البارت52

146 14 0
                                    

بّعد مّرور يومينّ علىّ حادّثة انهيارها كانتّ ناّئمة بّعمقّ علىّ سريرّها فيّ غّرفتهاّ البيضّاء تلكّ و رائحّة الأدويةّ تعمّ المكانّ بجّانبهاّ يجلسّ فرانسواّ
و يظهرّ على مّلامحه صّفة النّدم فكمّ هوّ يّشعر بالحٌّقارة لكونهّ تبعّ تّعليماتّ الطبيبّ هنريّ بالّرغم منّ علمهّ بحالّة ماريّ التيّ تلتزمّ العنايةّ النفسيّة
قبلّ العنايةّ الطّبية ، وجّهها و هيّ تصرخّ بّهستيريةّ أنّ النيّران حولهاّ تنّهش جسّدها جّعله يبدواّ كمّجرمّ ماّ و مـّاذا قدّ يحدثّ إذاّ علمّ نايتّ بّفعلته
الشنيعةّ هذّه ؟ فعوضّ أنّ يكونّ سندّا لماريّ صّار ضّدها ،
تنهدّ ليسندّ رأسه بّتعب علىّ طرفّ السريرّ لاّ يدريّ لماّ لكنّه مرهقّ فّحماية ماريّ تسّلبه كلّ قوتهّ أدراّج الرّياح إذّ أنه لاّ يفعل شيئاّ سوى
مـّراقبتهاّ طوالّ اليومّ و الحرصّ علىّ سّلامتهاّ ، نـظرّ إليهّا بّهدوء المرةّ الأولىّ التيّ رآهاّ كانّ شعرهاّ البنيّ يّصل إلىّ ماّ أسّفل رّقبتهاّ بّقليلّ أماّ
الآنّ فّخصّلاتها البنيةّ مبّعثرة علىّ الوسادّة قدّ ازدادت طّولا ، بّشرتهاّ شّاحبة ربماّ منّ الضغطّ النفسيّ الذيّ يّفرضه عليهاّ وضعهاّ ، لقدّ كانتّ فّتاة
بّشوشة ذاتّ ابتسامّة جميّلة أماّ الآنّ فلمّ يبّقى منهاّ سوىّ الأسىّ و الرثّاء على حاّلها ، كمّ يتمنى أنّ تعودّ ماريّ إلىّ سابقّ عهدهاّ
عندّما فتحتّ ماريّ عينيهاّ فجّأةّ على وسعهماّ ثمّ اعتدّلت فيّ جلّستها لماّ داّهمهاّ صّداع فّألقتّ نظرةّ على فرانسواّ الذيّ يّراقبهاّ بكلّ صمتّ و ماّ إن
وجّهت أنظارهاّ ناحيته حتىّ وقفّ لينحنيّ بكلّ ندّم قّائلاّ بأسفّ شديدّ
ـ إنّ ماّ فعلته ياّ سيدتيّ لاّ يغتفرّ فّأرجوكّ عـّاقبينيّ ،
أزاحتّ وجّهها للجّهة الأخرىّ بّقليلّ منّ الإستياءّ فّتركها وسطّ الطّريقّ بينّ المارةّ تعانيّ من حاّلتها الهستيريةّ تلكّ لأمرّ محرجّ و مذلّ بّالنسبةّ لهاّ
و كيفّ تّقدم آخرّ شخصّ كانتّ تتوقعّ رّؤيته لمسّاعدتهاّ كليرّ غلوري بنفسهاّ الشّابة المغرورةّ بينماّ حارّسها الوفيّ يّقف جاّنباّ إلىّ جنبّ معّ السيدّ هنريّ
فّشّعر فرانسواّ بالندم أكثرّ حينهاّ اقتربّ منهاّ و قالّ بّتوتر
ـ حسناّ سيدّتيّ ماّ رأيكّ أن أعوضكّ عن فعلتيّ الخرٌّقاء تلكّ بّجولة بّسيطة حولّ باريسّ ؟
رمقّته ماريّ بّنصفّ عينيهاّ دلاّلة علىّ عدم اقتناعها ثمّ سحبتّ غطاّئهاّ لتعودّ إلىّ النومّ هذاّ ماّ باتتّ جيدّة فيّ فعلهّ ، تنهدّ فرانسواّ بّخيبة أملّ و هوّ
الذيّ أرادّ أنّ يخاطرّ بّأوامرّ نايتّ الصّارمة فيّ سحبّها إلىّ الخارجّ ، كادّ أنّ يّغادرّ لماّ تحدثتّ ماريّ بنبرةّ حاّولت فيهاّ أن تكتمّ فرحهاّ
ـ ما دمتّ مصّراّ فلاّ خيارّ ليّ إذّن ،
بّعد فترةّ كـّانت ماريّ جالسة فيّ كرّسيها المتحركّ مرتديّة معطفا أزرقّ داّكن اللونّّ يقيّها منّ هـذاّ البّرد القارصّ معّ قفازاتّ و قبّعة روسيّة، فّستاناّ
أبيضّ يصّل إلىّ ماّ أسفلّ ركبتيهاّ بّقليلّ كانّ الحماسّ يّعلوّ ملامحّ وجّهها خلّفها فرّانسواّ يضعّ يديه فيّ جيّبه بّعد أن رّفضت ماريّ دفّعه لهاّ عندّما قدمّ
إليهاّ سورّا يبدواّ بسيطاّ لكنهّ أنيقّ فيّ نفسّ الوقتّ ، تسّاءل بنبرةّ هادّئة
ـ سيدّتي هلاّ تفّضلت بّوضعّ هـذّه السوارّ على يدّك ؟ إنهّ يّلائمّ ملابسكّ ، أيضّا هلاّ أخبرتنيّ أيّن تفضلينّ الذهابّ ؟
أومـّأت ماريّ بالإيجابّ ثمّ أخذتّ نفساّ عميقاّ مّغلقة عينيهاّ كيّ تستمتعّ قّليلاّ بّالحريةّ ، كمّ مرّ على خروجّها هكذاّ دونّ حرسّ حولهاّ و دونّ توبيخّ نايتّ
الحّاد لهاّ ؟ كمّ تتمنىّ لو أنهاّ زارتّ باّريسّ معه .. حين استعادتّها لرباطّة جأشهاّ قـّالت بّبسمة تعلوّ شفتيهاّ
ـ أريدّ رّؤية لوحّة موناليزاّ
فّورا استقّل فرانسواّ سيّارة أجرةّ و بـّعد نصفّ سّاعة تّقريباّ أوّ أكثرّ شّاهدتّ ماريّ عدةّ مناظرّ سّرت قّلبها الصغيرّ وصلّ الإثنينّ إلىّ المتحفّ الذي
يحّمل لوحّة لموناليزا بداّخله حينّ مدّ فرانسواّ يدّه ليمسكّ بّماريّ كيّ يجعلهاّ تجلسّ فيّ كرسيهاّ مجدداّ ، سّاعدّها ببطّء حتىّ استطاعت أنّ تعودّ لمقعدهاّ
طّوال هذّه الفترةّ كانتّ ترمقّ متحفّ اللوفر بإعـّجابّ شديدّ لطالماّ قّرأت عنهّ فيّ الكتبّ و لطالماّ تمنتّ زيّارته ، هذّه أمنيتهاّ كّطالبة للغةّ أجّنبية ..
ابتسمّ فرانسوا و قاّل بّلطفّ
ـ يبدواّ أنه نالّ إعجابكّ سيدتيّ
كانتّ عينّا ماريّ مثبتتينّ علىّ ذلكّ المتحفّ كّأن جميّلا بّشدة إذّ أنهّ من أهمّ المتاحفّ الموجودّة فيّ فرنسّا و يقّع على الضّفة الشماليةّ لنهر سينّ فيّ
العاصمة باريس، أجـّابته ماريّ بسّعادةّ
ـ لقدّ بنيّ أسّاسا ليكون قّلعة ذلكّ فيّ عـام 1190 ثمّ بعدّ سنواتّ تحولّ إلىّ قصرّ كيّ يسكنّ فيهّ ملك شاّرل الخامسّ قبلّ أنّ يتحولّ أخيّرا إلىّ متحفّ ،
نـظرّ إليهاّ فرانسوّا و علىّ شفتيهّ ابتسامةّ لطيّفة كمّ هو سعيدّ لأنهّ استطاع أخيراّ أنّ ّيراها تّستمتعّ ، إذّ يبدواّ أنّها تملكّ معلوماتّ عـّديدةّ عنّ فرنساّ و
ثّقافتهاّ بأكملهاّ ، بينماّ أكملتّ ماريّ تقدّمها ..دّخلاّ إلىّ متحف اللوفّر من خلالّ هرم زجاجيّ ضخم تم افتتاحه فيّ عّام 1999 م و منّ أهمّ الأقسّام التيّ
آثرّت إهتمامّ ماّري هيّ تلك القّاعة الكبرى التيّ شيدّها كاترين دي ميديشي فيّ القرن السّابع عـّشر و التيّ تحتويّ بدّاخلهاّ أهمّ أقّسام كتّلك اللوحّة النادّرة
التي استقطبتّ نظرةّ العّالم بّأكملهّ ، لوحّة لموناليزا منّ قبلّ ليوناردو دافينشي
وقفتّ ماريّ أمامهاّ تنـظرّ إلىّ تلكّ اللوحّة بّهدوءّ لّسببّ ماّ رّؤيتهاّ أثّارت الرّاحة بدّاخلهاّ فّابتسمتّ لاّ إراديّا منّ أعماّق قلبهاّ ، أيضّا و علىّ يمين القّاعة
الكبرى كانتّ قاعة صّغيرة نوعاّ ماّ ضيّقة قّليلا يّعرضّ فيهاّ بعضّ لوحاتّ تول وتريك الذي اقترن اسمه بمقهى المولان روج ، و فيّ قّاعة آخرى أثّارت
إهتمامّ فرانسواّ كانتّ هناكّ لوحة زيتية شهيرّة تمثل تتويج نابليون الأول لعرضّ رسمتّ على يدّ دافيد ،
بّعد فترةّ عـّاد فرانسواّ إلىّ نفسّ المكانّ الذيّ تركّ ماريّ فيهّ ليجدّها لاّزالت تنظرّ بكلّ إعجابّ للوحة موناليزاّ و لمّ يستطعّ فّهم سرّ إعجاّبها الشديدّ بهذّه
اللوحةّ خصيصاّ بالّرغم منّ أنهّ تّأملهاّ كثيرّا هوّ الآخرّ ، فّوقفّ بجاّنبها و قّال بنبرةّ هـّادئة
ـ سيدتيّ ، هلّ تفضلينّ تناولّ العـّشاء الآنّ ؟
أومـّأت ماريّ بّالإيجابّ فّدفّع الكرسيّ للأماّم غـّادرا المتحّف أخيّرا و هـذّه المرة تمّثلت وجّهتهماّ نحوّ برجّ إيفّل المشهورّ بأضّوائهّ الرائـّعة ، و يقعّ بدوره
فيّ أقصى شّمال الغربيّ لحديقّة شامب دي مارس بالقّرب من نهرّ سينّ لمّ يكنّ بعيداّ جداّ ، بالّرغم منّ أنّ عدمّ قدّرة ماريّ على سيّر أعاقت مجرى الرحلّة
قّليلا لكنّ فرانسواّ ظلّ يّساعدّها دونّ كللّ أوّ مللّ في النهاّية غّايته الوحيدّة من هذّه الرحلةّ هيّ استعادة ماريّ القّديمة
يوجدّ فيّ البرجّ مطّعم يّوفر خدّماتّه لزوارّ معّ إطلاّلة تتيحّ رّؤية جمالّ باريسّ يّقع فيّ الدورّ الأولّ ، حجزّ فرانسواّ أفضلّ طّاولة بّسرعة لكيّ يتسنى لماّري
الاستمتاعّ بالمنظر و الأكلّ معّا قدّ توفرّ هذاّ المطعّم على المّأكولاتّ البحريةّ بكثّرة ، جلستّ ماريّ على الكرسيّ بّهدوء تّراقبّ تلكّ الأضواءّ قدّ كان الأمرّ
رومانسياّ ، فّتنهدتّ بأسى كمّ تمنتّ لوّ يتواجدّ نايتّ بجاّنبهاّ فهذّه اللحظّة ، ويّليامّ و فلوراّ أحبّائهاّ ..
وضعّ أمامهاّ شتىّ أنواعّ الأطّباق الشهيةّ قدّ حصّلت على عنايةّ خاّصة مماّ جعلهاّ تتّساءلّ ما الذيّ فعله فرانسواّ كيّ يحصّلوا على طاّولة بّمثل هذّا المنظر
المذّهل و تلكّ المعّاملة فّائقة الاحترام و العنايةّ ، كانتّ تّتأملّ ماّ حولهاّ باستمتاع عندّما انتقل إلى مسّامعهاّ صوتّ أحدّ الزباّئن قّائلاّ بنبرةّ فضوليةّ محدّثا
شخصّا ماّ إلى جاّنبه
ـ أليستّ تلكّ المرأة نفّسها زوجّة نايتّ لبيرّ ؟ أنّا واثقّ بّأنهاّ هيّ لأننيّ حضّرت زفّافهماّ ،
استـداّرت ماريّ نّاحيتهماّ و نـظرتّ إليهماّ بّقليلّ من الاستغرابّ، هلّ هّذين الزوجينّ قدّ حضّرا حفلّ زفافهاّ ؟ لماذاّ لا تبدواّ وجوههماّ مألوفة لهاّ بالّرغم منّ
أنهاّ ألقت التحيةّ على جميعّ الضيوفّ ؟ حينّما التقتّ عينيهاّ بعينيّ ذلكّ الرجلّ الجاّلسّ معّ تلكّ المرّأة شّعرتّ بشيّء غريب ينتابهاّ قدّ كان ذوّ شعرّ أشقرّ
لامعّ و عينينّ حادّتين يضّع قّبعة تّخفي ملامحّه و وشّاحّ أسودّ اللون ، زمتّ شفتيهاّ بّعبوس و عـّادت تتناولّ غـذاّئها لماّ اقتربّ الزوجينّ منهاّ ، همستّ تلكّ
المرأةّ بّنبرةّ لبقة
ـ عـذّرا ، هلّ أنتّ نفسهاّ زوجّة نايت لبيرّ ؟
أومّأت ماريّ بالإيجابّ فّأشّارت المّرأة علىّ الكرسيّ الذيّ أمامّ ماريّ كيّ تسمحّ لهاّ الأخيرةّ بالجلوسّ ، بينماّ بقيّ الرجلّ بّجانبّ زوجّته لكنهّ سّرعان ماّ
تقدمّ ناحيةّ ماريّ كيّ تتاحّ له الفّرصة بالتّأكد من هويّتها و قدّ كانّ الاثنين يتفحصانهاّ بكلّ فضولّ لماّ تحدثتّ المّرأة بنبرةّ مستفسرةّ
ـ حقّا ؟ لاّ عجبّ أن الصّحافةّ لمّ تنشرّ أيّ أخبارّ عنكّ هلّ كنتّ طوالّ هذّه المدّة فيّ فرنسّا ؟ يبدواّ أنكّ تعالجين أليسّ كذلّك ؟
حدقتّ ماريّ بّها بّقليلّ من الغيضّ ثمّ وضعتّ ملّعقتهاّ جانباّ و مسحتّ فمهاّ بطّريقة لبّقة لكيّ تبتسمّ بعدّها راسمة على وجّهها ملامحّ اللطفّ ، قـّالت بّهدوء
ـ أجلّ ، كمـّا تّعلمان فّأناّ فقدتّ قدرتي على السيرّ إثرّ حريقّ الذيّ حدثّ فيّ حفّلة السيدّ فلادمير ،
شهقتّ المّرأةّ بّأسىّ مماّ جّعل ماريّ تستغربّ قّليلاّ فماّ الذيّ يحاولّ هذيّن الزوجينّ فعله ؟ لماّ احتّضنت المرّأة يدّ ماريّ بّشّفقة و الدموعّ قدّ شقتّ طّريقهاّ
علىّ خدّها مماّ أشعرّ ماريّ بالقلقّ، تحدثّت المّرأة بّحزن
ـ آهّـ يّا لكماّ منّ زوجينّ تعيسينّ كلاهماّ يناضلّ منّ أجلّ الآخرّ ، يبدواّ أنكّ تبذّلين جهدكّ منّ أجلّ سيدّ نايتّ بالّرغم منّ أنك لا تقدرين على البقاّء بجّانبه
أعنيّ كونهّ متهمّ بّالقتل و لاّ أحدّ بجانبهّ ل
شّحب وجّه ماريّ كّأن الدماءّ قدّ سحبتّ من عّروقها و هيّ تسمّع أنّ الشخصّ الوحيدّ الذيّ أحبّته متهمّ بّقضية قتلّ فّتلعثمتّ محاولةّ أن تجدّ الكلماتّ
المناّسبة كيّ تصيغّ سّؤالهاّ ، حينماّ تّقدمّ فرانسواّ فجّأة مّن خلفّ ماريّ وقفّ لّيظهر طولّ قّامته الفاّرع و عـّضلاته التيّ قدّ برزتّ من أسفلّ قميصهّ
ليّتحدثّ بنبرةّ بّاردة
ـ ماّ الذيّ تقولينه يّا سيدّة ؟
نـظرّت المّرأة بّدهشة إلىّ فرانسواّ كيف لمّ تلاحظّه سّابقاّ بينماّ حضّوره قدّ طغى على القّاعة بّأكملهاّ ؟ ، لقدّ ظنتّ أنّ ماريّ تجلسّ لوحدّها فّكّادت أنّ
تجّيبه لولاّ أنّ ذلكّ الـرجلّ ذو الشّعر الأشقرّ تكلمّ بلكنة فرّنسية بحتةّ
ـ ألاّ تعلمّ ؟ سيدّ نايتّ متهمّ بّمحاولة قّتل السيدّ بيتر لبيرّ ذلكّ منّ أجلّ الحصولّ على شركةّ لبيرّ لنفسهّ ، يّبدوا أنّ مهاراتكّ كّحارسّ شخصيّ تتقلصّ
تدريجياّ فرّانسوا
شّعـّر كلاّ من ماريّ و فرانسواّ بالّصدمة ، كّيف لّهما ألا يعلماّ بحدوثّ أمرّ خطيرّ كهذّا ؟ هلّ فعلا نايتّ مشتبه بهّ كماّ يقولانّ أمّ أنهاّ محضّ كذبّة لتلاعبّ
بهمّا ؟ كادّ فرانسواّ أن يندفعّ ناحية ذلكّ الرجّل لكنّ يدّ ماريّ الممسكةّ بذّراعه منعتهّ من التحركّ كّأنها تطلبّ منه إلتزامّ الهدوءّ ، حينماّ تحدثتّ بّنبرةّ لبقة
ـ حسناّ ، لمّ أكنّ لأظنّ أبداّ أنّ هاته الأخبارّ ستصلّ إلىّ فرنساّ لكنّ كماّ جميعاّ نعلمّ فنايتّ رجلّ أعمالّ مشهورّ لذلّك أخباره تنتشرّ بّسهولةّ أيضّا تلكّ القّضية
التيّ تتحدّثان عنهاّ ماّ هي إلاّ سوءّ فهم منّ قبلّ الصحاّفة و لشخصيّة نايت اللامبالية فّأنا واّثقة أنهّ لم يهتمّ بإنكار ما قالته الصّحف ، سّأكون ممتنةّ لكماّ
إن توقفتماّ عن نشرّ هذّه الشّائعة الخاطّئة منّ فضلكمّ ، اعذرونا هياّ بناّ فرانسواّ ..
ألقىّ فرانسواّ نظرّة أخيرةّ على ذلكّ الرجلّ لا يعلمّ لماّ لكنّ يبدواّ له مّألوفّا طرّيقته فيّ الكلام و نـظّراته السّاخرة كّأنه قدّ سبقّ له رؤيتهاّ فيّ مكانّ ماّ لوّ لمّ
تخنه ذاّكرته فقطّ ، دفعّ بكرسيّ ماريّ للأمامّ مفكراّ الآنّ هناكّ شيءّ أكثرّ أهميةّ كمّعرفة السببّ وراءّ هذّه الشّائعة و الأهمّ هلّ السيدّ نايتّ بخيرّ ؟
بعدّ ابتعادّهما فّترة كافّية كانّ برجّ إيفل لاّ يزالّ قّريباّ منهّماّ و يستطّيعان رّؤيته بكلّ وضوحّ وسطّ تلكّ الضوضاءّ العارمة و الضّجة التيّ يّصدرهاّ المارونّ
كّان ذّهن فرانسواّ مشتتاّ إذّ أنه حاولّ مراراّ و تكراراّ الاتصّال بّهاتفّ نايتّ غيرّ أنّ الرّقم خاطئّ ، زادّ ارتباكّه و كذلّك قلّ صّبر ماريّ فلمّ يسبقّ لنايتّ و أن
تجاهلّ إتصّالا من قّبل فرانسواّ شتمّ الآخيرّ بّعصبيةّ
ـ سحقاّ ماّ الذيّ حدثّ بلندن أثناءّ غيابناّ ؟
سّقطتّ عينيهّ فجّأة علىّ ماريّ ليرى الدموعّ تّترقرّق مستعدةّ لّنزولّ حينهاّ شّعر فرانسواّ بمدىّ تّأثيرّ فّقدانه لأعصّابه علىّ ماريّ إذّ أنهاّ الأكثرّ قلقّا على
سّلامة سيدّه لذّلك ابتسمّ بهدوء محاولا بّث الطمأنينة بّقلبها قّائلاّ
ـ ليسّ هناكّ ماّ يدعواّ للقلقّ سيدتيّ لاّبد أنهاّ إدعاءات كاذّبة منّ أجلّ إرباكنا و جّعلنا نعودّ إلىّ لندنّ ، سوفّ أتصلّ بّسوزي فوراّ لكيّ أطمئنكّ الآنّ أعذرينيّ
سّأبتعد قّليلا إذّ يبدوا أن إشاّرة الهاتف ضعيفةّ جداّ فيّ هذّه المنطّقة
ثـمّ سّار بخـطّوات سّريعة مبتعداّ مسّافة كاّفية كيّ يستطيّع رؤيتهاّ أيضّا كيّ لا تكون قاّدرة علىّ سماعّ حديّثه بينمّا أخذتّ ماريّ تنظرّ إلىّ السماءّ كانتّ
ملّيئة بالنجومّ برزّ منّ خلالّ الغّيوم القّمر فّوضعتّ يديّها بّحضنهاّ محكمةّ القبضّ عليهماّ متمنيةّ منّ أعماقّ قّلبهاّ أنّ يكونّ نايتّ بخيرّ بالّرغم من أنّ
التمنيّ ليسّ مفيداّ لكنّه الشّيء الوحيدّ القّادرة علىّ فعله فيّ حالتهاّ
فيّ الجّهة الأخرىّ كانّ فّرانسواّ يّتفحصّ الانترنيتّ بّقلقّ عندّما رأى كلّ تلكّ المقالاتّ التيّ كان محتوىّ موضوعهاّ واحدّا ألاّ و هو أّسرار القّابعة خلفّ
نايتّ و محاولةّ كشّفهاّ فّلا شيءّ يثيرّ فّضول الصّحافة أكثرّ من الأسّرار المخفّية ، و كمّ شعرّ بّصدمة عمّيقة عندّما وجدّ صوراّ لّسيدّ بيتر لبيّر فيّ غرفة
الطوارئ منذّ ماّ يقاربّ أسبوعاّ و أكثرّ ، متّى حدثّ كل هذّا و كيفّ ؟ لماذاّ نايتّ متهمّ بّقتل السيدّ لبيرّ ؟ و لماذاّ لم تتصّل سوزي به ؟
وضّع السماعةّ على أذّنه محاولاّ الاتصالّ بها من جديدّ عـّاقدا العـّزم إذّ لم تردّ عليهّ فسوفّ يتجّه إلىّ لندن فيّ أقربّ رحلة لاّ يهم أيّ أمرّ طلبّه نايتّ منه
الآنّ فّمهمتهّ الأولىّ كانّت من قبلّ سيدتّه والدّة نايتّ التيّ أمرتّ أنّ يقومّ هوّ و سوزيّ بحّمايته حتىّ لو كاّن الثمّن دمهّ ، عـّندما انتـّقل إلى مسّامعه صوتّ
سوزيّ المتوترّ فـّكادّ أن يّجيبهاّ لماّ اختفتّ ماريّ من أمامهّ أنـّظاره كانتّ تّقتادّ من طرفّ بضعةّ رجالّ نحوّ زقاقّ ماّ بينماّ لم يبدوا عليهاّ المقاومةّ أبداّ ،
سّقط الهاتفّ من بينّ يديّه فانطلق مسّرعاّ نـّاحيتهاّ كّان يّركضّ بكلّ ماّ أوتيّ من قوةّ عندّما إختفىّ الرجالّ عندّ زقاقّ ماّ فّإستدارّ كيّ يلحقّ بهمّ عنـّدماّ دوى
صوتّ الألعابّ الناّرية جاذبّا انتباه الماّرة، شعـّر بالصّدمة و هوّ يرى فّوهة المسدّس الموجّهة نّحوه و علىّ غـّرة إنطلقّت تلكّ الرّصاصة لتستقرّ فيّ صّدره
اتسعتّ عينيهّ بّصدمة أقوىّ و أنّزل نظرّه تدريجياّ واضعاّ يدّه علىّ صّدره لماّ بدّأت الدماءّ تتدفّق ، سقطّ على ركبّتيه غيّر قادّر على تّحمل أكثرّ من ذلك و قدّ
بدأ الظلامّ يّغشوا عينيه شيئاّ فّشيئاّ حينماّ تقدمّ أحدّهم أمسكّ بكلّ قوة خصّلات شعرّ فرنسواّ جاّذباّ إياه نحوهّ ، على شّفتيه ابتسامةّ سّاخرة حاقدّة فّهمس
بنبرةّ كفحيحّ الأفعىّ
ـ لاّ يبدوا المنظرّ رائّعا منّ الأسفل أليسّ كذلكّ فرانسواّ ؟
رفعّ فرانسواّ رأسهّ لتظهرّ الألمّ على محيّاه قبلّ أن يّغّشاه الظلامّ كلياّ استـطاعّ أنّ يلمحّ وجّه قـّاتله ، كانّ ذلكّ الرجلّ الذيّ عـذّبه سابقاّ جونسون الخاّئن
كمّ هـذاّ مثيرّ لشّفقة كأنهماّ تبادّلا الأدوارّ فّسدد جونسون لكّمة قويةّ لّوجه فرانسواّ كيّ يسقطّ الأخيرّ أرضاّ و قبلّ أنّ يدركّ ما الذيّ يحدثّ من حوله غّادر هوّ
الآخرّ فيّ غـّيبوبةّ ، نـاطّقا بّكل وهن بجملة فقطّ كانتّ نابعةّ من قّلبه مليّئة بالندمّ و الحسّرة
ـ أنـّا أسفّ سيدّي .. لمّ أكن فيّ محلّ ثقتكّ بالنهايةّ ،

لا يجب قول لا لفخامتك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن