الجزء السادس والأربعون

9.2K 112 103
                                    


-
ناظرت للمسافة الي بينهم فـ أرتدت خُطوة للخلف وهو فهم مبادرتها فأقترب حتى غطّاهم القصب تماماً
أبتسم لها وهو يرفع حاجبه كعلامة تساؤل فرفعت يدينها وهي تقترب منه وتحرك طرف زِر ثوبه الأسود بكل دلال حتى إستشعرت تقلص عضلات صدره الموجوع بسبب لمساتها المُدللة بغنج
بينما أشتدت عقدة حاجبه بسبب نبضات قلبه اللي هدّر بكل عنف وكأنه مضخة ! تحركت تفاحة آدم لما همست بضيق مُدلل بعيداً تماماً عن غُرورها المُعتاد بل وبعيداً عن جنونها الزعول قبل يوم فقط : ترضى يطولني عقاب ظلم وبُهتان ؟

ناظرها بذات النظرة والبسمة الغريبة ما تلاشت عن ثغره وهو يتمتم بثبات من غير ما يوضح أي من إنفعالاته الكارثية بداخله بسبب تصرفاتها المتدللة والغريبة عليه : والـكتاب الي ذهب مع الرياح العاتية بسبب فضولكم النسائي ؟

أسبلت أهدابها بكل براءة وهي تناظره بنظرات طفولية تائهة وهمست ببؤس رقيق : وقسماً بالله مالي دخل ، هم معشر المجانين أنا كنت أساعد بنت عمي !

ضحك ضحكة خافتة وهو يراقب يدينها الي مازالت تعبث بزر ثوبه : يعني حذفتي الكتاب من باب المساعدة؟

ناظرته بصدمة وهزت رأسها بالنفي : لاوالله مهب بأنا ، هذي المغضوب عليها بنت مرشد
أنا شخصية عاقلة ليه أضيّع تعب ياسيّن البائس بكل غباء ؟

ناظرها بنظرة هادئة حنونة لأول مرة تسكن بمحاجره لها ، وكل هالتغير والربّكة بنظراته وتصرفاته ماكانت غير بسبب " لعبها بزر ثوبه ، وصوتها الي يقطر دلال ، ونظراتها البريئة"
قدّرت تغيره من الجمود القاسي ، إلى الحنية والتبعثر بكل بساطة !

أيقنت إن كلام الخبيرة بالعلاقات " مودة " كان صحيح لما همست لها بإهتمام " تدللي عليه يالكايَدة ، هالغُرور اللي تتعاملين فيه معه غيريه وإكسريه ، الرجال يجي بالدلال ، هذاك تجيبين رأس أخوك غالب بكلمتين بسبب دلالك معه علامك قلبتي غبية مع زوجك!"
تذكرت إعتراضها الجاد وهي تهتف بحنق " ليه غالب الحنون يشبه الصخرة الجلمود هذا ؟ أي دلال بيّلين واحد من حجر ياجدة"
أبتسمت لها مودة بحنية وهي تحتضن كفوفها" أنتي لا لمستي الحجر تفجر الماء من حدوده ، كيف لا لمستِ قلب من لحم ؟ عليّم الله بكلمتين بس بتجيبين رأس ماطالوه العرب كلهم "
قررت تلتزم بباقي الوصية وهي توشّح نظراتها بالبراءة وتحرك يدينها على صدره المجروح برقة تشابه نقر الفراشات وهي تستشعر تقلص عضلات صدره إثر لمساتها حتى همست بزعل رقِيق: شاهيييّن !

- يا روووح شاهييّن !

تنهد بعُمق وقالها تحت أثر لمساتها
بينما هي تمتمت بالحمد لله على إن نقابها يخفي ملامح وجهها المصدومة وفمها المفتوح بغباء وبلاهة لما قالها بتلك النبرة!

-
لملمت بعثرتها المصعوقة ، وهي مذهولة بأن دلال بسيط منها قدّر يلين هالحجر
أو إنه فعلاً كان ليّن للقدر الي ينتظر منها لمحة رقيقة فيَرق أكثر لها !
والحقيقة إن نظراته تغيرت تماماً من لحظة رجوعه من هالكارثة! فـ يمكن التغير بدأ من هناك !

ماكان هوى ديار الليل إلا من هواك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن