نوح القاتل ١

90 11 70
                                    

٣٤

في صباح اليوم التالي، نرى نوح يدخل المدرسة وبحوزته فطور زائد ليعطيه لولاء لكي تتغذى اكثر. كان متحمساً وسعيداً لأنه سيلقاها مجدداً ليفطر معها مرة أخرى، ليتحدث معها مجددًا، ليسمع ضحكاتها ودعائها له، ليشعر انه يجبر بخاطر ام مكلومة لا ذنب لها في أي شيء، لقد أحبها حقًا.

هي إمرأة طيبة تم ظلمها وغدر بها أقرب شخص إليها... وكأن الله أرسلها إليه ليصلح الخطأ الذي فعله مع أمه، أو على الاقل يثبت لله أنه أصبح رجل أفضل من ذي قبل.

دخل نوح المدرسة واتجه إلى غرفة المدرسين مباشرةً كعادته، وفور دخوله وجدهم متجمعين جميعاً بشكل رسمي. تنبأت رشا بسؤاله من نظرة الاستفهام التي ظهرت في عينيه وقالت قبل أن يسأل:

_مستر رفعت هيعمل اجتماع دلوقتي.

_اجتماع إيه قبل الطابور بربع ساعة؟

جلس نوح منتظراً قدوم المدير، ولم ينتظر طويلاً. حين دخل، قال لرشا:

_نور مجاش؟

انتبه نوح من الاسم وقال لهم:

_نور مين؟

قال رفعت:

_مدرس الكيميا الجديد، ومش أي مدرس، دا كان بيدرس كيميا في كلية في ألمانيا. عملت الاجتماع دا مخصوص عشان أعرفكم عليه لأنه إنسان ذكي جداً وممتاز وشرف كبير لينا أنه يدرس هنا في مصر وفي مدرستنا. ونستغل الاجتماع دا برضو عشان نظبط شوية من نظام المدرسة.

بعد خمس دقائق تقريباً، دخل شاب ذو هيئة غريبة الأطوار. دخوله بحد ذاته ولغة جسده كانت مُلغِزة. دخل فجأة وفور دخوله عمت رائحة التبغ المكان وكأنه يتحمم به مثلًا.

كان يمتلك شعراً مجعداً ولحية خفيفة ويرتدي نظارات عادية عدساتها صفر مائل للبني. في فمه سيجارة، كانت ملابسه شتوية رغم أنهم في فصل الصيف وحول عنقة وشاح. كان طويل القامة للغاية، طوله كان حوالي ١٩٦ سم.

كان هو، نور الصاوي مدرس الكيمياء.

فور دخوله قال رافعاً يديه كحركة تدل على الاعتذار والمعذرة:

_آسف يا مدير، اتأخرت. معلش، أول يوم ليا وكدة. المواصلات عندكم صعبة اوي في مصر. عندنا في ألمانيا الشوارع مش كدة خالص.

ظلوا يحدقون فيه بريبة وإستغراب، وقال رفعت:

_مستر نور... السجاير ممنوعة هنا.

_إيه دا بجد؟ عندنا في ألمانيا السجاير بتبقى عادي يعني. دول بيشربوا العيال بيرة قبل ما يبلغوا، ههههه.

نظر نور للجالسين ليتأكد أنهم ضحكوا على نكتته، ولكن... لم يضحك أحد. كان حال نوح مختلفاً عنهم، فقد كان يحدق فيه وينظر إليه بتمعن شديد. ملامحه تشبه تماماً ملامح أدهم، وطوله قريب لطولهم، وتصرفاته غريبة كتصرفات أدهم.

سوق الأنام: لعنة النجوم السبعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن