الجزء الثالث والأربعون

9.6K 119 53
                                    


-
ناظرها بدهشة حتى ظن إن عيونه بتغادر محجرها غير مصدق
ولكن لحظة ، هذا فعلاً جسدها ومستحيل يجهله ! مستحيل ما يميَزه لو تلبس خيمة ماهو ببس هالعباية ! ولكن ليه هي واقفة قدام الباب
والواضح إنها تكلم أحد ! لا هذا مو كلام
هذا خصام !! إنتشل نفسه من زوبعة اللافهم ووقف بالسيارة على طرف الشارع وهو يفتح الباب بعجلة ، وأقترب حتى تهادى لسمعه صوتها الرقِيق.. جحظت عيونه بصدمة لا هذي ماهي بالرقة اللي يعرفها !
ناظرها بدهشة حتى ظن إن عيونه بتغادر محجرها وهي رابطة رأسها بطرف الحجاب الأسود ومشَمرة أكمامها ورافعة يدها بغلاظة وهي تهتف بإمتعاض : ياخالة تراك كبرتي الموضوع على قل سنع ! كله على بعضه ريحان
يومين ولا ثلاثة أيام وينَبت من جديد أحسن وأفضل من قبل ، ولا كل هالخصام على المسكين !

جحظت عيونه أكثر وهو يلمح أم مطلق واقفة قدام ريحانها -كان ريحان والآن نبات لا شكل له ولا رائحة من شدة الدهس وأكل أطرافه - وهي تهتف بحميّة وصوتها كاد يُبح من شدة الصراخ والغضب على زرعها الي حرصت عليه أكثر من نفسها والآن بغمضة عين ينتهي عهده : أقولك تيسك جعله الموت قضى على كل ريحاني ، تعبي وشقاي راح بسببه ! والله ماغير أذبحه هالليلة وأتعشى عليه ولا لأرميه برى هالحي

شهقت أهداب بخوف وهلع وهي تضرب صدرها وتقول بحمائية : والله ما تأكلين منه قطعة يا أم مطلق ، ولاينذبح هالمسكين ! وريحانك أنا بسقيه كل يوم الحمدلله الماء نعمة وكثير ولكن ماعندي غير فرحان واحد وتبين تذبحينه عشان ريحانك! لاوالله ماصار ولا بيصير

مسكت أم مطلق رأسها من القهر وتكاد تنفجر من هذه المجنونة الي تدافع بشراسة عن - تيس - وكأنه ولدها ومن صلبها ، بينما غالب كان يقترب بعيونه الجاحظة ووجهه الشاحب من الفشِيلة
وقف أمام أهداب اللي من شافته تلاشت العنجهية والهمجية وصارت أكثر النساء رقة بالعالم ، بلمح البصر أزالت العصبة الي على رأسها ونزلت أكمامها وهي تستقيم بإعتدال ، وقف وقبل يتكلم مع أهداب ناظر لأم مطلق وهو يحك طرف وجهه بحرج لما سمع تقريعها العاتب : تشوف ياغالب ؟ تشوف ياولدي راح ريحاني والسبب تيسكم هذا ! وزوجتك تخاصمني وكأني بنت العشر وهي أكبر مني !

هتفت أهداب بحنق طفولي : ما خاصمتها كنت أفهمها..

سكتت بسبب إلتفات غالب لها ونظرته الي لها معنى واضح " إنكتمي " ميلت شفايفها ببؤس بينما هو أبتسم بإحراج وهو يقول بهدوء عقلاني وراقي : ولا يهمك يا أم مطلق ، كله ولازعلك أنتي الغالية وأم الغالي أعذرينا وهالريحان تبشرين بغيره ولو يحصل وأخرج أهتم فيه أنا كل لحظة
وعد ما عاد تشوفين هالتيس يقرب من بيتك خطوة وحدة بس ، إمسحيها بوجهي !
-
-
-
غمغمت بكلمات مافهمها وبعدها هزت رأسها وهي تدخل البيت وتقفل الباب وراها ، بينما هو ألتفت بكل قوة على أهداب اللي صرخت بهلع بسبب نظراته وركضت بكل طاقتها لداخل البيت ولكنه لحقها بعجلة وهو يقفل الباب بقدمه قبل ينقض عليها وسط صرختها المذعورة وتمتمتها الخائفة وهي مغمضة العينين : آسفة والله آسفة ، بس هي كانت تلحقه بالعصا وكانت بتضربه وهو حرام ضرب الحيوانات ، وأنا خذيته منها وهربت لبيتنا وخبيته عنها ولكنها كانت تخاصم وكنت أبرر لها بس ! وبعدين أنت السبب أنت الي تركت الباب مفتوح وراك وهو ياعمري عنه ما يفهم خرج يدور بالمكان شكله طفش لإنه...

ماكان هوى ديار الليل إلا من هواك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن