أطفّأ عـّقلك ، إستمع لقّلبكالآن و قدّ أظلم الليلّ فبدّأت النجومّ تضخ فيّ الطّبيعة التيّ غـّابت عنهاّ طولّ نهارّ برشّاش من النورّ النديّ ينحدرّ كقّطرات دّقيقة مّنتشرةّ
كّأنها أنفاسّ تّراوحتّ فيهاّ الأمواجّ المستيقظة ذاتّ اليمينّ و الشمالّ ميّقظة فيّ بحرّ نسّيانهّ ألاّمه العـّميقة ، عينيهّ الحـادتين صّارتا
باهتتينّ قدّ غـّادرهماّ ذلكّ البّرود مدّ أناملهّ الطّويلة لّيضعهاّ علىّ خدّه ماّذا يكونّ البكاءّ ؟ لماذاّ لاّ يّقدر علىّ البكاءّ ؟ هـذاّ الإحساسّ
بالفقدّان يّهلكّ كيّانه حزناّ و أسىّ ألا توجدّ فيّ العيّن حاّسة لاّبد من تمرينّها أحياّنا و تلكّ الحّاسة ماّ تسمى بالدّموع ؟ ألاّ توجدّ لدّيه هوّ ؟
نـظرّ ببطّء نّاحية كاّيل الذيّ يّبكيّ بّقوة أمامّ جّثة جّده فيّ هـذّه الغّرفة المـّظلمة، تّرى كيفّ يقتّل الإنسانّ إذّا ما كانتّ دّموعه هيّ دماءّ
روحّه ؟ ربماّ لأنّ تلكّ الدموعّ لمّ تعدّ على مجردّ دموعّ قطّ بلّ هيّ علاماتّ الألمّ، الحّزن و الأسىّ فهيّ لغةّ العجزّ و ماّ قدّ تكونّ أفصحّ
منها فيّ الأداءّ كلماتّ سوىّ البكاءّ ،
كـذلكّ سوزيّ قدّ خـارت قّواهاّ فّجلست علىّ الأرضّ مراّقبة جّثة الجدّ الهـّامدةّ دونّ روحّ بينماّ دموعهاّ تّؤنسهاّ هامسةّ لنفسهاّ بّأن تكونّ
أكثرّ قوة أيضاّ الحارسّينّ بالّرغم منّ أنّ الجدّ ليسّ قريباّ لهمّا إلاّ أن عينيهماّ نطّقتا بحزنّ رفضّ القلبّ حبّسه أكثرّ عندهاّ نـظرّ نايتّ إلىّ
يديّه بّقلة حّيلة أيضاّ بّشيءّ ماّ ، شيءّ وقـعّ علىّ قلبه منذّ فترةّ و يرفضّ التّزحزحّ من مكّانه ، كـّاد أنّ يسيرّ خارجاّ عنـدماّ وضـعّت فلوراّ
يدّها علىّ كتفه قدّ نسى وجودّها تماماّ فتّحدثتّ بنبرةّ حزينةّ
ـ نايتّ ، لا تذّهب الآنّ فّرحيلّك قدّ يجذبّ الشكوكّ حولكّ لاّ تنسى أنناّ مراقّبين منّ طرفّ الشّرطة
كلماّتها الهـّادئة جـعلته يتوقفّ لوهلةّ من الزمنّ قّبل أنّ يكملّ طّريقه غيرّ مبالياّ باعتقادات الشّرطة ، أغلقّ بابّ الغـّرفة خلفهّ ثّم سّار
بخـطّوات صّامتة لكيّ يخـّرج من المستشفىّ الآنّ بعدّ موتّ جدّه يجبّ عليهّ أنّ يضعّ الكثيرّ و الكثيرّ من الأمورّ فيّ الحسّبان ، لقدّ توفيّ
الشخصّ الوحيدّ الذيّ كانّ دوماّ بجـانبه ينتبه لأمره .. همسّ لنفسهّ قاّئلاّ بنبرةّ باّردة
ـ كمّ هـذاّ مرهقّ ،
تنهدّ و أسندّ كلتاّ ذّراعيه علىّ تـّلك الشـّرفة الواسـعةّ حيثّ تتصلّ بّجميعّ غرفّ المرضىّ فيّ الطابّق الثّاني ، كانّ المكانّ خالّيا منّ أيّ
أثرّ للحيّاة مليءّ بّرائحةّ الأدويةّ المعقمةّ أصدر آهة عـّميقةّ مفّعمة بالّحزن و عـّاد يّضع يدّه علىّ عينهّ اليمنىّ متذّكرا أخرّ حديّث له معّ
جدّه لقدّ أبعدّه عنهّ غيرّ مبالياّ بّمرضهّ أوّ باهتمامه لوّ أنّ الزمنّ يعودّ فقطّ ،
فجّأة وضّع أحدّهم كلتاّ ذرّاعيه حولّ خصّره مماّ جّعله يجّفل قّليلاّ إذ لمّ يكن منتبهاّ على الإطلاقّ فـّأخفضّ بصّره ناّحية الغّريب القّادم
لاّ يدريّ لماّ لكنّ ظنّ بّأن هذاّ الغريبّ لن يكونّ سوىّ ماريّ غيرّ أنّ وجّه إليزابيثّ قدّ قّابله بنـظّراتهاّ الحّنونة ، شّحب كلّياّ و حـّاول إبّعادها
عنهّ قاّئلاّ بنبرةّ حادّة
ـ ماّ الذّي تحاولينّ فعله أيتهاّ المجنونةّ ؟ ..
بينماّ استمرت إليزابيث بالتشبث بهّ فاستدارّ نايتّ بقوةّ مماّ جّعلها ترتدّ للخلفّ و لوّ لمّ تتماسكّ فيّ آخرّ لحظّة لكانت ّسقطتّ فّرمقهاّ نايتّ
بّنـظراّته البّاردة المـّخيفة يّخبرهاّ بّشكلّ واضحّ أنّ لاّ تقتربّ إنش آخر منهّ بينمّا بدّت ملامحّ إليزابيثّ رّقيقة جداّ و صـادقة كانتّ تّود لوّ
تّضمه لذّراعيهاّ ، لوّ أنهاّ تخففّ من حزنهّ لكنهاّ تدرّك تماماّ أنّ نايتّ بّعيد كلّ البّعد عنهاّ و مهما ّفعلتّ فلنّ يعودّ إليهاّ ، تحدثّت بنبرةّ حنونةّ
ـ نايتّ أنـّا هناّ ، و أناّ أحبكّ .. لستّ وحيداّ فّأنا بجانبكّ ،
اتسعتّ عينّا نايتّ بصدّمة واضحّة كيفّ لكّلماتهاّ أنّ تكونّ كنسمةّ خفيفةّ تّحطّ على قّلبه ؟ كيفّ لهاّ أنّ تطّمئنه تلكّ الكلماتّ و هوّ يدركّ
تماماّ أنهاّ كـّاذبة ، وضعّ يدّه علىّ جّبينه بّإرهاقّ لاّبد أنّه مّريضّ و إلاّ لماّ أثرت عليهّ إليزابيثّ بّهذه الطرّيقة ، فاستدارّ ينظرّ للأسفلّ
قائلاّ بنبرةّ جافة
ـ إنّ لمّ تلاحظيّ فّأناّ لستّ زوجكّ .. لذاّ أغربيّ عنّ وجهيّ
صمتتّ بّغيضّ لماذاّ يّستمر بّذكر كايلّ ؟ أليستّ هيّ هناّ الآنّ بجّانبه هوّ فقطّ ؟ أليسّ واضحاّ أنهاّ اختارتهّ هو على كايلّ ؟ ألمّ يدركّ حتىّ
الآنّ أنهاّ صّادقة فيّ حبهاّ له ؟ بينماّ أدّخل نايتّ يديّه فيّ جّيبه بّبرود ثمّ مرّ من جانبها رامقّا إياهاّ بكلّ حدةّ و احتقارّ شديدّ ، توقفّ لحّظة
مّعطياّ إياهاّ ظهرهّ لّيتحدث بّنبرة متهكمّة
ـ أنتّ بالفـعلّ حربّاء تتغّيرينّ بتغيرّ الجـّو المـّحيطّ بكّ أناّ الآنّ و لأولّ مرةّ أشكرّ كايلّ فّهو جّعلنيّ أدركّ معدّنك الحقيقيّ، ممتنّ
لأنكّ خنتنيّ معـّه إليزابيثّ
وسطّ تلكّ الفوضىّ .. فّوضى مّشّاعرهاّ الغيرّ مستقرةّ كانّ كاّيل يّقف علىّ مبّعدة منهماّ لمّ يّعد يّعلم ماّ الذيّ يّتوجبّ عليه فعلهّ، إنهّ متّأكدّ
تماماّ من كونّ إليزابيثّ تحبّ نايتّ حباّ جماّ ليستّ قّادرة علىّ نسيانهاّ كـّذلكّ نايتّ بالّرغم منّ كونهّ يتصرفّ بكلّ هذاّ التعاليّ و بكّل هذه
العـجرّفة إلاّ أنهّ لاّ يزالّ يّحن إليهاّ فحتىّ لو استطاعتّ كلاماتهّ الجاّرحة إخفاءّ أعماقّ أحاّسيسه إلاّ أنّ عينيهّ تنطّقان بذلّك الحنينّ النـّادر
و الذيّ لاّ يتواجدّ إلّا عندّما تكونّ إليزابيثّ بجّانبه ، أماّ هوّ فّيقفّ كعّثرة بينهماّ .. ألمّ يحنّ الوقت بّعد لانسحابه ؟ هـّز رأسهّ نفياّ هذّه الأفكارّ
السوداّء يّكفيه فّقدان الجدّ مسحّ دموعهّ و عـّاد أدّراجه كّأنه لمّ يكن هناّ قطّ ..
أنت تقرأ
لا يجب قول لا لفخامتك
Roman d'amourchanez الكاتبة رواّيتي يـّغلبّ عليهـّا الطـّابع الـرومانّسي الإجتمـّاعي ، يتخـّللهـّا الـقّليل من الكـّوميدّيـا و بّضعة بـهاراتّ من الـواّقع أحـّم أعـّلم أننّي سيـئة في تـّرك الأنطـّباع الـجيـدّ لـكّن .. أحـمّ سـأكونّ ممتـّنة للـحّصول على بـّعض ال...