البارت42

128 14 0
                                    

فيّ مديّنة لندّن و شّوارعهاّ بينّ جدّران مناّزلهاّ كانّ فيّ غّرفة المعيشةّ تلكّ يجلسّ ديميتريّ و حولهّ العديدّ منّ الأوراقّ تبدواّ
قّديمة منّ مظهرهاّ المهزئ لكنهاّ ذاّت فائدّة بلا شكّ ، أدّخل يدّه بّعشوائيةّ في صندوق خشبيّ بّنفس عّمر الملفّات ثمّ سحبّها
ليحملّ صّورة ماّ ، تّنهدّ بغيضّ محدثّا نفسّه
ـ ألا زالتّ موجودّة ؟
و كادّ أنّ يرميهاّ لولاّ أنه قّرر إلقّاء نظرّة أخيرة عليهاّ، صّورة قـّديمة لّوالده الجالسّ بكل كبّرياء علىّ كرسيه الذهبيّ المخمليّ علىّ
ركّبتيه كانّ ديميتريّ يّجلس و يبتسمّ بفخرّ للكاميراّ بّجانبه يّقف رجلّ ذوّ ملامحّ حادّة عّينيه زرقاوتينّ متقدّتين بّذكاءّ خيّاليّ فيّ
العشرينياتّ من عمرّه ، تنهدّ ديميتريّ بّألم لوهلة من الزمنّ ناظراّ إلى أخيه فلم يستطعّ أن يتخلص منهاّ لذلكّ رفع الصورة و أعادّها
إلى مكانهاّ بكلّ هدوء مكمّلا بحثه
وضعّ بين يديّه ملفّا أحمرّ اللون فّفتحه لتظهرّ معلوماتّ قيمة عنّ نايتّ لا أحدّ يعرفها غيّره ، الصّفحة الأولى لنايتّ عندماّ كان فيّ سنّ
الخامسةّ عابسّ الوجّه يّربت علىّ رأسه إمرأة بّالغة الجمالّ ذات شّعر بنيّ لامعّ طّويل و عينينّ مرحتّين نوعاّ ما إذّ يبدوا أنهاّ والدّته ،
كشّر عنّ ملامحّه بّكل حقدّ ثمّ تخطّى تلكّ الصفحاتّ ليصّل إليه و هو بعمرّ الثامنة عّشر و عنّ انجّازاتهّ التيّ حققّها بهذاّ السنّ أبرزهاّ
تخرجه منّ الجامعة بامتياز ، تحّقيقه لأربّاح تّفوق الأربعين بالماّئة لّشركة لبيّر ثمّ أهمهاّ ، تّدميرّ شّركاتّ الروسيةّ ذاتّ القوة الاقتصادّية ،
تدميرّ أفرادّها و جّعلهم فيّ الحضّيض بّعد أنّ تربعوا عرشّ القيصرية ،
زفرّ ديميتري بكلّ كره ثمّ قّام بّتخطيّ الصّفحات مجدداّ لّيصل إلىّ حالته اليومّ ، تزوجّ منّ ماريّ روبرتّ فتاة متوسطّة الطّبقة تميّل للفقرّ
لقدّ هاجمهاّ و لن يستطيّع المحاولة لفترةّ من الزمنّ ، اتجّهت أنظاّره لّصورةّ التقطّتها الكاميرّا تحتضنّ ويّليام و فلوراّ أثناءّ حفلّ الزفافّ ،
هّؤلاء الثّلاثة يمّثلون الأشخاصّ الذّي قدّ يثقّ بهم نايتّ وربماّ يكونونّ بمثّابة عاّئلة له ، فّابتسمّ بكلّ برودّ
ـ لقدّ بدأتّ تحركاتّي بالفّعل و الآن دوركّ أنتّ ، يستحسنّ أنّ تملكّ أناسّ يضّحون بحياتهمّ من أجلكّ إنّ أردتّ البقّاء فيّ هذاّ العالمّ ،
فّوقفّ و دفّع بذّلك الملفّ جانباّ لّيدوس عليهّ ثمّ رفعّ مفاتيحّ سّيارته لّيتجّه إلىّ الخارجّ تّاركّا من خلفّه فوضّى عاّرمة ، لقدّ بدأ إنتقامه
و لنّ يّوقفه أحدّ فّهو ليسّ جونسونّ ليّنهار بعدّ خطّوات فاّشلة قاّم بهاّ و هوّ ليسّ كايلّ يّعيقه حبه الخياليّ لمرآة تّريدّ الفوزّ بّإبن عمتهّ لهاّ
، إنهّ ديميتريّ ، قيصرّ عادّ للانتقام و لنّ يتوقفّ

/

صّباح الّيوم الموالّي بينّ ضواحيّ لندّن تماماّ فيّ تلكّ الغـّرفة الصّغيرة كاّنت فلور ذاّت الشّعر الأصّهب الطّويل نائمّة علىّ سريرّ
أختهاّ سّابقاّ بينماّ هناكّ العديدّ من الأوراقّ بجاّنبهاّ ، تمسكّ بّقلم فيّ يدّها و قدّ ارتكز بّحثهاّ كلّه علىّ إعلاناتّ الجّرائدّ عنّ شّقق صّغيرة
ربماّ تملك ماّلا يّخولها استئجّارها ، حيثّ أنهاّ تجاّهلت تماماّ ما حذّرتها سيدّة فرانسيس منه التيّ كانتّ تّمسك بّالجريدة بين يدّيها و ملامحّها
تدّل على الإنزعاجّ بالرغمّ من أنهاّ نصحتّ فلورا كثّيرا بأن تتخلى عن فكرة الرّحيل لكنهاّ عنيدة جداّ
تنهدتّ بكل أسى و جذبتّ الغطاّء من الدّولاب لّتقوم بّوضع فّوق فلورّا محاولة أنّ تجّعلها تشعرّ بالقليل من الدفّء ثمّ غـّادرت بّكل خفة متّجهة
إلىّ شقتها عندّما لاحظتّ آرثر الذيّ كان بّدوره مغاّدرا منزله ، نـظرّ إليها ثمّ ألقى تحية الّصباح بكلّ برود لماّ رأى إعلان الجريدة التي تمسكه
السيدة فرانسيس قال بّتساؤل
ـ سيدتيّ ، هلّ فّلور تّبحث عن منزل ؟
أومأت بالإيجاب و قدّ استغربت كونه قّد علمّ أن فلور من تبحثّ عن المنزل لكنّ بعد أن أدّركت أنها هي من تملك المبنى و من المستحيلّ
لها أن تّغادره أنكرّت استغرابهاّ ليكملّ آرثر كلامه بّكل مرح
ـ ماذاّ عن منزلّ سيدّ روبرت ؟ لمّ يتم بّيعه أليس كذلك ؟
عّادت فرانسيس تومئ بالإيجاّب و هيّ تّخطو بخطواتّ خفيفة و بطّّيئة بإتجاه شّقتها لتحضير الفطور لزوجهاّ بول لمّا أوقّفها آرثر للمرة الثّالثة بجدّية
ـ سيدتيّ ، أناّ أريد أنّ أشتري منزلاّ بجانب أسرتي أتعتقدين أنهاّ إذ لازالت لا تّرغب فيّ العيش به أنهاّ ستقوم بّبيعه لي ؟ هذاّ سيكسبهاّ
مالّا أكثرّ لشراء منزل ، أيمكنك أن تسأليها لأجليّ ؟
رمقّته سيدّة فرانسيس بّكل هدوء ، عندّما قّابلت آرثرّ للمرة الأولى كانتّ واثّقة من أنه شّاب مستهترّ لاّ غاية لّه سوى مصاحبة الفّتيات
و اللهو فيّ النواديّ الليلية لكنّ خلالّ هذه الأشّهر الماّضية تّغيرّ كّثيراّ ، لمّ يعدّ نفسه و ربماّ كان هذاّ بسببّ ابتعاده عنّ أسرته ابتسمتّ له
بّكل رقة و لطفّ ، ثمّ قّالت بّنبرة حنونةّ
ـ أناّ سعيدةّ لأنكّ بدأتّ في التفكير بّمستقبلك
ابتسمّ لهاّ هو الآخرّ بّهدوء ثمّ أخفضّ رأسهّ محركاّ شعره البنيّ بّكل إحراجّ ليّغادر المبنى بعدّها بينماّ كان كل هذاّ تحتّ أنـظاّر ويّليام ،
كانّ يقف هو الآخرّ أمامّ بابّ شقته مرتديّا قميصهّ الأزرقّ بّكل فوضوية أماّ شعره الذّهبي فّكان كذلكّ مبعثّرا فيّ كل اتجاه ، نـظرّ بّكسلّ
إلىّ آرثر المبتسم و أخذّ يحكّ بطّنه بكلّ ضجرّ ثمّ التفت إلىّ سيدة فرانسيس التيّ تودعّ آرثر بإبتسامة و تحدثّ
ـ سيدّة فرانسيسّ ، ما الذيّ يحدثّ ؟ هلّ فلورا مغاّدرة ؟
وجهتّ فرانسيسّ عينيهاّ إلىّ ويليامّ لتتنهدّ بكل أسى ، إتجهت إليه و قّامت بّجذّبه منّ ذراعه أخذّة إياه إلىّ شقتها و هي تقّول بكلّ يأسّ
ـ لدّي الكثيرّ لأحدثّك عنه ، دّعنا نشّرب القّهوة أثّناء ذلك لعلكّ تستطيعّ أنّ تّعيدّ تلكّ المجنونةّ وعّيها
/

لا يجب قول لا لفخامتك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن