44

734 91 26
                                    

أودُّ تحديثكَ عن كلِّ ما أشعُر بهِ حينَ أراك،أن أصِفَ كلَّ شعورٍ بدقّة؛كما يشرَحُ الطفلُ خوفَه لأُمِّه،محاوِلًا سردَ كلّ تفصيلةٍ صغيِرة،بدُموعِه المُنهَمرة وقلبِهِ المُرتَعِش،
أودّ أن أجمَع كلَّ ما أشعُرُ به في كلمة واحدة، دونَ الخَوفِ من عجزِ التّعبير،
قصورِ اللغةِ،
وفيضِ الشعور،
أحاوِلُ أن أتحرّر؛
من وجهُك البَعيد،
صدى ضحكَتك
وحشَتُك المُطمئِنة،
وعيناكَ المعمْيَّتينِ عن وهجِ الحُبّ.
يا راحَتي في وجهِ كلَ هذا التّعب،
يا وَطني حينَ لم يبقَ لنا وطن
يا نَصري وسطَ كُلّ الهزائِم
و يا سلامي وسطَ الحرب
يا ذُهولي الوحيد،
ودهشَتي الأولى...

حبيبي البَعيد، أودُّ لو أكمِل لكَ قصّتنا على الورق، و لكنّ السجنَ لا يحتوي سِوى على الجُدران و أصواتِ المُعذّبين و نحيبِهم، تمّ رَميُ جسدي اليوم هُنا وحدي
أنا و الجدران و صورتك الّتي لا تُبارح ناظري
ففكرتُ بأن أسرُد الباقي عَلى القمر المُطّل من الكِوى الضيّقة في هذهِ الزنزانة، إنّه يُشبه عينيكَ قبل الرحيل، و لعلّك تسمعُني...

حدّثتكَ مسبقاً عن اليتامى؟

كنتَ توضِّبُ أغراضكَ ناوياً الرّحيل بعد أن جاءتكَ برقيّة من خالك المُغترب يأمُرك بها بالهجرةِ لمكانه، وكانت عينايَ تراقبانِك كيف تَختفي شيئاً فشيئاً، حينما استفاقَ داخلي عشرات اليتامى الصغار يحدقون فيكَ محاولينَ أن يفهموا ما يجري..
كنتَ ترحل، واكتفيتُ بالإبتِسامِ، بينما قفزَ إلى عيني الكثيرُ من الدّموع محاولينَ أن يظهروا لك حُزني، قبل أن أغمضّ عليهم ويختفوا في العتمة.

كنتُ تبتعد راحلاً، ولم أنطُق بكلمة، وكان اليتامى داخلي يحاولونَ مجدداً الصّعود ليمدّوا أيديهم الصغيرة، من فمي، من عيني، ليتشبثوا بكِ

كان كلُّ ما أردّته حينها سماعُك و أنت تقول
أنّكَ ستعود... من أجلي!
أنّكَ تُحبُّني..
لكنّكَ قلت "فُتحت الحدود،عليَّ الذهاب"

‏⁧‫هل تذكُر إنصِهارك بين يداي و قولُكَ أنّكَ تكرهُ الحدود، حدود الجسّد، وحدود الكتّابة، وحُدود الوطن، حدُود للأسئلة،حُدود الأحلام... لا حدُود للوطن... لا حدود للحُب.

غابَ جسدُك عنّي في تلكَ العربة عندما انطلقتْ بِك، كنتُ سأخطو أدراجي للعودةِ و على أعتابِ عُيوني سجنتُ ماءها

" تَـايـهيـونـغ "
صوتُ أقدامٍ تركضُ بسرعة خلفي، يدانِ تشبّثتا بي بقوّة
تثبِتان انتِماءهما لي
" قلبُك هو الوطنُ الأكثر رأفةً بي. "
استراحت هذهِ الجملة على كَتِفي، و في مسمعي

.

VK || 6:06حيث تعيش القصص. اكتشف الآن