حافة الهلاك ٣

117 11 69
                                    

٤٣

بعدما نظر نوح إلى المرآة وحدق فيها لثوان، سكت كل شيء؛ سكت صوت البوق، وتغيرت البيئة حوله تمامًا، حتى البرودة اختفت. ومن الهدوء الشديد الذي حل عليه بدأت أذناه بالصفير.

فتح عينيه ليجد نفسه واقفًا في مكان لا ملامح له، ولا يوجد حوله شيء سوى اللون الأرجواني القاتم المائل للسواد.

~ياه... أخيرًا؟ أخيرًا يا أغبى إخواتك؟

هذا الصوت الذي سمعه نوح هو صوته الذي لطالما حدثه أن ينظر في المرآة.

~متقلقش، اللي نفخ في البوق دا تبع نور الديب، كان بيوصله لمكانك، خليك هنا بقى، المكان ده آمن ليك اكتر لحد ما نور يجيلك.

ظل نوح يلتفت حوله باحثًا عن مصدر الصوت إلى أن وجد أمامه ذلك الكائن مجددًا. شعره أبيض مسترسل وطويل للغاية، يمتلك عيونًا صفراء ولحية كثيفة، بشرته أرجوانية، ويمتلك جناحين. هلع نوح فور رؤيته لهذا الكائن وهو يردد:

_ لا، لا مش إنت تاني! مش إنت تاني، الحقوني، الحقوني!

~بس يا أهبل يا ابن الهبلة!

رمق نوح هذا الكائن وهو مستعجب من رد فعله ليقول هذا الكائن:

~هو كل لما اطلعلك يركبك عفريت؟ أخص عليك... ده أنا رفيقك من يوم ما اتولدت، وكل ما تشوفني تعمل كده؟ للدرجة دي وجودي بيخوفك؟

_هو إنت قريني ولا إيه؟ أنا مش فاهم حاجة.

ضحك هذا الكائن قليلاً ثم قال:

~بص... هو استنتاج حلو بس لا. بعض من ولاد أدهم مالهمش قرناء، بس ليهم حاجة شبه القرناء، شبه الأرواح اللي جوا جسمهم.

_يعني إنت روحي؟

~أه، وإنت حبيبي والله...

_واضح إن عندك حس فكاهي غريب مظنش إنه عندي.

~أه، أنا عندي حاجات كتير مش عندك. هو مش باين على خلقتي ولا إيه؟

_أظن اللي أنا فيه دي مجرد هلاوس من هلاوسي، هما شوية وقت وهصحى تاني.

~أنا روح القوة يا نوح، أرجوك افهم.

_إيه روح القوة دي؟ أنا مش مسيحي، أنا مابصدقش في الحاجات دي.

تنهد هذا الكائن بنفاذ صبر ضائق منه ذرعًا، ثم نهض واقفًا ليقترب من نوح، وابتعد نوح بقلق وخوف من ضخامة حجمه، وقال هذا الكائن:

~في سبع أرواح قوة بيحوموا في كوكبكم ده. معظمهم المفروض يكونوا فيكم، فيه ثلاثة موجودين فيكوا وفي مصطفى، وفي علا، وأربعة متفرقين مش موجودين عند عيال داغر.

_إيه أرواح القوة دي طيب؟ يعني إيه؟

~الجاذبية، النطق، الذرات، الكائنات الحية، الإرادة، الطبيعة، والموت.

سوق الأنام: لعنة النجوم السبعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن