32

891 128 55
                                    



السابِعة صباحاً؛
كنتُ أقف لأجلِبَ الجرائِد من المعمل لأبيعها فيمَا بَعد، عَملي المُمّل الّذي لم أهتم لهُ يوماً، شَخصٌ ذو يدانِ يجعلُ الشعب هنا يَعرف ما يحصلُ حَولهم من دمارٍ و أخبار و لكن لا يعرف نفسه، وجهُه يحمل ملامِحاً باهِتة و لا شيء لِيُذكر بها سوى الجّفاء، قلبهُ فقط ما زالَ يعجُّ بالألم الحُلو، ناسياً منسياً حتّى انتَشلتني عُيونٌ بُنيّة.... هذا هو أنا.

و ‏على البوابةِ الشرقيةِ لمدينتي أركد... عند المدخلِ الرئيسيِّ لها بمعناه الحقيقي ... وفوقَ القوسِ الأثريِّ تماما ينتصِبُ الصّليب على كتفِه في مشهدٍ يُنافي الواقعيةَ عندَنا بالمُطلق ... وكأنهُ لوحةٌ أو حلمٌ لطفلٍ لم يفقهِ الحياةَ بعد ... إذ أنَّ كلَّ الكلامِ الّذي يُراق بذهني لوصفِ هذهِ المدينة العجوز هو كَلام ذابل، مكسور .. مجرّد أحياءٌ حَزينة من شرايينِ بيوتِ الفقرِ .. من قلبِ الجِراح.

.. عكس شُموخ مأذنة الصليب هذه..  و إنَّ الفعلَ الوحيدَ الذي أستطيعُ مشاهدتَهُ تحتَ هذا القوسِ الأثري هو شاب خارجَ القوسِ و شاب آخر داخلَه قد شُيّد بينهما الصَليب فَعلّقا عليهِ جسديهِما معاً... يبكيانِ حد الضحكِ، يتكِئان عَلى قلبيهِما ... وتُمنع مشاعرَهما من الاستناد على بعضِها مدى الحياة ... مازالَ هذا العالم منكمشٌ على نفسِهِ كقبضةِ ملاكم

و سيبقىٰ الصليبُ عازِلاً للشابّين..
التماثيلُ بالمجملِ تبقى كما سيبقى هذا النصُّ مجردَ مرور طافَ في ذاكرتي ...

عَليّ الإعترافُ أيضاً؛ بأنّ جونغ كوك أجمل ذنب اقترفته. ولا أملك سوى هذا الإعتِراف! إنّه من أجمل الأشياء بل أجمل شيء قد حصل لي.

نفضتُ دُخان الكلمات المُتناثر برأسي و رحتُ أُقلّب الجرائد الّتي بيدي... لا شيء يتجدّد بِها، دوماً صفحاتُها مطليّةٌ بأخبار لا نحتاجُ أن نعرفها ما دام نحنُ الشاهِد العيان عليها!
جذبني اسمٌ أصبحَ مؤخّراً يُدوّن بها منذُ اسبوع ' مارتيز '
جميع الصُحف تتكلم عن هذا المجهول الّذي بلبلَ المدينة بكلامه و خطاباتِه خلف الورق، سمعتُ من النّاس أن جيشَ الشماليّة يطالبونَ برأسه لأنّه يذمّهم و يشتُمهم في مقالاتِه
، رُبما كانت الكلمات هي السِلاح الوحيد له لِيُحاول إيقاظَ ركود الثورة.

لَم اهتم كثيراً ،سُرعان ما أعدّتُها للحقيبةِ على كتفي و اتّجهتُ نحوَ معملِ الجرائد و الورق و دار النشر لأستلِم المزيد منها، حينما وصلتُ هناك.. كانَ المكانُ هادِئ و صوتُ قرعِ حذائي المُهترئ يُناطح السكون و يهزِمه..

أربعةُ شُبّان يافِعين.. ؟
أربعةُ شُبّان يافِعين صادفتُهم داخله
الأوّل 'آندِريه' و هذا أحدُ العامِلين هُنا و ليسَ بدخيلِ عليه
و لكن الثاني، و الثالث؟؟
الرّابِع!!
الرّابِعُ جونغ كُوك؟!

تلاقت أَعيُننا و تعلّقت ببعضها بنظراتٍ منَ الدّهشةِ و الغضبِ منّي و التّساؤل
أمّا عن إهتزازِ مُقلتيهِ بالخوفِ البادي.. فتلكَ ما خشيتُها يوماً
أخفى يداهُ بما تحمِله خلفَ ظهرهِ و عادَ خطواتٍ صغيرة للخَلف


" مارتيز هل تعرِفُه؟ "

أحدُهم قال









.










و يالَ المُفاجئة.. أخيراً استعطتُ كتابة بضعِ كلمات مع مُساعدة الموسيقى
لم أكن اتوقّع أن تُصيبني متلازمة الصفحة البيضاء و إنحباس الكلمات،

شُكراً لأنّكم هُنا، تستمرّون بِدعمي و السؤال عنّي و تشجيعي 💛.

VK || 6:06حيث تعيش القصص. اكتشف الآن