نسـّاء يــّعلمن مـّا يــّردن ~
فيّ أحدى ضـّواحي مديّنة الضّباب لنـدّن حيثّ كـآن الشّفق يـّزن السمـآء بـّلونه العجّيب ، سقطّت ورقّة وردّية منّ بينّ أغّصان تلكّ الشجّرة العـمّلاقة
إلى شّرفة غـّرفتها الصـّغيرة ، أغّلقت عينيها بإنزعـّاج تآمّ و قدّ آثار ضـّرب فّلور المسّتمر لها آخر خيطّ من أعّصابها فـّوقفت بـّغيضّ و رمـّت الغطاء
أرضا بكلّ أسى ثمّ خـّرجت عـآبرة ذلكّ الـّرواقّ لتـّصل إلى الصـآلة ،جـّلست بـّقوة على الأريكّة و شـّغلت التلفاز لتنظرّ إليه بكآبة عندّمـّا رمّت فلور
كّلمـّاتهـّا أمـّام مـّاري ، كـآن ذلّك بمّثابة إنذار أخيـّر و وحيـدّ ينبئها بـأنّ لا تـّقدم على هـذه الخـطـّوة و أنّ تتـّركّ عـّائلة لبّير و شـأنهـّا ، أنّ تختفي من أمامّ
نظّري نايتّ للأبدّ و تمضّي قدّما في حيّاتهالكّن هنـّاك سـّر ، سّر صّغير لا يعلمّ به أحدّ سوهاّ و هي خـآئفة من أن تكتشفه نسمة الهـّواء حتّى ، ذّلك السـّر هو
من يتأرجح بينهّا فكّرها البسيطّ عـّالقّآ بينّ خّياراته المتـّاحة لكنّ ألمّ يحنّ الوقـّت لكشّفه ؟ تنهـدتّ بـّبرود حينّ تفـاجأّت بـمجيء فـّلور من الخـّلف و بين يدّيها
فنجانيّ قـّهوة سـّوداءّ وضـّعتهما على تلكّ الطاولة المزينة بشراشّف وردية ثمّ ابتسمت بحماس متـّابعة المسلسل بينمـّا نظراتها و في الحقيقة متصلبة على
أختها الصـغرى كيّف تجعلّ ماريّ تتخلى عن نايتّ و هي متمسكةّ به بشدة ؟ ألا تـّوجدّ طـّريقة لتـّركه ؟ ليسّ كما لو كـأنهّ ملاك خالي
من الأخطاء لكيّ تتـّعلق به لكنهّ شيطآن بـّهيئة بّشريّ ، شخصّ آنانيّ نرجسيي من أجلّ مصّلحته قآم بّخلق فّوضى و هآته الفّوضى من شـأنها أن تدّمر ماري
، همسـّت فـّلور بـّحدة
ـ إبليسّ
هـّي لنّ تسمحّ لهـآ باتخاذ قّرار خـاطّئ و الذّهاب معّ ذّلك المتعجّرف المعـّتوه إلى لعّبته الخـّاصة ، بطّريقة أو بـأخرى لنّ يحدّث هذّا ، ستعيدّ الـ 500
ملّيون بنفسها إليه و حينها ستقول له باحتقار وادعا ،التفتت إليها ماري باستغرابّ
ثمّ قـالت متسائلة بعدمـّا رّفعت فنجان قهـوة إلى مستوى شفتيها الوردّيتينّ و قدّ حاولت أن تبعد هذا الصّمت المطّبق
ـ هـذّا غـّريب ، كيـّف قدّ غـّيرت رأيكّ فيّ المجيّء إلى العّيش بّشقتي بـّعدما كـآن رفـّضك قـآطّعا غّير قـآبل لثّنيه ؟
ابتسمـتّ فلور بلطّف ، لنّ تدّعها فيّ شقتها لوحدّها كي يـأتي ذّلك المعتوه و يـجّعلها تّقبل دون تّـردد بهذا الزّفاف اللعينّ ، سوف تبّقى هنا فرّدت على أختها
ـ أهذّا يعني أنكّ لا ترغّبين بوجودّي ؟
أومأت مـاري نافية و قدّ أحمرت وجنتيها من الإحراج لآن نبرة فـلورّ كانت مستاءة قليلا فـردّت بخفوت و تـّوتر ـ لآ طـّبعا لقدّ أسـأت فهميّ كليـآ ،
فـأناّّ أتتـّوق للعـّيش معكّ كعـآئلة مجـددا لكنّ فقطّ تـّغيركّ لـرأيكّ هو ما آثـار استغـرابي
مـّررت فـّلور إصّبعها على حـافة فنجان القهوة بكلّ هدوء و عينيها تّراقبان ماريّ المتوترة بينما شفتيها تنطّقان بـّمغزى من خلفّ كلماتهاّ
ـ سنعيشّ للأبدّ معـاّ و لنّ يهمّ المكـآن
ابتسمت ماريّ بـلطفّ و ارتشفت القّليل من فنجانهاّ فيّ حين كادّت أن تـّعود لّشّرودها و بّئر أفكارها لوّلا رنينّ جرّس المنـزلّ فجـأة مما جـّعلها تـّقف
بّسرعة و قدّ ظهرت عليّها ملامحّ التـّرحيبّ و السعادة بينما قالت فلور بـّنبرة قدّ كان غير الرضا فيها واضحا ،
ـ أتتـّوقعين زائرا ماري؟
ضحكتّ بّسرور و هيّ تقوم بّفتحّ البّاب ليّظهر منّ خلّفه ويّليام بّقامته الـّرشيقة و تقاسيم وجهه الـّوسيمة ، شّعره الأشّقر ربطّ بعضهّ و تـّرك بّعضه حيثّ
أن عينيهّ تجّولان بماري محـاولاّ تّقييم حالها الآن قّبل إلقاء التحية، كـآنّ هـذّا الشـآب الذّي يّقف هنـا هو أول صديق مـاري قدّ حضيت به لذاّ سوف تبقى
تكّن له دومـا محبة و الوفـآء ، فاقترب و احتضنها بـخفة قـائّلا
ـ أنا آسف لأننيّ لمّ أكنّ هناكّ عندما تـّوفي والدّك، لمّ أكن أعلمّ
شـّعرت بالخـّجّل و التـّوتر لكنهـا وضّعت يدّها خّلف ظهره متـّرددة و هي تـّرتجّف ثمّ قالت بهدوء و لطّف
ـ أشكـّركّ فما قّلته الآن يكّفيبجانبه كانت تقفّ سيدة فرانسيس و مهما جاهدتّ في إخفاء دموعها رثاء على حال جارتها الصغرى لم تستطّع
فالتفتت نصّف التفاتة و قـّالت بلهجة متكبرة مصّنعة و هي تمدّ يدّها مليئة بّشتى أنواع الحّلويات و عـّلبة قهوة
ـ خـذيّ هآته الأشيـاءّ أناّ لا أعطيّها لكّ لأنني أشّعر بالشّفقة نحوكّ فلا تّسيئي فّهمي بّل أناّ أقدّمها لكّ فقطّ لكيّ لا تـّطّرقي أبوابّ الغـّير على الـراّبعة صّباحا
، لديّ عمـّل لذاّ وداعا
أمسكّتهمّ ماري متفاجئة منّ رحيّل سيدّة فرانسيسّ و اضطرابها الشديدّ ، فـّوضع ويليام يدّه على كـّتف مارّي و هو يتـّقدم عـابرا ذلكّ الـرواقّ الصغير قـائّلا بتهكمّ
ـ لقدّ كانتّ تبكيّ عندما علمتّ بّوفاة سيدّ جوناثانّ و طلّبت منيّ القدومّ معهاّ كيّ تستجمعّ الشجاعة الكّافية لتعـّزيكّ لكن يبدوا أننيّ كنت بلا فـائدّة
فضحكّت الأخيرة و وضّعت جميـّع الأشياء فّوق المنـّضدة القـّريبة منهآ لتدّع ويلّيام يدّخل بينمـّا ظهرت فلور آتية من غرفة المعيشة ، عندمـا رأى ويليـام
فـلور تّوقف و امتنع عن التقدم أكثّر فقـالت ماري و هي تشير على أختها بابتسامة
ـ ويل أعرفكّ بفـلورا روبـرت أختي الكبـرى ، فـلور هـذا ويليام دويـّل جـاريّ و صديقي المفـّضل
ابتسمت فلور بتكّلف و مـدّت يدّها مكّرهة نـحوه فـأمسكهـّا ويليـام ثمّ ضـغطّ عليها بـخفّة و كـذّلك فـّعلت هيّ بينمـّا حّرب النـظّرات قدّ أعلت البـدآية ، إنهاّ لا
تـّعلم أنهمـّا قدّ تعـارّفا و كـّرهـا بّعضهمـّا بعضـّا فقـآل ويـليام بلهجته العـابثة و المبطّنة بّسخرية مخفّية
ـ لي الشـّرف فـلورا ، لكّ جمـآل فـّريد من نـّوعه
رمّقته بـحدة ، و رغـبت فعلا حينها بـّقول له أنه لا داعي لتملقـها لكنّ وجود مـاري عـّرقل كّلماتها و اضطرت لردّ عليه بلبـاقة و تهذيب إن أرادت
رّبح مـاري إلى جانبها
ـ بّل لي الشّرف سيدّ دّويل ،
صّفقت ماريّ فجـأة بّمرح ثمّ أمسكتّ كل واحدّ منهما منّ ذّراعه و عينيهاّ تـّلمعانّ بّشدة، لتـّتحدثّ بّحماسّ جّعلهما يجّفلان رّعبا
ـ ألّيس من الـّرائع لو أنّ أعز أصدّقائيّ يتـزوجّ من أختيّ ؟ سيكونّ ذلكّ مدّهشا هـكذاّ لنّ أفقدّكما أبداّ
رّمق ويليام بعينيه المشدوهتينّ فلور و قدّ تمنى حينهاّ لو أنهّ يبّقى عـازبّا أو يّصبح راهبّا طّوال فترةّ عيشّه في حينّ أرادّت فلور أن تلقى حتفهاّ قبّل مجيء
ذلكّ اليومّ المشئوم فحتّى لو بقي ويليام الرجل الوحيد فيّ هذاّ العـالمّ فلنّ تلتفت إليه ، ضحكتّ ماريّ و هي ترى ملامحّ الصدمةّ عليهماّ ثمّ قـّالت بسذاجّتها
المعتـادّة و هيّ تدفّعهما إلى غرفة المعيشة
ـ أوه يـا إلهي لقدّ نسيتّ أنهّ لديّ محاضرة مهمـة على سـّاعة الحادّية عشّر ، يجبّ عليّ الاستعداد ها لا تعيرانيّ اهتماما
ثمّ أسرعتّ راكضـّة إلى غـّرفتها و فكـّرة ربطّهما معهاّ قدّ بدأت تدورّ بخلدّها لترسخ شيئا فّشيئا بّعقلها ، فتقدمّ ويليامّ بلامبـالاة و جلّس على الكرسيّ بينما
قدّ خابّ ظنه قـّليلا فكيّف سيتسنى له الحديّث مع ماري و إقناعها بـّفكرة الزفافّ مادامتّ هآته العـمّلاقة هيلك بجانبها ؟ سكبّ القّليل من القـهوةّ لنفّسه و
التقط قطعةّ حلوى ليبدأ فيّ مشاهدةّ التلفاز بانسجام مصطنعّ فـوقفّـت فلور أمامه و هي تعلم تماما أنه يحاول تجنبّ الكلامّ معها ،قالت بنبرة هامسةّ و حـادة
ـ إنّ كنت قدّ أتّيت لإقناعّ ماري بـزواجّ من صديّقكّ المتعجرّف فـّلا تحلمّ حتىّ بذلكّ لأننيّ لن أسمحّ لكّ أبدا
قطبّ ويّليام بـّاستياء منها ، ما الذيّ هي قدّ تـّعرفه عن نايت لتناديه بالمتعجرّف ؟ و منّ هي لتـّقول هآته الكلمـآتّ عديمة الأخلاقّ له ؟ لكنّ و بالرغم من
فـّظاظتها و بالرغمّ من نظرتها التيّ تقطّر بحاراّ منّ كراهيةّ فقدّ بـادرّها بابتسامة لطيّفة
ـ و منّ أنت حتىّ تخبرينيّ بهذا ؟ أظنّ أن مارّي شآبة راشدّة يحقّ لها إختيـّار ما تريدّ و أناّ هناّ حتى أطلّب منهاّ تأنيّ قبّل الاختيار لست مثلكّ أحاول أن أمليّ
عليها ما تفعله بـّعد أن دّخلت حياتها منذّ أسبوعين
أمسكتّ فلور بّقبضتها و قدّ كادتّ أن تفقدّ أعّصابها فّعلا فابتسامته تستفزهاّ لهاويات الجنون لكنهاّ تحاملت على نفسهاّ و أجّابته بنبرةّ متهكمةّ
ـ حقـّا ؟ أتلومني لأننيّ أردتّ أن أبعدّ ذلكّ الرجلّ المتشكلّ بهيئة إنسانّ بينماّ هو خالّي من أيّ صفة تمدّ للإنسانية منّ طريقّ أختي ؟ ذلكّ الرجلّ الذي تدعي
أنهّ صديقك .. ذلكّ الرجلّ الذي لم يعرّ حزن ماري أيّ إهتمام بل تهجمّ عليها بكلّ همجية ضـآربّا بمشاعرها عرضّ الحائط ؟
وقفّ ويليامّ فـّورا ، كيفّ لها أن تهين نايت هكذا أمامه ؟ فـّكشّر عن أسنانهّ ثمّ استدارّ ليتنفسّ بعمق بعدهاّ وجه نظراته ناحيتها و هو يقول بّبرود
ـ ما مشكلتكّ بالضبط ؟ بلّ من أنت حتى تهيني نايتّ هكذا بينما أنتّ لست أفضّل منه ؟ أنتّ يا إمرأة من تدّعي إنقاذّ ماريّ في حينّ أنك لا تباّلين فعلا بما تـّريد هي
، أليس هذا أيضّا نوعاّمن ضّرب مشاعرها بالحـائط ؟
صمتّ لدّقائّق ثمّ ابتسمّ بلطفّ و هو يـّكمل حديّثه محاولاّ استمالّة عطفّها
ـ نحنّ بّشر يّا فلور و لسناّ ملائكّة، نحنّ نخطـأ و نتعّثر و نفّشل فّلا أحدّ مناّ كاملا لذّلك منّ فضلكّ امنحي ماريّ و نايتّ فرصةّ
استاءت كيّف استطاع أن يّلين قّلبها قّليلا ناحية ذلكّ المدعو بنايتّ فـّأمسكت بّمعطّفها و وشـاحها لتّغادر مسّرعة ، لقدّ خطـّرت فيّ بالها فكرة
أنت تقرأ
لا يجب قول لا لفخامتك
Romancechanez الكاتبة رواّيتي يـّغلبّ عليهـّا الطـّابع الـرومانّسي الإجتمـّاعي ، يتخـّللهـّا الـقّليل من الكـّوميدّيـا و بّضعة بـهاراتّ من الـواّقع أحـّم أعـّلم أننّي سيـئة في تـّرك الأنطـّباع الـجيـدّ لـكّن .. أحـمّ سـأكونّ ممتـّنة للـحّصول على بـّعض ال...