الفصل الثاني والثلاثون

2.3K 169 69
                                    

الفصل الثاني والثلاثون

منذ عودته ليلة أمس وهو حبيس غرفته لم يكلف نفسه حتى أن يخبرهم سبب اختفائه بعد عودة أخيه ، الأمر الذي زاد القلق بداخل كل من حنان و مؤنس عليه فتصرفاته أصبحت غير مفهومة ولم تعد تحتمل ، فهو الوحيد وسط إخوته غير واضح الملامح لا يفهم ماذا يريد بالضبط ، هل يريد النجاح في عمله ام دراسته ام تكوين حياة خاصه به ام تكوين حياة أسرية في المستقبل ، مئة أم ومئة سؤال لا يحمل إجابتهم سوا ذلك الواقف أمام مرآته يعدل من هيئته ويستعد للنزول لمفاتحة والده في أمر رحيله من المنزل ، الأمر الذي تشجع إليه كثيراً منذ حديثه بالأمس مع الحج حسين و لم يجد أن هناك حل أفضل من ذلك

انتهى أخيراً من تجهيز حاله و نزل مباشرة حيث مكتب والده فهو قبل الجلوس لتناول الفطور يجلس في مكتبه لقراءة الجريدة ، دق الباب مرتين قبل أن يسمع مؤنس يسمح له بالدخول ، فتح الباب ودخل وجده مثل العادة يجلس على كرسيه و في يده الجريدة والتي انزلها قليلاً من أمام وجهه و وجد مراد والذي عرفه من طريقة ملابسه فجاسر ليس من محبي ارتداء الملابس الداكنة ، ثبت نظره عليه وهو يتساءل :

- صباح الخير يا مراد ، خير في حاجة

تقدم مراد عدة خطوات من المكتب وهو يحاول ترتيب الكلمات في عقله قبل أن يقول ببعض التردد خوفاً من رد فعل والده :

- صباح النور يا بابا ، خير إن شاء الله أنا بس كنت عايز حضرتك في موضوع قبل الفطار ، ينفع

ترك مؤنس الجريدة من يده و اعتدل في جلسته ينتبه إليه مشجعاً إياه على استكمال حديثه ، ابتلع لعابه بتوتر واضح ورفع أنظاره إليه وهو يقول :

- بصراحه يا بابا أنا قررت اني اسيب البيت واعيش لوحدي فترة

لم يستوعب مؤنس ما قاله في البداية فهتف بعدم فهم :

- قصدك اي بانك عايز تسيب البيت يا مراد ، وازاي اصلا تفكر في حاجه زي كده

- أنا بقالي فتره يا بابا بفكر في الموضوع خصوصاً من أول ما جاسر قرر يتجوز ، قولت أن وجودي ممكن يضايق مراته و هيخليها مش على راحتها بسببي ، فأنا قولت أن الأفضل اسيب البيت فترة وكده أحسن للكل

لم يقتنع مؤنس بأي كلمة قالها الآن ، فعن أي خصوصية و راحة يتحدث ذلك المخبول والتي يظن أنه يفسدها على أخيه وزوجته لا بالتأكيد هو جن أو هناك أمر آخر غير الذي يقوله

نهض من على كرسيه وهو يغلق الجريدة ولا يزال محافظاً على وتيرة صوته الهادئة وهو يقول :

- أنا مش مقتنع يا مراد وكل الكلام اللي قولته ده مدخلش دماغي ، و كلامك في أنك تسيب البيت مش هيحصل أبداً انتهينا

قال ما قال وتحرك من جانبه وكان على وشك الخروج من الغرفة ولكن أوقفته جملة مراد المصمم على رأيه :

لم يكن الفراق هين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن