وهن العقل ٢

106 13 43
                                    

٥١

أثناء ما كانت رشا في الشركة، رأت امرأة منتقبة تدخل الشركة وهي تتلفت حولها بذعر وقلق شديد. علمت من عينيها أنها نجلاء، فتقدمت إليها.

_ازيك يا نجلاء، خير يا حبيبتي في حاجة؟

_عايزة أطلع لمصطفى.

_مصطفى مش هنا، خرج لمشوار.

هنا لمحت نجلاء وجه الرجل في أحد الموظفين، واقفًا يحدق فيها، لتزداد أنفاسها وهلعها وهي تردد:

_اروح فين يا رب، اروح فين؟

قلقت رشا بحق، وهي تقول:

_مالك طيب، قوليلي وأنا هساعدك، متقلقيش.

_أنا شايفة راجل في كل حتة، أنا خايفة أوي ومعرفش دا مين، كنت بحسب إني هربت منها بس هو هنا كمان.

كانت نجلاء مذعورة للغاية، فأمسكت رشا يديها لتهدأ، وهي تقول لها بنبرة لينة:

_طب تعالي معايا، تعالي نطلع مكتبه نستناه لحد ما ييجي.

صعدا المكتب ودخلاه ليجدا موريس جالسًا، فقال هنا:

_م.. مين الأستاذة؟

_دي مرات مصطفى، هو مصطفى مش راجع؟

_معرفش، أنا قاعد مستني.

_طب روح مكتبك دلوقتي.

دخل موريس مكتبه، وأجلستها رشا وهي تحاول تهدئتها، ولكن من المستحيل تهدئة المسكينة. فمن باب مكتب موريس، وجدت الرجل ذاته يفتح الباب بشكل بسيط ويطل النظر عليها ويحدق فيها بابتسامته. لم تتحمل نجلاء ووضعت يديها على عينيها وهي تبكي:

_خلاص، خلاص، ابعد عني، ابعد عني.

حاولت رشا تهدئتها، ولكن لا فائدة. نظرت لكوب العصير الذي لم يمسه أحد حتى الآن، فأمسكته ورفعت نقاب نجلاء، وهي تقول لها:

_اشربي يا نجلاء، اشربي واهدي، والله مفيش حاجة.

_لا والله، موجود هناك أهو واقف عند الباب دا والله.

_لا خلاص، مشي، خلاص اشربي يلا.

نظرت نجلاء للباب ووجدت الرجل اختفى فعلاً، لتمسك بكوب العصير وتتجرعه كله من شدة عطشها وتوترها. وفور أن شربته، مرت دقائق وفجأة هدأ جسدها وفقدت وعي عقلها، ولكن جسدها ما زال مستيقظًا.

ظلت جالسة في هدوء تام بأعين مرهقة، لتقول رشا:

_لو عايزة تنامي.. نامي دلوقتي.

توسدت نجلاء فخذي رشا ونامت عليهما لتغفو نومًا عميقًا. ظلت رشا تحدق في وجه نجلاء بنظرات شفقة خفيفة، وهي تحدث نفسها:

_انتِ متستحقيش كل اللي بيحصلك دا، لا انتِ ولا مصطفى تستحقوا كل دا...

إن رشا تعلم مخطط نور ورفعت، تعلم أن نور الآن يزرع الهلاوس والجنون في نجلاء لتأتي هي بإرادتها لمقر رفعت ويتخلصوا منها. هي بالفعل في مقر رفعت، فقط كل ما على رشا أن تقتلها الآن، أن تمسك بعنقها وتعصرها خنقًا.

سوق الأنام: لعنة النجوم السبعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن