~ أحـداث لم تـروى بـعد ~
الظلاّم يكسوّ قلبيّ قدّ صارّ له وشاحاّ هـذاّ الألمّ يّثقل كاهليّ كّأنه غدي جبّلا فهلّ منّ حلّ ينجينيّ إياهّ ؟ هل من شـخص ينـاديني ينسيني إيـّاه ؟
لا أستـطيع الـعيش و تلك القـيود تـلتف حول رقبتي ذراعي و قـدمايّ كـأنها تعيقني عن الحـركة و شيئا فشيئـا هي تسلب قدرتي على العيش
كـذا عـيناي قد اعتـادتا على الظـلمةّ أفـلنّ أجد النـور أبدا ؟ أنفـاسي تـأخذ بعيدا فـصار كل نـفس أستنشقه كـأنه سم يساهم في موتي أكثـر
و أكثر ..
فتحـت عينيها على وسعهما بفزع لم تستطع إخفـائه وجهها شـاحب للغـاية و يديها ترتجفان بشدةّ نـظرت من حولها كان الظـلام بأكمله تمتمت
هامسة منـاديةّ لكن صوتها المبـحوح لم يساعدها فـبقيت في مكانها تـراقب ما يحدث من حولها بأعين صـامتةّ لما رأت شخصا يقف على مقـربة
منهّا قطبت حاجبيها باستغراب لقد كان الشخص رجلا بكل تأكيد معطيا إياها ظهره و يحمل بين أنامله الطويلة سيجارة ..
ـ نـايت ؟
لقد كان الـرجل الأول الذي يخطر في بـالها فلم يـكن هناك أحد أبدا يشغل ذهنها عـاداهّ لكن من استـدار ليواجهها لم يـكن هو بـل آخر شخص توقـعته
حالما وقعت عينيها على جوناثان والدها وجـهه لا يظهر من الظلمةّ يستنشق سيجار بـكثافةّ و بحـركةّ متمرسة فـتلاشت الكلمـاتّ من بين شفتيها
لم تعد قادرة على الكـلامّ ..
تـقدم نـحوها بخـطواتّ بطيئة للغـايةّ فإزداد رعبها حـاولت أن تـعود للخلف لكنها لم تستطـعّ قدميها لم تسعفاها جسدها كـذلكّ كـأنها لا تـملك القدرة
على الـسيرّ النـطق أو حتى الإحساس بشيء فأغلقت عينيها بـسكونّ حينما وضع يده على رأسها شهقت بـقوة و قد سارت بـرودّة جسده إلى كل
أطرافهاّ كـأنها توقظـها فتحت عينيها العسليتين لتقعا على وجه جونـاثان تـحدث بـنبرة هادئةّ
ـ كلنا نخـطأ فنحن البشر لسنـا معـصومين عن الخطـأ و أنت فـعلت ما فـعلت و تفعلين ما سوف تـفعلينه لأنك تريدين حماية من تـحبين ، لذا أرجوك
لا تـقس على نفسك أكثر مـاري ..
نـظرت إليه بدهشـةّ قبل أن تخفض رأسها غير قـادرة على رفعهّ و هي تهزه بقوة بينما جسدها يرتجف بقـوة لكي تـزداد الـظلمة من حولهاّ حينما
انتـقل إلى مسامعها وسطّ ازدحام أفكارها صوت جوناثانّ المبحوح قد كان يكـحّ بقـوةّ بينما يتلاشى ملمس يده على رأسها شيئا فـشيئا
ـ مـاري .. استيـقظي ، واجهي مخـاوفك يـا ابنتي
حـالما قـال ذلكّ وضعت يديها على رأسها بـذعر أكبـر و هي تـصرخ بـكلمة واحدةّ فقطّ ألا و هي لا.. كانت تـصيح بـقوةّ رافـضةّ أي كان ما قـاله لها
جوناثانّ آنذاك حينمـا شعرت بيدينّ تلتفـانّ حولها يهزان كتفيها فتحت عينيهاّ لم تـرى سوى الظـلام لا شيء آخر بينما أخذت دموعها منحاها الدائمّ
و هي تصيح بنبرة مبحـوحةّ هازة رأسها نفـياّ لما انتقل إلى مسامعها صـوتـّه الحـاد الـعصبيّ
ـ بحق السـماء استيقظي .. مـاري أتسمعينني ؟
شهقت بـقوةّ و فتحت عينيها على وسعهما هـذّه المرةّ لكي تـراه أمامهـا الشخص الوحيد الذي كانت تبحث عنه في كل ذلك الظلام و لم تـجد آثـرا له
زمت شفتيها تمنـعّ صوت بكائها ملامحـهّ القلقة نظرات عينيـه الداكنةّ الـحادةّ و شفتيـه ذوات ابتسـامتهّ المتهكمة الدائمةّ التي اختفتّ عن مرمى رؤيتها
الآن ، بقيا على وضعيتهما ممسكا بكتفيها و هو ينـظرّ نحوها بينمـاّ كانت هي صـامتةّ لما قطعت هذا السكونّ بـنبرة صـوتها المبـحوحة
ـ أجـل أسمعك ..
يبدوا أنه لم يصدقها إذ لم تختفي قبضته من على كتفـيها و لا وجوده من أمامـها حاولت الابتسام وّ الكلام لكن لم تستـطع فـنـظرت إلى رقـاص السـاعةّ
قد كان يشير إلى الـرابـعة مساءاّ لم تدرك متى تماما استغـرقت في النـومّ أو حتى متـى وصلت إلى القصـرّ و من الذي جلبها إلى غـرفتها كـأنها فقدت
ذاكرتهـا أيـعقل أنه قد أغشي عليها ربمـاّ لكن منذ متى و لما ؟ نـظرت إلى نـايت كان مرتديا بذلته السوداءّ بلا ربطـة عنق خصـلات شعره الأسود مبـللةّ
إثر الـمطر ربما ؟ لابد أنه قد أتى توا من العملّ همهمت بـدهشة
ـ مـا الذي حـدث ؟
تنهـد حينها بـراحة كـأن هما كبيرا قد انزاح عنّ صدره فدفعها للأسفلّ بـرفق نوعا ما حينما استغربت منه ماري ذلكّ لم تدر ما الذي يريده فحاولت
أن تـجلس لكنه أعـادها بدفعة للخلفّ مستلقيةّ جذب الغطاءّ لصدرها لكي يصبحّ وجهه قـريباّ للغـايةّ منها .. تـحدث بنبرة مبـحوحةّ باردة
ـ لقد عـثرّت عليك سوزي مغمى عليك .. بـحق السماء ما الذي كنت تفـعلينه في الحديقة ؟
اتسعت عينيها بـدهشةّ فعـادتّ تحاول الـجلوسّ لولا أنه شد الإحكام على كتفيهاّ حينما لمحتّ سوزي تـقف على مبعدةّ عنهما بـرفقتها أليكساندر و
كـايل أيضا ، مـا الذي كانت تفعله في الحديقة ؟ لكن آخر ما تتـذكره هوّ عودتها من زيارة قبر والدهاّ كانت أفكارها بـأكملها مشـوشةّ لم تعي تماما ما
تفعله حينهاّ لكنّ تـدرك أنها قررت العودةّ للقصر إذن كيف أغشي عليها ؟ ضـربت جبينها فجـأة و هي تبتسمّ بخفة قـائلة بضحكـةّ
ـ أصبت بالصداعّ من الـبردّ و لا أدرك ما حدث بـعدهاّ ..
أنهت كلامها بـضحكةّ خفيفة للغـايةّ غـيرّ أن توقفتّ لما شعرتّ بالضغطّ الهائل الذيّ يـوجهه نايتّ نحوهاّ قد كانت عينيهّ تـراقبانهاّ بـحدةّ واضحـةّ ذاتّ
داكنتينّ شديدتاّ الـنقدّ و الـترقبّ لطالما أجاد قـراءة ما خـلفّ كلمـاتهاّ و النـظرّ جيداّ إلى ما يحتويه ذهنهاّ دوما ما يـعلمّ كـذبتهاّ فـحاولت أن تتـجنبه حينما
اقترب منهما كـايلّ قد وضع يده على كتف نايتّ كـأنه يطلب منه أن يخففّ حدةّ تصرفاتهّ لكي يستجيبّ الأخير لطلبّه على غير العـادةّ فتحدث كـايل بإبتسامة
ـ مـاري لن تصدقي ما فاتكّ توا ، نـايت أنت كذلك لم تـرىّ ما حدثّ .. سـوزي هلا شغـلت التلفاز لهما ؟ الـخبر عـاجلّ جدا
لما قـالّ ذلك تـقدمت سوزي من شـاشة التلفاز و شغـلتها لكي تـضعه على تسجيلّ مسبق لأحد الـبرامجّ كان أليكساندر يشاهدهاّ لم تستطع إخفـاء تلك
الابتسامة من شفتيهاّ من الجيد أن كايل قد تـدخلّ الآن و إلا لكان قد حدث شجـار بينهما مجدداّ مـاري أخبرتهـاّ حذرتها من أن يعلم نايت بـمكانهاّ بينما
طلبّ نايت من جهة أخرى تشديدّ الـحراسة على ماري نـظراّ لما حدثّ ،
ـ سوف تدهشان بكل تـأكيدّ
تحدث أليكساندر بـحماسّ كبير و هو يقترب من سرير ماري لكي قفز عليه جالسا بجانبهما بينما اعتدلت مـاري في جلستها مسندة ظهرها على وسادةّ
واسـعةّ و لم تغادرها نـظرات الفضولّ و الاستغراب إذ أن الكل يبتسمّ عداهماّ حينما وقع نـظرها علىّ مقـابلة التي حدثتّ كان الضيف الرئيسي فيهاّ هو
ويليام نفســهّ كما أنه لمحت من بين الجـمهـورّ فـلوراّ جالسةّ حينها صفقت ماري بحماسّ و هي تقترب أكثرّ قــائلة
ـ يـا إلهي إنها مقـابلةّ لويليام ..
رمقها نايت بـطرفّ عينه ببرودّ ثم تنهدّ بقلة حيلة متـابعا ما يحدثّ أي كان الأمرّ فإنه لا يستحق كل هذا الـهرجّ حينما وقعت أنـظاره علىّ وليام صديقـه
قد أحرجّ لأول مرةّ فيّ مقـابلة مباشرةّ اتسعت عينيهّ بدهشـةّ واضحةّ لما سمـعّ أيضا اعـترافّ ويليام للعـالم بأكمله لا لفـلوراّ بل للعـالم جميعا بحـبه لهاّ ،
شهقت ماري بـدهشة و قد توردت وجنتيها خـجلاّ .. لما عـلاّ صوت ويليام فيّ أرجاءّ الغـرفةّ بنبرته اللـطيفةّ الـمحبةّ و الموجهةّ خصيصاّ لفلورا
ـ المـرأة الـوحيدة التيّ أحببتهـا ، فـلورا أتستمعين ؟ أنـا أتـحدث عنكّ ..
نـزلتّ دموعها دون إدراك منهـاّ هي تنـظر إليه عـاجزة عن التعبير قبل أن تـبدأ البكاء فوضعت يدها على فمهـاّ و هي تـهز رأسها نفـياّ لكي يضحك ويليام
بـخفة قد كانت وجنتيه محمرتينّ من الإحراجّ فـعـاد يتحدث مـجدداّ بـنبرته الـمـرحةّ
ـ أيتـها الحمـقاء أنـا أحبـكّ ..
لمـا قـال هـذا عـلا تصفيق الجـمهور قد وقف البعض بكل حـماس تشجيعـا له صـارخينّ بأن يتـرد عليه المـرأة بالإيجـابّ بينـماّ ازداد احـراج ويليام أكثرّ
لكي يحك جبينه بتـوتر ، شهـقتّ ماري للمرةّ الثانيةّ قد احمر وجهها كلياّ كساها الخجلّ بالطبعّ اعـترافّ رومانسي كهذا حلم كل فتاةّ و فارسّ مثل ويليامّ
يا لها من مقـابلةّ صـاحتّ ماري بـحماس و هي تقفّ على قدميها
ـ أنـا أحب كلاكمـاّ أيها الأحمـقين ..
ضحكـت بفرحـة عارمةّ و هي تـهز كتفي نايت بدون وعي منها بينما اكتفى الأخير فقط بالنـظر نحو الشاشة غـير مصدق لم رأته عيناه شحب وجـهه
كليا كعادته كلما تلقى أمر يصدمه و اتسعت عينيه بدهشـة واضحـةّ فـلورا و ويليام يـا لهما من مزيج غـريبّ لكن الأغرب كيف له أن لا يلاحظ مشـاعر
صديقه المقـرب الوحيد ؟ قطب حاجبيه مفكـراّ أجل طبـعا كان يسـأله بكثرة عن أحوال فلورا و أخبارها كما أنه يمنعها من التصرف بتهور لكنّ .. بقيت
ماري تهـزه بـحماس غير طبيعي في حين اكتفى هو فقط بتقطيب حاجبيه قد كان كلاهما ينـظران نحو الشـاشةّ ،
ـ مـاذا ؟ ..
استـدار نايت نـحو ماري و كذلك فعلت هي مبتسـمة بـسعادة بالغة بينما بقيت تعبير وجهه نفسها هـادئةّ بـاردةّ أيضا مسـتغربا سرعان ما تنهد بـقلة حيلة
فـرفعت ماري أناملها و جذبت وجنتيه في اتجاهين مختـلفين مجبرة إياه على الابتسام قطب حاجبيـه بينما تحدثت هي بـضحكة
ـ أنــا أحبك أيضا ..
اتسـعت عينيه بـدهشةّ شـحب وجهه كليا لكي تزداد ضحكات ماريّ الرنانة فيّ الغـرفة و هي تقف مستمتعـةّ احتـضنت أليكساندر و جذبته لصدرها أكثرّ
قبل أن يقف كلاهما اتجـهت نحو سوزي محتضنة إيـاها بسعادةّ فبادرتها سوزي الحضن مبـتسمةّ كذلك فـعل كايلّ قد ردد هو الآخر بكل مرح و هو يّضم
ماري نحـوه
ـ أنـا أحبـكّ أنـت فقط ..
قـطب نايت حاجبيه مستنكـرا ما يحدثّ فهاهي سوزي تـدورّ في الأرجاء بـرفقة أليكساندر و كـايل ماري يحتضنان بعضهما البعضّ مرددين كم سيكونّ
الـزفاف رائـعاّ هل رأى ما رأوه ؟ أم أن البرنامج الذي شاهده مختـلف تماما ؟ ما حدث لهماّ كـفيروس سينتشر بـسرعةّ أكل هذا لأن ويليام اعتـرف بمشاعره
نحو فلورا ؟ تنهدّ بقليل من الـحيرةّ إذا عـلموا أن فرانسوا ذهب في موعد أسوف يفتعلون كل هذا الضجيجّ مجددا ؟ تـمتم بـنبرةّ مبـحوحـةّ
ـ تـوقفوا ..
لم يستمـعّ أحد له بل هاهي مـاريّ تـجذبه من يديه لكي يقف على قدمـيه مجبراّ قبلّ أن تضع ذراعها خلفّ ظهره و هـيّ تـدفعه مبتسـمةّ نحو الجميـعّ
وسط اعتـراضاته حينما أمسكّ أليكساندر يده اليسرى بينمـا ماريّ اليمنى قطب حاجبيه و عـاد يتحدث بنبرةّ حادةّ مبـحوحةّ
ـ أوقفوا هـذا فـوراّ..
جفـلتّ ماري إثـر نبرتـه الحادةّ كذلك فعل أليكساندر بينما تنهد كايل بـقلة حيلة و هو يشير لسوزي بـرأسه أن الأمر لن يمر على الخيـر لن يستطيعوا
تجنيبهما الشجار حتى لو أرادوا ذلك اكتفى كايل بهز كتفيه دون مقـدرة على فعل شيء و هو يـنسحب للخلف جاذبا سوزي معـهّ بينما رمقتهما ماريّ
بتوتر حينما استدار ناحيتهاّ فجـأة مبعدا خصلات شعره الأسود عنّ مرمى رؤيتهّ ، حينها بلعت ريقها مغـلقة عينيها منتـظرة منهّ تأنيبها علىّ عصيانها
لأوامره لكن ما حدث عـكسّ ذلك تـماما فقدّ تـنهد بّبحة قـائلا و هو يرفع حاجبه
ـ ليتصـل أحدكم بويليام أحتـاج لتأكد من سلامة عـقله ..
ضحكّ كايل بـخفةّ موافقا نايت فـقد كانت هذه هي ردة فعله الأولى حالما رأى اعتراف ويليام إذ أن فـلورا ليست غـريبةّ لكن يمكن القـول عنها مجنونـة
قليلاّ تتصرف بلا تـفكيرّ و تـتبع دوما قلبهاّ دون أن تـفكر في أية عـواقبّ عكس ويليام الهـادئّ المبتسـمّ إنهما مزيجان مختـلفان كلياّ تماما مثـل الثنائي
الذيّ أمـامه الآن .. رمـقتهّ ماري بـنظرةّ مستغـربةّ قبل أن تـقطب حاجبيهاّ و هي تتحدثّ بنبرةّ محذرة
ـ مـا الذي تـقصده ؟ فلـورا تنـاسبه إنهـا جميـلةّ لطـيفةّ و تهتم جيدا بمن حولها كمـاّ انها
قـاطعها نـايت و هو يستديرّ نحوها بـرفعة حـاجبّ أكثـر عـلوّا في حين زمتّ ماري شفتيهاّ باستياء واضح من مـوقفه إذ تـحدث بـنبرةّ بـاردةّ سـاخرةّ
و شديدةّ التـهكمّ
ـ هـل نحن نتـحدث عن نفس الشخصّ هنا ؟ فلورا التي أعـرفها إمرأة مختلفة تماما
شهقـتّ بدهـشةّ قبل أن تـرمقه بكلّ عـصبيـةّ في حين ابتسـم هوّ بتلاعب مدركاّ أنه ضربّ على الوتر الحساسّ لديها فقد كان مدركا أنهـا تـحاول جمع
كل من ويليام و فلورا معـاّ منذ البدايةّ لكن لم يعطيّ اهتمامها هذا أهميةّ إذ لم يكن يعـلم حينها بأن مشاعر صديقه ستتطور لتصل إلى هذه النقطـةّ المثيرةّ ،
فـكادت أن تـرده عليه بحدةّ لما اقترب منها كايل لكي يضع يده على شفتيهاّ مانعا إياها من الكلامّ قـائلاّ بنبرةّ لطـيفةّ
ـ الآنّ دعـونا لا نكن عدوانييـنّ هكذا و لنذهب لاحتـساء الشاي،
تـمتمت ماري بشيء ما فـأزاح كايل يده عنهـا و هو يلف ذراعيه حول كتفيهاّ كانـتّ حركته هذه عـفويةّ فقطّ إذ أنه اعتـاد على معـاملة ماري على هـذا
الأساس منـذّ تـلك الحـادثةّ التي أدت لتغيير حياتـهم بأكملها بينـما رمـقه نايت ببـرودّ حينمـا انخـفضّ كـايل نحوها ليهمس في أذنها بـنبرةّ هادئةّ جادة للغايةّ
ـ أحتـاج لأن أتحـدث إليك ..
نـظرت إليه مـاري لوهلة ترمش باستغراب قبل أن تـومئ إيجابا حينها تـركّها رافعا يديه في الأعلى ليتـجه نحـو سوزي مبتسـماّ بكل مرح فـاتحا يديه
لاحتـضانها لما تجنبته بكلّ خفـةّ مغـادرينّ الغـرفةّ ، عندمـا أغلق البـابّ خلفهمـاّ استـدار نايت نحو ماريّ التي كانت تـنظر نحوّ عقـارب السـاعةّ بقليل
منّ الاستنكارّ اقـترب منها ببرودّ قبل أن يسددّ ضربة خفيفةّ لرأسها جعلتها تتأوه ألما التفت نحوه فتحدث بنبرةّ هادئة
ـ أنت لا تخفين شيئـا عني أليس كذلك ؟
فتـحت عينيها بـصدمةّ من سـؤاله المفاجئ لما اقتـرب منها أكثـر لكي يـركز نـظراته الحـادةّ الداكنـة عليها ممـا زاد من تـوترهاّ فأشـاحت وجهها بعيـدا
و هي تهز رأسها نفـياّ بصمت بقي يـراقبها لـوهلة من الزمن قبل أن يفتح أزرار قـميصه العلويةّ ثم يضع يديه في جيب معـطفّه حـركته هذه جعلتها ترتبكّ
أكثر حينمـا تـحدث بـنبرة مبحـوحةّ
ـ إن كنـت تفعلين، فـأنت تعـلمين جيدا أنني سـأعلم ما تخفين ماري ..
شدت الإحكام على فستانـها الأبيض قد جذبت هذه الحركة انتباه كل من أليكساندر و نايت قد ازدادت حدةّ عـينيه ، فجـأة ضحكـتّ بخفة و هي تـحكّ وجنتها
بقليل من التوتر خائفة من أن تلقي عينيهاّ بـه قـائلة بابتسـامةّ لطيـفة
ـ لقد قلت أنني لا أفـعل .. نايت ما الذي أصـابك ؟
أمـال رأسه قـليلاّ ناحيتها إنها بكل تـأكيد تخفي شيئا لا ليس مجرد أمر واحدّ بل عـدة أشياء منـذ متى كانت هي تبقي أسرارا إذ أنها لم تنجح أبدا في إبقـاء
أمـر مخفي فتحّ شفتيه ليتحدث لكنـهّ التزم الصمت ارتجـاف جسدها شحوب وجههاّ و نـظراتها المرتبـكةّ فتقدمّ خطوةّ للأمام و هوّ يحركّ ذراعيه دلالة على
الضجـرّ قبل أن يرمي نـظرة أخيرة عليهاّ ثـمّ تـحدث بنبرةّ ظهرت فيها لا مبالاتـهّ
ـ إن كنـت تقولين ذلكّ ، سـأصدقك ..
زمـتّ شفتيهاّ محـاولة الحفاظ على رباطةّ جـأشها كـلماتّ نايت دوما ما تجـذبها إليه تـجعلها أسيرةّ له للأبـدّ نـظراته الـبـاردةّ المتـهكمةّ تـريد أن تـخبره
لكنّ لا تستطيـعّ أن تفعل ذلكّ هي لم تعد ماري القديمة بعد الآن لن تستند على أحـدّ ، تـحدثت بهدوء و هي تقترب منـه يسيران جنبا إلى جنـبّ
ـ لقد قـلتّ تـوا بأنك ستصدقني .. ظننتك لا تـثق بالنسـاء
تنهـد أليكساندر بقلة حيلة و هو يتبعهمـاّ ألا تـدرك أنها أكدت تـواّ لكلاهما بإخفـائها لأمور عـديدةّ لا شيء واحد بينـما استـدار نـايت نحوها ينـظر إليها
بهدوء فتوقفت هي أيضاّ بدهشة ابتسـمّ ببرود و هو يعـودّ لسير قـائلا بنـبرةّ مبحـوحةّ
ـ عـجيب أمرك فـعلا أو لست أنت من طلب مني تـصديقك سابقـا ؟
تـمتم بعد ذلك بكلمات يتذمر فيها من مـزاج النـساء تـاركا إياها خـلفه تعمها الـصدمةّ لقد بدى لها نايت مختلفـا كـأنه لم يعد نفسه أو ربما هي تهذي لأنه
من المستحيل أن يثق بها فهزت رأسها نفيا تطرد هذه الأفكـار بعد ذلك مدت يدها نحو أليكساندر لتمـسكه بـكلّ خفة قد رسمت على شفتيها ابتسامةّ لطيفة
كادت أن تتحدث حينما قال هو بـنبرة عالية قـليلاّ رامقا بطرف عينه ماري
ـ نـايت انتـظرنا ../
أنت تقرأ
لا يجب قول لا لفخامتك
Romancechanez الكاتبة رواّيتي يـّغلبّ عليهـّا الطـّابع الـرومانّسي الإجتمـّاعي ، يتخـّللهـّا الـقّليل من الكـّوميدّيـا و بّضعة بـهاراتّ من الـواّقع أحـّم أعـّلم أننّي سيـئة في تـّرك الأنطـّباع الـجيـدّ لـكّن .. أحـمّ سـأكونّ ممتـّنة للـحّصول على بـّعض ال...