-
واقِفة أمام المرآة تدعك يدينها بالكريم الأبيض
وفِكرها ساهم وعيونها شاردة في الفراغ ، من لما وصلت العاصمة تركها غالب مُكره بسبب إتصال مهم من مديره بينما هي بقت تنتظره بشُرود مُتعِب ! الحقيقة لها معه من زواجهم الحقيقي عشرة أيام ،صحيح ما مسَها فيها ولا حتى مس جلدها بقُرب منه إلا إنها ماكانت شخص غبي لأجل ما تفهم لهفته ورغبته فيها !
ولكن اللي بينهم شُرخ عظيم ، ما بتنساه هي برغم إنه هوعلى الأغلب تناساه ! ماكان بسبب إجتماعهم الحديّث الأخير واللي ظن إنه بيلقى منها إعتراض على الحياة الصعبة الي عاشتها معه
السبب قديم ، قديم جداً لدرجة رااح عن باله بينما هي تكتوي بناره كل ليلة ! ناره اللي جرّدتها من أنوثتها بسببه!جلست على كُرسي التسريحة الخشب وهي تميّل رأسها على ظهره تاركه لشعرها حُرية الإنسدال على أطرافه ، ومال معها قميص نومها الفيروزي حتى بانت تفاصيِلها المُهلكة ! أبتسمت بخفوت برغم شعورها اللي يمرها على حين غُرة ويتعبها
لما تذكرت كلام جدتها بوقت لقتها فيه متضايقة
" لك صوت يحيّي ميت القلب يا أهداب ، لادنى منك حزن غني ، لا سلهمت لك عين غني ، لا ضاق لك صدر غني وإشعلي الدنيا طرب وأنثري عبير صوتك على جرحك يُخلق الضماد من العدم على إثره!"وعلى ظل هالنصيحة اللي ماتنساتها برغم مرور سنين عليها ، بدأت تِدندن بصوتها العذبّ غِنوة إختلطت كلماتها الرقيقة بنبرة صوتها المُتعبة فنسجت أحنّ الأصوات ! تهز رأسه على رتم معين
وتبتسم بيّن كل شطر وشطر في مشهد عُرض على عيُون كادت تقفز على شكل قلوب متلهفة لمنظرها ! آسِرة بشكل مُضني ، متعب لكل مقاومته الواهية وعشرة أيام كانت من الجحيم مُقتبسة من شدة ضيّمه فيها !ما قطع عليها الغِنوة الي أرهقت سمعه طرب وأنتظر بصبر لما أنتهت فأقترب مُحدث بخطواته صُوت خافت ألتفت بسببه له وأنتفضت واقفة وهي تِلمحه يقترب منها ، رمشت بهدبّها المُهلك مرات عديدة فتوقف مكانه يستمتع بهالرِقة للحظات قبل يقترب أكثر ويوقف أمامها تماماً
على مُحياه ترتسم اللهفة ولوعة البُعد ، همس بخفوت بصوت معتذر : أنا آسف ! أعرف مالي حق بتركَك هاليوم ولكن شغل مستعجل ، وأنتي تدرين إن إجازتي ماكانت غير أسبوع ! والبركة بأخوك سلبه مني بدلة رايحة ودلة جاية !أبتسمت إبتسامة غريّبة عجز يقرأ معانيها مع ذلك رفع كفه العريضة وهو يمررها على أثر الجُرح الممتد على عُنقها وسط رعشة جسدها بسبب هاللمسة ، تبّسم بحنان وهو يتأوه بتعب : إشتقت حتى للأثر ، هذا وأنتي قدام عيني ! أجل لامنك غبتي أي جنون بيصبرني عنَك !
إنتظر منها رد ولكِن مالقى فعذرها لخجلها
بعد صمت طويل كان فيه يُقبل أثر هالجرح برِقة قالت بصوت متهدج : غالبّ .. ليه تكرهني ؟راقبت إنتفاضة جسده العنيفة وهو يبتعد عنها بذهول بينما نظراته جاحظة من صدمة سؤالها ! تأمل وقوفها المرتعش وهدبّها الي يحتضن الدمع ورمش بعدم فهم للحظات طويلة ، قبل يستدرك نفسه ويرفع يدينه يأشر على نفسه بدهشة وبصوت متهكم مصعوق قال : بالله عليك هذا شكل واحد يكرهك يا هدب !!