن يـذعر هو فـابتسمّ بـبرود و هو يتقدم بخـطواتّ كسـولةّ نحوها بينما هي تبتعـدّ بـسرعةّ للخلفّ وجنتيها محـمرتينّ بشدةّ و تـرفضّ أن ترفعّ رأسها نحوه
فـقـالّ ببحةّ صوتـه المميزةّ
ـ مـا الأمـرّ ماري ؟ أ أنـت بخير ؟
كان يـعلم سببّ احمرار وجهـها كذلكّ ابتعادها عنه لكنه فـضلّ إدعاءه الـجهلّ مستمتـعاّ بـردةّ فعلها و عـندماّ أمسك ذراعهـا فـتحّ بـاب الغـرفةّ على وسـعه
فـنظر كلاهما إلى القـادمّ لكيّ يريا حـارسينّ يقتحمان الـمكانّ إثـر صـراخها نـظرّ إلى سيدهم للوهلةّ الأولى كيّ تنتقل أنـظارهم بـعدها إلى ماريّ محمرةّ
الوجه تـلعثمّ الـرجلّ بإحراج و هوّ يعيد غـلقّ الباب قـائلاّ بـنبرةّ عاليةّ محرجة
ـ أرجـوا الـمعذرة ..
استـدارت مـاري نـحوه فـاقدة القـدرةّ على التعـبير كان وجهها محـمرا بـشدةّ فنـظر إليها بدت مصـدومة جدا لا تستطيـعّ التـحرك أو الهمس فـلم يستـطعّ
أن يمنـعّ نفـسه أكثرّ لكي تنـطلقّ ضحكـاته فيّ أرجاء الـغـرفةّ كما لم يسبق له أبدا أن فـعل بنغـمةّ صـوت مبـحوحةّ بدا وسيمـا للغـايةّ و قدّ رأتّ لأول مرة
تعبيرا مـختلفا له فـنـظرت إليه كاتمـةّ أنفاسها حينما أخـذتّ دموعها تسقطّ على وجنتيها يضعّ يده على معدته محاولاّ أن يوقف ضحكـته لما رأىّ دموعها
فازدادت ضحكـاته عـلواّ في الأرجاءّ و هو يـقولّ بـبحة متقطعـة
ـ حسـنا .. سـأتوقف
لكن و كلما وقعت عينيه على وجههـا المحمر إزداد ضحـكه إذ أنه الموقف الثـاني لهما مع هـاذين الحارسين لابد أنهما كونا فـكرةّ خـاطئةّ عن عـلاقتهما
و مـلامح ماريّ المحمرةّ مقطبـةّ الجبيـن بإحراجّ يزيد من سخـافةّ الموقف قـال لها بـضحكـةّ
ـ انقلب السـحر على السـاحر أليس كذلك ؟
رمـقته بنـظرةّ غـريبة أيعقـل أن هـذا أثر الـسهر عليه لأن من المستحـيل على نايت أن يـضحك و لهذه المـدةّ الـطويلة أيضا ربمـا أثر الكافيين على دمـاغه
إذ تصـديق بـأنه نفس الشـخصّ البـارد محال فتقدمت نـحوه و وضـعت يدها على جبينـه وسط استـغرابه لكن لم يكن مصابا بالحمى حينما قطب نـايت حاجبيه
بنوع من الاستنكار حالما تـحدثت معه ماريّ بـدهشة
ـ نـايت يضحـك ،
صـاحتّ بـمرح و هي تحـتضنه بـكلّ قوة تضـحك بخفة بينما عـاد العـبوس ليتحل ملامح نايتّ إذ أنه يتعجب عنـدما يفتعل الكلّ ضجـة كبيرةّ حينما يـبتسم أ
و يضـحكّ لكنه لم يقل شيئا بل اكتفى بتركها تفعـل ما تشاءّ إذ بدت سـعيدةّ للغاية لما تـحدث بنبرته المبحـوحةّ مضجرا
ـ حسنا ، حسـنا دعيني أرتدي قـميصا
هاهو ينظرّ نحوها بعينينّ هادئتين باردتينّ قدّ كان يلفّ منشفةّ بـيضاءّ حول خصـرهّ و يضعّ الأخرى علىّ رقبتهّ قد أخذّت قطرات المياه تسقطّ من خصلاتّ
شعره الأسودّ حينهاّ ابتسمتّ ماري بارتباك لما لاحـظتّ تصرفه الـباردّ، حـاولتّ أن تتذكرّ إن ما قد فعلت شيئاّ قد أثـارّ غضبه لكنها لم تستطـعّ فكادتّ أن
تتحدثّ لولا أنه الم تجدّ الكلماتّ المناسبةّ
بينماّ اتجـه نايت نحـوّ الخـزانةّ لارتداءّ ملابسه لكيّ تغـلق ماري عينيهاّ بسرعةّ حينماّ اقـتربّ نايت منهاّ بخـطواتّ هادّئة بطيـئةّ تكاد أن تكونّ غـيرّ مسموعةّ
حالماّ وصلّ بلعتّ ريقهاّ بـتوترّ أيعقلّ أنه غـاضبّ ؟ فيّ حين ابتسـمّ هو بكلّ سخريةّ و هوّ يدفعهاّ بـيده بعيداّ تأوهت ماريّ بقليلّ من الألم ممسكةّ بـكتفهاّ و
هي تـدورّ مبتعدةّ قليلاّ
ـ لكنّ ما الذيّ فعلته لكّ ؟
حينما أكملتّ كلماتها وجدتّه قد جلس على الأريكةّ فأخذتّ تـدور حـوله بـابتسامة واسعـة غـريبةّ تنهد بـنوعّ من الإرهاق إذ أنها بدتّ مليئة بالحماس
فـأشـار بيده لها حرك خصـلات شعره الأسود بـعشوائيةّ ثم تـحدث قـائلاّ
ـ ماري ضـعي قنـاة الأخبـار ..
نـظرت نـحوه بـعد ذلك نفـذتّ طلبه فـوراّ و هي تشـغل التلفاز دون تـردد بينما اتـجه هو نحوّ تـلك الثلاجة الصـغيرةّ أو بالأحرى مبرد حينما رآه فـارغا
قطب حاجبيه قد تعـكر مزاجه هؤلاء الـخدم الجدد لا يتقنون عملهم على الإطـلاقّ ألم تـعطهم سوزي تعليمـاتّه الصـارمةّ ؟ يبدوا أنه بحاجة لـحديثّ مطول
من قبله ،
ـ نـايت أ..
قـالت ذلك بنـغمة صوت متوترة للغـايـة قد احمرت وجنتيها بكل إحـراجّ فـابتسـمّ بنوع من التهكم قبلّ أن يعد إلى مكانه و يعتدل في جلسته على الأريكة
مستندا على الـوسادةّ و يحمل بينّ يديه هاتفه كذلكّ حاسوبه لمّ تفهم مـا الذيّ يفـعله ألم يكن تـوا فيّ مكتـبه يقوم بعـمله ؟ هـزتّ رأسها نفيا باستيـاءّ ألا
يدرك تـأثيرّ السلب الذيّ يتـركه هـذاّ العـمل بجسده ؟ لكنها لم تـجرؤ على قـول ذلكّ له ليسّ بـعد أن أعلن ديميتري عن رغـبته الـعارمةّ في قـتله ، كـانتّ
تنـظر إليهّ قبل أن تقـررّ المغـادرةّ إذ أنها ستعـطله لا أكثرّ و لا أقلّ لكن حينمـا كـادت أن تـقف شحبّ وجهها بأكمله كما لو كأن الدماءّ توقفت عن الـسيرانّ
فيّ عـروقهاّ قدّ داخت لفـترةّ قصيرةّ من الزمنّ قبل أن تـعدل عن قرارهاّ و تعـتدل في جلستها بجانبهّ ، لما تـحدث نايت بنبرةّ هادئةّ
ـ مـاري ..
تـوقفّت أنامله عنّ الضغط على لـوحةّ المفاتيحّ فجأةّ عندماّ ناداهاّ بـنغـمةّ صوته المبـحوحةّ فرفعتّ رأسها نـاحيته مستغـربةّ كان جـاداّ جداّ و بـاردا فيّ
آن واحدّ مما جعلهاّ تتساءلّ عن سببّ هذه الجـديةّ لمّ يدم تساؤلها كثيـراّ فقد أجابها بنبـرةّ مبـحوحةّ
ـ قـريبا سينتهـي كل شيء ..
اتسعت عينيها بـدهشةّ قد ارتجفّ كيانها بأكمله لكي تـشيحّ وجهها بعيـداّ عنه عـندما ينتهي كلّ شيءّ لن يكون بمقدرتها البقاء بجـانبه ستنتهيّ مسرحيتهماّ
الـصغيرة تلكّ و ربما سيتجه كل شخصّ فيّ طريقـه ربمـاّ سيصبحان غـريبانّ مجددا ابتسمتّ بخفةّ لكن لا بـأسّ فقد حان فعلاّ وقت إنهاء الأمـورّ للأبد كيّ
تـنظرّ نحوه مبتسـمةّ بلطفّ و هي تـومئ إيجابا قـائلة بـمرح
ـ سـوف تنتـصرّ بكل تـأكيد و العـالمّ بأكمـله سيشهد على ذلكّ ..
ضحك بـبحةّ على ثقتهـاّ المـطلقةّ ينتصـرّ ربما قدّ يكون ذلكّ مؤكـدا لكن فـاز أو خسـر سيفقد شيئـاّ إنه أمر لا مفـر منه استـدار نحوها لكيّ يحرك خصلات
شعرهـاّ البنيّ بعـشوائيةّ قد ازدادت دهشتها احمرتّ وجنتيها خـجلاّ لا إراديا حينمـا غـادرته تـلك الابتسامةّ كي تختفيّ تـدريجيا من عـلى شفتيهّ كان هـادئاّ
ملتـزما الصمـتّ و لوهلةّ من الزمنّ لـدقيقـةّ أو أقـلّ استـطاعتّ أن تـرى لمحـةّ الألم الـظاهرةّ عليه قبل أن يتنهدّ بقلة حيلةّ و قد عـاد البـرود يكسو وجهه
قـائلاّ بـبحةّ
ـ لا أعتـقد هـذا ،
نـظرتّ إليه و بـدون أن تـضطرّ لتـفكيرّ مـرةّ أو اثنـين أومـأت إيجـابا إن استـطاعتّ إن كان بقدرتها أن تفعل أي شـيء له كـأن تـزيحّ لمحـةّ الـحزنّ هذّه
من وجـههّ أو أنّ تـأخذّ كل تـلكّ الذكريـاتّ الأليمةّ المخـزنةّ بذاكـرتهّ أن تـجعـلهّ يبتسمّ بـصدقّ و سعادةّ و لوّ لمرةّ واحدةّ لفـعلتّ ذلكّ فـوراّ دون ترددّ حينـماّ
رمقهـا نايت بـهدوءّ كان صمتـه غـريبا عـندما قطب حـاجبيه كمـا لو كـأنه أدرك شيئاّ ما كيّ تـظهر الدهشةّ عليه قدّ اختفىّ السوادّ الداكن عـينيه لما قـالتّ
له ماريّ بنبرةّ متسـائلةّ
ـ مـا الأمر ؟ نـايت ؟
كـان ينـظرّ نـحوها بـدهشةّ حينمـا وقفّ فجـأةّ ممسكـاّ بـجبينه كما لو كـأنه تـذكرّ شيئاّ مهمـا أو أدرك بالأحرى شيئـا مـهماّ لكن مهما كانّ الأمر الذي يدور
بباله لم تستطـعّ ماري أبدا تميـيزه فقطبتّ حاجبيها مستغـربةّ و اقـتربتّ منه إذ قد شحبّ وجهه كلياّ كما لو كأن الموتّ قد داهمهّ فـمدتّ يدها نحوه و أمسكتّ
بـمعـصمه لما جـذبّه بنوعّ من الـصدمةّ و الدهشةّ في آن واحدّ تـمالكتّ نفسهاّ في آخر لحظةّ إثر دفـعه لهاّ لكيّ لا تسقطّ أرضـا بينمـا وضع نايت يده على
جبينهّ قد داهمه صداعّ حـاد ، بدى مخـتلفاّ جدا كـما لو كـأنه قد رأى شبحـا قد رددّ كلمـاتّه بنبرةّ مبـحوحةّ غيرّ مصدقـة
ـ هـذا مستحيـل ..
أمـالتّ ماري رأسها ناحيتـه مستغـربةّ و قـلقةّ في آن واحـد فما هو السبب الذيّ دفـع الدماء كي تسحبّ من وجـهه ؟ قبـل أن يسـرعّ بخـطواته مغادرا
غـرفته كي يتـجه نحو مكتـبه فـتّحه على وسعه ثـمّ أخذ يبحثّ بـدونّ وعي منـه لكنّ لم يجد غـايتهّ كما لو كـأنه جـنّ أخـذّ يخرجّ كلّ شيءّ مبعثـراّ جميـعّ
ملفاته و كلّ ما وقعت عليه عينيه بينما بقيت ماريّ تنـظر إليه بدهشـةّ كان يردد باستمرار كلمة هـذا مستحيلّ و لوهلةّ من الزمن لم تـستطعّ ماري تـمييزه ،
اتجـهتّ نحوه بـسرعةّ ثمّ أمسكتّ بمعصمه تـناديه مراراّ و تـكراراّ دون أن تـسمحّ إجـابةّ منه بـدونّ أن يدرك ما يفعله دفـعهاّ بعيـداّ عنه و هو يمسكّ رأسه
قـائلاّ بنبرةّ غـاضبةّ حـادةّ
ـ إليـــــزابيث ..
كـان غـاضباّ للغـايةّ وجـهه شـاحبّ و عينيه ازدادتا حـدةّ و خـطرا لم يـدرك أنه فقده إلاّ بعد حديثـه الأخيرّ مع ديميتريّ بالطبـعّ لن يعثـر عليه الآنّ كيفّ
كان مهملا إلى هـذه الـدرجةّ ؟ كان يجدر به أن يـضعّ عينيه على إليزابيثّ لا أن يترك أتبـاعه يفـعلونّ و الآن انظر إلى أين أوصله إهماله ، أيدرك ديميتريّ
بفعلتها هـذّه يا ترى ؟ بينـماّ نـظرتّ إليه ماري بـدهشةّ تـحدثتّ بـصدمةّ
ـ نايت ما الذي يحـدثّ ؟
لمّ يستـطعّ أن يجيبها لأفكـاره المشتتـةّ إنه لا يصـدقّ مدى بـلاهة كايلّ إلى أين وصـلت ثقـته بها ؟ لدرجـةّ إعـطائها كل شيءّ وضعفها فيّ منصبـهّ ذلك
الأحمقّ أو ليس هو أبله ؟ بتـوقيعه على كلّ تلكّ الأوراقّ بجعلها تستلم السيطرةّ إنه يعطيهـا حيـاته أيضا ، ضـربّ مكـتبه بقـوةّ و قدّ أخذ يشتـم بقوةّ فاقدا
عقـله فأنيـرتّ أضواءّ القصـر بـأكمله إثـر هـذّه الضوضاءّ و قبل أن تـدرك ماريّ ما الذي يحدثّ وجدت كل من فـرانسوا و سـوزي خادميه المخلصين
يسـرعان نـحوه بصدمةّ كـذلكّ أليكساندر و كايل بينما تـحدث نايت بـحدةّ ذوّ عصبية بـالغـةّ
ـ اللـعــ ..
جذبتّ فستانهاّ بقلق دلالة على توترها قبل أن تتـقدم مسـرعةّ إليه وضـعتّ يدها على كتـفه فـهدأ فجـأةّ كيّ يعـود الجمود محتـلاّ ملامحـه إنه خطـأه إذ كان
يعلم منذ البداية ما الذي تخطط له إليزابيثّ لكنه تركها تفعل ما تشـاءّ و هـذا ما يحصل عليهّ إثر تهاونه إنهـا الآن تملك نصف ممتـلكات كايلّ إن لم تكن
جميعها و هيّ الآن تنافسه على سلطـةّ منصب رئيس الـشركةّ في نفسّ الوقت تختبئ خلفّ ظهر كايل دون أن يستطيع الأخيرّ فعل أي شيءّ لها ، لقدّ فقد
صبره فعلاّ فـرفع رأسه ناحيةّ فرانسواّ الذيّ أومـأ إيجـابا إذ أنه يدرك ما الذيّ حدث دون أن يضطر نايت لقول شيءّ عـندما قطبّ الأخير حاجبيه بنوعّ من
الـبرودّ مستـديراّ ليـواجهه قد تحدث بنبرته المبـحوحة الحادةّ
ـ كـايل .. لدي حـديثّ معك

لا يجب قول لا لفخامتك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن