26

1K 120 75
                                    



أقبلَ بهدوءٍ حزين هذا الصَباح، سكونٌ موحِشٌ يُنذِر بما قَبل العاصِفة... السكينة تُعانِق واحات الزيتون، و تُخيمُ فوق بيوتِ الخشب والطين المتواضعة
عشراتُ من أشجارِ الفاكهة المختلفة، و بساتينُ مُشرعة تحت أشعّةِ الشمس...

عَلى سطحِ منزِلكُم كُنتَ تُعانِقُني من الخَلف مُراقبينَ لِسماء إيْلول، و أنا مع عِناقك أستشعِرُ كُل نفسٍ هارِبٍ من ثغرِكَ لِثنايا نَحري فيقشَعرُّ جَسدي من فرطِ الشُعور!

و صوتُ صلواتِ والِدتك يَعلو مع دعواتِها
تُصلّي لِلعدل، لِلحُرّيةِ، و لِأيّامٍ مُسالمة ناعِمة كَملامِحِ ابنِها.. كَملامحك.

إنّنا دوماً - بِرغُم إتّساعِ احتماليّـة الموتِ و الألمِ و القهرِ- نَـنجو،بالحُبِّ،بِصوتِك الّذي يُغنّي لي كدِرعٍ يَحمينا مِن هَزائِمي، بالقَصائِد الّتي يُنشِدها قَلمي لِجلالتك عَليّ،
بِحقولِ الياسَمينِ و الخوخِ
بالزّهورِ الصفراءْ
... نَـنجو ... بِصلواتِ الأُمّهات.

" تُخبِرُني أُمّي أنّها ودّت لو تكونَ حَمامة.. لِيكون لها جَناحان،لِكَي تطيرَ بعيداً عن هُنا... "
أثناءَ حديثك كانت شَفتيك تُلامِس جِلد رقبتي،بالله عَليك ألا يَكفيني ما فِيني؟

استَرسلتَ كلامَك مَعي
" لكنّي أعرِفُ جيّداً أنّهم و إن سَلبونا حُرّيتنا، فلَيسوا عَلى قُوّتنا لقادِرين "

" هُمم.. "
ملأتُ رِئتاي بِنسماتِ الصباحِ النقيّة و أخذتُ مُهمهِماً لَك

أُبيدَتْ الطمأنِينة عَلى حين غرّة - كَما عهِدنا لها بهذا الوَطن-
بجلجلةِ صُراخِ النّاس و تجمهُرِهم الذي تَراءىٰ لنا مِن السَطح، حشودٌ غفيرة تجمّعت بأحدِ الأحياء المُجاورة يهتِفون لِلحُرّيةِ فاتِحينَ صُدورَهم لِلموتِ بِرحابة.

كانَ أحدُ المُعارِضين يقفُ فوقَ مِنصّة و يُلقي عَليهم كلِماتٍ تُشعِل فتيلَ الثّورة بِدماءِهـم

" إنّ الحياةَ هُنا تخمُد رُويداً رُويداً و الحربُ تَضعُ أمامَنا العَثرات.. فمَتى نَثور؟؟
مَتى نجعلُ التمرّد قانونَنا؟
يَجب أن نبدأ
يَجب أن نَبدأ وَلو بِالكتابة!!
عَلينا مُواجهةُ الإنسانيّة الحَقيرة المُضطهدة، الإهانةِ والموتِ الزاحِفِ و السيادةِ و السِلاح، إنّ الأرضَ الّتي تَضُمُنّا تختنِقُ و تشتَهي لو تَبصُقنا!
ينابِيعُها النّقية مَتى تنفَجر؟

إنّنا بِحاجةٍ لِشُبّان يُحِسـّون بأتفهِ مشاكِل أوطانِهم فَهي شرَفُهم!
لا نُريدُ تَلاميذاً يسمعونَ و يُردِّدون، نُريدُ مُقاتِلونَ في سبيلِ الوَطن
نُريدُ أُمّاً تضعُ مَولوداً فتقولُ له هيّا لِلنِزال!

لِينفَجر كُلُّ شَيْءٍ الآن!
فالإنتِظارُ و الصبرُ تعزِيةٌ بارِدة

لِنرُدّ كُل نسمة عابِرة بِعاصفةٍ مُدمّرة!!! "

أخذت جُملة واحِدة تُعادُ بِرأسي..

" لِنبدأ و لو بِالكِتابة "


.





تُصبِحون على ما تَتمنّون💛

VK || 6:06حيث تعيش القصص. اكتشف الآن