-
بدأ الليّل الأسود الحالِك وبشدة ينبّثق منه النُور
وينزاح عنه جِفن الظلمة فتبّدد الظلام وأخذت تتأمل المكان للحظات طويلة بدون ما تتكلف وتحرك عضلة وحدة من جسدها المُهلك هذه اللحظة ، ليلة مجنونة ؟ بل أكثر جنون مِما تتخيله
كانت عاجزة عن التصديّق إن هذا " القلب الصخري " اللي لطالما إعتادته والي بكل جنون الأرض ينام لأسابيع طويلة على الأرض في ظل حضور " إمرأته !" كيف تحول بعدما نفّض عن قلبه شبح السواد المُتعب وأفصح عن تأنيب ضميره واللي كان سببّ بعده"صقر" من كائن صخري جامد لامبالي ، لـ ..!! يالله هي عاجزة تصيّغ أصلاً تغيره من النقيض للنقيض تماماً ! لم ينطق بكلمة حُب واحدة حتى عيونه ما تلاقت بعيونها أ ب د اً طوال كل اللحظات
إنما ترجم لها بأفعاله كيف مُمكن يحِب ، وكيف ممُكن تكون معه على سطح غيّمة وردية لا تشوبها شائبة ! بعد ليّلة مثل هذه بدأت بخِزي ودموع ووجع وأنتهت بأرّق وأحنّ نهاية كانت تائهة ! فعلاً كانت تائهة وتحس نفسها على حافة الغيمة تتأرجح بكل وجع إما بتسقط بعدها للدّرك المُوجع وإما تبّقى طوال عمرها تتأرجح !لوهلة خطر ببالها إن كل الي حصل حُلم ! خصوصاً خلو المكان من وجوده قبل أذان الفجر بدقائق بسيطة فرفعت رأسها المُتعب وألقت نظرة سريعة للمكان ولما لمحت اللحاف البُني المُتكدس بعشوائية بسلة الغسيّل " سلة عِنب سوداء صغيرة مشبكة كانت لمحتها بحوش جدتها فقررت تستغلها " حتى شهقت بعُنف ونقلت نظراتها للحاف الأبيّض الي صار تحتها
وكل هذا يُنبأ لحقيقة واحدة فقط " ليلة البارحة لم تكن من وحيّ اللهفة الي دمّرتها بل من واقع الحُب !"
--
فزّت من مكانها بتوتر تسترجع كل التفاصيّل ، ورغم البسمة الغادرة ودقات القلب الخائنة الي رقصت فرح إلا إن عقلها ترجم لها بكل بساطة إنها"طعنت كبريائها برؤيته لها ضعيفة" حتى جابه قلبها عقلها وهو يصرخ بعنف " حتى هي شهدت على ضعفه وما ظن نفسه مطعون بكبريائه"
صرخت بحنق وهي تضرب الأرض : بس بس !! يكفي الله يعتقني من تفكيرك ومن مشاعرك أنت وهو !وطبعاً وصلت لآخر مراحل الجنون لدرجة تصرخ على عقلها وقلبها وتأمرهم بالصمت ، والحقيقة
من يبقى مع شاهييّن عساف كل هالفترة ولا يُجن !!قررت تعتق نفسها من كل هالتعب وتستريّح لفترة معينة فقط تصلي فيها الفجر وتسترد بها كبريائها وتبدأ ترفع أسلحتها من جديد لأن الواضح إن"بن عسّاف" بعد كل هالحب الي أغدقها فيها ورفعها على سطح غيمة رح يرميها بصبح هاليوم للدرك الموجع على حسب حِدسها
بعد ساعة من صلاتها وتلاوتها لبعض الآيات اللي كان لها الفضل الكبير بالتربيّت على قلبها ، رفعت رأسها تتأمل وجهها ذا الملامح المغُرور كما وصفها من بين همّساته بالأمس" أنت طاغيّة حُسن وهذا الغرُور الي على وجهك عرف يختار مكانه " وصدقاً ما تدري تفرح لإكتمال تلك الجملة اللي إبتلعها قبل أسابيع أو تشيّع الخيبة لأنه بعد لحظات بيلفظها من كل هالشعور الي محتويّها ، أبتسمت بخفوت تتأمل شفاهها ذات اللون الوردي المُحبب والي الفضل يعود طبعاً " لخلطات جدتها مودة" لطالما إعتبرو هالجدة كنز بكل شيء حتى بخلطاتها !! أخذت نقابها بعشوائية بيّدها بدون ما تحجب عن العيون طُغيان حُسنها بعد يقيّنها من دخول ياسيّن " لقفصه الأسود" بعدما سمعته مع عمتها عفراء قبل نصف ساعة تقول بحسّرة " رُح وأنا أمك لقفصك الأسود لا تهرب البومة " والحق لله ما تدري من البومة الي تقصدها لأن تناهيّد بنظرها كانت ك " حمامة سلام " من شدة حلاوتها !
ضغطت على أطراف النقاب تشد الخُطى بكل ثقة لخارج هالجناح وهي تغمغم " ننسى كل شيء وكأنه ماكان ، مهب أنا الي أطيح بسبب عناق بائس وقُبلة و.."