48

664 92 23
                                    

كان هذا عندما فُتحَ أمامي باب حديدي ضَخم، كانَ يتسرّبُ من خلفه ضجّة عارمة، حينَ تمّ نقلي لسجنٍ جماعي
أو هذا ما يسمّونه
أمّا عينايَ فتراهُ مقبرةً جماعيّة
كُلّ فردٍ هنا بداخلهِ آلافُ الأموات.

نحنُ هنا كُثر ، خليّة جِراحٍ مترابطة كسرب نحل، لا نعرفُ بعضنا البعضَ جيداً، لكننا ننامُ في غرفةٍ واحدة، نأكل في غُرفة واحدة، وحينَ يتشاجرُ اثنين نتدخّلُ كُلّنا..
نُعذّبُ واحدٌ تِلوَ الآخر معاً.
يُطلِقونَ سَراحنا عشرونَ دقيقة إلى الفُسحة خارج السّجن معاً.. و ندخُل كصفٍّ عسكريٍّ معاً

لكنّنا لم نتعانق يوماً، ولم يبكِ أحدنا أمام الآخر، ويرتبكُ الأخ إذا رأى دمعَ أخيهِ ، و يِحاوِلُ بشتّى الوسائِل تغييرَ مجرى الحديث إن جاءَت سيرةُ الأهلِ و الوَطن
ورغم أنّنا غُرباء.. إلّا أنّنا وجدنا الإنتِماء.

و رغمَ هروبِنا من جراحنا، و محاولاتِنا بعدمِ لمسِها
فإنّ هذهِ الجُدران
و جودُنا بحدّ ذاته معاً
ينقضّونَ علينا ليلمِسوا جراحنا المُندملة لتنزّ من جديد.

نحنُ هنا كُثر
معاً بكلّ شيء
ما يُفرّق بيننا هي الحرّية، نفسُها الّتي جمعتنا هُنا!








.

VK || 6:06حيث تعيش القصص. اكتشف الآن