الجزء السادس والثلاثون

8.4K 105 52
                                    

-

ناظر شاهييّن لحرب بإستهزاء ونطق ببرُود وهو يثبت يده اليمين بطرف ثوبه : سُهاد أمانة ، عهد ، وصيّة وجب علي أحافظ عليها من نسمة صيف باردة تأذيها ياحرب -تغضن جبينه بعنف وهو يضرب فخذه بيده المتوجعة ويستطرد بغضب بارد-كانت تجلس على الفخذ هذا وأهداب على الثاني ياحرب وأشاركهم الضحكات وأنا بمقام أخوهم الكبير ، سُهاد أخت صقر بمنزلة أهداب عند شاهييّن يمسّني كل الي يمسّها ، خبرك ماني بداري إنها الي تذبّح كل ليلة صقر وترميه نكال لي على بابي !! من أول ليلة ذبحته ولقيته أنت بدلاً مني عرفتها ! عرفت نواياها وفهمتها وتركتها بنفسي على راحتها لأجل تحرر الي بداخلها من وجع ياحرب ! أنت تفهم معنى إنها مجبورة تعيش بجنب قاتل أخوها وتشهد على عفو أمها عنه بل وتدخل وتخرج من بيته وتعاشر أهله وتنجبر على الضحكات معهم ! أنت مستوعب كمية الوجع الي تعيشه وهي تشوف الناس كلهم مستمرين بحياتهم حتى أهل قاتل أخوها بينما هي واقفة تحتضن وجعها!! مجبورة تمثّل وتعيش وتضحك معهم لأنهم ببساطة جيرانهم من صغر ، إن كأنك تقدر وغيرك يقدر على هالمهزلة هي ماقدرت وقررت تنتقم بطريقتها فخلَها على رراحتها ، خلها تأذيني أنا راضي بأذاها إذا كان بيحررها من وجعها
دُر بفلك غير فلكها ياحرب أنا أكثر من قادر على حفظ الأمانة وعلى كسر يد كل شخص يفكر يتطاول عليها أنا أكثر من قادر على حمايتها ولو كان منك أنت ، وحميَتك هذي بتنساها من الليلة
هالبنت ما بتدخل عروس لبيتنا أبد ياحرب
فلا تفكر فيها ، لا تعاود التفكير من جديد لأجل ما أكسّر قلب أنا في غنى عن كسره

كان جامد ويناظر لحرب بجفاء اللي كان يستمع والعرق البارد يتصبب من أجزاءه شدة حياءه وضيقه من تسرعه

-
أنكسى وجهه حرج ومرارة من إنفعاله وكلامه الي ماكان بمحله أبداً ، رفع رأسه على مضض وهمس بصوت خفيّض : أنا آسف ياكبير إعفّ عن جهلي ، والله من شدة الضغط من كل مكان ضيّعت الرشاد!
وهالكلام ما بينعاد من جديد مادامها بتكون بخير أخت صقر هذا الي أبيه بعيداً عن المهزلة الي حصلت!

ناظره بصمت للحظات قبل يبتعد عنه ببرود بدون رد بينما حرب رفع رأسه وهو يتأوه بصوت عالي ويمسح على وجهه : وش جالس تسوي ياحرب ؟؟ ترفع صوتك وتهيّن بحكيك الكبير؟؟؟ عزالله خبّت وخاب رجاءك !

أما شاهييّن كان مُنهك فعلاً ، كثرة المشاعر تركته يضطرب لذلك قرر يلجأ لغرفته-اللي بتزيد إضطرابه-مع ذلك كان يفضله على شاهِر الي بيرجع ويكمل الإستجواب على قدم وساق
دخل بصمت وهو ينقل نظراته للغرفة فأعتقد إنها خلّت منها ولوهلة كان بيتنفس الصُعداء ولكنها ظهرت من العدم أمام الشبّاك فتنهد بخفوت وتقدم وهو يسحب الوسادة وكان ناوي يرجع بالأرض -متناسي تماماً ليلة كانت من أحنّ الليالي- ولكن صوتها الجاف الهادىء الساخر أستوقفه : بتفترش الأرض بكتفك هذا؟

ناظرها بإستغراب وهي معطيته ظهره ومايعرف كيف عرفت نيّته وكان بيتجاهلها لولا إنها ألتفت بهدوء وناظرته بجفاء وهي تسحب نقابها وتربطه خلف رأسها كيفما أتفق واستطردت بجفاف : ريّح كتفك فوق السرير ، وإن كنت خائف مني فوزع الأمان على روحك ما بتواجد بالمكان اللحين ، خذ راحتك يعني!

ماكان هوى ديار الليل إلا من هواك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن