الجزء السادس والعشرون

9.1K 125 95
                                    



" أقسم بالله إنه ماخاب محمد لما قال لك مرة -أحد المساجين- جوكر ، شيطان شيطان والواجب رميك بعشر جمرات لعلك تعقل وتصير شخص طبيعي "

قالها بنبرة ساخِرة لزناد اللي يمارس حقه الكبير في الضحك بصوت عالي مفجر طبلة إذن شاهييّن بكل كرم : يعني ما يكفي تغيير إسمي للقلب ، لا وبعد نشبّت بلقب محمد الفاضح والي قاله مرة وحدة بس ولكنه يترك كل شخص يسمعه يظن إني وحش ، وتذلني وتبتزني بعد ؟ خاف ربك يا آدمي !

رفع الجوال بحركة غاضبة وقال وهو يضربه على جبَهة زِناد بخفة : خطواتك لو تقرب من ديرة الليل مرة ثانية قطعتها لك ، توكل لأبوك لأنه بينزع مني كل إطار للتعقل وهو كل خمس دقايق يتصل ويطلبك تحضر

تنهد بآسى وهبّطت أكتافه بضيق مصطنع : يعني مايكفي تخليت عن مكانتي في عائلة السلالي لأجلك ونقلت نفسي كلياً لأجل أكون فرد من أفراد أهل الليل ، وتجازيني بالطرد يابن عسّاف ؟

تسللت نظرة مذهولة لوجه شاهييّن البارد وهز رأسه بغضب يمسك الجوال بيده المخدوشة وواضح بها أثر الدم بجيبه: أنت مامنك خلاص ، أنت صرت بلوتي

أكمل طريقه عائداً للبيت بعدما خرج قبل ساعة بعد إتصال أبو زِناد وضيقه من مسألة تواجد ولده معه وهو غير راضي ، برغم ذلك كان جواب شاهييَن واضح وقاطع " ولدك ماهو بأبن السبّع لأجل تختار من يعاشر ومن يقطع علاقته معه " وأنتهى الإتصال وهو يحرك يدينه على سطح الجدار المتخشب غير منتبه للمسمار المعقوف رأسه مما ترك يده تُجرح وعلى إثر بحثه عن زِناد و ماخاب لما لمحه قريب من دار شاهِر ، كان يسمع صوت ضحكات زِناد المجلجلة من خلفه وغير مدرك إن زاوية ثغره إتسعت بكل بساطة راسمة إبتسامة خافتة على وجهه ، إنتفض بمكانه بعد لحظات وهو يلمح أم صقر وبنت أرجح إنها سُهاد واقفين أمام باب بيتهم يتأملونه ب .. ضيق ؟؟ أو خيبة أمل ؟ما يدري ولكن كل الي يعرفه إن جسده المتزن أرتعش وثغره رفض الإبتسام أكثر وهو يوقف على بعد خطوة منهم لما أيقن إنهم أنتظروه قال بصوت رخيّم : كيفك يا خالة ؟ عسى ما مركم قصور ؟

تمتمت أم صقر بإبتسامة حنونة وهي تتأمل سند صقر بيوم من الأيام : ماحولي قصور وخيّرك مغرقنا يا وليدي لدرجة فاض والله فاض ، كل شيء يوصلنا بأحسن ما يكون الله يجبر بخاطرك ، والله لولا إن معزتك بمعزة صقر وأعرف إنه تعبه وتعبك - تحشرج صوتها لوهلة - ماكان قبلت شيء واحد منك !

كتم تنهيّدة ملحة يتأمل عيونها اللي صغِرت وترجم صغرها لبسمة حنونة يتذكرها من قديم الأزل لما كانت تفتش عليه بصغره ! هز رأسه بإيجاب وشعور بالذنب يعتصر قلبه ذاك الشعور اللي نازع عنه القدرة على الحياة وسالب منه الرغبة الحقيقة بكل شيء .. شعور فقد صقر !
أرتفع رأسه بسبب شهقة عنيفة من ثغر أم صقر وهي تتخلى عن تحفظها وتلتقط كف يدها المليء بالخدوش وتحتضنه بحنية وهي تقول : علامك ياولدي ياشاهييّن ؟

ماكان هوى ديار الليل إلا من هواك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن