79

361 47 14
                                    


" بعدَ أن سافرتُ مع خالي مكثتُ هناكَ لأشهرٍ قليلة، لم أستطِع البقاء أكثر.. خصيصاً بعد أن عرفت أنّ مدينتنا حوصِرَت و أُغلقت حُدودها "

" كَيفَ استَطعتَ العودة للبلاد بما أنّك لا تحملُ جوازَ سفرٍ قانونيّ و تُعتبرُ مع المُهاجرين تهريباً؟ "

كانَ يلّف الضِّماد حولَ كَتِفي فأطلقتُ صرخةً خفيفة تنمّ عن وجعي، ليتوقّف بِسُرعة و يتحدّث بقلق لذيذ أمامي
" هل آلمتُك؟
أين؟ قُل لي ما الّذي يؤلِمك؟ "

سمعتهُ يسألني فحارَ عقلي بإجابة، أأقولُ له أن حتّى الوجعَ منهُ مقبول؟
فنظرتُ له و تعاظمتْ بعدَ النظراتِ حيرتي..
" آلـمتني.. آلـمتني كثيراً يا جونغ كوك، فنظرةٌ منكَ تُعادِلُ كلّ رصاصاتِ الحرب، أُصبتُ بك.. إصابة جَعلت الحياةَ و الموتَ يسكُنان جسدي، أتسألُني بربّك إن كنتَ قد آلمتني و و أنا تحتَ نظراتِك؟ و الإعترافُ لكَ بهذا ليسَ إلّا اعترافاً تحتَ التّعذيب، تحتَ التّرهيب، أتسألُني إن كنتَ قد آلمتَني و أنتَ ما إن تقترب منّي حتّى تَغيب؟ فكيفَ تتّخذُ دورَ الإصابة و الطّبيب؟
أنا لا شيء بي سِوى أنت!
و أنتْ..
أنت الشيء الّذي يؤلِمني "

اغرَورقت عيناهْ، غيومٌ سكنت صفاءَ سماءِها
و كشخص مُصاب بمسّ من العشق، ابتسمت... و تذكّرتُ حديثه مرةً عن الجِراح
" علّمتني أن أجملَ مافي الجِراح أن تكونَ حُلوة..
أنتَ جرحي الجميل، و وجعي الطّويل
فكيفَ تُداوي و أنتَ العلّة و أنا العَليل؟ "

صحّح لي مُعترضاً
و قلبي يصهلُ في بحّة صوته
" ليسَ أجملها بل أقساها!، لقد كنتُ أصلّي لأجل لُقياك، كنتُ أُجغرِفُ المسافات كي أصِلك، و أُترّخ بُعدي عنك بموتٍ صغير... لستَ وحدكَ من حاربَ الشوق، فضحاياه كُثر، و جنودهُ كل الأيام و الليالي الّتي مرّت دونك يا تايهيونغ! "

من بينِ كُلّ الكلمات
وقعتُ في حبّ اسمي من فمه.

" أعِده"

تجعّدا حاجباه، لم يفهم ما رميتُ إليهِ من حب

" أعِدْ نُطق اسمي "

في تلك اللحظـة
سطعت ألفُ شمسٍ في عينيه
و غرَبت ألفٌ شمسٍ في خدّيه.

" الآن أصبحَ لي اسم..
الآن تُزهرُ حروفه بعد أن تساقطتْ وشاخت،
فقط أريد أن أعرِف... كيف تُعطي الأشياء روحاً؟ إلى أي درجةٍ يُمكنكَ أن تتوغّل بالأعماق؟ كيف تعطي اللاشيء كُل شيء؟ و كيف تصنعُ من العدمِ وجوداً و تمنحُ هذا العالم روحكَ فيزدادُ رُقّة و رُقيّ؟ "



" تايهيونغ. "

" يا وجعَه! "

" ألا زِلتَ عالقاً في السادِسة و ستّ دقائق؟ "



.

VK || 6:06حيث تعيش القصص. اكتشف الآن