السابع والأربعون.

138 24 1
                                    

- أنا خايفة.
مسك إيدي وابتسم:
- خير بإذن الله، ما تقلقيش.
غمضت عيني وأخدت نفسي بهدوء، بإذن الله خير مافيش حاجة سيئة هتحصل للبيبي، ودا توتر عادي، طبيعي اتوتر، طبيعي أخاف دي أول مرة أكون أم، توتري طبيعي جدًا.
- مساء الخير.
فتحت عيني بسرعة، بصيت للدكتور، قعد على الكرسي وابتسم، أخد نفس وبص لياسين ورجع بصلي، ابتسم ... واضح أنه بيمهد لخبر معين.
- ربنا باعت لكم ملاك...
بصيت لياسين اللي كان بيحاول يطمني بنظراته، رجعت بصيت للدكتور فابتسم وكمل:
- التحاليل وضحت أن في خلل في الكرموسومات الجسدية، الطفل بيحمل ثلاث نسخ من الكرموسوم رقم 21، ودا بيوضح أن طفل حضراتكم مُصاب بمتلازمة داون.
العالم بدء يلف بيا .. متلازمة داون!
ابني هيبقا مشوه!
الدكتور كان بيتكلم لكني مش سمعاه، أصوات عقلي كانت أكبر، يارب ليه؟ ليه أول طفل ليَّ يكون مشوه؟ ليه؟

حطيت راسي على كتفه ومحست دموعي، مش عارفة ازاي وصلت البيت واي اللي حصل بعد ما سمعت " متلازمة داون"، ما سمعتش شيء من بعد الكلمة ولا قدرت أفكر في حاجة، حاسة بفراغ .. أو هقهر.

ضمني له أكتر وباس راسي:
- خير يا إيمي، خير بإذن الله.
ما ردتش، ماقدرتش أتكلم، ولا أفكر..
قُمت اتوضيت، لبست الإسدال، وفرشت المصلية، وقعدت أعيط
عقاب من ربنا؟
مسؤولية كبيرة مش هقدر اتحملها، أبدًا.
- أنا هجهض الطفل.
الكوباية وقعت من إيده، فضل واقف متنح كتير، حاولت أسيطر على أعصابي وأبطل عياط واتكلم.
- مش هنقدر نتحمل مسؤوليته صدقني.
غمض عينه وأخد نفسه حاول يسيطر على انفعاله.
- إنتِ بتقولي أي؟
قربت مِنه، على قد ما كنت خايفة من ردة فعله لكن كدا أسلم لينا.
- عايزة تقـ تلي إبنك؟
- صدقني هيـ تقـ تل ميت مرة في المجتمع دا، لما يشوف ضعفنا وإننا مش قادرين نتحمل مسؤوليته، لما يشوف نظرات الناس، لما يلاقي ما حدش بيحبه الكل بيبعد عنه، لما يعرف أنه مختلف .. المجتمع بيرفض الاختلاف، بيستحقره.
- إحنا المجتمع، أنا وإنتِ لازم نكون كل حاجة له، ربنا هدانا هدية وإنتِ بترفضيها؟
عياطي زاد وقُلت بزعيق:
- فين الهدية؟ لما يكون أول مولود ليَّ مشوه!
- ‏إبننا مش مشوه، دي حالة خليقية، لازم تفرحي أنك هتبقي أم لطفل متلازمة داون، تعرفي بيسموها إيه؟ متلازمة الحب، طفل متلازمة داون من أرق القلوب، وأطيبها  دول ملائكة الأرض يا إيمان صدقيني دي هدية من ربنا.
بقالي أسبوعين في إكتئاب، مش قادرة اصدق لسه، أسبوعين قاعدة في أوضتي بعيط.
- كُلي.
- ...
- ‏لأ يا عسل لازم تاكلي علشان إبني مش علشانك.
إبنه!
بدأت أعيط:
- قبل ما يجي بدأت تحبه وتهتم بيع أكتر مني د!
ضحك وطبطب على إيدي:
- خلاص خلاص بحبك أكتر.
- ‏يعني ما بتحبش إبني؟!
حط إيده على وشه:
- يا رب!
أحيانًا حاجات كتير بتحصل خير لينا ولكن بنشوف العكس لمجرد إننا مش مُدركين حكمة ربنا ورا الحاجة دي، وبدل ما نشكر ربنا بنفضل نولول من غير ما نقعد نفكر خمس دقايق حتى اي الحكمة من حدوث الشيء دا.

اسكربتات 3حيث تعيش القصص. اكتشف الآن