" بعد الفجـر .. في أول يوم من أيام الألفية
١-١-٢٠٠٠ "
-
مستندة بجذعها على أطراف الشبّاك بعشوائية وهي تنقل نظراتها ما بين مزارع الديّرة وما بين أختها الملتصقة بالفراش من ساعات طويَلة ، تناهيد عميقة تستقر بقلبها وهي تتذكر رعبها وخوفها الرهيّب باللحظة اللي إنقطعت الكهرباء فيها والي أستقبلت فيها أول أيام السنة الميلادية ، جفل فؤادها برعب العالمين على أختها غرُور حتى ظنت إن قلبها بيغادرها ، تعرف أشد المعرفة إن كابوس غرور والشيء الوحيّد اللي يكسر غرورها ويوجعها هو " الظلام" تعرف الحالة اللي تعيشها وهالة الرعب الي تسحب الحياة من يدينها بسببها ، لذلك رمت كأس الموية من يدها بدون وعييّ وبسبب رميتها جفلت أهداب اللي كانت واقفة بالقرب منها وحاولت تركض وراها ولكِنها توقفت بمكانها بعجز وأطلقت " آه" مكتومة بسبب كسر الزجاج اللي دخل بقدمها فشل حركتها عن اللحاق بـ غُفران والي لحظة إضاءة المكان توقفت بمقدمة الحوش وهي تعقد حواجبها بذهُول ، وكل مفردات العالمين تلاشت من ثغرها ، إنتفضت كل أضلعها سطوة وإستنكار وعدم إستيعاب و"خوف" وهي ترى جسَد غرُور يتدلى بعشوائية بين ذراع المهيّب " شاهيّن " بملامح جامدة لا تكاد تُقرأ وهو يحتضن جسدها الطرييّ بين ذراعه وبين صدره العريض ، تضيع بأريحية على فوضويته ورأسها مستند على كتفه ، فاقدة للوعي من شدة خوفها !كانت تنقل نظراتها ما بيّن ملامح شاهيّن الهادية ومابين غرُور المُغلف جسدها بعبائتها وترك حجابها يغطي رأسها وباقي أكتافها بعشوائية ، فأقتربت بخوف وهي تناظره برهبّة لا إرادية عاجزة عن كبَح صدمتها وخوفها من الموقف " شاهيّن الوحش اللي ما يلتفت لأي وجع يحمل يين ذراعينه غرُور اللي تباريّه بوحشيتها .. يالله أي المصايّب رح تكتمل بها هالليلة الغريبة؟"
إرتشعت كل أوصالها وهي تلمح نظراته الثائرة وهمسته الحادة : منتظرة أحمَلك معها؟
إستوعبت إنها واقفة بطريقة وإنتقضت وهي تبتعد بربكة وتقول بخوف : كيفها ؟ بخير هيي ؟ طمنييي ؟ كنت معها ؟ غالـ..
سكتت بذهول وهي تلمحه يتعداها ويكمل طريقه بنفس الصمَت المنبوذ والمكروُهه وهو يصل للجناح المخصص لعائلة عمه مهابَ ، دفع باب الغرفة بأريحية بقدمه وكأنها ملك له ودخل وهو يقترب من الفراش ويسند جسدها الواهي من الوجع النفسي على أطرافه برقة غريبة عليّه وجديدة! لمح ثورة شعرها الهائج واللي تمرد على سواد الحجاب وإنتشر بعبثية على الفراش ، غض بصره بصعوبة وإنتفض جسده وهو يوقف بكل قوة ويشتت نظراته للمكان ، ومن لمح غُفران واقفة ونظرات وجلة تجول بعينها
أخذ نفس بهُدوء وقال وهو يثبّت يدينه بطرف جيبه بعشوائية وبرود يُحسد عليه بهالموقف اللي كل خلية بجسد اللي قدامه ترتعش رهبّة ورعب وخوف عجزت تبوح فيه وعجزت توضحه بسبب هالة الشخص الواقف أمامها : هي بخير ، وبتكون أحسن إذا أرتاحتهالجمل فقط اللي تكرم فيها على مسامع غُفران بعد أن أسبّل أهدابه بهدوء وهو يبتعد بخُطوات متزنة للخارج بصمت شديد وغير محبب ، ولا كأنه الشخص الي قبل لحظات يحمل بين ذراعينه جسد يضج أنوثة ! بارد وثابت ومتزن .. شخصية غريبة بكل حذافيرها وكأنها عُجنت ببرود العالمين شخصية ماتخضع حتى لفطرتها وحتى لو خضعت تتراجع بأول خطوة !
بينما غفران كادت تتهاوى أقدامها وهي تقترب من غرور وتمسح على شعرها بوجع بوقت لمعان عيونها بدموعها الغافية تحت أهدابها ، تناظرها بأسف وعذر كونها تركتها لوحدها ، تركتها تعيش بشاعة هالشعور مع شاهييّن !!