38

944 118 103
                                    

اقرؤوا البارت تمّ التعديل عليه








انطفأت الشمس بعد يومٍ كئيب، والدة صغيري تمّ نقلها للمستشفى لسوء حالتها الصحية
كان جونغ كوك حزين..
حزين كأنه وطن
حزين كأنه أنا.

تأملت محياه الصامت وهو جالسٌ على عتبةِ كوخهم يتأمل الحقل و في عينيه رحلة بعيدة جداً.. و شخص ليس هنا ابداً... إنّه هادئ بشكل يثير جلبة بأعماقي، صمته كصمتِ نجمةٍ بهذا السطوع و القُرب، و بعيد كبعدها.

أيها السّاكن
صغيري
الأخرس
يا لكمةَ قلبي
وضياعي
يا لوعة جسدي
وانهزامِه
حُبّي الكافر
متى تبتلّ العروق؟
يا خُبزي
وماء عطشي
هاتَ جسدك
امتلأ بي
متى اشبع!؟
هاتَ عيناك
متى أنتمي!؟

اقتربت منه و يدي أمسكت بيده..  " تعال.. "
نظر لي.. بعينان تائهتان ، بحزن يحتلهما.. كم وددت ضمّه لصدري و أخذ أوجاعه لي

" قلت تعال.. هات يدك، اشتهي دفئاً "
أعربتُ، فوضع يديه الباردتان بيدي
هاتان اليَدان الباردتان
ستذوبان في المكان الصحيح المخصص لها
يداي.

" إلى أين؟ "
سألني و نحن نعبر الحقل..

" إلى النسيان "

" و أين يُباع النسيان؟ "

" في الحانات... و في السرير، و في كأس النبيذ. "

... هذهِ المرة، لم يكن جونغ كوك كما عهدته
لم يصرخ
لم يبكِ
لم يوقفني
البؤس حاصرنا من كل الجهات
و الحب أيضاً.

كان الطريق شاقاً اكثر من العادة... و المساحات تضيق بنا كصدرنا، الدقائق تطول و تطول.. وهي قصيرة

" ماذا سنفعل بالنسيان؟؟. "
بنبرةٍ أرقّ من الحلم سأل،

لأجيبه
" سننسى العالم.. و من نكون، و بلدنا، و أهلنا، و عقائدنا، و أسمائنا... "

في مقعد الحانة نجلس سوياً، نحتسي الخمر.. كان كُلما رشف رشفةً شعرت بنيراني تحرقني، نظر لي و سألني
" لِم لا تشرب؟!  "

" معي عيناك، تكفي "
تورّدت وجنتاه و أزهر زهرها بحمرةٍ عارمة  لأتنهّد بقوة و اشيح بنظري... لم أعد اطيق صبراً
شفتاهُ النبيذية القانية تصرخ لأن أُقبِّلها
صدره بعلو و يهبط، بودّي أن أمتصّه
أوليست هذهِ الأحلام - التي تعد جريمة-.. صغيرة؟

" جونغ كوك... "

" هممم "
همهم لي بعينين خاملتين و شكل مبعثر، و لا زال يشرب
ترى إلى أي مدى يريد أن ينسى؟؟

" صغيري يكفي هذا القدر... لقد أفرطت بالشرب "
سحبت الكأس من يده ليعبس و يستقيم من مقعده
" أعده لي!! " ضرب على الأرضية بقدمه

ابتسمت لفعلته تلك وراق لي إزعاجه
" ما الذي تود نسيانه؟ "

" أريد نسيانك أنت!!!
لولاكَ لم أكن لأعيش.. "

جُملته الأولى..كانت تُنافي الثانية،كأنّ قلبه ردعَ عقلهُ في لحظةِ ثمالة ، في الأولى كانَ جونغ كوك الّذي صنعهُ العالم و الدين و العقيدة،و في الثّانية ..كان جونغ كوك الّذي صنعهُ حبّي له.

"هممم و لما تودّ نسياني؟؟ "

" لأنك تجعلني اخفي شيئاً بداخلي ... لأنك تجعلني اخاف من نفسي، و من نهايتنا، لأنك تجعلني اكسر مبادئي، و اتخطّى الحدود "

"و ما الذي تخفيه؟ "
سلّلت كفّي لخصره و جذبته قليلاً و بهدوء..

" أنا اكره الحدود تايهيونغ... اكره الحدود جداً.. أنا.. أ.. "
جهش بالبكاء و ارتمى رأسه على صدري، ضممته لي بكامل قوتي وحبي.. أريد جعله يعيش بين أضلعي للأبد

" لا تبكي.. دموعك تحفر بوجداني... "

أمسكت بيده و جررته خلفي
نحو قبوي، كانت خطواته عشوائية
كدقات ناقوس قلبي.

لم يكن قبوي ببعيداً، تحسّست المفتاح بجيبي و دلفنا له، أخذتهُ لسريري و مدّدته عليه بينما هو خامِلٌ لا يعي ما يحدث حوله
، استلقيتُ بجانبه خلّلتُ أصابعي بين خصلاته الناعمة لتكتب تاريخها هناك.
كان الصمتُ قد استلقى فوق شِفاهنا أيضاً
  لو يبولُ لي أُحبكَ قد مللتُ صمتاً
إنّ الفؤادُ بحبلِ صمته يُشنقُ.. كم انتظرت أعواماً بقلبي وشاخ وهو يتربص لها.

غُرفة مظلمة
لاتحتاجُ مَصابيح
تحتاجُ وجهَهُ
وجهه الذي يكسرُ
الظلامَ بِلا خطيئة
تكدّست في عُيوننا الكلمات
و في أيدينا الّلمسات






















جونغ كوك نام بعد شرودٍ طويل
أمّا أنا...

كنت أمارس عملي
عملي بأن احبه أكثر
و اتأمله حتى تعالا رماجُ الطيور

.


















الجزئية القادمة ستكون اليوم أيضاً





VK || 6:06حيث تعيش القصص. اكتشف الآن