5

3.1K 262 147
                                    

عِند الظهيرة فرغ مجلسُ العزاء بعد أن بكوا و تضرّعوا للرب بالدعوات،كنتُ قد دخنّت آخرَ لُفافة تبغٍ و لم يَبقى إلّا نفرٌ قليل من الجيران، انطلقنا نحمِل نعشَ الملائِكة الصغيرة ٫إيمي٫ ذات الثامنة ربيعاً من عمرها و والدها بعدَ أن خطفهم الرّدى في ساحةِ المدينة بالرصاصِ المجنون.

ما ذنبُ إيمي إن كانت جائِعة و ودّت أن تُرافق والدها صباحاً إلى المخبز ؟

أعيُني ساورت النظر إلى جثّة الطفلة و أنا أحملها بيداي قبل وضعها في نعشها،كيف كانت البارحة تحوم حولي و تناديني بين الفينة و الأخرى

" عَم تايهيونغ أين صديقك جونغ كوك ؟؟ "

" عَم تايهيونغ أنت لم تكن تحب الأزهار كيف أحببتها ؟ "

" هل لديكَ بعضُ الخبز لقد نفد من عندنا و أبي مريض "

ليتكِ هنا و تثرثرين و تزعجيني و أعطيك الخبز كل يوم ...
فقط عودي لهنا .

إن المُتضرّر الوحيد بالحرب هم الناس الأبرياء.

تيَقّظتُ من بحرِ ذكرياتي بعد أن عرقلت قدمي صخرة كبيرة
تفاديتها مُكمّلاً مسيري

كان طريقُ المقبرة يتلوّي صعوداً و نُزولاً ،و على جوانِبه تلال من ركامِ وخراب و بقايا وطن ..
تمتد وتتناثر و تتطاول

شعرتُ بالضيق والغصة بصدري
هذا الطريق الذي مشيته مع جونغ كوك في بداياتنا
لم يكن مقبرة
كان حديقة .

و لكن الموت كثير
و الزهرُ قليل
فغدت مقبرة لذكرياتي و لأجسادِ الناس.

وقفنا بخشوع لم ينطق أحدنا بكلمة ربما الخوف من هذا المصير المجهول هو الذي قيّدنا و جعلنا أصنام إذ أن المرء عندما يقفُ هنا و يرى شواهد جديدة تُغرس كل يوم في إمتداد لا مُتناهي ينتابه شعور الرهبة لهولِ النهاية المعروفة !
يوماً ما سنسلُك هذا الطريق دون رجعة.

،أكاليل الورد بدأت بالذبول دون العبثِ بها
ربما روح إيمي الشقيّة كانت من فعلت ذلك كما كانت تفعل مع زهور جونغ كوك.

أصبحت الرؤية مُبهمة .. تداركت دموعي و همَمت بالعودة محركاً أقدامي إنسِحاباً و تهرّباً
فاجئني صوتٌ خفيف ضعيف

" عَمي تايهيونغ لا تبكي .."

يبدو أنّي أتوّهم
تلكأتُ في السير ،كان الصوت يتسرّب من قبرِ إيمي!

.

VK || 6:06حيث تعيش القصص. اكتشف الآن