٢٠
قرابة العصر، يدخل نوح عمارته ويجد فرح، إبنة عم جابر، واقفة أمام المصعد تنتظر وصوله.
أتى بجانبها وسلم عليها لترد السلام بدورها.
_عاملة إيه؟
_الحمد لله.
_أبوكي شافلك عريس ولا لسة؟
لم ترد عليه فرح وظلت صامتة، ليشعر نوح في اللحظة ذاتها أنه قال شيئًا لم يكن من المفترض أن يقوله. وصل المصعد ودخلا كلاهما، وهو يقول:
_أنا آسف لو ضايقتك.
- ولا يهمك... كل اللي في العمارة يعرف أن حسك الفكاهي غريب وهزارك أغرب.
لقد انزعجت منه حقًا، ولكي يحسن مزاجها قال:
_عندي صديق اسمه علاء... يعني شاب وسيم و...
قاطعته قائلة:
_ممكن تسكت لو سمحت؟
_حاضر.
وصل نوح إلى الطابق الخاص به، وفور أن فتح المصعد بابه، أقبلت على أذنهما معزوفة كمانجا رائعة سمعاها بكل وضوح.
كانت المعزوفة عالية، وصداها يتردد في الطابق مما يزيدها جمالًا. يا ترى من أين تأتي تلك المعزوفة؟
بالطبع من شقة نوح.
خرج نوح من المصعد، ورغم أنه لم يكن هذا طابق فرح، لكن من جمال المعزوفة تبعته لكي تستمع إليها أكثر.
_ياااه يا مستر، من زمان على المزيكا دي.
نوح ثابت يحدق في باب شقته، بأعين تختبئ خلفها مشاعر الارتباك والفزع، فهو يعلم جيدًا أنه لا يوجد أي مصدر لتلك المعزوفة ومتأكد تمامًا من أن كل الأجهزة في منزله مغلقة.
قال بعدما ابتلع لعابه وتوتره معًا:
_يعني إيه من زمان عليها؟
_مش فاكر؟ مش خال حضرتك كان بيعزفها دائمًا وكنت بتعزفها معاه كمان، حضرتك مش فاكر؟
بالطبع لا يتذكر أي شيء مما قالته.
_ا..ا..اه.. اه طبعًا فاكر... أنا حبيت أشغلها بس... عشان يعني بمناسبة فرحي وكده... لا فاكر طبعًا آه...
_تمام، استأذنك بقى.
_اتفضلي.
عادت فرح إلى المصعد، وهو انطلق نحو الباب، والمعزوفة ما زالت تُعزَف. أدخل مفتاحه، ومع استدارة المفتاح وصوت فتحه الباب، سكتت المعزوفة وسكن الصوت تمامًا.
وفور دخوله لمح تلك الطفلة تركض لتلك الغرفة المغلقة الخاصة بوالدته. ونوح بدوره بم يعد يقكر كثيرًا في تلك الهلاوس، فقد نسي أمر المعزوفة واستغرب اكثر بدخولها لتلك الغرفة لأنه مغلقة بالمفتاح من سنين.
أنت تقرأ
سوق الأنام: لعنة النجوم السبعة
Mystère / Thrillerفي المستقبل، حيث يزداد العالم وحشية وبرودًا، أصبح بيع الناس قانونيًا بشكل رسمي حول العالم. استجابت الشعوب لهذا الأمر وبدأ معظم العائلات في بيع فرد أو اثنين أو أكثر من أهلهم، دون معرفة المكان الذي يشتريهم. يعيش نوح في هذا الزمن وهو يعاني من الوحدة وا...