البارت36

172 15 0
                                    

بـّعد مـّرور أسبّوعينّ عـّادتّ أجـّواء القّصر الهادّئة المفـّعمة باّلحياة لتّزور أرّكـانه فّهاهمّ الخدمّ يّتسامـّرون حـّول مبّاراة الهوكي
التيّ أذيّعتّ فيّ التلفـّاز و منّ بينّ أولائكّ الخـدمّ كّانت سوزيّ نائمةّ فيّ الرواقّ مسندةّ رأسها على الجداّر و تمسكّ بين يدّيها مزهـّرية
فّخمة تّعود للقّرن الثامنّ عـشّر ، حينّ اقتربتّ منها ماريّ مـّرتدّية سّروالاّ قّصيرّا أسودّ و كنزه صّوفية طّويلة زرقّاء اللونّ فّوضعت يدّها
على رأسّ سوزي و بّعثرت شعرهاّ قليلا لتفتحّ الآخيرة عينيهاّ بتعبّ ، لحـّظات حتىّ استوعبتّ منّ هيّ التيّ أيقظتها فكادّت أن تّقف لولا أنّ
ماريّ هـزتّ رأسهاّ نفيّا و هيّ تّبادرّها بّإبتسامة لطّيفة مـّرحة ، قـّالت سوزيّ بّأسّف
ـ أنـّا فعلاّ أسّفة سيدّتي ، أرجوكّ أخصميّ هذاّ من راتبيّ
ضحكـّت ماريّ و جلّست بجاّنبها مسندةّ ظهرها على الجـداّر حيثّ كانّتا مختبئتينّ فيّ زاوية ماّ من ذلكّ الـرواقّ الطـّويل ذّو البسّـاط الأحمـّر ،
تحدثّت ماريّ بّمرح
ـ لاّ عـّليك فـّكلتانا تتهّرب من واجّباتهاّ ،
نـّظرت سوزي إليهاّ بّدهشة ، إنهاّ عـّكس الإشاعات تمّاما فّالكلّ يّقول أنهاّ أتتّ لتنهبّ ثروةّ لبيّر لكن ربماّ يجدرّ وصّفها بالخرقّاء أكثّر من نعتهاّ
بّالداهيةّ الماكرّة ، قهقهتّ سوزيّ بّصوتّ خافتّ فّضحكتّ ماريّ معهاّ عندّما وقفّ ظلّ أمامهماّ ، نـظرّتا إلىّ فرانسواّ الذيّ يّعقدّ يّديه إلى صدّره
بّصبرّ ، تحدثّت ماريّ بّضحكة
ـ هل تـّبحث عن مخبأ فرانسوا ؟ يمكننّا أنّ نصنـّع مكاناّ لك
رمقّهما فرانسواّ بّتعبّ ثمّ جلّس بجاّنبهماّ مغّلقا عينيهّ و محـّاولاّ أخذّ قسطّ من الراحـّة لتدهشّ الاثنتينّ فلم تكنّ لّتظن ماريّ أو سوزيّ أنه بالفـعّل
سيجلسّ لكن هاهوّ مثّلهماّ تّرهقه أعبّاء أعمالهّ المتراكمةّ ، و لكلّ منهمّ شيءّ يثقل كاهله
بّعد دّقائق غفّى فرانسواّ من شدّة تعبه مسنداّ رأسه على الجـداّر الذيّ خلفه و سوزيّ بدّورها كـّانت تّنامّ بعمقّ هي الآخرى ممسكـّة بذّراعه بينماّ
لفتّ ماريّ ذّراعيها حولّ ركبّتيها لتّضع رأسهاّ بّهدوء عليهماّ ، فكـّرت بّأسى
بّعد أنّ قامّ نايتّ بطرّدها صّارت تتجّنب أيّ لقّاء أو احتّكاكّ معه فلمّ تحاولّ أنّ تّرمي ابتساماّتها المرحةّ و لاّ نكّتها كعّادتها بّل إكتفت فقطّ بالابتعـّاد
عنه و تنفيذّ مطّلبه ، إنهاّ لا تملكّ الشّجاعة لكيّ تواجّهه و لاّ الجرأة لتسأله ، فـّزفرت بّقليلّ من الغيضّ و رفـّعت عينيهاّ لترى كاّيل يّقف على مقّربة
منهاّ مبتسماّ بكلّ مرحّ بّرطبة عنقه الماّئلة و سترتهّ السّوداءّ فّقالت ماريّ بّبرود
ـ ما الذيّ تّريده ؟
وضـّع يدّه على فمهاّ فجـأة و سحّبها فّحاولت المقّاومة لكنّه كّان أكثّر قّوة منهاّ ، إلى غاية ابتعادهما كّفاية عنّ فرانسواّ فّتركهاّ لّتتنفسّ صّعداء
فاستعدت لشتمه بّعصبية لّيعيدّ وضـّع يدّه على شّفتيها مانعّا إيّاها منّ الحـّديّث أو إصّدار أّي صّوت ، حيّن لمحّتهما إليزابيثّ و قدّ كانت تسّير بّرفقة
نايتّ و كّلاهما تّعلوّا ملامحهماّ صّفات الجـدّ إذّ أنّ الموضوّع الذيّ كاناّ يتحدثّان بهّ يستدّعي هذّه الجديّة ، لحـّظة وصّولهماّ تّرك كاّيل ماريّ بّسرعة
دّافعا إياهاّ للخلفّ و فتحّ ذّراعيه على وسّعهما قـّائلاّ بّنبرة ماّزحةّ متلاعبّة
ـ حبّيبتي الشخصّ الذيّ كنتّ أبحثّ عنه تماماّ ،
فّرمقته ماريّ بّنـظرّة ناّرية خطّيرة و لوّ أنّ الأمّر بيدّها لقـّامت بّقتله دونّ تـّردد لكنّ كل هـذاّ اختفى عنـدماّ لمحتّ نايتّ الواقفّ بجاّنب إليزابيثّ
و عينيهّ الداّكنتين تّبادلانها بّسخريةّ و استهزاءّ فّاستدّارتّ معطّية إياهمّ ظهرهاّ و هيّ تسيرّ بّخطّوات سّريعة و متعـّثرة ، قدّ كان واضحاّ مدى
توترهاّ و بالأحرى غّضبها المكتومّ ، عندّ اختفائهاّ تحدثّ كايلّ باستغرابّ
ـ نايتّ ما الأمرّ مع زوجـّتك ؟ إنهاّ تتصرفّ بّغرابة أكثرّ من المعـّتاد
تجاّهله نايتّ سّابقّا إياهماّ إلى طاّولة الإفطـّار فّتبعه كاّيل ليحيط كّتفي نايت بّذراعه اليمنى ، قّال بنبرةّ مستنكرة و خبيثّة فيّ آن واحدّ
ـ هلّ تشاجّرتما ؟ يـّاله منّ أمرّ مـذّهل و هيّ الآن غـّاضبة منك ؟ هـذاّ مدّهش لمّ أكنّ لأتخيّل أبداّ أنّ ماريّ ستغضّب أعنيّ دوماّ ماّ أعطّيها منـظرّ
القطّة الوديّعة لكنّ أظنّ حتى للقطّة الوديّعة مخالبّ ، إذّن ما الموضوّع الذيّ أدى لشجّاركما ؟ أخبرّ آخاك الكبيّر
زفـّر نايتّ بّحدةّ و أنزلّ ذّراع كايّل بّصبر فّنظرتّ إليهما إليزابيثّ بمكرّ هي الأخرى و اقتربتّ منهما لتلفّ ذرّاع نايتّ مسندةّ رأسها على كتفهّ قاّئلة
بكلّ دلالّ
ـ يمكنّني المساعدّة إنّ أردتّ فـأناّ هنا كماّ تعلم
أغّلق عينيهّ بّقلة صّبر ثمّ دّفع إليزابيثّ جاّنبا و سّار بّخطوات سّريعة إلىّ حيث لا يتواجدّ هذّين الإثنينّ ، عبرّ الـرواقّ و نـزلّ الّسلالمّ بخفة
بينماّ كايل ينادّيه بسخريةّ و صوتّ ضحكاّت إليزابيث كّصدى رنينّ فيّ ذلك القّصر حينّ لمحّ ماريّ تعودّ أدّراجها حالماّ رأتهّ لكيّ تختفيّ إلى حيثّ
لاّ يزعجّ وجودّها عينيهّ ، صـاحّ بنبرةّ مبحـّوحة حادة
ـ مــاريّ
تـّوقفّت عنّ السيّر و نـظرّت إليه منّ أسفلّ السّلالمّ فّتنهدّ بّبرود و سّار ناحيّتها لكنهاّ استدّارتّ معطيّة إياه ظهرهاّ كـّان الأمرّ واضحاّ أنهاّ تحاول
تجّنبه منذّ أسبوعينّ و قدّ فلحت في ذلّك إلى غاية هذّه اللحظةّ حينماّ اقترب منها كفّاية كادّ أن يتحدثّ لولاّ صّراخ كاّيلّ القادّم
ـ مــاريّ انتـظرينيّ
ركضّ متخطيّا نايتّ و احتـّضن ماريّ من الخلفّ بّقوة واضّعا يديّه حولّ رقبتهاّ ، لمّ يكنّ هذاّ أمرّا عـّادياّ لسكان القصّر أنّ يجدوا الشخصّ الذيّ
عـّارضّ وجودّ ماريّ بقوة فيّ القّصر يّتودد إليهاّ كما لو كـأنهاّ صدّيق قديمّ و لمّ يكن هـذاّ صّائباّ حتى لماريّ فحاولت أنّ تفّك ذّراعيه لكنّه
كان ممسّكا بها بكلّ إحكـّام ، قـالت بنفـّاذ صّبر
ـ ما الذيّ تـّريده بّحق الله ؟
سحّبهاّ إلى الأسـّفل مبتعـداّ عن أنـظاّر نايتّ النـّارية الخـطيّرة ، أمـّام بـّاب المّؤدي إلىّ المخرجّ تّوقفا عنّ السّير ليّمسك كايّل كّتفيّ ماريّ و
يّجعلها تواجههّ ثمّ همس بّنبرة جديّة
ـ مـّاريّ ، أريـدّ منكّ مـعروفاّ
رمقّته بعينينّ بّاردتينّ ثمّ زفّرت بكلّ تعبّ و أومـأتّ رأسهاّ فهي لن تتخلصّ منه إلا إذاّ وافقّت علّى تـّنفيذّ مطلّبه لذّلك أجابته بّكلّ هدوء
ـ حسناّ لقدّ كنت أعّلم منذّ البداّية أنكّ تـريدّ مني شّيئا ، إذنّ أخبرنيّ ما الذيّ تتمناه ؟
ابتسـمّ بكلّ مرحّ ثمّ احتّضن ذّراعهاّ اليمنىّ لّيسيراّ خـّارجاّ فيّ الحـدّيقة ، تنهدتّ مفكرّة ما السببّ الذيّ يّجعلهاّ تّسير علىّ هواه ؟ إنهّ دوماّ ما
يّفتعل الشجاّر مع نايتّ و يحـّاول أنّ يخرجهاّ من القّصر كماّ أنهّ كّان منّ المعـّارضين علىّ زواجّهماّ ، هوّ شّاب لّعوب خانّ إليزابيثّ فيّ فترة
خـّطوبتهماّ برفقة تلكّ النادلّة ، لكنهاّ تجاّهلت كلّ هـذاّ عندّما بدأّ هو بالكلاّم
ـ ماّ رأيكّ لو نذّهب جميـعّا فيّ رحلة كيّ نرتاحّ قليلاّ من أعبّاء العملّ ؟ إنهاّ فّرصة رائـّعة لتعويضّ عنّ عدمّ ذهابّك معّ نايت فيّ شهر عسّل ؟
إذّا ما الذيّ قلته ؟ ماهو رأيك ؟
ابتسمـّت فجـأةّ بكلّ سعادة و أمسكتّ يدّيه حيّن بدأ الحماسّ يّعتريها ، بلّى إنهاّ فرّصة رائـعةّ لتّقترب منّ نايتّ أكثرّ و تّفوز بّحبه ، فبّعد موقفّ طرّدها
كاّنت الأجواءّ متوترةّ و غّريبة لكنّ إذاّ ذهبت فيّ رحلة لتزلجّ أوّ الشـاطئّ قدّ تستطيعّ التحدثّ مع نايتّ مجدداّ لذّلك أجاّبته بّفرح
ـ كايلّ ياّ لك من عبقريّ، أناّ موافقّة بكلّ تأكيدّ إذنّ متى سنـذّهب ؟
رمقّها كايّل بّخبث رافّعا حاجّبيه بكلّ مكرّ و قدّ نجّحت خـطّته فيّ استمالة موافقة ماريّ ، إنهاّ أغبّى من أنّ تشكّ بشيء لذّلك قّال بّحزن مصّطنع
ـ لكنّ هناّ تكمنّ المشكلةّ فجديّ لا يريدّ الذهابّ لأنّ نايت لا يريدّ ذلكّ و هنا تكمنّ مهمتكّ ماريّ ، حاوليّ أن تقنعيّ نايتّ بّأخذّ قسطّ من الراحـّة
، أنـّا أعتـمدّ عليكّ
ثمّ لوحّ لهاّ بّكل مرحّ مغـّادراّ بينماّ ماريّ تّقف بكلّ بلاهة تحدقّ فيّ المكان الذيّ كان كايّل متواجدّا به ، كيفّ لها أنّ تقنعه بينما هي بالكاد تتحدث
معه ؟ بلّ بالكادّ تلمحه ؟ صّاحت بّعصبية و هي تّهز رأسهاّ نفّيا
ـ لنّ أهتـمّ بـعدّ الآن حبّ كان أمّ كـره
اتجـهتّ إلىّ جناحهاّ صـّاعدة الّسلالمّ مسرّعة راجّية ألاّ تّصادفّ أحدّهم، فتحتّ بّاب غـّرفتها ثمّ أغلقتهّ خلفهاّ لكيّ تّرميّ بجسدّها على السّريرّ
موجـّهة أنظارهاّ إلى السـّقف ، لمّ يسبّق لهاّ أنّ تجاّهلت أحداّ أو تّصرفتّ ببّرود للغيرّ لكنّ الآن أصّبح الأمرّ كماّ لو كأنه عـّادة و هذّه العادة اكتسبتهآ
من ذلكّ الشّاب الذيّ يّرفض أخذّ اعترافها بحبّها على محملّ الجدّ ، استداّرت بّتعبّ لتنظرّ إلىّ الـّشرفةّ و قدّ كانتّ الريّـاح تّهب بقوة حاملة معهاّ ستارّ
الأبيضّ فابتسمتّ بّخفوت و أغّلقت عينيهاّ بهدوءّ محاولة أخذّ قسطّ من الراحـّة ، إلىّ أنّ غـّادرتّ واقّعها متجهّة إلىّ عـّالم خيّالها الواسـّع حيثّ كل
شيءّ ممكنّ ، حيّث يمكنهاّ أن تحـّلم بحبّ نايتّ المتبادّل لهّا دونّ ألمّ و بـّغير خوفّ ،

لا يجب قول لا لفخامتك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن