البارت 24

188 15 0
                                    


في أحدى قـاعات الدراسـة كـانت تـجلس تـلك الـشابة ذات الـشعر الأشقر الذهبي المنسـدل
على ظـهرهـا بكل تـموج في إحـدى المقـاعد المنتشـرة بكـثرة ، تـحمل بين أنـاملها الطـويلة دفتـرا
تـسجـل فيه محـاضـرات التي كـانت غـائبة فيهـا ، رموش طـويلة و عينين سـاحرتين ، تـلك الشـابة هي
كليـر غلوري ابنة أشهـر مقـاول في لندن بـأكملها ، يمتلك شـركته الخاصة و أخت أكبر زيـر نسـاء
كـانت تـكتب بـعدم إهتمام عنـدما لمحت صـورة صـغيرة تسقط من ذلك المـلف الموضوع جـانبا ، حملتها و
نـظرت إليهـا .. كـانت صـورة عـائلية قـديمة ، آرثر يجلس في الأرض ممسـكا بالكـرة و يضـع ذراعه حول
فـلور المبتسمة بكل مرح بينمـا هي و ماري تضحكـان و فمهما مـليء بالحلوى في حين أن جونـاثان و
روي يقومان بالشواء أمـا سيدة ليكسي كانت تـبتسم بكل سـعادة مـراقبة إيـاهم ، التقطت هذه الـصورة
من قـبل والدة فلور و مـاري ، قبـل ثـمان سنوات .. لكن فـعلا كم تـمر الأعوام بسرعة ، هاهم الآن كل
واحد فيهم منشـغل بـمشـاكله
تنهـدت كليـر بغيض و أعادتها إلى مكانها ، لما وضـع آرثر الـصورة في الملف ؟ إنها قديمة كمـا أنه يـكرهها
لأنها تذكره بـإعجـابه الأول فلور ، همست بـبرود
ـ سيليا ؟ أتسـاءل كيـف ستكون ردة فـعلها عنـدما تـعلم بـأحـوال أبنتيها المثيرة لشفقة ،
أسندت رأسها على الطـاولة بـتعب و أغلقت عينيها ، عـائلة روبرت مليئة بالمشـاكل من أسفل جذورها
إلى أعـلاهم فكيف استطاعت ماري أن تحـافظ على ربـاطة جـأشها وسط كل هـذه الجلبة ؟ لو كـانت هي
لانهارت من أول عـقبة تلقـاها لكن ربمـا هي تتحمل الآن لآنه يوجد بجانبها نايت شيطـان بنفسه فلن
يسمح لأحد بإذائها
كم تتمنى لو تحض برجل مثـله ، قـوي الشخصيـة شـديد الغـموض و قـليل الكـلام كمـا أن جـاذبيته لا
حدود لها إنه بمثـابة فـارس أحـلام لجميع النسـاء ، همست باستياء
ـ لو أنني تـلقيت دعوة لزفـاف سيدة إليزابيث و سيد كـايل لكـان الآن لي ،
شهقـت فجـأة لمـا أدركت أنها نسيت كـتابة بـقية الملاحـظات، كيف لها أن تنغمس في ذكرياتها لهـذه
الدرجـة ؟ ابتسمت فجـأة بهدوء و هي تحدث نفسها
ـ كم اشتقت لتلك الأيـام كـان كل شيء بسيطـا خليـا من أي تـعقيد يـا ترى هل كان ذلك سحر سيليا ؟

~.~.~

عندما أسدل الـظلام ستائره و أغلقت جميع أنوار الـسماء بـأشعتها، في أحدى الأماكن المهجورة بإحدى الـقرى البـعيدة
كان يقف ذلك الشـاب ذو الشعر البني أمام أحد المباني القـديمة و شحوب وجهه واضح للعيـان،
يـرتدي قبـعة و معـطفـا ليخفي ملامحـه بينما يـحمل بين يديه رسـالة بيـضاء لم يذكر فيها الكثير من الأشيـاء ،
تـقدم أكثر بخـطوات متـرددة خـائفة ثم فـتح البـوابة .. صـناديق فـارغة كثيرة و أرض ممتلئة بالغـبار بينما توجد
عدة أوراق مرمية ،
خـطوتين ، ثـلاث ثم عـشر وجد نفسه يقف أمام كرسي خشبي يبدوا و عكس هـذا المكان حديث الوضع به
قـليل من الدماء الجـافة ، اتسعت عينيه بـرعب عندما لاحظ وجود عصى حديدية بها أثـار لدماء و كاد أن
يعود أدراجه لولا سماعه لصـوت سـاخر بـارد و مرح في آن واحد
ـ آوه ، هل سوف تـرحل بهذه البساطة ؟ لكنني لم أضفك بـعد أرجوك أجلس
ظهر من وسط ذلك الـظلام شـاب لم يكن يلمح منه سوى ظله الذي استطاع الغـروب أن يرمي أشعته عليه
قبل الـرحيل ، ظل طويل و نبرة بـاردة متهكمة ذكرته بشخص ما ، قـال بـصوت غـاضب
ـ ما هـذا ؟ لو كـنت أعلم أن مكان اللقـاء بهذا المستوى من الانحدار لما أتيت ثم أتظنني شخصـا غبيـا لأجلس
بجانبك أحتسي القهوة بعد رؤية هذا المنظر ؟
تـقدم شـاب آخر يلف قدمه بقـطعة قمـاش و يسندها بـعصا حديدية ، ابتسـامة خبيثة تـغزوا وجهه الـوسيم ،
ذو شعر أشـقر و عينين واسعتين حـاقدتين ، قـال ببـرود
ـ لا تـقلق فنحن لا نـؤذي أتـباعنا ما داموا يحسنون التصـرف أليس كذلك سيد ديميتري ؟
ابتسم شاب ذو الظل الطويل بسخرية شديدة و أومـأ بـرأسه ، فـاتجه الشاب ذو الشعر الأشقر ناحية ذلك
الـكرسي الخشبي و حمل العصا الحديدية بين يديه بكل اشمئزاز ، قـال بغيض
ـ أقسم أنني سوف أنتقم منك نايت ، كما تـرى يا سيدي فهنا قـرر نايت العفو عن حياتي و أريد أن أرد له
الجميـل فما رأيك بمفـاجـأة ؟
صمت سيد ديميتري قلـيلا و قد اتضح أنه هو الشـاب ذو الظل الطويل في النهاية ، صوب عينيه الحـادتين إلى
ذلك الشـاب الجديد الذي يرتجف في مكانه خوفا من أن يصيبه شـرهم و قـال بـصوت هادر متعـالي
ـ لا تكن غبي جايسون فالصـحافة لا تـزال تـسلط ضوئها عليك لذا دع التهور جانبا و لنهتم بالأمور بطـريقة ذكية ،
الآن يـا أيها الشـاب الصغير مرحبا بك في القطيع
شحب وجه الشاب ذو الشعر البني بشكل ملحوظ و كم تمنى لو أنه لم يتبع تعليمات تلك الرسالة المشئومة،
كم لام فضوله المجنون في تلك اللحظة و كم تمنى العودة بالزمن ، فيبدوا أنه من الآن و صـاعدا ستنتهي أيام
حياته الـطبيعية

لا يجب قول لا لفخامتك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن