الجزء الثالث والثلاثون

8.7K 153 218
                                    




-
شعور غريّب مشتعل بصدره ماكان مصدره السيجارة أبداً لأن العشرة الي بينهم صارت تحتم عليه معرفة أي نوع من الحريّق يشتعل بصدره لو كان بسببها ، لكنه كان هالمرة غيّر
مُوجع وكأنه وخزة إبرة ، ووكأن النار تشتعل من مكان الوخزة ، للمرة الـ الألف يمكن ينقل نظراته للغرفة الخالية من طيفها بنظرات حارِقة ممتعضة وبشدة أما كانت هي قبل فترة الي تحرص على وجوده بهالأركان حفاظاً على غرورها الأنثوي ؟ بالطبّع كان يهمها واجهتها تكون سليمة من أي خدش بالرغم إن الباطن مكسور ومُفتت حتى
وبالطبّع ماكان يهمها المجنون المرمي بالقُرب منها والي كان كل ليلة يحتضر قلبه بوجع وهو يسمع صوت تنهيداتها وتقلبها المستمر على السرير كفرس جامح ! أخذ يتنهد هالمرة وشعُور الضيّق عجز يداريها ويخبيَه عن عقله بسبب غيابها عن الغرفة ثلاث ساعات كاملة ! لدرجة باقي للفجر أقل من ساعتين وهذا بحد ذاته مُهين له
إنه يكون بالغرفة ينتظرها .. لحظة عن أي إنتظار تتكلم يا شاهييّن ؟ أكيد ماهو بإنتظار متلهف على شوفتها بفُستانها الأزرق اللي وصفته جدتهم بكل خشوع وتأمل كل خصلات شعرها المتمرد ووجهها المحبوب ؟ طبعاً لا
ينتظرها لأجل ما يطول كبريائه شيء كونها تركته بدون علم عن تغيّبها أو حتى بدون ما توضح له رغبتها بالمكوث بجناح أمها ! هذا الي أقنع نفسه فيه

بعد السيجارة الثالثة الي أشعلها على التوالي خلال دقائق بسيطة فقط ، أستقام بوقوفه بغضب حاول يكبحه وبقلق تمرد على غضبه تركه يضغط على طرف جبهته بإنهاك ، إسبوعين بلياليها ماذاق لذة النوم المريح والفضل طبعاً لها ، خرج بخطوات تائهة من الغرفة وكأنه يبّحث عن وجهة يستريح فيّها ولقى نفسه بعد لحظات يتوجه لجناح عمه مهابّ ، توقف على أعتابه وهو يمسح على وجهه ويغمغم بجمود " وش تسوي بعمرك ياشاهييّن ؟ تبي تفضح وقارك ؟ تدور عليها بتالي الليّل ليه ؟ متشفق على وش يا ولد عسّاف ؟ إرجع بس ولا تكسر هامتك الي ياما تعبت وأنت تبّنيها "

وفعلاً رجع خطوات صريحة للخلف بجبين متغضن وقلب متلوي يئن غضب ولهفة وعقل صامد بوجه كل هالمشاعر ، لطالما كان عقله سبب كل هالوجع الي يعيشه ، بعدما توقف بمنتصف الحوش ألقى نظرة سريعة للمكان المقلوب رأساً على عقب بعد الزواج كان ناوي يجلس تحت عريش جدته بس الإطلالة ياللأسف ما تهيأ للجلوس أبداً ! دس يدينه بطرف ثوبه وهو يطوي الأرض بخطواته يتجه للمزرعة الخلفية وهو ينقل نظراته للمخيم الي مازال مفتوح ومازالت مصابيحه مضيئة ، أنعقد حاجبه وأشتدت العقدة وألتوى قلبه بشعور مخيّف
بل حارِق وموجع ومُرعب
-
هذي الشهقات الرقيقة لأول مرة تتهادى لسمعه ولكنه يستحييل يخفى عليه هوية صاحبتها ، عقله ينفي بصلابة
" ماهي غُرور الي تبّكي " ولكن قلبه يأكد بوجع " هذي طاغيّتك يابن عسّاف !"

تقدم بخطوات متعثرة وقلبه يكاد يهفو لها ، لمكان المرجيحة اللي بعيدة بخطوات عن مدخل المزرعة يكاد يُجزم إنها هناك لأن ماكانت مرة ولا مرتين ولاحتى عشر اللي قضى فيها دقائق طويلة يتأملها وهي تتأرجح بصمت لساعات ما تحسبها ، وفعلاً تأكد إحساس قلبه
وأنفطرت روحه بشعور بشع جداً ، قاسي وحانت منه لفتة غضب وغيّرة وهو يلمح جسدها الغض الطري منحني بميّلان على طرف الأرجوحة
بينما خُصلات شعرها الأسود كانت ثائرة كالليل تتأرجح بعنفوانية شديدة على خصرها ، كانت مكتنزة بضيق وملتفة على نفسها بجهة وحدة من المرجيحة وكأنها ترثي نفسها ، جزءها الخلفي فقط الواضح وصوت شهقات خافتة
ولكن رعشة جسدها المرتجف كانت توصله بكل كرم ، تقلصت عضلات قلبه وحانت من عيونه نظرات مذعورة ومُهلكة

ماكان هوى ديار الليل إلا من هواك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن