مصارعة الوهم ١

120 17 12
                                    

١٢

_دكتور عمر...انا في احساس دايما بحسه...متأكد ان هو اللي خلاني ابدأ اشم واشرب مخدرات...احساس بيخليني هتجنن مبيهداش الا بالمخدرات...

_تعرف توصفهولي، يا نوح؟

_حاسس ان...في حد اختفى من حياتي فجأة...حاسس ان في واحد ناقص في حياتي معرفش هو مين...وحاسس اني السبب في انه يختفي...وانا مش عارف عملت ايه، عارف الاحساس بالتفصيل بس مش عارف ليه حاسس بكدة...الموضوع غريب اوي يا دكتور عمر.

يتذكر نوح من اثنا عشر سنة، حين كان في المصحة العقلية، وهو جالس مع عمر الذي كان يعمل في المصحة وكان الطبيب المسؤول عن حالته، وهو يشرح له هذا الشعور الذي جعل عقله لا يتوقف عن التفكير والتبرير والاستنتاج. فقط يريد أي شيء، أي شيء يبرر له هذا الشعور. يريد هذا الشخص الذي اختفى من حياته. يريد أن يعتذر له على الاقل.

رغم مرور اثنا عشر سنوات على ذكرى دخوله المصحة، إلا أنه لم ينساها ولن ينساها. هو الآن في زمننا الحالي واقف أمام مرآة الحمام يتوضأ، وعندما انتهى، ظل ينظر إلى نفسه ككل يوم. يحدق في وجهه وهو يفكر في حياته، يوبخ نفسه تارة ويواسي نفسه تارة أخرى، ويفكر في هذا الشخص المجهول تارة أخرى.

فجأة، بينما كان غارقًا في أفكاره، سمع صوت صندوق الطرد الخاص بالمرحاض. استغرب بشدة، والتفت إلى المرحاض ليجد الماء يجري وكأن أحدهم ضغطه في نفس اللحظة.

ظل نوح يحدق في المرحاض وهو متأكد تمامًا أن هذا من المستحيل أن يكون وهمًا من أوهام عقله، فزر صندوق الطرد يحتاج لجهد كبير للضغط عليه... يحتاج إلى وزن كافٍ لكي يتم ضغطه... وهو لم يفعل شيئًا.

اتجه إلى باب الحمام وفتحه لتتوالى عليه الصدمات؛ حين فتح الباب، وجد نفسه أمام ممر طويل أشبه بممرات المستشفيات... إنه ليس في شقته.

شعر أنه سيدخل في حالة انهيار عصبي من الصدمة. التفت نوح ليعود إلى حمامه، لكن لم يجد الحمام أيضًا، لم يرَ سوى الممر نفسه.

بدأ في المشي وهو يسمع أصوات بكاء وأنين من كل غرفة يمر من أمامها. استوقفه صوت أحدهم وهو يقول:

_أنا آسف يا غادة... أنا آسف يا حبيبتي... يا رب مشوفكيش هنا يا غادة... يا رب مايبيعوكيش يا غادة... يا حبيبتي يا غادة... يا حبيبتي يا غادة.

توقف نوح أمام تلك الغرفة. كان بابها حديديًا وسميكًا. جاء حارسان وفتحا باب الغرفة، ويبدو أنهما لا يرونه وتحدثوا:

_يلا، قوم، في واحدة ماتت وهتنقل جثتها، يلا.

أمسكوا بالشاب الذي كان في تلك الغرفة، وكانت ملامحه مألوفة لنوح. أعطوه ملابس معينة ليرتديها، ثم خرجوا ثلاثتهم وذهب نوح خلفهم، وقال هذا الشاب:

_مين اللي مات؟

نظر نوح إلى فم الرجل وجده يتحرك، لكنه لم يسمع الاسم الذي نطقه. في تلك اللحظة، تجمدوا ثلاثتهم والتفتوا إلى نوح وهم يحدقون فيه. فتراجع نوح وهو مستغرب ومفزوع، والتفت بسرعة وبدأ في الركض.

سوق الأنام: لعنة النجوم السبعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن