من منهم السابع؟ ٢

131 16 113
                                    

٣٧

قرابة المغرب، نرى يامن وعلا في طريقهما للعودة. كانا منهكين بشدة مما رأياه وسمعاه واكتشفاه. لقد استوعبا حقًا أن حالة مصر في تدهور رويدًا رويدًا. كانت علا مجهدة من العمل، ولكن يامن كان مجهدًا من مشاعره، يظهر على ملامحه الضيق والحسرة القاسية. وحين لاحظت علا نظراته تلك، قالت له:

_إنت كويس؟

ابتلع ريقه وهو يقول:

_إزاي هبقى كويس بعد ما سمعنا كل ده من الناس؟

_عندك حق... شكلك زعلان عليهم أوي.

قال يامن بنبرة ترتجف وكأنه على وشك البكاء:

_أنا بس... افتكرت رباب.

اعتدلت علا في جلستها وهي تنتبه إليه وتقول بفضول واهتمام:

_رباب مين؟ إنت تعرف حد كان ضحية للميلشيات؟

طال سكوت يامن فترة بضيق شديد. فحمل أطنانًا من الحجر أهون عليه من الخوض في هذا الموضوع... ولكن سيحكي لأجل علا، لأنه يرتاح حقًا معها.

_القرية اللي ولدت واتربيت فيها كانت من اوائل القرى اللي الميلشيات تهجم عليها، من عشر سنين، بدأت تفضى بسبب اللي عمال يبيع في اهله، لحد ما جه يوم ملعون...اكنهم شوية تتار هجموا على القرية وقعدوا يدمروا فيها ويطلعو الناس من بيوتهم...

عاد لصمته وكأنه يحارب الغصة في حلقه ليتكلم:

_واللي يقاومهم بيتهان اهانة وحش اوي يا علا...، عمري ما هنسى منظر الراجل وهو بيغتصب اختي اللي عندها تسع سنين...وكانوا اللي حواليه واقفين مستنيين دورهم...

صدمت علا بشدة وشعرت بأسى وسخط شديد في الوقت ذاته، ليختم بالقول الذي ألم قلبها حقا:

_الله يرحمها....بعد الحادثة دي بإسبوع انتحرت

وضعت علا يدها على كتفه وهي تعزيه وتربت عليها، ولا تفهم لماذا الميلشيات مستمرين في جرائمهم البشعة ولا تصدهم الحكومة؟

يبدو ان امرهم اعمق من كونهم عصابات.

**********

في ليل اليوم التالي نرى غادة تخرج من بنايتها وتمر على متجر المشروبات حيث عم جابر.

_السلام عليكم، لو سمحت، عايزة قهوة سادة

_حاضر يا بنتي، مرات أستاذ نوح، مش كدة؟

_ايوة.

_فرح زارتك؟

_حضرتك والدها؟

_اه.

إبتسمت غادة إبتسامة باهتة لكنها صادقة.

_ايوة، فرح زارتني واتطمنت عليّا. كانت قلقانة جداً عليّا، وأنا حبيتها بصراحة، وقولتلها تزورني تاني كل لما ابقا لوحدي.

سوق الأنام: لعنة النجوم السبعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن