جحيم المجتمع ٢

91 11 35
                                    

٣٢

قرابة المغرب، نرى يامن وفريدة وسمر التي تريد أن تُزوِّج فريدة، الثلاثة وصلوا إلى مقهى راقٍ حيث يوجد العريس وأمه. وكانت فريدة متزينة بقدر بساطتها، لكنها كانت جميلة بفضل اعينها المميزة الواسعة.

دخلوا وسلموا على العريس، الذي كان رجلًا في الخمسين من عمره متزوجًا من امرأة أخرى ولديه أطفال منها. أثناء تعرفهم على بعضهم، علمت فريدة أنه سيتركها تهتم بأخواتها، ولم يكن لديه مانع في ذلك، وكانت تلك المرة الأولى التي يقبل فيها العريس شيئًا كهذا. وأثناء حديثهم، قالت فريدة بزلة لسان إنها أكبر أخواتها، فإستغرب الرجل وقال لها:

_إزاي؟ مش الأخ يامن في الثلاثينات؟

_مش فاهمة.

_الحاجة سمر قالت إنك ٢٣ سنة.

اختفت ابتسامة فريدة تريجيًا ونظرت إلى سمر، أبعدت سمر نظرها كي لا تنظر إليها وهي تشعر بتورطهم بسبب تلك الكذبة، فقالت فريدة ويبدو الانزعاج الخفيف على وجهها:

_لا... أنا ٣٥ سنة.

شهقت أم العريس وقالت:

_ايه دا يا سمر... جايبة بايرة يتجوزها ابني؟ ليه يا بنتي تسيبي نفسك لحد السن دا؟

قال العريس:

_هو إنتِ بقى من النسويات اللي بيسيبوا نفسهم من غير جواز وفي دماغك إنك هتعتمدي على نفسك لحد ما وصلتي للسن دا وجاية عايزة تتجوزي؟ جايبالي واحدة صلاحيتها انتهت يا سمر؟

قال يامن غاضبًا:

_ما تلم نفسك يا راجل، إيه اللي صلاحيتها انتهت وبايرة وقرف؟ إيه الكلام الوسخ اللي بتقولوه دا؟

قالت سمر للعريس:

_يا أستاذ، طول بالك، البنت جميلة و...

_جميلة إيه؟ اعمل إيه بجمالها، وبعدين أنا إيش عرفني هي بنت ولا لا؟ عايزة تفهميني إنها عاشت كل السنين دي كلها من غير ما تعمل حاجة؟

كانت فريدة تستمع إليهم وهي تحدق فيهم بعيون البارده التي لا ترمش وبدموع محبوسة وهي تشعر بيأس وتَبَرُّم قد يبلغون عنان السماء. وهنا نهض يامن غاضبًا مستعدًا لإبراح الرجل ضربها وهو يقول:

_لا بقى، أنت راجل شكلك كبرت وخرفت، أقسم بالله لأبهدلك.

نهضت فريدة وأوقفت أخاها، ثم تركتهم وخرجت من المقهى وهي تمشي بخطوات سريعة غاضبة. ركض يامن خلفها وأوقفها ووجدها تبكي، فإحتضنها ليهدئها.

لكن فريدة ليست من الفتيات التي تهدأ بالأحضان، وليست الفتاة التي لديها وقت للبكاء أساسًا. أبعدته عنها وتقول وهي تمسح دموعها:

_يلا يا يامن نمشي... يلا نمشي عشان ما نضيعش وقت ونسيب العيال لوحدهم.

ظل يامن ينظر إليها بشفقة، ثم ذهبا للسيارة لكي يعودا إلى المنزل.

سوق الأنام: لعنة النجوم السبعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن