جحيم المجتمع ٣

109 10 9
                                    

٣٣

عاد مصطفى إلى منزله وهو خَنيق يشعر بضيق في صدره وعقله لا يتوقف عن التفكير في اخيه عصام. دخل إلى غرفته ووجد نجلاء لم تنم بعد، جالسة تقرأ القرآن.

_لسة منمتيش يا حبيبتي؟

_مبحبش أنام وإنت برا، وأنا كده كده مش جايلي نوم.

جلس بجانبها وقال لها:

_كملي قراءة، عَلّي صوتك عايز أسمعك بتقرأي.

ابتسمت نجلاء وبدأت تقرأ، ومصطفى ينصت لقراءتها وصوتها، وإن وجد خطأ في النطق، صحح لها وهي تعيد بالطريقة الصحيحة. ظل يصحح لها كثيراً حتى توقفت وسكتت وهي مبتسمة بحرج، فقال لها بإبتسامتة اللطيفة ونبرته اللينة:

_إيه يا حبيبتي، قراءتك ما كانتش كده، شكلك أهملتي القرآن.

_لا والله يا حبيبي، بس إنت اللي ما عدتش بتراجع معايا زي زمان، فبقيت بنسى وبتلخبط.

ظل ينظر إليها ثم قال:

_أنا فعلاً في حاجات كتير زمان كنت بعملها معاكي ما عدتش بعملها دلوقتي، أنا متضايق من نفسي أوي.

_مفيش مشكلة يا حبيبي، أنا برضو بقصر معاك في مرات كتيرة.

_إنتِ عمرك ما قصرتي معايا في حاجة، أنا اللي دايمًا بقصر.

صمتت نجلاء ولم ترد، ثم قال:

_قومي البسي، هنتمشى على النيل دلوقتي لحد ما وقت الفجر ييجي.

_دلوقتي؟

_أه، فيها إيه؟ ما دام أنا معاكي يبقى أي وقت ليكي للنزول مسموح. يلا البسي.

_طب ومريم؟

_ما هي نايمة هنا، يلا يا حبيبتي.

صمتت نجلاء قليلاً وهي مترددة، ليقول لها:

_يا بت، هنشم شوية هوا ونخفف عن نفسنا الضغط اللي علينا.

_ماشي.

قامت وبدأت في ارتداء ملابسها، وحين انتهت قاما كلاهما وخرجا، وتأكد مصطفى من غلق الباب جيدًا.

هما الآن يسيران بقرب النيل، مصطفى ممسك بيدها، المكان هادئ والنسيم جميل يواسيهم برقته، يتحدثان في أي شيء. كان مصطفى يعشق أن يسمع ضحكات نجلاء الهادئة في كل مرة يقول نكتة أو يداعبها بأقوال مضحكة.

ظلا يسيران لفترة طويلة من الوقت وحين شعرا بالتعب جلسا بالقرب من النيل وظلا يتأملان القمر وضوءه الذي ينعكس على مياه النيل السوداء، ويستمعان لصوت المياة المندمج مع الرياح الرقيقة، ويتأملان ضوء القمر الساطع المريح للعين.

_بقولك يا مصطفى، هو زمن المعجزات انتهى؟

نظر مصطفى إليها مبتسمًا ثم قال:

سوق الأنام: لعنة النجوم السبعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن