مصارعة الوهم ٣

143 17 56
                                    

١٤

نجلاء الآن في المستشفى. انتهت من عملية قيصرية صعبة خرج منها المولود بصحة جيدة، والأم كذلك.

كل من في المستشفى يشهد على مهارة نجلاء في مجالها وأنها طبيبة بارعة حقًا، بل يشهد على ذكائها وبشاشة وجهها وطمأنتها للنساء وتعاملها اللطيف مع الأطفال.

إنها امرأة ذكية وفطنة. أثناء ما كانت تسير بالقرب من العناية المركزة، سمعت رجلًا وامرأة يتشاجران نوعًا ما بصوت ليس عاليًا، ولكن حديثهما جذب انتباهها.

_أنت معادش ليك فايدة يا محمد، أقسم بالله، إحنا معناش فلوس ناكل، حرام عليك الواد هيروح مننا... لازم حد يتباع فينا.

_أنا مش هبيعكوا ولا هبيع بناتي يا آمال انسي.

_ومين قالك إني عايزة أبيع بناتي؟ أنا عايزة أبيعك أنت، يا محمد.

_إنتي بتقولي إيه؟

_خسرت شغلك وبقيت عاطل ولا حد فينا عارف يعيش بسببك... كمل جميلك بقى وبيع نفسك عشان نستفيد منك ولو مرة واحدة.

_يا ستي، قولتلك أنا بدور على شغل، والله العظيم أنا مستعد أشتغل أربع شغلانات عشان ابننا يعيش، وبعدين إيه ولو مرة واحدة دي؟ معقول طول حياتكوا مستفدتوش مني؟ دا مفيش حد بيشتغل غيري وبيتعب غيري.

_تعب وشغل عالفاضي، يا محمد. أقولك أنا خلاص هبيعك والعيال هيوافقوا. خلاص، انسي.

هنا تدخلت نجلاء وأتت إليهم قائلة:

_أقدر أساعدكوا في حاجة؟

قالت المرأة:

_لا، مفيش حاجة، يا دكتورة.

قال الرجل:

_لا، فيه، يا دكتورة. يرضيكي، مراتي عايزة تبيعني...

_يا دكتورة، بقاله أسبوع مبيشتغلش، وجوده زي عدمه، وإحنا قرفنا. مفيش مرة شوفته راجل وبيجيب أكل يشبع عياله، وأهو ابنه محتاج عملية ومعندناش فلوس نعملهاله.

قالت نجلاء:

_اصبري، يا حاجة. لا تنسوا الفضل بينكم، مينفعش تبيعيه، مينفعش.

_فضل إيه يا دكتورة؟ هو دا ليه فضل علينا في إيه؟ حتى الشغلانة اللي كان بيشتغلها مكانتش بتكفينا، بس أنا كنت ساكته وصابرة. بس لحد هنا، وإحنا مش محتاجينه، مالوش لازمة في حياتنا، مش هيبقى ليه لازمة إلا بعد ما يتباع ونأخذ فلوسه.

_وبعد ما تاخدي فلوسه؟ مش الفلوس دي هتخلص؟ يا حاجة، اللي بيتباع بيروح ومبيرجعش... مبنعرفش هو بيروح فين ومبيبقاش فيه أي وسيلة اتصال توصله. إنتي مش خايفة على جوزك؟

_لا، مش خايفة.

_مش مستاهلة الخوف دا كله، يا نجلاء.

التفتوا ثلاثتهم، كان القائل الطبيب علي، جراح في هذه المستشفى.

سوق الأنام: لعنة النجوم السبعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن