إرتسمت بسمة هادئة على ثغرها وهي تراقب عن القفص الأسود الي يحتوي على خمسة صقور من بينهم الصقر الأحبّ لقلبها واللي أجلت تضحيتها لتعلقها فيه ولكن لمتى ؟
أبتعدت بخطوات رتيّبة عنه تنقل نظراتها على سطح بيتهم الشاسَع واللي على إمتداده كانت أقفاص الحمام تملأ المكان بكميات هائلة قضت تبّحث عنها بذات نفسها وساعدها فيها صقر قبل مماته ، أبتسمت وهي تتجه لكيس الذرة والي غرفت منه بيدينها وبدأت توزع على الصحون الي رتبتها بالأقفاص وهي تصفّر بنغمة معينة وتنتقل بين الحمام وكأنها "طير مثلهم !" كان هنا مكانها ، بين السربّ الأبيض تنتقل بحالمية تتذكر فرحة صقر بكل مرة يصطاد حمامة ويضمها لسربّهم ، بكل مرة تضيّف هي بنفسها حمامة لها بعدما تعلمت الصيّد على يدينه، زفرة حارة كانت نتيجة ذكرياتها بعد إنتهاءها من سقي سربّها بكل بهجة
ألقت نظرة أخيرة عليهم قبل تِتجه بخطوات متعثرة للصقر وهالمرة أبّت إلا تدخل يدينها وتربت عليه وما أستنكرت رضوخ الصقر لها وعدم إنفعاله بسبب تصرفها ، رسمت بسمة ساخرة على وجهها وهي تغمغم بحقد : بالضبط ، كذا كان صقر ليّن القلب مسالم ويثّق بكل بساطة
لين طعنت هاليد الي تربت بوسط قلبه !تحولت نظراتها للغضب الحالك وكانت بتنزع روح الصقر هاللحظة ولكنها آثرت تأجيل الطعنة للوقت المعتاد وهي تقفز قفزاً لداخل البيت قبل يقوى جماح غضبها ! إستقبلتها أمها ببداية الدرج تتنهد بتعب : ثلاث ساعات وأنتي فوق السطح يا سُهاد ، علامك يا بنيتي ؟ كل يوم نفس الموال تفتحين موضوع له شهور متقفل ومن أجادلك بسببه تهربين !
أشاحت ببصرها للحظات تتحكم بنبرة صوتها وهي تضغط على قبضتها حتى إبيّضت مفاصلها من القهر : يمة ، هالموضوع بالذات يكلفني أقصى طاقات صبري دخيل عينك قفليه معي ولا تفتحينه !
- كيف ما ينفتح فهميني ؟ الرجل ما بيجلس يبكي على أطلال اخوك وينهي حياته وهو باقي عايش ويتنفس ، الوكاد إنه بيعرس ويجيب عيال ويصير له أخوياء ، الرجل جاه الي يكفيه من هالعذاب يابنيتي ، فكفي نظرك عنه تعبت وأنا اداريك كفي حقدك عنه وأفكارك بخراب بيته مايكفي مصايبهم ما تنتهي ؟
تحولت نظراتها لأشد غضب وكأن حدقات عيونها ماكانت غير جمر مشتعل من شدة قهرها ووجع روحها الي أبى ينطفي ، قالت بغل وهي تضغط على حروف الكلام : انه يجلس يبكي سنين على قبر صقر أهون علي من أفعاله يمة ، برغم انه ما يستاهل حتى زيارة لقبره الطاهر ، والبيت الي بنّاه يايمة هذا بيت صقر هذا حظه الي سلبه منه بقوة السلاح - ضحكت بقهر وسخرية تمنع دموع حارقة تلسع محجر عينها-
-
- كان يضحك يمة يقول "بتزوج حبيبة الصبا وبنجيَب شاهييّن وبصير أبو شاهييّن يا سُهاد "والحين وش صار يايمة فهميني -نطقت بصوت مبحوح تخفي غصة تعلقت بحنجرتها وأبت تفارقها- الحين يمة صقر راح وشاهييّن أخذ الحبيبة وصار هو أبو صقر
ما يوجعك هالحكي ؟ ما يقهرك ؟ وهو الي أنتهك حرمة حياة أخوي وقتله بدون وجه حق
ما يكفي إنك اهلكتي روحي وعفيتي عنه بدون ما تهتمين لوجعي ؟ ما يكفي انه يضحك معها ويحتضن حبيبة أخوي ويداريها ؟-صرخت من إوج وجعها ة تسمح لدموعها تمر على وجنتها المحمرة من الغضب- حتى إنه يضحك لصاحب الأكيد إنه أخذ محل صقر بكل بساطة بينما أحنا هنا نموت بالليلة مية مرة ، يايمة هالي تبيني أغض الطرف عنه أخذ مني أبوي وأخوي وصاحبي وأهلي وقبيلتي كلها يمة ، سرق من طرف ثغري الضحكة وسحب بساط الحياة من تحت خطواتي ، وبكل دم بارد رجع يكمل حياته قدام عيوني بأمر منك أنتي ، يضحك ويتزوج ويجيّب العيال الي حلم فيهم صقر
والمطلوب من سُهاد المذبوحة بوسط قلبها ؟ تخضع للوجع وتغض الطرف وتصفق له على قدرته لإكمال حياته