قمة العبث ٢

118 11 77
                                    

٤٩

حاول مصطفى أن يكظم احتدامه من هول ما نطقته منار بلسانها، ابتلع ريقه ثم قال:

_من طليقك، صح؟

حركت رأسها نافية، وقالت:

_ملمسنيش بقاله خمس شهور.

بدأ شعور الشجب يتعالى بداخله، ولكنه حافظ على هدوءه وهو يقول:

_من عصام يعني؟

_م.. معرفش.

_متعرفييش؟؟؟

_م.. مهو قبل عصام جوزي كان بيجيب رجالة لبيته عشان يعملوا كده معايا وياخد الفلوس هو...

مسح مصطفى بيده على وجهه بانفعال وتجهم، ثم قال لها وقد ضاق منها ذرعًا:

_منار، انتِ مستوعبة المصيبة السودة اللي بتقوليها دي؟

_محدش مستوعب المصيبة دي قدي، والله أنا فكرت أموت نفسي، أقسم بالله.

_من غير ما تموتي نفسك... أنا هقول لنجلاء الموضوع ده، وهي هتعرف تتصرف.

_أبوس إيدك، بلاش تفضحني، بالله عليك.

كادت أن تمسك يده لتقبلها وهي تترجاه، ولكنه ابتعد بسرعة قبل أن تلمسها، وقال غاضبًا وهو يهمس بعنف:

_بقولك إيه، محدش هيحل المصيبة بتاعتك دي غير نجلاء، ولا فيه في دماغ سيادتك حل تاني؟

_أ.. أه، فيه.

_إيه هو؟

صمتت قليلاً في تردد، ثم أجابت:

_ت... تتجوزني...

نظر إليها بسخرية ممزوجة بالشجب، وهو يقول هازئًا:

_متصدقيش أحلامك أوي كده يا منار.

وخرج تاركًا إياها لتنهال بالبكاء الشديد، متحسرة على حالها. سمعت ريهام بكاءها، وحين خرج مصطفى لها، قالت:

_إيه يا ابني، في إيه؟ مالها؟

_ولا حاجة يا أمي، مشكلة بينها وبين أهلها مش أكتر، أنا هطلع بقى، السلام عليكم.

خرج مصطفى وصعد لشقته ودخلها. مصطفى يصبر ويقاوم متاعب الحياة كل يوم فقط لتلك اللحظة، لحظة دخوله لبيته وتغلغل السكينة في قلبه، لحظة شعوره بالسكون والاطمئنان والراحة فور رؤيته لزوجته وابنته، كل ما يملك.

كل مرة يفتح مصطفى باب الشقة ويرى أمامه نجلاء وابنته كما لو كان يفتح بابًا من الجنة ليرى أجمل ما رزقه الله به. فتح الباب ورأى نجلاء جالسة تضحك ضحكتها الفاتنة الرائعة وهي تشاهد مريم تلعب وتركض مع القطة في الصالة.

مهما حاول مصطفى وصف شعور الامتنان والسكينة والراحة في كل مرة يرى حبيبته وابنته، في كل مرة يدخل فيها بيته، لن يستطيع. فهذه اللحظة تجعله ينسى كل متاعب الحياة وينسى أي معاناة قد مر بها.

سوق الأنام: لعنة النجوم السبعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن