13

1.2K 154 93
                                    

هرولتُ صباحَ اليوم نحوَ البَريد لأستَلِم الرّد علي أو لِأتفقّد ما إن ردّ علي..كنتُ قد صعدتُ التلّ المُطِل عَلى المدينة..

لَم انسىٰ بَعد إلى أينَ نَزحتَ مع خالك،دون والِدتك... إلى  "سانت أوغستين"

كانَت السماء غائِمة،وتوشِكُ عَلى البُكاء...امتزجَت زقزقةُ العصافيرِ مَع صوتِ إطلاقِ النار فشكّلت أروعَ وَصف عن بِلادي!

الآن!
ثلاث شوارِع تفصِلُني عن رِسالة منك!!

كانَ قَلبي يَعدو ويَعدو بدقّاته
وشبحُ إبتِسـامة تربّع عَلى حوافِّ شَفتاي..

كَيف كانت ردّةُ فِعلك يا تُرى حينَ رأيتَ اسمي؟

استَوقفني طِفلٌ صغير يَبدو عَليه أنّهُ مِن ضَحايا الحَرب،و مدّ يدهُ لي..

هذا المشهدُ أصبحَ يتكَرّر يومياً بِلا هَوادة،وقبلَ أن يَنطِق أنا أعلمُ أنّه سَيقول

" أرجوك..هل معك مال؟ "
نبسَ مَع تزامُن الجُملة بِعقلي

نظرتُ له بِحزن أجوَف غلّف طياتَ روحي...
سلّلتُ يدي لِجُعبتي بُغيةَ إخراجِ النقود وعينايَ مُعلّقتان عَلى بِناءِ البَريد الّذي يبعُد عنّي بأمتارٍ ضئيلة..

هبطَ نظري لوجهِ الطفلِ وابتسمتُ له مُخرِجاً ما يحتاجُه
أخذهُ وركَض بفرحة أمامي..
كنتُ سأكمِلُ دَربي

بهذهِ اللحظةِ بالذّات ،
كانت أقوى من أن تُدرك بالحواس البشرية الطبيعية

انقسمَ الناس في الشارع الثاني لِقسمين...

أحياء

أموات

بَقي نظري مُعلّقاً بمنطِقة الإنفجار

البريد...

احترق مرَكزُ البريد
احترقت آمالي معه

تلطّخت الأرصِفة بالدِماء

كانت قذيفةُ هاوِن من العيارِ الوَسط

لا زِلتُ أقفُ بِجمود..شعرتُ بأحدِهم يشدُّ مِعصمي ويُؤنّبُي

أنا خائف؟
لا أعلم...عَلى الأرجَح نعم

الطِفل..أين الطِفل؟!
لا أعلم...عَلى الأرجَح مات

صوتُ البكاء،الصراخ...
أريدُ أن ابتعد!

انسحبتُ مِن الموقِع كما ينسَحِب الجّيشُ الخاسِرُ بالحَرب..
قادَتني قدماي إلى اللامكان،أريد أن أهربَ مِن العالم لثانيةٍ واحِدة فقط..

ألا يحِقُّ لنا أن نَنضمّ لإستِراحاتِ المُقاتلين؟

ألقيتُ نظرة خاطِفة وراءِي ..شعرتُ أنّي بِكوكَب آخر

تحاشدَت الأجسادُ مِن حَولي
كُل شَيء يسيرُ بِعشوائيّة

أربَعينُكَ يتكاثَرون جُونغ كوك؟
فِي طَريقي بالإبتِعاد رأيتُ الكَثير مِنك،كيفَ غَدت كُلّ الوجوهِ أنت؟!

بَدأت السّماءُ تُمطر
لَم استَطع أن أُفرّق بينَ دُموعي و حبّاتِ المَطر...

في وقتٍ كهذا، أودُّ أن ألتهم أكبر المسافات يا فاتِني، أنالُ منها بازدِراء وأنهشُ من وجودِها وُصولاً لِعينيك
لقد أتعبتني جداً و آلمت قلبي .

رفعتُ رأسي لِلسـماء...
كانَت الطُيور تُهاجِر،و رُبّما هي خائِفة من القَذيفة

" يا طَيور..هل يُمكِنُكِ إيصالُ رِسالَتي ؟ "






.

VK || 6:06حيث تعيش القصص. اكتشف الآن