الفصل العشرون

2.7K 173 22
                                    

الفصل العشرون

مرت عليها الساعات الماضية أمام باب غرفة العمليات كأنها شهور وسنين وليست لحظات ، ها هي روحها تُسلب منها من جديد تشعر أن السعادة محرمة عليها ، في لحظة كانت تمتلك الحياة بين يديها وفي لحظة سقطت تلك الحياة بين يديها غارقاً في دمائه ، كانت تقف بجوار الباب تسند ظهرها علي الحائط عينيها مثبتة أمامها ودموعها ترفض السقوط ، لا تسمع أحد ولا تشعر بأحد ، كل ما تشعر به هو لمسته الأخيرة لها وما يرن في أذنها كلماته الأخيرة واعترافه بحبها ، كل ذلك تحول في لحظة إلي سواد وتبدل إلي صورته وهو بين يديها يجاهد لفتح عينيه و محاولته للتمسك بالحياة

خمس ساعات مرت وحتى هذه اللحظة لم يخرج أحد ليطمئنها عليه ، حاول جاسر الاقتراب منها يضع كف يديه علي كتفها و هو يقول بنبرة راجية :

- تسنيم مينفعش كده ، مينفعش اللي أنتِ عاملاه في نفسك ده ، ادعيله وهو إن شاء الله هيبقي كويس

لم تحرك ساكناً ولم ترد عليه فقط ظلت أنظارها معلقة علي الباب ، حرك رأسه بحزن علي ما وصلت إليه شقيقته وحاول مرة آخرى معها وهو يمسك كف يديها :

- طيب تعالي اقعدي ارتاحي مينفعش تفضلي واقفة كده

وقبل أن يتحرك كانت سحبت كف يدها من يده تحرك رأسها رافضة التحرك من مكانها وهي تقول بنبرة خاوية من الحياة :

- مش هروح في حته ، مش هتحرك من هنا غير لما اطمن عليه

كان سيحاول معها بإصرار أكبر ولكن منعته آلاء التي اقتربت منهم والتي أتت معها حتى لا تتركها في هذا الوضع وهتفت بنبرة هامسة :

- سيبها يا أستاذ جاسر بلاش تضغط عليها

ألقي عليها نظرة شفقة وحزن أخيرة قبل أن يعود ويقف بجانب مراد مرة آخرى ، وقفت آلاء أمامها مباشرة ودون مقدمات جذبت رأسها إلي أحضانها وهتفت بإصرار :

- عيطي يا تسنيم ، متكتميش جواكِ كده عيطي يا حبيبتي

وكأن آلاء أعطت الإذن والإشارة لدموعها بالسقوط دون توقف ، احتضنتها بقوة تخفي وجهها بين أحضانها فهي كانت بحاجة لهذا العناق بالفعل ، كانت تشعر أن قلبها يصرخ من الألم هذا الأمر الذي أعطي الإذن بخروج صرخة مكتومة بين أحضان آلاء و هتفت بنبرة مختنقة :

-ومش قادره استحمل يا آلاء خلاص ، والله ما قادره ، مش هستحمل أن يروح مني ، العقاب ده هيبقي كتير اوي عليا يا آلاء ، ليه اتحرم منه بعد كل ده ليه

شددت علي أحضانها وتركتها تخرج كل ما بداخلها من أوجاع ، تعلم جيداً أن أي حديث لن يغير من حالتها شئ وأن السكوت أفضل بكثير ، هدأت نوبة بكائها بعض الشئ ولكن ظلت بين أحضان آلاء التي لم يتوقف لسانها عن قراءة الآيات القرآنية من أجلها وأيضا من أجل عبدالرحمن

لم يكن الفراق هين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن