بداية الطامَّة ٢

86 12 61
                                    

٥٧

يدخل سليم منزله عائدًا من كليته ويرى أمه جالسة في الصالة بصحبة حقيبة سفرها. فور أن دخل، نهضت له بابتسامتها النقية وسلمت عليه ليسأله بوجه عابس:

_خلاص هتسافري؟

_مش هطول عن أسبوع يا حبيبي، متقلقش.

أومأ برأسه ثم أردف:

_فريدة راحت حتة تانية من بعد ما رجعت من كوستاريكا؟

_لا، فضلت أتابعها ولقِيت تحركاتها كلها في دارين جاب، واضح إنهم وكلوها مهمة معينة ورجعوها تاني.

_لو دي من نوع العمليات اللي هتتكرر، عايزين نعرف وقتها عشان نخطط نهربها وهي برا دارين جاب...

_وإبراهيم؟

أجابها سليم حانقًا بنبرة صارمة مفعمة بالغضب:

_إبراهيم في داهية!، إنتِ مفكرة إني مهتم بالجدع دا؟ ليه تضيع عمرها عشان واحد زي دا ما يتفلق!

_دا أخو غادة يا سليم، هي برضو عايزاه زي ما إنت عايز فريدة.

_إنشالله لو كان أخوكي شخصيًا!، فريدة متتبهدلش البهدلة دي عشان حد.

سكتت ديميت وهي ترمقه بنظرات حادة من سوء أدبه معها، ليرتبك سليم ويأخذ أنفاسه ويقول بنبرة أكثر لين:

_مش قصدي يا ماما.. أنا بس.. تعبان ومخنوق، أنا آسف، تعالي يلا عشان أوصلك للمطار، لأن شوية ورايح المختبر المصري عشان ورايا شغل.

                           *********

استقبلت نجلاء خبر اعتقال مصطفى بثبات وصبر، محاولة أن تبث الصبر في قلب ابنتها التي لم تتوقف عن البكاء ولو لثانية. اشتدت بمريم الغمة والجزع القاتل بسبب كل ما حدث من قتل قطتها واعتقال أبيها، ممتنعة عن الطعام والشراب وعن الجلوس مع أمها وهاجر.

وهذا ما زاد من هم نجلاء. ابنتها في حالة اكتئاب قاسية، وزوجها وحبيبها تم اعتقاله، وهي ذاتها تشعر بإعياء مستمر وتدهور ملحوظ في صحتها. الحالة التي يعيشها عائلة مصطفى لهي حالة مزرية حقًا، ولكن كانت نجلاء صابرة مثابرة فقد مرت بابتلاءات أكثر صعوبة من ذلك.

بينما كانت جالسة بالصالة تقرأ القرآن، أتت هاجر إليها وهي تقول:

_شوية وارجعي ادخليلها.

قالت نجلاء:

_أيوة، أنا مش هسيبها كدة.

سكتت هاجر وهي تفكر محدقة في تلك الغرفة لتسأل:

_بقولك يا نجلاء، إنتِ طفولتك كلها كانت مع نوح صح؟

_آه.

_يعني إنتِ فاكرة اللي هو ناسيه؟

_هو ناسي طفولته كلها؟

_أيوة.

ظهر على ملامحها الشفقة والأسى على ابن عمتها، ولكن لم يبدو عليها الدهشة كما لو كانت تعلم بهذا الأمر.

سوق الأنام: لعنة النجوم السبعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن